بالرغم من الدور الذي لعبه باقر حكيم (ممثلا بأخيه عبد العزيز) في مؤتمر لندن الذي رعاه (الشيطان الاكبر) امريكا ودوره في مؤتمر اربيل الاخير ... فقد صرح المرشد الروحي (محمد باقر حكيم) قبل يومين للقناة الثانية في التلفزيون الايراني بانه وافق مجبرا على التعامل مع امريكا (الشيطان الاكبر) !
علما بان (عبد العزيز حكيم) سافر اليوم الى اربيل لحضور اجتماع لمجموعة الستة لمعرفة من سيتولى حكم العراق بعد سقوط صدام!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
من يأتي به (بوش) يصير (بوشاً) !
التقى يوما صاحبَ سلطانٍ مع فيلسوفاً محدودب الظهر يلتقط العُشب ويأكله في حديقة بيته المتواضعة برضاً وقناعة..
فقال صاحب السلطان، مخاطباً الفيلسوف:
لو خدمتَ الملوك ما احتجتَ الى أكل الحشيش .
فأجابه الفيلسوف بحزمٍ وقوة: نعم..وأنتَ لو أكلتَ الحشيش ما احتجت لخددمة الملوك .
عدم القدرة على تفكيك هذه العلاقة غير المقدسة بين طلب العيش وخدمة الملوك هيالتي تذلّ الرقاب وتحني الهامات.. ولكنها في الوقت نفسه، تُعبئ النفوس بمواد متفجرة لا يتوقع الملوك متى تنفجر فتدمّر من حولها وتُحيل الديار بلاقع..
قصة الرئيس الروماني (شاوشيسكو) الذي وقف على الشرفة وجمهور المؤيدين يهتف له ويصفق، واذا بالجمع الهاتف يصغي لصوت خائف متردد يصرخ من بينهم بالموت للديكتاتور فينفجر الجمع كلّه (الموت للديكتاتور)، هي الأخرى شاهد على الحب الكاذب الذي يحاول أن يتوارى خلفه الطغاة والفراعنة مراهنين على الأطروحة العتيقة اللئيمة(جوّع كلبك يتبعك).
وقصة طاغية العراق الذي حاول شراء أرواح جنوده قبيل الحرب ـ التي اندلعت بعد غزوه للكويت ـ بخمسين ديناراً وهبه كراتب مقطوع لكل عسكري في الخدمة حتى إشعار آخر، هي الأخرى مثال صارخ على امتهان الإنسان وسحق كرامته والتي انتهت الى ما انتهت اليه من هتك الحرمات وتدمير المقدرات وزهق الأرواح وشراء الضمائر والذمم..
أمثلة كثيرة وقصص كثيرة تشير كلّها أنّ الذي تشتريه بهدية ثمينة يشتريه غيرك بهدية أثمن وأن الذي يأتي به الرئيس الامركي (بوش) الى السلطة سيكون (بوشاً) (أي فارغا) ولكن على من؟ على منْهُمْ دونه حسب تسلسل المراجع طبعاً.
نعم..قد يَصبر الانسان على أكل (النعناع) ولكنه لا يصبر على أكل القلّغان ... وقد تصبر الشعوب ولكنها لا تستسلم.. كما يقول السيد الشهيد الصدر الاول أو كما يقول(هيمنغواي) الكاتب والروائي المعروف.
وصحيح أن المراهنة على (البطون) قد تُحقق هدفاً ولكن المراهنة على الكبرياء والكرامة أجلّ وأقدس وتُحقق أهدافاً.. وهذا ما رأيناه في انتفاضة شعبنا الثائر فيالعراق حيث انتصر الضمير على البطن وانتصرت الإرادة الحرة على الغريزة والامعاء..
ومع ذلك فقد ينتفض (المملوك) يوماً فيفضّل أكل (الحشيش) المرّ على (متعة) النعيم الذليل الأكثر مرارة.. وقد يفترس الكلب الجائع صاحبه إذا حرّكته الغريزة..
أما اذا انتصرت سعادة أكل (الحشيش) في عزّ النفوس على سعادة أكل (الدجاج) فيذلّ الملوك.. فتلك بداية النهاية لطغيان الملوك وهي نقطة البدء في مسيرة الكرامة..
نعم قد يكون طعم (الحشيش) مرّاً، ولكنه أكثر نكهة ألف مرّة من مائدة شهية تتكوّم فوقها جثة الكرامة مشوية أو مقلية..وقد يكون طعم (السمك) لذيذاً، ولكنه لن يكونمريئاً اذا تم شراؤه بترويض الضمائر وفاحت منه رائحة الأجساد المذبوحة بسيف الباطل ورصاص الظلم.
هذه (المناقبية) المظلومة هي التي تعطي للحياة قيمتها وللإنسانية (المعطوبة) نكهتها.. وإلّا يصير (الشقي) شجاعاً، والمتهّور بطلاً والسارق (زلمة ليل) وهلّم جرا ...
وهذه المعاني العظيمة هي التي حرّكت الثوار لتحدّي جبروت السلطة الظالمة في بغداد وهي التي فجرت براكين الغضب المخزون في ضمائر الناس في عراق الغضب المقدس..
ومع كل الذي قيل ويقال يبقى تعريف الانسان في نهاية المطاف (موقفاً).. ولا خير في إنسان ليس له موقف..
ويبقى الذي يأكل (الحشيش) لا يحتاج الى خدمة الملوك وهو بالتأكيد أفضل من ذاكالذي فضل خدمة الملوك على أكل (الحشيش) ، أليس كذلك أم نحن مخطئون؟!