 |
-
المشاريع الاسلامية دليل حيوية الأمة (1)
خطاب المرحلة (99)
المشاريع الاسلامية دليل حيوية الأمة (1)
إن هذه المدرسة الدينية التي تنتمون أليها وهي ليست الوحيدة في بغداد بل إن عدد مثل هذه المدارس تجاوز العشرة في بغداد ومنتشرة في المحافظات إنما هي دليل على أستمرار الحياة في هذه الأمة وأن الأعداء والقتلة والمجرمين لم يستطيعوا قتل هذه الأمة وإجهاض مشروعها الأسلامي المبارك وهي دليل على شجاعة هذا الشعب واصراره وولائه للأسلام وحرصه على الأنتهال من نميره الصافي .
وقد علمت إن هذه المدارس تضم الى المناهج الدراسية الأكاديمية دروساً دينية وأخلاقية وبالتالي فهي تهدف الى انشاء جيل متعلم وملتزم ليقود الحركة الرسالية وليكون طليعة الأمة في هذه المسيرة الألهية وقد عشنا مثل هذه التجربة قبل أكثر من ثلاثين عاماً وقد كنت جزءاً منها حين دخلت مدارس الأمام الجواد (ع) التي هي حلقة من منظومة علمية تربوية أسلامية تبدأ مع الطالب من الأبتدائية حتى الدراسة الجامعية في كلية أصول الدين وقد ألغاها نظام البعث الكافر بقرار مجانية التعليم عام 1974 الذي طبق على مدارس أتباع أهل البيت (ع) وبقيت المدارس الخاصة لغيرهم على حالها وكان يدرس فيها نخبة من العلماء والفضلاء والشباب الرسالي منهم من قضى نحبه شهيداً كالسيد محمد باقر الحكيم والشيخ عارف البصري والشهيد عبد الجبار البصري والسيد داود العطار وأستطاعت تلك المدارس أن تستنقذ أجيالاً من أبنائنا وبناتنا من التفسخ والأنحلال الذي كانت تغذيه الحكومات الضالة في المدارس الرسمية فقد كان مدرس التربية الدينية لنا في الأعدادية الشرقية أعوام 1976-1978 شيوعياً وكان يسخر من تعاليم الدين فماذا تتوقع أن يحصل الطلبة منه على أخلاق أو أفكار لذلك أنبرت تلك الثلة الصالحة وعلى رأسهم العلامة السيد مرتضى العسكري (أدام الله بقاءه) وبمباركة مرجعية السيد محسن الحكيم (قده) ودعم الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رض) وأخته العلويةالشهيدة بنت الهدى لتأسيس هذا المشروع في الستينات وهذا التوجه كان هو المتيسر في تلك الأجواء المشحونة بالأبتعاد عن الدين وحملات التنفير منه وتشويهم وتشجيع الفساد والأنحلال ومحاربة المتدينين أما اليوم وقد أنتشرت الحركة الأسلامية واتسعت بفضل الله تعالى وتظافر جهود المراجع العظام والعلماء والفضلاء والرساليين وعلى رأسهم الشهيدان الصدران فلم يعد هذا التوجه كافياً ونعتبر الأقتصار عليه اعترافاً بالهزيمة والفشل في أقناع المجتمع بالأسلام حتى تقوقعنا على هذه المساحة الصغيرة من المجتمع وتركنا الباقي للفساد والأنحراف بينما التيار الديني أصبح يضم مساحات واسعة من المجتمع لا تستوعبها هذه المدارس فلا بد من عدم الأكتفاء بها وإنما علينا أن نديم هذه الحركة الأسلامية الواسعة ونجذرها في الأمة ونرتقي بمستوى وعيها وتربيتها حتى تقتنع بها كل قطاعات الأمة وبالتالي سوف سوف لا أحتاج الى ثانوية إسلامية لأن كل طلبة الثانويات سيكونون متدينين ولا أحتاج أن أوسس كلية دينية لأن أغلب طلبة الجامعات ملتزمون بالأسلام وسيتخرج منهم المهندس الملتزم والطبيب الملتزم وهكذا ينبغي لقادة الحركة الأسلامية أن يعرفوا لكل مرحلة خطابها وآلياتها وأساليب عملها وصول الثلة الصالحة الى السلطة له أسلوبان :
وهذه الفكرة على صعيد هذه المشاريع العلمية والثقافية ممكن نقلها الى ساحة العمل السياسي وسعي الثلة الصالحة لتسلم السلطة فأمامنا أسلوبنا
(الأول) السعي المباشر لتسلم السلطة عبر أنقلاب عسكري أو تحالفات أو غيرها .
(الثاني) تربية الأمة وزيادة قناعتها بالأسلام حتى تكون القواعد المؤمنة هي الأوسع في المجتمع بحيث أنها تفرز تلقائياً حكومة صالحة تطبق الأسلام في برامج عملها .
ومن الواضح ان الأئمة عليهم السلام ساروا على الطريق الثاني لأنه يمتلك الديمومة والثبات ولأنه يخلق حالة من الانسجام بين الامة وقيادتها وتصل الامة الى كمالها المنشود اما على الاول فإن القيادة ستعيش عزلة عن الامة البعيدة عن التربية الإلهية وستخذل الامة قيادتها وتتآمر عليها ويحسب الفشل على الاسلام وقياداته لذا لم يستجب الامام الصادق (ع) لدعوات أبي مسلم الخراساني وأبي سلمة الخلال والامام الرضا (ع) لعرض المأمون في ولاية العهد بل واصلوا المسيرة المضنية الطويلة بالاسلوب الثاني وتابعها بعدهم العلماء حتى أثمرت هذه الحركة الاسلامية المباركة التي غطت مساحات واسعة من الامة فنحن في نفس الوقت الذي ندفع فيه المؤمنين القادرين على رعاية شؤون الامة الى المشاركة في الانتخابات والتنافس الشريف لإيصال الثلة الصالحة الى مفاصل الدولة فإننا نواصل تربية الأمة حتى تصل الى كمالها المنشود بلطف الله تبارك وتعالى وحينئذٍ ستتأهل الامة لممارسة دور الشهادة والمراقبة على القيادة (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) وستكون هذه التربية رافدة للحالة المعنوية للمتصدين للحكم والسلطة او مجددة للعطاء الروحي وإذا كان الإمام المعصوم يقول : (لولا اننا نزداد في كل ليلة جمعة لنفد ما عندنا) فما أحوج غيرهم لهذه الإمدادات الروحية حتى تبقى شعلة الايمان والتواصل مع الله تبارك وتعالى والاخلاص له وحب الناس والترفع عن الانانية وحب الذات.
ان القوى المستكبرة اليوم مصداق للأعور الدجال لأنها تنظر الى الحياة والبشر بعين واحدة هي عين التفوق المادي والتكنولوجي وتغفل عن الركن الآخر المهم لقيادة البشرية وهو تعزيز ذلك التقدم بالقيم المعنوية السامية فمثلاً صنع القنبلة الذرية شيء عظيم من الناحية العلمية ولكن هذا الانجاز العلمي حينما خلا من المبادئ الانسانية العليا أصبح وبالاً على البشرية وفتك بها وما زالت تئن من ويلاتها رغم مرور ستين عاماً على إلقائها وقد جسد قادة الاسلام هذه المثل العليا في حياتهم مما لا يسع المجال لذكره وقد أشرنا الى تفاصيلها في كتبنا العديدة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) من حديث سماحة الشيخ مع وفد مدرسة أم البنين الدينية للنساء من مدينة الشعلة في بغداد يوم 21/شوال/1426 .
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |