نصر المجالي من لندن: في أكبر محاكمة لشبكة (القاعدة) الإرهابية في أوروبا، أصدرت محكمة إسبانية مختصة في النظر بقضايا الإرهاب اليوم أحكامها ضد 24 مشتبه بهم من تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يتزعمه أسامة بن لادن، وكانت السلطات الإسبانية اعتقلت هؤلاء في فترات سابقة ومن بينهم ثلاثة متهمون بالمساعدة على التخطيط لتنفيذ هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة، فضلا عن رابع هو الصحافي تيسير علوني الذي يعمل لقناة (الجزيرة) القطرية.
ودانت المحكمة اثنين من هؤلاء وحكمت بسجنهما، ومن ضمنهما علوني الذي قررت المحكمة سجنه سبع سنوات وغرامة مالية. فيما برّأ القضاء ساحة الاثنين الآخرين. ويعتبرعلوني السوري المولود (50 عاما) والذي يحمل الجنسية الإسبانية، أبرز الأفراد المعتقلين كونه شخصية إعلامية معروفة على نطاق واسع بفضل مقابلة صحافية أجراها مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لصالح الجزيرة عام 2001 وبثت حينها على شبكة CNN الأميركية حين كان مراسل المحطة في أفغانستان.
ومن جهته، اعتبر وضاح خنفر مدير عام قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية ان الحكم الذي صدر على مراسل القناة في اسبانيا تيسير علوني "مجحفا" و "مخيبا للامال" مؤكدا انه لا يزال مقتنعا ببراءة علوني رغم صدور الحكم عليه بالسجن سبع سنوات. وقال خنفر لوكالة فرانس برس ان "الحكم بالنسبة لنا مخيب للامال والتوقعات ونحن نعتبره مجحفا". واضاف "كما اننا ما زلنا نعتقد بان زميلنا تيسير بريء من التهم الموجهة اليه". واوضح انه سيصار الى استئناف الحكم وقال "سنتصل فورا بالفريق القانوني للنظر في امكانيات الاستئناف".
وكان الموقوفون الأربعة وعشرون نفوا مرارا التهم الموجهة لهم، ومعظمهم من الجنسية السورية والمغربية، رغم أن بعضهم يحمل الجنسية الإسبانية أو مستندات تخولهم الإقامة في إسبانيا. يُشار إلى أن القضاء الإسباني كان أفرج عن علوني أثناء محاكمته بسبب مشاكل في القلب إلا أنه اعتقل مجددا في 16 سبتمبر الحالي في غرناطة وذلك بعدما طلب إذنا بمغادرة إسبانيا إلى سورية لحضور تشييع والدته.
ونفى علوني مرارا التهم الموجهة إليه وقال في لقاءات سابقة مع وسائل الإعلام إن محاكمته تتم لاعتبارات سياسية. وعبرت قناة الجزيرة البارحة عن أملها في أن يكون الحكم عادلا ويستند إلى معطيات التحقيق التي برأت علوني من كافة التهم الموجهة إليه باستثناء مقابلة أجراها مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن عام 2001 لصالح قناة الجزيرة وبثت حينها على قناة CNN الأميركية.
وكانت جلسة المحكمة مخصصة فقط للنطق بالحكم ولم تتضمن مرافعات أو إجراءات أخرى، ووزعت المحكمة فقط على المتهمين شروحا للأسباب التي استندت عليها في أحكامها حتى يتسنى لهم استئناف هذه الأحكام. وكانت فضائية الجزيرة المدعومة من حكومة الدوحة نقلت عن فاطمة الزهراء زوجة علوني أن الخطة المستقبلية بشأن التعامل مع القضية ستتحدد بعد الحكم، وأوضحت أنه إذا صدر الحكم إيجابيا فستكون هناك إجراءات "للمطالبة بحقنا لما لحق بنا من ضرر"، أما إذا كان سلبيا فسيكون هناك استئناف للحكم أمام المحكمة العليا، وتجديد المطالبة للإفراج عن علوني بكفالة نظرا لحالته الصحية الحرجة. وجددت السيدة فاطمة الزهراء التأكيد على أن زوجها بريء من كل التهم الموجهة إليه، وقالت إننا سنسعى لإثبات براءته حتى آخر المطاف.
وكان هيثم مناع رئيس اللجنة الدولية للدفاع عن الزميل تيسير علوني بتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن أي تصرف لعلوني يخالف القانون الإسباني في حال الإفراج عنه بكفالة. وتقدم مناع بتلك المبادرة باسمه الشخصي كمدير للبحوث في لجنة حقوق الإنسان, ومكلف بالبحوث في الأمم المتحدة ومحرر لموسوعة حقوق الإنسان وباسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان.
وتقول فضائية الجزيرة على موقعها الالكتروني إن المبادرة تتزامن أيضا مع تردد إشاعات عن ضغوط من أجهزة الأمن السياسي والأمن القضائي والإدارة الأميركية لصدور أحكام بحق جميع المعتقلين مهما كانت تلك الأحكام في ما يسمى بخلية إسبانيا, الأمر الذي يسمح في أسوأ الأحوال للزميل علوني باستئناف أي قرار جائر من خارج السجن، خاصة مع ظروفه الصحية والاجتماعية.
وكان مناع صرح في وقت سابق بأن التغيير المستمر في طريقة التعامل مع علوني جاء نتيجة مشكلات وتعقيدات داخل أجهزة الأمن والقضاء الإسباني. وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن الاعتبارات السياسية الخارجية والداخلية تلقي بظلالها على القضية وتؤثر على وضع تيسير.
وأكد مناع أن اللجنة في حالة استنفار خلال الأيام القادمة للقيام بحملة ضغط داخلية ودولية مكثفة للمطالبة ببراءة تيسير وتحييد الجوانب السياسية في قضيته. وأشار أيضا إلى أن رئيس المحكمة استقبل الأربعاء الماضي في مكتبه وفد اللجنة لنحو 50 دقيقة استمع خلالها لوجهة نظرهم بشأن جوانب القضية ووعد بألا يتأثر حكمه بأي اعتبارات سياسية.
وكان علوني نفى مرارا التهم الموجهة إليه وقال في لقاءات سابقة مع الجزيرة إن محاكمته تتم لاعتبارات سياسية، وهو ما يدل عليه مسار القضية وطبيعة التهم الموجهة إليه. يشار إلى أن القضاء الإسباني قرر تمديد احتجاز مراسل الجزيرة في مدريد تيسير علوني لحين صدور الأحكام في القضية يوم الاثنين المقبل.
وقالت فاطمة الزهراء زوجة تيسير علوني أن بعض الشائعات التي تناقلتها الصحف الإسبانية تفيد بأن القضاء سيحكم على 24 مشتبها بهم ما بين سنتين وتسع سنوات ومن ضمنهم تيسير. وأوضحت للجزيرة نت أن الشائعات تفيد بأن هناك خلافا بين القضاة بشأن تبرئة بعض المتهمين، مشيرة إلى أنها تأمل أن يعود تيسير لمنزله وأولاده في القريب العاجل.
ولفتت إلى أن هيئة الدفاع لن تتمكن من القيام بأي إجراءات قانونية قبل النطق بالحكم. وأكدت فاطمة الزهراء أن ممثلة الادعاء لم تقدم أدلة مقنعة تبرر استمرار اعتقاله، وأن المحامي قدم للمحكمة كل الأدلة على تعاون زوجها مع أجهزة الأمن خلال الفترة الماضية والتزامه بجميع قيود الإقامة الجبرية، مما ينفي أية نية لديه بالفرار.
ونوهت زوجة تيسير إلى أن القضاء أسقط جميع التهم عنه باستثناء "تهمة" إجراء مقابلة مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن حين كان مراسلا للجزيرة في أفغانستان معتبرا أن "بن لادن خصه بهذه المقابلة وهذا دليل - حسب زعم السلطات الإسبانية - على أن علوني ينتمي للقاعدة".وكانت السلطات الإسبانية اعتقلت قرابة 40 إسلامياً مشتبه بهم منذ هجمات سبتمبر، رغم أن عددا منهم أطلق سراحه لاحقاً لغياب الأدلة، فيما أطلق سراح البعض بكفالة. ويتهم ثلاثة من المشتبه بهم بالمساعدة في الترتيب لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة.
وطالب الادعاء بإصدار أحكام بالسجن على المتهمين الثلاثة بواقع 25 عاما عن كل ضحية من ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وعددهم 2973 قتيلا ، واتهم الرجال الآخرون، وعددهم 21 رجلا، بالانتماء لمنظمة إرهابية، وينفي المتهمون الأربعة والعشرون الاتهامات الموجهة ضدهم.
وقالت كاتيا آدلر مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي في مدريد إن القضاة الثلاثة الذين يشكلون هيئة المحكمة التي تنظر في القضايا، يتعرضون لضغوط قوية من الرأي العام ومن النخبة السياسية لإصدار أحكام بإدانة المتهمين.
وتتعلق القضية باتهامات سابقة على هجمات مارس (آذار) 2004 في مدريد والتي أسفرت عن مقتل 191 شخصا، غير أن مراسلتنا تقول إن أسبانيا تريد أن تظهر بمظهر القوة في تعاملها مع المتشددين الإسلاميين قبل بدء محاكمة المشتبه في تورطهم في هجمات مدريد العام المقبل".
وتلا قضاة المحكمة الوطنية افسبانية الأحكام في قاعة تخضع لإجراءات أمن مشددة في مدريد خلال الجلسة التي بدأت نحو الحادية والنصف بعد الظهر بالتوقيت المحلي (1130 بتوقيت غرينيتش)، ومن بين المتهمين السوري المولد عماد يرقص، الذي يعتقد أنه زعيم خلية للقاعدة في أسبانيا.
