يبدو أن العملية في تلعفر أفقدت الأطراف الطائفية الصواب بحيث كشفت عن حقيقتها بشكل أكثر وضوحاً في هذه الظروف.

أولاً حزب البعث: كرر حزب لبعث خطابه الديماغوجي، والسطحي مع تركيز واضح على نهجه الطائفي الذي لم يعد يستطيع إخفاءه. فهو يقول في بيان أصدره اليوم


يكرر الاحتلال والسلطة العميلة عملهما الجبان بالهجوم الإجرامي على بلدة تلعفر المقاومة، كرد يائس شعوبي و طائفي النزعة، في مواجهة الاستحقاق السياسي الخائب الذي فرضه الاحتلال وفقا لبرنامجه المتعثر والفاشل في العراق المقاوم، حيث مررت مسودات "الدستور" في مهزلة المرحلة التشريعية تمهيدا "لمهزلة الاستفتاء" في الخامس عشر من تشرين أول القادم.

مركزاً بالطبع على مخاوفه من نجاح الدستور وتمريره إلى الأمام.

يتهم البعثيون السيد الجعفري بأنه طائفي وهي ثاني إشارة في بيانه الأجوف إلى الطائفية

"من حيث الأدوات والشخوص، وهنا يكرر الاحتلال مع "رئيس الحكومة" المجرم العميل "الأشيقر" ما كرره مع سابقه المجرم العميل "علاوي". فرئيس الحكومة صاحب السلطة الأوسع حسب قانون إدارة الدولة الذي وضعه الاحتلال يمارس السلطة بذبح وقتل العراقيين على أسس شعوبية طائفية "ويصدر أوامره" بالهجوم والتدمير والتشريد والذبح والاقتحام".

ثم يتزلف إلى سوريا، التي كان في عداء مع نظامها الذي كان ينعته بأنه "عري الجنسية"، وهي إشارة تعطي إنطباعاً أن النظام السوري بعد تعرضه إلى ضغوط شديدة قد بدا عاجاً عن مد يد العون الكافي إلى البعثيين، رغم عدم تنكره لإعطاء الإسناد لقوى الجريمة والإرهاب في العراق. يقول البعثيون:
" من حيث الربط الإقليمي،حيث يشكل هذا الهجوم ومبرراته ومنطقته الجغرافية وما صاحبه من تصريحات الخونة وزراء وغيرهم، رسالة مساندة للولايات المتحدة بما يتعرض له القطر العربي السوري الآن بعد تطورات مسار لجنة التحقيق الدولية في لبنان، و تسيس واستثمار ذلك بالضغط والتهيئة لما هو مبيت ضد الحكومة السورية".

يبدو أن اعرب الرسميين إضطروا صاغرين إلى الإعتراف بالأمر الواقع أخيراً، وهذا ما أدى على ما يبدو إلى إنهيار في معنويات البعثيين إنعكس على شكل نرفزة شديدة في بيانهم. يقول اليعثي
"من حيث تأكيد الدعم العربي الرسمي، حيث أعلن عن الشروع بهذا العدوان الإجرامي خلال زيارة رئيس وزراء النظام الأردني " النظام الأكثر اندماجا مع مخططات الاحتلال الأمنية والسياسية في العراق"، والمهيأ لها مسبقا لبغداد، وتأكيد نموذج "أمن الحدود المشتركة مع الأردن" في مواجهة نموذج "انعدام أمن الحدود المشتركة مع سوريا".


ثم يعود البعثيون كي يؤكدوا على وغولهم في الجريمة، والإرهاب، والنهم للدماء
"عملية تلعفر ستسرع كغيرها من العمليات السابقة، في استنفاذ السلطة العميلة وتدميرها قبل اندحار الاحتلال. وسيكون استحقاق الخامس عشر من تشرين أول القادم خائبا كسابقاته، ومدمرا للاحتلال وسلطته العميلة في سياق استمرار وتفعيل خيار المقاومة المسلحة غير المرتد حتى التحرير الكامل لكل العراق".

ثانياً: أما عدنان دليمي، هذا الرجل الذي يمتلئ طائفية وحقداً من رأسه إلى قرنه فقد إكتشف أنه شجاع فجأة مصرحاً
"إننا سنشارك ولو أُمطرنا بالقنابل، ولو دُمرت بيوتنا بالقصف، ولو هجروا إخواننا من مدنهم، واستمروا باعتقالهم"، متناسياً جبنه وجبن أتباعه عندما لم يشاركوا في الإنتخابات السابقة، مضيفا: "إننا مصممون على المشاركة في الانتخابات حتى آخر سني؛ لننقذ العراق من التدهور، ولنوقف دماره ونزيف دمائه". ووصف د. الدليمي العملية العسكرية المشتركة على مدينة تلعفر (450كم شمال بغداد) بحجة وجود مسلحين متحصنين بالمدينة.. بأنها "تصفية مذهبية تستهدف سكان الطائفة السنية". ودعا الدليمي الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والجامعة العربية والمنظمات الإنسانية بالعالم إلى التدخل لوقف ما يجري في تلعفر.
وقال الدليمي: "مأساة السنة في تلعفر هي بمثابة تطهير طائفي بغطاء رسمي، وبسياسة لا ينتج عنها إلا إراقة الدماء وتدمير العراق"، مشيرا إلى أنه رغم دعوته إلى التهدئة واللجوء إلى الحوار فإن هناك أطرافا في الحكومة العراقية تعتقل على الهوية، وتقوم بهدم الدور السكنية لمواطني العراق السنة ونهبها. وطالب الدليمي الحكومة العراقية بالتوقف عن "إجراءاتها التعسفية ضد سكان تلعفر الآمنين، واللجوء إلى الحوار والتهدئة، وعدم استخدام لغة العنف في حل المشاكل السياسية في البلاد". وربما نسي عدنان دليمي أن وزير الدفاع سعدون دليمي هو سني من عشيرته وبعثي سابق، ولا يفهم لماذا لم يستجب سعدون دليمي لندءات عمه عدنان بهذا الخصوص.

