[align=center] «الدوخلة».. قربان لعودة الحجاج إلى ديارهم[/align]
عبير جابر - « الشرق الأوسط » - 13/01/2006م
تتذكر أم عبد الله بكثير من الحنين والشوق الإحتفال المسمى «الدوخلة» الذي يوافق اليوم الأول لعيد الأضحى، فهذا العيد مناسبة عزيزة على قلوب المسلمين في أنحاء العالم، لها وقع مميز في منطقة القطيف كما في العديد من دول الخليج العربي كالبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان. حيث كانت تقام في الماضي إحتفالية طفولية عفوية «كنا نتباهى بزراعة «الدوخلة» في مطلع شهر ذي الحجة لتكون جاهزة يوم عيد الحج»، وهي التسمية الأحب إلى الناس لعيد الأضحى المبارك، وتكمل أم عبد الله «حيث يتسابق الأطفال إلى البحر لرميها مع ترديد أهازيج الدوخلة التي كنا نحفظها عن ظهر قلب».
وتنشد أم عبد الله بما تذكره من لحن الأهزوجة «دوخلتي حجي بي، على مُجي (مجيء) حبيبي، حبيبي غايب مكة، مكة يالمعمورة فيها السلاسل والذهب والنورة». ولا تعرف هذه السيدة القطيفية سبب إنحسار هذه العادة، لكنها تبدي سرورها لإعادة إحيائها في أنحاء من القطيف.
فقد أعادت صورة الأطفال وهم يركضون نحو البحر لرمي الدواخل تكرر عصر يوم العيد هذا العام، حيث شهدت منطقة سنابس في القطيف، إعادة إحياء للدوخلة، في محاولة لتعريف الأجيال الجديدة عليها وحفظها للأجيال القادمة كموروث شعبي مهم. حيث يعترف الكثير من أبناء الجيل الجديد بأنهم لم يسمعوا عن «الدوخلة» ولا يعرفون ماهيتها.
فتوضح زينة أنها المرة الأولى التي تسمع عن هذا الطقس الشعبي المتوارث «لكنني فرحت بالتعرف على هذا التقليد الشعبي، وزرعت دوخلة لأخي ليرميها في البحر يوم العيد»، وتكمل متحسرة على الأيام التي مرت «دون أن نتمتع بممارسة هذه الطقوس بسبب الكثير من العوامل وأهمها مغادرتي للمنطقة لفترة طويلة أثناء وجود والدي في عمل بالخارج». لكن وداد المبارك عندما سمعت بالدوخلة سارعت إلى والدتها التي فسرت لها تفاصيل هذه العادة الخليجية التي اندثرت في بعض البلدان وما زالت تصارع للبقاء في أماكن أخرى «فاجأتني أمي بأنها تعرف الدوخلة ولمتها لأنها لم تعرفنا على تراثنا، لكنني وجدت في المهرجان المقام فرصة ملائمة لذلك».
فقد نشطت لجنة خاصة في منتدى سنابس الثقافي منذ شهر ونصف تقريباً، لتنظيم «مهرجان الدوخلة 1426» في عيد الأضحى المبارك وهو مهرجان تراثي للأطفال يهدف إلى تعريف هم بالتقليد التراثي المعروف بالدوخلة وجميع الجوانب المتعلقة بها كمادة تراثية يجب المحافظة عليها وتوريثها للأجيال القادمة. يوضح الأستاذ حسن طلاق رئيس اللجنة المنظمة والمشرف على المنتدى أن «المهرجان الإحتفال دعي إليه أطفال محافظة القطيف ككل حيث أن «أهالي الخليج كلهم يعرفون هذه المناسبة، وشارك فيه حوالي 300 طفل من مختلف أنحاء المنطقة، إلى جانب العديد من الكبار الذين أتوا لإستعادة ذكريات الماضي».
ويوضح طلاق أنه في السنوات الماضية «التجمع كان يتم بشكل عشوائي على البحر كما حصل في العام الماضي حيث يقصد الناس البحر بعد الغذاء ويقومون برمي الدواخل لكن بشكل فردي». ولأن الدوخلة كانت تقام على نطاق ضيق ومحدود من قبل بعض الأفراد «لاحظنا ذلك ورأينا اهتمام الناس بهذه العادة وقررنا تشجيعهم. كما لقينا منهم التشجيع عندما علموا أن المناسبة ستكون بشكل منظم وبمشاركة واسعة» يؤكد طلاق. وقامت اللجنة المنظمة بجمع المعلومات عن الدوخلة وأهازيجها «من المعاصرين لهذه العادة فالناس تحفظ الموروث وخاصة كبار السن ومنهم عرفنا الأهازيج والتفاصيل المختلفة، وصحيح أن الناس نسيتها لفترة لكن هناك من ما يزال يحفظها».
وهكذا شهد كورنيش سنابس احتفالية جميلة شارك الأطفال فيها بصنع دواخلهم وحملوها إلى الشاطئ، حيث لم يقتصر المهرجان على رمي الدواخل بل تضمن فعاليات منوعة منها الفقرات التراثية والعروض الفنية التراثية بمشاركة عدد من الفنانين. كما عرضت أهازيج خاصة متعلقة بالدوخلة بالمناسبة من أداء نخبة من الأطفال، كما أقيم على هامش المهرجان مرسم الطفل من وحي المناسبة.