أسامة مهدي من لندن : بدأ الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر يلقي بثقله الى جانب احتفاظ رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري بمنصبه في الحكومة المقبلة لقطع الطريق امام نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي للفوز بالمنصب في وقت اكد قادة القوائم الانتخابية الرافضة لنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة استمرار الازمة السياسية الناتجة عن الاتهامات والشكوك بتزوير النتائج بينما يبدأ الزعيمان الكرديان مسعود بارزاني وجلال طالباني اجتماعات في كردستان اليوم بمشاركة السفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زاد من المتوقع ان يحضرها ايضا زعيم قائمة الائتلاف العراقي الشيعي رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق عبد العزيز الحكيم .
وقالت مصادر عراقية تتابع التطورات السياسية في العراق الناتجة عن فوز الائتلاف العراقي الشيعي في الانتخابات وحصوله على 132 مقعدا من مقاعد البرلمان الجديد البالغة 275 ان الصدر بدأ يجاهر بدعمه للجعفري بالضد من عبد المهدي وقالت انه ينسق حاليا مع رئيس الوزراء وحزبه "الدعوة الاسلامية" للاحتفاظ بمنصبه واشارت الى ان انصار الصدر بدأوا يخرجون في مظاهرات في المدن التي للصدر نفوذ فيها هاتفين بشعارات مؤيدة للجعفري ورافعة لصوره وهي مظاهرات شهدتها مدينة الصدر في بغداد معقل الصدر بسكانها الذين يزيد عددهم على المليونين اضافة الى النجف والكوفة .
واكدت المصادر التي تحدثت معها "ايلاف" اليوم ان الصدر بدأ يوصل رسائل الى قادة الائتلاف العراقي الشيعي بدعمه للجعفري الذي كان اكد قبل ثلاثة ايام بانه سيمنح التيار الصدر دورا مهما في تشكيلة الحكومة المقبلة اذا استمر في رئاستها واوضحت ان الجعفري وعد الصدر الذي التقاه في مدينة النجف الاسبوع الماضي بمنح تياره منصب نائب رئيس الوزراء وعدد من الحقائب الوزارية . معروف ان للتيار الصدري وزارتان في الحكومة الحالية .
وعن اسباب دعم الصدر للجعفري اوضحت المصادر ان الزعيم الشيعي الشاب يرفض تولي مرشح للمجلس الاسلامي الاعلى لرئاسة الحكومة الجديدة انطلاقا من ادراكه بأن هذا المرشح سيكون عبد المهدي نظرا لمواقفه المعادية للتيار الصدري وخاصة خلال الازمة التي واجهها صيف عام 2004 ودفعه باتجاه ضرب انصار الصدر في النجف والكوفة اضافة الى مواقف اخرى داعية الى عزل الصدر واضعاف تياره . واضافت ان اختيار مرشح للائتلاف لتولي رئاسة الحكومة سيكون في حالة الخلاف على اختيار الجعفري او عبد المهدي هو اللجوء الى التصويت وفي هذه الحالة فان الفوز مؤكد للجعفري حيث تشير النتائج شبه النهائية للانتخابات بالنسبة للائتلاف حصول المجلس الاعلى على 33 مقعدا وحزب الدعوة الاسلامية بقيادة الجعفري على 30 مقعدا والتيار الصدري على 30 مقعدا اضافة الى الرساليون من مؤيدي الصدر على مقعدين مع اصوات اخرى توزعت على مجموعات صغيرة ومستقلين .. وقالت ان هذا التصويت فيما اذا تم فإن الجعفري سيفوز بفارق لا بأس به على عبد المهدي موضحة انه برغم تحالف التيار الصدري مع المجلس الاسلامي الاعلى في الانتخابات الاخيرة الى ان هناك خلافات وثارات كامنة بينهما مشيرة الى الصدامات الدموية التي وقعت بين الطرفين في اب (اغسطس) الماضي وكادت تتحول الى حرب معلنة لولا تدخل المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني . فقد نشب قتال بينهما تم خلاله تخريب مكاتب للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية ردا على احراق مكتب مقتدى الصدر في مدينة النجف الشيعية ومقتل ما لا يقل عن سبعة اشخاص . وقد اوقف جيش المهدي الميليشيا التي يتزعمها الصدر العمل المسلح في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2004 رسميا لكنه لا يزال مسلحا كفاية للتأثير على النظام العام اذا اراد. وتضع معارضة الصدر للوجود الاجنبي في العراق في مكانة مرموقة بين الاوساط الشيعية في وقت تدعو فيه الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة الى بقاء القوات الاجنبية حتى استقرار الوضع في البلاد اضافة الى تقربه من السنة الذي يمكنه من التوسط لنزع فتيلة الازمة السياسية الحالية والتوصل الى توافق باستمرار الجعفري بمنصبه .
أزمة نتائج الانتخابات العراقية
وفيما يتعلق بالازمة السياسية الناتجة عن رفض 35 كيانا سياسيا لنتائج الانتخابات الاخيرة فقد وصف زعيم قائمة الائتلاف الشيعي الفائز في الانتخابات رئيس المجلس الاعلى عبد العزيز الحكيم خلال اجتماع مع قادة المجلس ردود افعال بعض القوى السياسية ازاء نتائج الانتخابات بأنها غير معقولة وغير مسؤولة وكان ينبغي لها ان تسير باتجاه القنوات الدستورية المشخصة .
واكد الحكيم ان التجذر في المواقع المتقدمة التي حصل عليها الائتلاف العراقي الموحد هي من السمات البارزة للاداء السياسي مشدداً على ضرورة ادامة هذه التقدم والحفاظ عليه مشيراً الى ان هناك اجتماعات مكثفة قد حصلت لقوى الائتلاف مؤكداً انها ستشهد تكثيفاً خلال الايام القليلة المقبلة من اجل تحكيم مسيرته في اطار خدمة الشعب العراقي .
واشار مصدر في المجلس الى انه جرى خلال الاجتماع مناقشة وتقيم اخر الاوضاع السياسية التي تشهدها البلاد حيث قدم نائب رئيس الجمهورية والقيادي في المجلس عادل عبد المهدي تقييما للانتخابات ونتائجها الاولية فقال "انها كانت حاسمة في ترتيب اوضاع الكيانات السياسية والمكونات الاجتماعية وقد مثلت احصاءاً للوقائع المتحركة على الارض وربما كان هذا الحسم والتشخيص هو السبب المركزي وراء ردود الافعال المنطلقة من هنا وهناك لان ذلك سيؤكد استحقاقات تاريخية مستقبلية وطبعاً ان الانتخابات ونتائجها تعد خطوة كبيرة الى الامام ولذلك نتوقع المزيد من المواجهة والعراقيل كما شدد فخامته على ضرورة ايجاد مظلة سياسية من الائتلاف العراقي الموحد تكون قادرة على ايجاد حكومة قوية تضع على قائمة اولوياتها خدمة الشعب العراقي وتوفير سبل راحته" .
وعلى الصعيد نفسه انتهى الليلة الماضية اجتماع عقده الرئيس العراقي جلال طالباني مع اطراف سياسية عراقية في اطار مساعيه لاخراج البلاد من الازمة السياسية المفتوحة التي دخلتها اثر طعن كيانات سياسية في نتائج الانتخابات ورفض الائتلاف الشيعي الفائز اعادتها من دون التوصل الى نتائج حاسمة .
وفي مؤتمر صحافي عقب الاجتماع قال مهدي الحافظ وزير التخطيط السابق وعضو القائمة العراقية الوطنية التي تزعمها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي ان الازمة قائمة "ونحن ننتظر التحقيق ويجب الاعتراف بالمشاكل لا بطمسها". واضاف "اجتمعنا مع الرئيس طالباني وبحثنا المعضلات لدفع العملية السياسية الى الامام لغرض اعادة الطمأنينة الى العراقيين واتفقنا ان العراق للعراقيين من خلال التوافق والحوار" وقال " ندرس الشكاوى والتحقيق فيها ووعدنا الرئيس بذلك وسننتظر" موضحا انه تم الاتفاق على الشراكة ومبدأ التوازن ونبذ العنف وايجاد حل شفاف لكل الشكاوي والخروقات والطعون".
اما برهم صالح وزير التخطيط العراقي الحالي ممثل قائمة التحالف الكردستاني فقد اكد على ضرورة تشكيل حكومة توافق وطني مشددا على انه لا يمكن للشيعة والاكراد ان يحكموا العراق لوحدهما مضيفا "نرحب بأي مساعدة دولية عربية صادقة تساعدنا على اجتياز هذه المحنة" موضحا انه التقى الحكيم حرصا على حل كل المشاكل العالقة . واضاف ان "هناك ثقة بالعملية السياسية على الرغم من بروز مشاكل بحاجة الى اجوبة يجب عدم الاستهانة بها لكن ما دمنا نتحاور وهذا مكسب كبير والمكسب الاكبر هو الالتزام بالعملية السياسية" مشيرا الى ان هناك تواصلا مع الامم المتحدة لحل هذه المشكلة .
وقال اياد السامرائي من جبهة التوافق العراقية التي تضم ثلاثة احزاب سنية كبيرة "نحن مستعدون وحريصون على التهدئة" واضاف "لم نتحاور بروح طائفية" مؤكدا ان "هناك تفهما واسعا لموقفنا وتوصلنا الى وسائل مرضية لمعالجة الازمة السياسية".
اما طالباني فقال ان قائمة التحالف الكردستاني اصبحت الحكم والجامع للاطياف والقوى العراقية الاخرى . واضاف طالباني لدى وصوله الى السليمانية للمشاركة في مشاورات ستبدأ اليوم في اقليم كردستان مع حليفه في القائمة الكردستانية مسعود البرزاني بشأن الموقف من تشكيل الحكومة العراقية المقبلة انه يتوقع حضور الحكيم اجتماعا مع زعماء القائمة الكردستانية الذي سيحضره السفير الاميركي خليل زاد .
وتاتي هذه التصريحات في وقت اكد جواد المالكي الرجل الثاني في حزب الدعوة الذي يتزعمه الجعفري انه لا مجال لاعادة الانتخابات مشددا على ضرورة قبول النتائج والتسليم لارادة الشعب .