في حين بدا المؤتمر الذي عقد في لندن كفشل ذريع علىالمستوى الشعبي العراقي لكل من شاركوا فيه من علمانيين ومن هم محسوبون على التيار الأسلامي سواء على مستوى المهجر او في الوطن الا ان غيوما سوداء بدت تلوح في افق المستقبل في العراق. هذه الغيوم السوداء المصاحبة لقدوم الشتاء وارتفاع اصوات طبول الحرب الأميركية. هذه الغيوم تكسو وجه أكثر المتفائلين من انعقاد المؤتمر كآبة لا يحسد عليها بسبب طبيعة النظام الذي سيلي سدة الحكم فيه اذا كان مقررا ان تستلم هذه العصابة الحكم فيما لو حدث تغيير في المستقبل القريب. وجود شخصيات ذات تاريخ حافل في مواجهة الشعب العراقي ووقفت صفا مع النظام البعثي وصدام حسين ضد الشعب العراقي المظلوم وكانت في يوم من الأيام ادوات قمع وقتل وتعذيب وتشريد مئات الألوف من الأرواح العراقية البريئة. أضافة الى الفساد المالي والأداري والمسؤولية المباشرة والغير المباشرة في اطالة عمر النظام وقسوته وبطشه. ونظرا لأن الموضوع لم يبت به بشكل موضوعي ومباشر كان لابد من الأشارة الى النقاط التالية:
لم يتم أي اعلان من قبل وفيق سامرائي او مشعان جبوري عن اعتراف مباشر او غير مباشر بخطئهم في انهم كانوا يوما من أعوان النظام البعثي. أو طلبهم الصفح من الشعب العراقي عن جرائمهم.
لم تتم أية مصالحة وطنية عراقية تمنح عفوا عاما عن عناصر الأمن والأستخبارات والجيش والبعثيين وغيرهم. حيث يبقى وفيق السامرائي ومشعان الجبوري بتاريخهما الأجرامي متهمين في أعين الشعب العراقي بكافة طوائفه بأنهما مسؤلين مسؤولية مباشرة في ممارسة البطش والأضطهاد ضد المجتمع العراقي. وبالتالي أحقاقا للحق وأنصافا للمظلوم يجب تجريمهما وفتح ملفات عملهما في النظام البعثي على الأقل وتقديمهما لمحاكمة عادلة. أما أن يعينا في مجموعة مهمتها تحديد مستقبل العراق فأنه مناف ليس فقط للأعراف الأسلامية التي تقول بالقصاص أو الوضعية التي تؤمن بالعدالة ولكن أيضا التجارب التي جربتها الأمم والشعوب المتحضرة والتي أصابها ما أصاب العراق. فجنوب أفريقيا مثلا وعندما وصلت الى مرحلة الغاء نظام التمييز لعنصري فقد حلت موضوع الذين مارسوا جرائم بحق الأنسانية من تعذيب وقتل بتشكيل لجنة تقصي حقائق وتجريم تراسها القس الأشهر ديزموند توتو والذي أخذ على عاتقه جمع شهادات وتوثيق ممارسات التعذيب والقتل والأهانة وما الى ذلك. حيث انه لا يمكن الوصول الى مصالحة وطنية دون تجريم ومحاسبة المسؤولين عن جرائم ضد الأنسانية وتعويض من تعرضوا للأساءة.
مارس ولا يزال يمارس كل من وفيق سامرائي ومشعان جبوري سياسة الأدعاء بأنهم ممثلوا الطائفة السنية في العراق وحماتها والطائفة السنية منهما براء. كما واستعملا اسلوبا مقززا للدعوة الى الطائفية والتفرقة العصبية. ولا أدري كيف تمكن هذان الأثنان ممن يحملان تاريخا دمويا وعقلية متعصبة في آن واحد الى الوصول الى مركز صنع القرار في المؤتمر. حيث أن التاريخ الدموي وأنعدام مشاعر الأحساس بالذنب وتأنيب الضمير وحمل عقليات متعصبة لقومية معينة أو مذهب معين يعني بلا شك تحركا دمويا ضد كل من يعارض في المستقبل.
ان طرح هذين وكأنهما ممثلان للعراقيين الذين يؤمنون بالمذهب السني. حتى غدا الأمر وكأنه لا يوجد أي عراقي آخر ممن ينتمي الى المذهب السني غير هذين. سيعني وضع قنابل موقوتة في مسيرة المجتمع العراقي. فمن طرف خبرة هذين في العمل المخابراتي وبيع النفس مقابل من يدفع سيجعل منهما-وان أعلاميا- على انهما حارسا حقوق اخواننا السنة العرب في العراق مما سيحشد لهما تأييدا لا بأس به في ظروف تضغط بأتجاه ان الشيعة والأكراد جاؤا لينتقموا وليستأثروا. أما من جهة أخرى فأن وجود هذين الشخصين سيعني ايضا استقطابا مضادا لدى الطائفة الشيعية التي ستتحرك بالأتجاه المضاد. ولا ننسى الخطاب الطائفي المتعالي الذي يتبناه هذان الشخصان.
أدخال هذين النموذجين الى لجان تناقش وتقرر قضايا استراتيجية للعراق سيعني دون شك تحريكا لحالات أخذ الثأر وتتبع كل من شارك في ممارسات خاطئة ضد العراقيين. وهذه الحالات التي ستتحول الى ظاهرة لن يستطيع ايقافها لا مشعان ولا وفيق بكل ما أوتوا من بطش وقوة.
حركة مسعود برزاني بتوزير مشعان انما يعني حركة غدر وجهت الى الجماهير الكردية العراقية والجماهير العربية العراقية أيضا. هذه الحركة وبغض النظر عن مدى درجة تكتيكها تذكرنا بحركة بارزاني وطالباني عندما حلا ضيفين على مائدة صدام حسين في أوج الأنتفاضة الشعبانية. أم ان ذاكرة العراقيين قصيرة؟ أما حركة محمد باقر حكيم بتوزير وفيق فلا تعني الا ان محمد باقر قد قرر السير في اتجاه مضاد لحركة الشعب العراقي، وهو ما افقده وسيفقده الكثير من مصداقيته لدى قطاعات واسعة من الشعب العراقي.
الجماهير العراقية التي تنفست هواء الحرية في المهاجر الأوربية مدعوة لتحرك جماهيري وشعبي واسع بأتجاهين.
الأتجاه الأول بأرسال برقيات واصدار بيانات احتجاج موجهة الى الذين شاركوا في مؤتمر لندن او الذين نظموه كالأدارة الأميركية يدينون فيه ادخال هذين المجرمين في صناعة القرار المستقبلي العراقي. اما الاتجاه الآخر فيتمثل برفع دعاوى ضد المجرم سامرائي على غرار الدعاوى المقامة ضد خزرجي أو ضد بينوشيت الدكتاتور التشيلي السابق. الدعاوى ممكن ان تسجل اما في المحكمة المختصة بحقوق الأنسان التابعة للأتحاد الأوربي او المحاكم المحلية. وكم اتمنى ان يتحرك الحقوقيون العراقيون في هذا المسعى. وأظن ان احد قرارات الأدانة موجودة لدى الحكومة البريطانية وهو التقرير الذي اصدرته مؤخرا الحكومة البريطانية عن انتهاكات حقوق الأنسان في العراق. اما ما رصدته وجمعته هيئات وجمعيات حقوق الأنسان العراقية فأظن انه اكثر من كاف ليكون ملفا يجرم هذين وبكل وضوح ودون اي شك او ريبة.