ثالثاً: وحزب محسن كركوكي فقد تحرك به العرق الطائفي ايضاً وإدعى في بيان له "تم التركيز على المناطق السنّية في تلعفر واستُهدِفَت المساجد... إن مُجريات الأحداث تدل دلالة واضحة على استهداف هذه الشريحة بالذات من أبناء الوطن وإلا فكان الأولى أن تتم السيطرة على المنافذ الحدودية بدلا من الزعم باستهداف المقاتلين الأجانب داخل مدينة آمنة وإحداث الخراب فيها". ورأى أن "العدوان على المناطق السنّية أصبح سمة واضحة في العراق تشترك فيه مصلحة قوات الاحتلال في قمع القوى الرافضة للاحتلال مع مصلحة بعض القوات المسلحة العراقية ذات النزعة الطائفية".

رابعاً: أما صحيفة البعثي سعد بزاز "الزمان" فقد قللت من أهمية الحدث واصفة إياه بأن
"الحصيلة ضئيلة لا تتناسب مع ضخامة الهجوم تلك التي خرجت بها القوات العراقية والامريكية التي اقتحمت تلعفر في عملية تبناها رئيس الحكومة ابراهيم الجعفري لاعادة الاستقرار الي المدينة التي شهدت اقوي العمليات المسلحة بينها اسقاط طائرات امريكية خلال سنة ونصف السنة وقال النازحون من تلعفر لمراسل (الزمان) في الموصل ان القوات المهاجمة دخلت الي بيوت خاوية وشوارع مهجورة وأعتقلت عدداً كبيراً من الشباب دون الثلاثين الذين رفضوا اخلاء منازلهم".
كما أنها لم تشر من قريب ولا من بعيد إلى وجود بؤر جريمة طائفية تستهدف الشيعة في المدينة محولة الأمر إلى أن يكون
"ان الاحتكاكات التي تسبب بها مدير شرطة تلعفر المعين وتقريبه للميليشيات واطلاق يدهم في المدينة بالاعتقالات هو الذي ولد رد فعل سلبي لدي اهالي تلعفر الذين اختاروا السلاح للتعبير عن رفض ذلك الواقع".

خامساً: أما موقع عبد عطوان قدس برس فقد ركز على أن السنة مظلومون في المدينة منذ البداية مزوراً الأحداث وجاعلاً الإرهابيين هم المساكين

" أنه وبعد تشكيل مجلس الحكم الانتقالي السابق، شهدت المدينة انتخابات حرة ونزيهة، لاختيار أعضاء المجلس البلدي، مضيفا بأنه تم "اختيار الأعضاء الأكفاء لهذه المناصب، إلى جانب اختيار قائد للشرطة في المدينة، وكان ضابطا سابقا في الشرطة العراقية، يتمتع بالكفاءة والنزاهة".

ويحدد خضر بداية المشكلة في الانتخابات الأولى، التي جاءت بأشخاص من السنة، شكلوا الأغلبية في مجالس المدينة، مضيفا بأن هذا الأمر "لم يرق كثيرا لبعض أحزاب الشيعة، التي تدرك أن تلعفر يوجد بها نسبة كبيرة منهم، فبدأت بعمليات وشاية وتدليس بين الأهالي المتعايشين بسلام، أعقبها دخول أمريكي للمدينة، وشن حملة دهم وتفتيش واعتقال، مما خلق حالة من الرفض، كانت أول صور المقاومة" على حد قوله.

ويربط خضر بين ما يجري في تلعفر الآن، وبين أفعال تقوم بها الأحزاب الكردية، لوضع يدها على المدينة، متهما إياها بالرغبة في السيطرة على واحد من أهم حقول النفط العراقية، المسمى حقل صفية. ويكشف كيف أن تلك الأحزاب سارعت في إنشاء مقرات عديدة لهم، وجندوا مئات الشباب للعمل معهم في حماية المنشئات النفطية، حتى يضمنوا عدم تعرضها إلى عمليات مسلحة، إلى جانب أطماعهم في السيطرة على بوابة تلعفر التجارية، الواقعة في المثلث التركي السوري العراقي، والتي توفر لمن يسيطر عليها موارد مالية ضخمة، خاصة في ظل اختفاء إي رقابة مركزية"، حسب قوله.

ويروي خضر حكاية قائد الشرطة الشيعي المذهب والتركماني القومية، الذي قام بمجرد وصوله إلى المدينة بـ"طرد كافة المنتسبين والأعضاء والقادة من السنة، وتعيين آخرين من الشيعة".. هذه الأمور وغيرها، كما يرى المراقبون أدت إلى خلق حالة من التوتر داخل المدينة، ونشطت عمليات المسلحين ضد الشرطة العراقية، التي لم تكن في السابق هدفا لهم، وذلك بسبب تعمد تغيير الطبيعة الديموغرافية للمدينة، واختراق ناموس التنوع العرقي والمذهبي الذي أوجده الله منذ قرون عديدة، كما يقول المراقبون".

وربما كان للمتابعة صلة