التركمان بعد الانتخابات - حسين ابو سعود

[24-12-2005]
أنهت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مهمتها بنجاح في إجراء الانتخابات التشريعية في العراق ، وان وجود بعض الجوانب السلبية والتجاوزات يرجع الى طبيعة المجتمع العراقي الخارج من سبات طويل وليس الى المفوضية نفسها ، وهي جوانب تحدث في معظم الدول ، ويأمل الشعب ان تتقلص هذه الأمور الى درجة اكبر في الانتخابات القادمة، وفيما يخص النتائج فانها ظهرت بصورة جلية وان لم تعلن بشكل رسمي ، وكان طبيعيا ان يحظى الائتلاف العراقي الموحد ( القائمة 555) بثقة الشعب والحصول على اكبر عدد من الأصوات ، لأنها تمثل صوت العقل والحكمة والإخلاص وخط المرجعية الرشيدة ، وكان على الذين تخلفوا عن الركب المبارك هذه المرة أن يتعظوا بنتائج الانتخابات السابقة والحالية بعد أن تبين لهم بصورة واضحة لايقبل التشكيك التزام الشعب العراقي بخط المرجعية متمثلة بسماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني ، الذي بدأت ثمار حكمته تؤتي أكلها .
وفيما يخص الساحة التركمانية فقد عاب البعض التزام الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق بنهج المرجعية والسير في ركابها في الانتخابات السابقة وقد لوحظ ذلك في سيل من المقالات التي تم نشرها الى جانب العديد من التصريحات التي زخرت بها أجهزة الإعلام المختلفة فضلا عن الأحاديث الجانبية في المجالس الخاصة ، ولكن هذه التشويشات لم تثن القيادات الحكيمة للتركمان بالثبات على المبدأ والعمل مع الأكثرية المؤمنة ، اقصد الائتلاف العراقي الموحد ، فدخلت الانتخابات ضمن قائمتها فكان الفوز حليفها هذه المرة أيضا ، في حين ان الفصائل الأخرى تسببت في تشتيت الأصوات وإظهار التركمان على انهم فئة قليلة من خلال عدد الأصوات الهزيلة التي حصلوا عليها في الانتخابات الحالية ، وان التشكيك في نزاهة الانتخابات لن يأتي بنتيجة كبيرة مع احتمال وجود ما يعارض نزاهة الانتخابات في بعض المناطق.
ان المطالبة بإعادة الانتخابات لن تحقق شيئا على ارض الواقع، ولكننا إذا فرضنا جدلا بان المفوضية العليا ستعيد إجراء الانتخابات في العراق فالنتيجة لن تختلف بكثير ، بل يمكن ان يحصل أكثر من ذلك وتنضم الجماعات الصغيرة التي عرفت حجمها الحقيقي الى الائتلاف وعودة الكيانات التي خرجت من الائتلاف مرة أخرى مع إمكانية انضمام كتل أخرى تبحث عن مصالح آنية الى الائتلاف بعد ان اتضح لها قوة الائتلاف ومدى تغلغله في صفوف الشعب ، فماذا سيفعل المعترضون اليوم إذا فاز الائتلاف وبأصوات أكثر في انتخابات الغد ؟
وما نقوله هنا هي نصيحة لمن تخلف عن الركب سواء كانوا جماعات أو أفراد ان لا يصروا على البقاء في سفينة مثقوبة والوقوف الى صف الخاسرين ، فذلك ليس في صالحهم .
ان اتهام التركمان الشيعة بتشتيت الأصوات مردود جملة وتفصيلا والإصرار على ذلك سيكشف حجم التركمان السنة أمام حجم التركمان الشيعة بعد ان كان يشاع بان السنة يشكلون نصف عدد التركمان ، على اننا لسنا من دعاة الطائفية ، ولا نرغب في إثارة النعرات الطائفية الآن ، وما تحقق للإسلاميين التركمان من نصر مبين لم يأت اعتباطا بل جاء نتيجة حتمية لسهر الليالي والتضحيات الجسام التي بذلها قادة الحركات الإسلامية التركمانية مدعومين بالجماهير المؤمنة التي وقفت مع قيادتها تساندها وتدافع عنها بأغلى ما تملك .
ثم ماهي الانتخابات ؟ أليست هي المعيار لمعرفة حقيقة حجم الكيانات السياسية وحجم المرشحين المستقلين ومدى شعبيتهم ؟ فأين الروح الرياضية الواجب توفرها في المتنافسين عند ظهور النتائج؟ ، ثم ان اتهام الحكم بالانحياز ليس أمرا جديدا ، وعملية الطعن من قبل الخاسرين هي شنشنة غير مستغربة ، لان هؤلاء يصعب عليهم ان ينتظروا أربع سنوات حيث الانتخابات الجديدة .
انه من الضروري للكيانات التركمانية التي لم تحقق شيئا يذكر في هذه الانتخابات ان تتعظ وتستفيد من هذا الدرس وتعرف أمرا مهما وهو ان الائتلاف العراقي الموحد ليس حزبا بل هو مجموعة أحزاب التقت أهدافها لخدمة الوطن ، وان الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق رأى الدخول الى هذا الائتلاف كطرف فاعل ومؤثر انطلاقا من أهدافه المعلنة في خدمة التركمان خاصة والعراقيين عامة ، واننا اليوم لا نلوم من شتت الأصوات التركمانية لان مثل هذه الأخطاء محتملة الحدوث ولكن اللوم يتجه الى أولئك الذين أعلنوا الاستمرار على نهج تشتيت الأصوات ، ونحن نعلم بان الوقت الآن ليس وقت اللوم ، بل انه وقت العمل الحقيقي ، وستتاح الفرصة بشكل اكبر للاتحاد الاسلامي لتركمان العراق لخدمة عموم التركمان سنة وشيعة ، دون أي تفريق ، وان المسئولية ستتضاعف على التركمان بجميع فصائلهم في هذه المرحلة وبالأخص على أولئك الذين سيمثلون الشعب التركماني في البرلمان والحكومة ، من اجل تحقيق أهداف الشعب وطموحاته في الحياة الحرة الكريمة .
aabbcde@msn.com




------------------------------------------------------------------------------


الكتابات المنشورة تعبر عن رأي اصحابها
جميـــع حقــوق الطبـــع والنشــــر محفوظة لصوت العراق