 |
-
مشروع ايراني لتعجيم الشيعة العرب في العراق
الموضوع وصلني وطلب صاحبه مني ان اضعه في الشبكة-
مع الأعتذار من اراكسنتر.
مشروع ايراني لتعجيم الشيعة العرب في العراق
هارون محمد
ppيبدو أن مشروعاً ايرانياً خطيراً في طور الإعداد والتهيئة يتسارع العمل لبلورته وصياغته في دهاليز طهران وأقبية قم، يرمي الي تعجيم الشيعة العراقيين الذين يشكلون العمق الحضاري والأساس القومي والأكثرية السكانية لعرب العراق، ضمن مساع ومحاولات محمومة تبذلها دوائر معينة في ايران، وتشارك فيها أطراف عراقية وأخري محسوبة علي العراق، تهدد اللحمة الوطنية والتماسك الشعبي، وتهمش حوزة النجف العلمية ومرجعيتها العالمية، لصالح رجال دين ايرانيين، سياسيين في المقام الأول يتربصون بالمراجع والقيادات العربية الشيعية منذ عقود من الزمن، تنفيساً عن أحقاد طائفية دفينة واطماع مستقبلية.
وعندما يصر المجلس الأعلي للثورة الإسلامية وهو في حقيقة الأمر ليس مجلساً بمفهومه الديني أو السياسي، ولا ثورة في معايير الثورات، علي عقد اجتماع في طهران التي يتخذ منها مقراً له منذ بدء تأسيسه قبل أكثر من عشرين سنة، يدعي انه مكرس لبحث قضايا الشيعة العراقيين، ومناقشة مستقبلهم، فانه يسعي الي تعزيز القبضة الايرانية علي إطاراته وتوجهاته، ويكرس تبعيته لايران وخضوعه لسياساتها، التي تصطدم بإرادة الملايين من شيعة العراق الذين لهم خصوصيتهم العربية وهويتهم الثقافية والقومية ومكانتهم الريادية، ليس في العراق فحسب وانما في العالمين العربي والإسلامي.
ولا نغالي إذا قلنا أن اجتماع طهران (الشيعي) يزيد من اتساع أوهام التعجيم، والمغالطات التي رافقت هذا الادعاء الكاذب، ويسيء الي شيعة العراق العرب الذين عرفوا بتضحياتهم من اجل رفعة العراق ووحدة أراضيه وسيادته وانتمائه العربي والإسلامي.
وتاريخياً فان المحاولات التي بذلتها ايران في عهد الشاه السابق، لتحويل المرجعية الشيعية ونقلها من النجف الي قم، لم يكتب لها النجاح وباءت جميعها بالفشل الذريع، ووقف العلماء والمجتهدون الايرانيون قبل العراقيين في مواجهة المخطط الشاهنشاهي، وأجهضوا آلياته ودعاياته وأهدافه، وهنا يجب الاعتراف بالمواقف الصلبة التي اتخذها آية الله الخميني، خلال إقامته في النجف (1964-1978) في تعرية النزاعات الايرانية، للاستيلاء علي الحوزة العلمية والمرجعية الشيعية في العراق، ولعل كثير من الناس لا يعرف أن بعض العلماء والشخصيات الشيعية التقليدية في النجف، عارضوا قرار الرئيس الراحل عبدالسلام عارف باستضافة آية الله الخميني في العراق، بعد أن نفاه الشاه الي تركيا، ولكن تمسك الرئيس بقراره، وجهود مجموعة من العلماء والمجتهدين الشباب حينذاك، يتقدمهم الشهيد محمد باقر الصدر، أحبطت الدعوات المضادة للزعيم الايراني الصاعد، الذي نجح في فترة قصيرة من انتقاله الي العراق في تأسيس مدرسته الدينية المتميزة بمناهجها ودراساتها، وفي استقطاب الكثير من الطلبة والمريدين، الذين تتلمذوا علي يديه وتزودوا من علمه، بعد ان حظي بمنزلة جليلة استحقها عن جدارة، رغم تبرم المراجع الكبار من تألقه واتساع قاعدته الشعبية.
ولعل من اكبر الأخطاء السياسية القاتلة التي اتخذتها حكومة بغداد عام 1978 ترحيلها لآية الله الخميني مع صحبه وأسرته الي فرنسا في نهاية ذلك العام، في خطوة افتقرت الي الرؤية الموضوعية والاتزان المطلوب، الأمر الذي احدث شرخاً بين الزعيم الايراني والسلطات العراقية فيما بعد، كانت أثاره حرباً دامية استمرت ثمانية أعوام.