ويتهم يرقص، 42 عاما، بتزعم خلية يقال إنها وفرت التمويل والدعم التمويني للذين خططوا لهجمات سبتمبر على برجي مركز التجارة العالمي والبنتاغون عام 2001. ويقال إن يرقص، بالإضافة إلى إدريس الشبلي، قام بالترتيب لاجتماع في يونيو (حزيران) 2001، يزعم أن واحد على الأقل من الذين تزعموا الهجوم قد حضره، وهو محمد عطا.
ويتهم الثالث، ويدعى خوسيه لويس جالان، بتصوير برجي مركز التجارة وأهداف أخرى، وهي المواد التي تم نقلها لعناصر القاعدة. وقد رفض يرقص المحاكمة واصفا إياها بأنها مهزلة، ونفى أي معرفة له بزعيم القاعدة أسامة بن لادن كما أدان هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
أما الرجال الآخرون، وأغلبهم ولدوا في سورية أو المغرب، فإنهم دينوا بالانتماء لمنظمة إرهابية، ولا يتهمون بالتخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وقال محامو الدفاع إن القضية تبنى على شكوك وشبهات ولا تستند على أدلة ملموسة.
وكان قاضي المحكمة الوطنية الإسبانية بالتاسار غارزون وجه اتهامات رسمية.للمشتبه بهم، وقال إن أسبانيا مثلت قاعدة أساسية لتوفير الملاذ، والعون، والتجنيد والتمويل لأعضاء القاعدة في الفترة التحضيرية لهجمات نيويورك وواشنطن.
وأصدرت المحكمة الإسبانية حكما بالسجن 27 عاما على المتهم بتزعم خلية القاعدة في أسبانيا، وذلك لمساعدته في التحضير لهجمات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة. وقد صدرت أحكام السجن بحق السوري عماد جركس فضلا عن 17 رجلا آخرين أدينوا باتهامات تتعلق بمساعدة القاعدة.
وتناولت الأحكام السجن لـ 17 رجل أدانتهم المحكمة بالسجن ما بين ست سنوات و11 عاما على مجموعة من التهم المتعلقة بالإرهاب. عدا عن علوني وجركس والشلبي، وكانت اتهامات قد وجهت لجركس والشبلي ومتهم ثالث، غصوب الأبرش غليون، بالإسهام في قتل ثلاثة آلاف شخص في الولايات المتحدة. ، وكان الادعاء قد طالب بأحكام رمزية بالسجن 74 ألف عام ضد المتهمين.
غير أن القضاة رفضوا الاستناد إلى أدلة تعتمد على مكالمات هاتفية مسجلة قدمها الادعاء، حيث قالوا إنها مضللة وتعتمد في أحيان كثيرة على سوء فهم للغة العربية. ويقول داني وود مراسل بي بي سي في مدريد إن الادعاء الأسباني سيشعر بخيبة أمل لتلك الأحكام.
ويضيف قائلا إن الحكم ببراءة البعض، وبفترات حبس قصيرة لآخرين لن يكون بالسابقة التي يسعى الادعاء لإرسائها قبل محاكمات المتهمين في هجمات مدريد 2004، والمتوقعة العام المقبل.
واتهم جركس، 42 عاما، بتزعم خلية يقال إنها وفرت التمويل والدعم التمويني للذين خططوا لهجمات سبتمبر/أيلول على برجي مركز التجارة العالمي والبنتاجون عام 2001. ويقال إن جركس، بالإضافة إلى إدريس الشبلي، قام بالترتيب لاجتماع في يونيو/حزيران 2001، يزعم أن واحدا على الأقل من الذين تزعموا هجمات سبتمبر قد حضره، وهو محمد عطا.
وقد رفض جركس المحاكمة واصفا إياها بأنها مهزلة، ونفى أي معرفة له بزعيم القاعدة أسامة بن لادن كما أدان هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وخلال المحاكمة أصر محامو الدفاع على إن القضية تبنى على شكوك وشبهات ولا تستند على أدلة ملموسة.
الاتهامات الموجهة
ـ غصوب الأبرش غليون - يزعم أن صور العلامات البارزة بنيويورك عام 1997 لاستهداف القاعدة لها. برأ من الاتهام فيما يتعلق بمقتل 2500 شخص فضلا عن الانتماء لجماعة إرهابية
ـ عماد جركس - يزعم أنه زعيم القاعدة في أسبانيا، واتهم فيما يتعلق بمقتل 2500 شخص، فضلا عن الانتماء لجماعة إرهابية وحيازة أموال مزورة
ـ إدريس الشبلي - برأ من التهم فيما يتعلق بمقتل 2500 شخص في هجمات سبتمبر، أدين بالتعاون مع جماعة إرهابية وحكم عليه بالسجن ست سنوات
ـ 21 متهما آخرين - واجهوا اتهامات تشمل الانتماء لجماعة إرهابية أو الارتباط بها، وحيازة أسلحة، وتزوير وثائق، وعمليات غش.
ـ خوسيه لويس جالان - يزعم أن صور العلامات البارزة بنيويورك عام 1997 لاستهداف القاعدة لها. يتهم فيما يتعلق بمقتل 2500 شخص فضلا عن الانتماء لجماعة إرهابية.