الزرقاوي يصل إلي لبنان
لا نعتقد ان البيان الذي نشر في موقع علي احد المواقع الاسلامية في الانترنت، وتبني فيه تنظم القاعدة في بلاد الرافدين مسؤولية اطلاق صواريخ من جنوب لبنان علي المستوطنات الاسرائيلية في الجليل سينزل بردا وسلاما علي قلوب الامريكيين والاسرائيليين والقوي اللبنانية الاخري، فربما يكون هذا الأمر هو التطور الأخطر في المنطقة ونحن علي ابواب العام الجديد.
فوصول تنظيم القاعدة الي لبنان يعني دخول هذا البلد مرحلة جديدة يمكن مقارنتها بمرحلة السبعينات، عندما اصبح منطلقا رئيسياً للهجمات علي الدولة العبرية، ونقطة جذب للتنظيمات المتطرفة من مختلف انحاء العالم. مع اختلاف جوهري وهو ان تنظيم القاعدة ينطلق من منطلقات اسلامية، ويعتبر اكثر انضباطا وتطرفا من التنظيمات اليسارية الماركسية والقومية التي سادت تلك الحقبة، اي حقبة السبعينات.
ويمكن قراءة هذا التطور بشكل اكثر دقة من خلال ايراد الملاحظات التالية:
اولاً: اطلاق تنظيم القاعدة صواريخ من جنوب لبنان لا يمكن ان يكون وليد الصدفة، او تصرفا عفويا، فلابد ان هناك ترتيبات داخلية جري اتخاذها علي مدي اشهر، وبمساعدة قوي اقليمية، وجماعات لبنانية او فلسطينية محلية.
ثانيا: توقيت اطلاق هذه الصواريخ جاء بعد خروج القوات السورية من لبنان، وهذا يعني ان هناك رسالة مهمة يراد ايصالها، مفادها ان وجود قوات سورية في لبنان منع وصول تنظيمات اسلامية متطرفة الي الجبهة الجنوبية، مثل تنظيم القاعدة.
ثالثا: طوال السنوات العشرين الماضية انحصرت المقاومة واطلاق الصواريخ علي الجليل في تنظيم حزب الله ومنعت المنظمات الفلسطينية من اطلاق رصاصة واحدة من هذه الجبهة، ووصول القاعدة يمكن ان يفسر علي ان هناك خطة ذكية لتجنيب حزب الله تبعات اي تصادم مع الدولة العبرية، وكذلك سورية ايضا الحليف الرئيسي للحزب.
رابعا: وصول تنظيم القاعدة الي لبنان سيقلب كل المعادلات السياسية فيه، لان هذا التنظيم لا يكن اي ود سواء للطائفة الشيعية او الطائفة المارونية، وقد يهادن الاولي مؤقتاً لاسباب سورية، ولكنه سيحارب الثانية وللاسباب نفسها المذكورة آنفاً.
خامسا: هناك حالة من الاحباط في اوساط بعض الجماعات الاسلامية السنية، فلسطينية او لبنانية، وسيعمل تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، اذا تأكد وصوله فعلا الي لبنان، علي استغلال حالة الاحباط هذه، ومحاولة تجنيد اكبر عدد ممكن من الشباب العاطل المحبط في صفوفه.
سادسا: بعد النكسة الكبري التي تعرض لها التنظيم في الاردن، وتفجيرات الفنادق فيه وهي التفجيرات التي اثارت موجة من السخط الشعبي، وقدمت للحكومة الاردنية فرصة ذهبية لتوظيفه، اي السخط الشعبي، ضد ابو مصعب الزرقاوي من خلال حملة اعلامية مكثفة ومدروسة، لا بد ان التنظيم وقائده يحاولان تقليص الاخطار، واستعادة الشعبية شبه المفقودة، او اكبر قدر منها، وذلك بالتركيز علي الدولة العبرية التي يعتبر الهجوم عليها موضع تأييد شبه اجماعي في العالمين العربي والاسلامي، خاصة في ظل صمت انظمة الجوار بل وتواطؤ معظمها مع هذه الدولة اليهودية، واقامة علاقات تحالفية وتنسيقات امنية معها.
ما نريد ان نقوله ان لبنان في العام الجديد مقبل علي مرحلة صعبة للغاية، عنوانها الفوضي الأمنية، واستقطاب جماعات متطرفة تريد فرد اجنحة تنظيم القاعدة والجماعات التي تتبني ايديولوجيته من العراق وحتي شواطئ البحر الابيض المتوسط. وقد يكون هذا هو اول خطوة علي طريق تطبيق خيار شمشون الذي تلوح به بعض الأجنحة في القيادة السورية.