 |
-
نديم الجابري بين مطرقة الخارج وسندان الداخل – محكمة المفاهيم 1
من جديد يبرهن العراقيون ( الداخل و الخارج ) على خيارهم الرافض للعنف و المتمسك بالانتقال السلمي و الهادئ للسلطة وها نحن من جديد ننتقل إلى الأمام بخطوة واثقة أخرى تجاه بر الأمان المتمثل في بداية نشوء الدولة الدستورية و التي تحتضن بين جنبيها كل المبادئ و القييم التي ضحى من اجلها العراقيون ( الداخل و الخارج ) بكل هذا العدد الهائل من الشهداء الذين رسموا بدمائهم الطاهرة هذه المساحة الكبيرة المكتشفة من المقابر الجماعية التي صورت للقاصي و الداني حجم و شراسة تلك المعركة التي فرضتها الجهة التي وقفت بالضد من تحقيق آمال و تطلعات الشعب العراقي والمتمثلة بحزب البعث و أفكاره الهدامة فلم تترك خيارا آخر أمام طلاب الحرية و الكرامة غير القتل أو الهجرة إلى ارض الله الواسعة وهكذا استقبل المهجر العراقيين فوجا بعد آخر وكل من هذه الموجات من العراقيين مرتبطة بحدث سياسي له علاقة وثيقة في مقارعة ذلك الفكر السائد في تلك المرحة ولعل أكثرها و أكبرها هو ما حدث عام 1991 بعد الانتفاضة الشعبانية والتي حاول نظام صدام – البعث تسويقها للعالم على أنها جاءت من خارج العراق و أنهم غرباء و لا علاقة لهم لا من قريب و لا من بعيد بالشعب العراقي .
و الحقيقة للوقوف على حقيقة هذا الشعار ( الخارج و الداخل ) الواضح في كل خطاب و حوار للأخ نديم الجابري يحتاج إلى مراجعة جملة من المفاهيم في ذهنية الأخ نديم الجابري و التي تشكل العامل الأساس في كل عملية تصور ما تحدث في حركة العقل تجاه تشخيص ما في العالم الخارجي فالمفاهيم هي منظومة تشبه و إلى حد كبير حروف الهجاء المستخدمة في أي لغة ومثال على ذلك لا يمكن مقارنة الحرف الأول في اللغة العربية ( أ) مع الحرف الأول في اللغة الإنجليزية (A ) رغم التشابه الكبير بينهما من حيث الابتداء في التسلسل الأبجدي والتقارب الصوتي الكبير بينهما و السبب الاختلاف واضح نتيجة الانتماء الذي ينتمي إليه كل حرف منهما إلى لغة ومدرسة أبجدية أخرى قد تتوحد في الأدوات و تراكيب لكن في نهاية المطاف عندما تشكل هذه الحروف الهلامية البسيط كل هذه الموسعات الكبيرة من الاختلافات في الثقافة و التقاليد و الأعراف و تنسحب أيضا على الكثير من التعريفات السياسية و برامجها .
فعندما اسمع السيد نديم الجابري وهو يتحدث حول مسألة من اغرب الغرائب وهي في اعتقادي من الكبائر في قاموس المواطنة و هو يريد التوصل إلى إن عراقيي الداخل فقط لا غير لهم الحق في التعاطي بالشأن العراقي الداخلي وهكذا يبني بعض المفاهيم المغلوطة حول حق المواطنة وغيرها مما يثير الكثير من الشك و القلق حول ما يطرحه هذا الرجل السياسي الأكاديمي الذي مارس مهنة التدريس في مادة الفكر السياسي و لسنين طوال في جامعات بغداد التي كانت تعاني من العتمة في الفكر نتيجة عملية الـ ( تحزيب ) الإجباري لكل الكادر ألتدريسي و اختيار الطلبة ناهيك عن المنهج و لا داعي للشواهد فلا وقت يكفي لعدها .
عودة إلى مفهوم ( الخارج و الداخل ) الأصول و الجذور كثيرا ما يرتبط هذا المصطلح بنظرية المؤامرة السيئة الصيت و التي ارتبط بها الكثير من أحكام الإعدام وليس هناك من إمكانية لحصر عدد الشهداء الذين قتلهم هذا المفهوم بل لا يمكن حصر عدد المقابر الجماعة إلى اليوم . كما وتجد الإشارة إلى إن هذه المصطلح فضفاض و يتسع للكثير من الإجراءات التي رحلت عبرها الكثير من العراقيين و بحجج لا منتهي حتى بلغ رقعة انتشار العراقيين في العالم و وفضح هذا النظام الدكتاتوري العنصري في كل بقاع العالم ولعلك درك أن سبب الحصار الذي تلوح به و تستبطنه الكثير من العبارات التي تتشدق بها كان صدام وزبانيته المجرمة هذه المسبب الرئيسي عليك و على كل عراقيي الداخل و ليس عراقيي الخارج فهي اتهام ليس في محلة أطلاقا فلا تحاول صناعة أدوات للإقصاء من هذا المفهوم البالي و البائد من تلك المرحلة . وقد يكون ليس من السهل على من درس مفاهيم سياسية معينه فرضت على مدرس جامعي مثلك بالقوة أن يتخلص منها نعم رغم وجود النية الصادقة و الإرادة الحقيقية فأنت مازلت تحتاج إلى فترة نقاه كما يعبر عنها الأطباء فكن صبورا و متعاونا مع طبيبك وترك للأطباء حرية المعالجة مع علمنا بصواب تشخيصهم و دقت وصفاتهم. و دع عنك عناء الترشيح لمنصب رئيس الوزراء وانشغل بمراجعة بعض المفاهيم و تصحيحها قبل ان تقع في فج المطرقة و السندان .
منبع الطيب
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |