يواجه العراق حالياً موجات من الإرهاب الدموي تمارسه جماعتان واضحتا المعالم والأهداف, وهما:
1. القوى الإرهابية التي ترفض العملية السلمية وترفض خوض الانتخابات وتهدد من يساهم فيها بالويل والثبور, وهي التي تمارس إشاعة الفوضى والقتل والتهديم والتخريب طيلة الفترة المنصرمة ومنذ سقوط نظام البعث الصدامي, إنها عصابات البعث الصدامية وعصابات شيوخ الفسق والرذيلة والموت جماعة بن لادن والظواهري والزرقاوي وأنصار الإسلام الكرد في العراق وعصابات اللصوص وقطاع الطرق.
2. القوى التي لم ترفض العملية الانتخابية وتشارك فيها ولكنها تدعم أو تمارس العنف ضد المجتمع والقوى الديمقراطية, وهي تتوزع على مجموعتين, وهما:
• المجموعة الأولى التي تدعم العمليات الإرهابية الجارية بحجة "المقاومة الوطنية المسلحة" وترفض قيام القوات المسلحة العراقية بوضع حدٍ لنشاطاتها في مدن مثل الرمادي والفلوجة وبعقوبة أو على الحدود العراقية السورية وتسمح لقوات الإرهاب باجتياح المدن وإقامة المتاريس وارتهان الناس وبث الرعب في نفوسهم ومنع الجماهير لاحقاً من المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة. وقد وصل الأمر بهذه القوى أن استطاعوا إيقاف محاولة منع اجتياح المدن من قبل الإرهابيين الذي حصل يوم 1/12/2005 في مدينة الرمادي وانتشار عصابات الزرقاوي والبعث المشتركة في أرجاء هذه المدينة تصول وتجول كما تشاء. ومن استمع إلى الدكتور عدنان الدليمي وهو يطالب بوقف العمليات ضد الإرهابيين يدرك الأهداف الكامنة رواء مشاريع هذه القوى والتي تقترن بتصريحات صالح المطلگ في الأردن وكتابات ونشاط الدكتور خير الدين حسيب في بيروت.
• أما المجموعة الثانية فهم مسلحو ميليشيات جيش المهدي ومسلحون آخرون من قوى مماثلة بدأوا منذ فترة بتنظيم عمليات إرهابية لبث الرعب في صفوف العراقيات والعراقيين في مناطق مختلفة من العراق, ومنها مدينة الثورة ببغداد أو في البصرة والديوانية أو في الحلة, وهم يجدون, كما يبدو واضحاً, الدعم والتأييد من بقية أطراف قائمة الائتلاف الوطني العراقي الشيعية التي يشارك فيها السيد مقتدى الصدر, الرئيس الروحي والمسؤول الأول عن هذه المليشيات المنفلتة من عقالها التي ارتكبت الكثير من الجرائم والتجاوزات على حقوق الإنسان في النجف ومناطق أخرى من العراق, باعتباره أحد أطرافها الأساسيين الثلاثة, أما الطرفان الآخران فهما السيد عبد العزيز الحكيم, رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية, والدكتور إبراهيم الجعفري, رئيس حزب الدعوة.
وإذا كنا نعرف الأساليب العدوانية التي تمارسها قوى الظلام والقتل والتدمير الزرقاوية والبعثية الصدامية, فأن من الضروري الكشف عن الأساليب التي بدأت ميليشيات جيش المهدي السيئة الصيت ممارستها في بغداد وفي مناطق أخرى من العراق, والتي يمكن تحديد أهمها فيما يلي:
1. تهديد المرشحين الواردة أسماؤهم في القوائم الانتخابية للقوى الديمقراطية وملاحقتهم وملاحقة جماعات الدعاية لهذه القوائم.
2. إنزال وتمزيق الشعارات أو تغطية شعارات القوى الديمقراطية وملصقاتها على الجدران بصور من أتباع مقتدى الصدر ورجال دين آخرين.
3. الهجوم على مقرات القوى الوطنية وقتل بعض أفرادها والخروج باستعراضات لإبراز العضلات وحمل السلاح والتهديد باستخدامه, وحيث استخدم فعلاً في مدينة الثورة بقتل مناضلين شيوعيين, وقتل بعض أعضاء الحملة الانتخابية للقائمة الوطنية العراقية أو مشاركة قوى أخرى بقتل بعض البارزين من قائمة أو قياديي الحزب الإسلامي العراقي.
4. الخروج بمواكب عزاء حسينية بهدف التأثير على نفوس الناس ونشر الأكاذيب ضد القوى الأخرى واتهامها بالعمالة للأجنبي أو باللاوطنية, إضافة على إقحام الدين والتعازي الحسينية بالحملة الانتخابية عنوة والإساءة للدين بأفعالهم غير الإنسانية.
5. التهديد بصراحة منقطعة النظير لأتباع القوائم الديمقراطية بالويل والثبور على صفحات جريدة "الحوزة" الصفراء التابعة لمقتدى الصدر وأتباعه العنفيين.
إن هذه الأعمال تتعارض كلية مع الدستور العراقي الجديد ومع القوانين المرعية في البلاد, كما تتعارض مع مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي التزمت بها الحكومة في التحضير وإتمام العملية الانتخابية القادمة.
إن المجتمع العراقي يقف وجهاً لوجه أمام قوى تمتلك المال والسلاح, الذي يردها من كل مكان وبسخاء كبير, وتتميز بالحقد والكراهية وممارسة اشد أساليب العنف والقسوة إزاء الآخر, وهي تسعى للسيطرة بالقوة الغاشمة على المجتمع وفرض الاستبداد الديني عليه, تماماً كما مارسها البعثيون والقوميون قبل ذاك بحق الشعب العراقي طيلة عقود عدة.
إن على الحكومة العراقية التي تعهدت بأن تحافظ على السير الحر والديمقراطي والنزيه للمعركة الانتخابية أن تفي بوعودها وتلجم هذه القوى العدوانية التي ما انفكت تهدد وتقتل وتذبح من تشاء من الناس دون رقيب أو حسيب, إذ أن الكثير من المؤشرات والأخبار تشير إلى ضلوع أطراف فيها أو تأييدها لها.
أن على المواطنات والمواطنين أن يُحملّوا رئيس الحكومة ووزير داخليته, وكلاهما من الائتلاف الذي فيه جماعة مقتدى الصدر, مسؤولية قتل عضوي الحزب الشيوعي العراقي وبقية صرعى الغدر الذين سقطوا أو سيسقطون بغدارات وسيوف وخناجر هؤلاء الشقاوات أولاً, ومسؤولية وضع حدٍ لهم قبل أن تتفاقم تجاوزاتهم على الناس ثانياً.
ورغم ما يبدو من فرق بين قوى الإرهاب المعلن والمكشوف لجماعات الزرقاوي والصداميين وبين قوى الإرهاب التي تمارسه يوماً دون أن ترفض العملية السياسية والانتخابات, فإنها تلتقي بقضية واحدة هي فقدانها وعدم احترامها للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وسعيها لبث الظلم والظلام في العراق الجديد.
أمل الناس أن تتضافر الجهود للجم هذه القوى وتحقيق النجاح لكل القوائم الديمقراطية واللبرالية والعلمانية في العراق الجديد لمنع فوز القوى الدينية الساحق التي تسعى إلى إقامة دولة وحكومة دينية في العراق, ومن أجل بناء دولة اتحادية ديمقراطية وحياة ومستقبلاً حراً وآمناً ومزدهراً للجيل الحالي والأجيال القادمة.
منقول