بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة الشيخ اسعد الناصري (وفقه الله).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
انتشر خلال هذه الأيام منشور يحكي قصة فتاة مسخت إلى نوع من الممسوخات لتجاوزها على القرآن الكريم بعد جدال مع والدتها، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قام العديد من الاخوة باستنساخ هذا المنشور والذي مصدره عدة مواقع من الإنترنت وقد تزامن هذا النشر مع قضية التجاوز على القرآن في معتقلات اكوانتاناموا.
وبعد التدقيق في هذه القضية أظهرت بعض المواقع حقيقة هذه الصورة التي تمثل الفتاة الممسوخة والتي اختلفت جنسيتها حسب المنشور بين عمانية وبحرينية لنجد أن هناك تماثيل من شمع في أحد متاحف فرنسا للصورة المنشورة وبالتالي يكون الخبر في حال شك كبير. ولما هذا الأمر من دور أعلامي قد يسبب ردة فعل سلبية تأتي بنتائج عكسية إذا لم يتم التدقيق بالمعلومة. أو أن يكون قد استخدم الخبر كما يدعي البعض وتم صنع تمثال على تلك الصورة لإخفاء الحقيقة نضع بين يديكم مجموعة الصور المأخوذة من المتحف الفرنسي راجين منكم نصيحتكم لمن يقوم بالتداول بمثل هذه الأمور وما رأيكم بالأسلوب الصحيح للأمر بالمعروف والنهي على المنكر في هذا الوقت وخصوصاً أن البعض يستخدم شعار (الغاية تبرر الوسيلة)……… وفقكم الله ورعاكم.



بسمه تعالى
لنا على ما تفضلتم به عدة تعليقات ولنبدأ من حيث انتهيتم:
أولاً: إن المبدأ القائل: "الغاية تبرر الوسيلة" هو مبدأ مرفوض من الأساس فإننا لابد من إحراز مشروعية الوسائل التي توصلنا إلى الهدف الحق الذي ننشده. وهو مبدأ يعتمد عليه أهل الدنيا لأنها غايتهم والمهم من زاوية نظرهم هو الوصول إلى مطامعهم بغض النظر عن الطريقة التي يصلون بها إلى مآربهم.
ثانياً: أنا لست متأكداً من الحادثة المذكورة إلا أننا يكفي أن نقول بأنها لا دليل على إثباتها ولابد من التأكد من صحتها قبل الخوض فيها، لكي لا نعطي الفرصة للعدو المغرض أن ينال منا بأننا نعتمد في معتقداتنا على الخيال والادعاءات الواهية، وهي نتيجة غير صحيحة أكيداً ونكون بذلك كما قال تعالى: "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً". بل الإسلام عظيم وله من الحجج والدلائل والمعاجز ما يكفي للإقناع ولسنا نعتمد على فكر غير رصين حتى نضطر إلى أن نعضده بأشياء غير واقعية.
ثالثاً: إن العدو قد يعتمد على الكثير من الأساليب لتطويق واحتواء بعض القضايا الخطيرة والتي تمس كيانه واتجاهه الذي يبني عليه سياساته ومسيرته وتحقيق أهدافه. فإنه ومهما يدعي من احترامه للأديان وحبه وحرصه على كرامة الآخرين وتحقيق العدالة والحرية في جميع المجتمعات فإنه يكذب، وعلى رأس القائمة في ذلك أمريكا بسياساتها الخبيثة. لأن ادعاءاتهم تلك تكشف عن فشلها وزيفها عندما تصطدم بالواقع، فسرعان ما ينسلخ ذلك القناع الذي تظهر به أمام العالم ويظهر لنا وجهها الحقيقي البائس الحاقد التافه. وعلى ذلك الكثير من الجرائم البشعة التي تورطوا بها وبشكل مروع. وكان منها تعدي بعض جنودهم على المصحف الشريف في معتقلات (اكوانتانامو) وهي ليست حوادث فردية، بل هي وأشباهها أحداث متكررة تكشف عن التربية الحقيقية التي يتربون عليها ويسيرون باتجاهها. فقد تكون الرواية التي ذكرتموها مختلقة من قبل إعلامهم الموجه لأجل احتواء الموقف. لأنهم إن أشاعوا هذه الحادثة في المجتمع المسلم فإنهم يوجدون نحواً من التنفيس النفسي لدى النفوس المسلمة المحتقنة ضد ما اقترفوه من جريمة، فيخف عندهم الحماس والدافع الذي يدفعهم للاعتراض، مضافاً إلى أن بعض المسلمين سيعتمدون بشكل كلي على رد الفعل والعقوبة من قبل الله سبحانه وتعالى فيولد عندهم نحو من (الإتكالية) فينكمش عندهم الشعور بمسؤولية الاحتجاج والاستنكار منتظراً للفرج الإلهي!
ومهما يكن الأمر فإن على المجتمع المسلم أن يكون واعياً لكل ما يعمله العدو ويخطط له، وأن يؤدي مسؤولياته الشرعية على أكمل وجه من دون أي تراجع أو تقاعس أو تخاذل. ونصرة الدين والانتصار للقرآن الكريم من الأمور الواجبة والمؤكدة مهما كانت الظروف. ولا يجوز إهمالها والتخلي عنها لأنه سوف يكون أول نهايتنا والعياذ بالله.
رابعاً: لابد لنا أن نتذكر في أداء رسالتنا قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" فهي أدوات قطعية الصحة وجزمية الحصول على النتائج الطيبة، لأنها ليست من الأدوات وليدة التجربة لبشر قد يصيبون وقد يخطئون، وإنما هو أسلوب قرآني يعلمنا عليه الله سبحانه وتعالى "ومن أصدق من الله حديثاً" "ومن أصدق من الله قيلاً". وفي القرآن والسنة الشريفة وسيرة المعصومين(عليهم السلام) من أساليب الموعظة الحسنة المبتنية على أساس الحكمة ما يفيض عن حاجتنا، فعلينا الالتزام بها لكي لا نحيد عن المسار الذي أراده الله سبحانه وتعالى لنا.