ويقول الأستاذ حسن العلوي وكان رئيساً لتحرير مجلة (الف باء) في بغداد عام 1979 عند عودة الأمام الخميني من منفاه الفرنسي وهبة ملايين الايرانيين لاستقباله، أنه سأل صدام حسين نائب الرئيس حينها: ألم يكن من المنطقي والمفروض أن يعود الخميني الي بلاده من العراق مباشرة وليس من فرنسا؟
فأطرق صدام قليلاً -والحديث للعلوي- وقال وهو يتصنع الندم، لقد سمعنا نصيحة جماعتك!! ومضي دون أن يوضح كلامه، ولم يفهم العلوي من جانبه أن كان الرجل القوي في العراق، كما كان يسمي يومذاك ، يقصد القياديين والوزراء المنحدرين من أصول شيعية وكانوا كثرة في الحزب والحكومة حينذاك، أم رجال الدين والمراجع في النجف، الذين كانوا يناصبون العالم الايراني اللامع العداء والخصومة والحسد.
وعموماً.. فان ما لصق بالشيعة العراقيين العرب، من اتهامات ظالمة، وادعاءات باطلة، بالولاء والتبعية لايران، لم يكن من فعل النظام الحاكم وحده، رغم انه خطط بشكل منظم واستناداً الي منهجه الاستعلائي في تصنيفهم طائفياً ونعتهم بـ(العجم) علي طريقة المبعوثين الإنكليز عند احتلالهم للعراق في بدايات القرن الماضي، وانما ساهم بالترويج لهذه الأكاذيب والمزاعم، جهد قام به مع الأسف علماء ومجتهدون ومثقفون عراقيون، لهم دوافعهم الخاصة وأغراضهم السياسية، التي ربطتهم بالدوائر الايرانية.
وعندما ترتفع أصوات شخصيات ورموز شيعية عراقية عربية مثل سماحة السيد محمد بحر العلوم في انتقاد المؤتمر الشيعي بالعاصمة الايرانية ويعلن رفضه لنتائجه وهو يقول: كان حرياً باجتماع طهران ان ينصب علي مناقشة مشروع التغيير، ويحافظ علي الهوية الوطنية والانتماء العربي لشيعة العراق، وليس لتكريس الطائفية، وسلب الشيعة هويتهم الأصلية واستقلالية قرارهم) فانه ينطلق من مسؤولياته الدينية والوطنية، وخشيته المشروعة من تلاعب الأجهزة والسلطات الايرانية بورقة الشيعة العراقيين، وما يجره ذلك من مخاطر وخيمة في المستقبل. وعندما يري سماحة السيد حسين الصدر (أن عقد مؤتمر طائفي من هذا النوع لن يخدم أهداف الشعب العراقي وانما يكرس الطائفية عبر المطالبة بحق شيعي مفصول عن بقية أطياف الشعب) فهو يشخص الأهواء والمطامع التي تعتمل في صدور بعض المتحاملين علي الخصوصية العربية لشيعة العراق، ومعروف أن آل الصدر هم ركيزة أساسية في الحياة العراقية، دينياً ووطنياً وتأريخيا، ويكفيهم فخراً أنهم قدموا رموزاً وشهداء، حملوا العراق في وجدانهم ونضالهم ومبدئيتهم وتراثهم، وفي مقدمتهم الصدران الشهيدان الباقر والصادق.
وصحيح جدا.. ما يقوله الكاتب والمفكر الإسلامي محمد عبدالجبار في معرض تعليقه علي مؤتمر طهران (إن هذا المؤتمر خطأ في موضوعه ومكانه وتوقيته) لانه يري أن تناول قضية الشيعة إذا أريد لها ان تبحث، فلا بد ان يكون ذلك في إطار عراقي شامل، وليس من منظور طائفي ضيق، وهذا ما ذهب إليه أيضا الشيخ هيثم السهلاني الذي وصف اجتماع طهران، بأنه لا يمثل شيعة العراق لان ما يخصهم هو شأن عراقي وليس إيرانيا.
لقد انتهي مؤتمر طهران بدعوات وتوصيات مطلبية وكأن الشيعة العراقيين أقلية تطالب ببعض الحاجات أو جمعية تقترح رغبات، وفات علي منظميه أو فوت عليهم، أن الشيعة في العراق، هم الحاضنة لعرب العراق، الذين يشكلون خمسة وثمانين بالمئة من البلاد أرضاً وسكاناً، وهم الخيمة التي يستظل في افيائها اكثر من خمسة وعشرين مليون عراقي عربي، يرفضون التسميات الطائفية والمذهبية، لسبب بسيط جدا هو: انهم سادة المشرق العربي والإسلامي تأريخياً وحضارياً، والسيد كما هو معروف، يٌقلد ولا يَتبع، يتقدم ولا يتراجع، ولا يخضع أيضاً للحاقدين علي العرب من الإيرانيين أو غيرهم.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |