الديمقراطية وفوضى التفلسف بالمعنى

مسكينة هي الديمقراطية استنبطتها الشعوب الغربية من أصولها الشرقية، بعد أن خذلها الدين المسيحي وباتت هذه الشعوب لاتمتلك من القانون ما يحمي حقوقها، إلا عقول مثقفيها وكتابها ومفكريها العلمانيين ، فانبرى هؤلاء جميعا بعد الثورة الصناعية ليضعوا لشعوبهم قانونا للحكم، يلم شملهم بعد دكتاتورية الكنيسة التي صنفتهم طبقتين، نبلاء متخمون، وعوام محرومون، وفي الوقت نفسه صاغوها وفق أسس مصالح شعوبهم ليطوروا حياتهم من خلال تنمية ثورتهم الصناعية، ويستغلوا شعوب العالم الثالث بأنواع من الأستعمار، والأستحمار أحيانا، لنهب ثرواتها ليضعوا فاصلا قويا غير مرئي، مغلف بشعارات انسانية بدأت تفرض نفسها شيئا فشيئا حتى أخذ الشرق يتفهمها بشكلها الآخر، ليستنبط لها مفهوما من عقائده المرتبط بها تأريخيا وتراثيا، فتعددت الصور والمعاني لها، وفق مصالح الأحزاب والقوميات، والعوائل الحاكمة، اضطرارا في بعض الأحيان، واعتزازا بفكرهم أحيانا أخرى.

اليوم دخلت الديمقراطية الى العراق بقوة احتلال القوى الكبرى ، دخلت كطوق نجاة للبعض الذين أجادوا اللعب على حبالها، ومنجل لاجتثاث الآخر ، لكن الكل تغنوا بها بعد أن تأكدوا حاجة الأحتلال لها، وأن هذه الحاجة تأخذ لونين من الممارسة ، الأولى ظاهرة جلية، وبآليات ومعايير دولية ، والأخرى غائمة خفية، وباساليب شيطانية، مستعملين لها رموزا تسمى وطنية ، لأخفاء رموزا وطنية ترفض الوصاية الدولية وان كانت خفية.

الأولى شعارها الوطني يقول: نحرق الشعب ليضئ لنا طريق الأستفراد بالسلطة، لتحقيق أهداف قومية انفصالية في أغلب الأحيان، ووطنية عراقية ليس فيها لون ولا طعم ولارائحة، ركيزتها قوى الأحتلال وعمّاله في بعض الدول العربية.
والثانية، رفعت شعارا وطنيا حقيقيا تقول فيه: لنكن شمعة تحترق لتنير الدروب للمحرومين، والأجيال القادمة ، ركيزتها قواعدها الشعبية، وتأريخها المضمخ بدماء الشهداء الزكية، وطنيون معروفون بل من هم أسسوا للوطنية العراقية، وفق معرفة عراقية مائة بالمائة، نابعة من تراث فكري ثر، وتأريخ مضئ استفاد منه الغرب في حقبات تأريخية معروفة للشعب العراقي وللعالم، ليس لها فكرا مستوردا، ولا مالا داعما ، ولا تأريخا ملوثا سواء مع النظام المقبور ، أو مع قوى الأحتلال ، أو مع دول الجوار الدنيئة والطائفية، وهذه الحقيقة أفرزتها لنا فترة حكم الطغاة الذين صنعهم الأحتلال نفسه خلال فترات حروبه الباردة تارة، والساخنة المحرقة لشعوب العالم الثالث تارة أخرى، فظهرت الفئة الأولى بسبب تداعيات طبيعية لسياسات أجبرت القوى الكبرى لصناعتهم، ودعمهم، وفرضهم علينا، وخرجت منها حثالات تمثل الفئة الأولى، وقوى وطنية وقفت بثبات، بوجهها ووجه من ساعدها على ظلم الشعب، وسلب خيارات الوطن، فجاءت قوى وطنية طبيعية ولدت من رحم الشعب والتصقت مصالحها بمصالحه.

أخذت هذه النماذج الوطنية المتباينة بالمصداقية والتأريخ والنضال، أنماطا من الفلسفة ، بعضها يفلسف معنى الديمقراطية ، مرة وفق مصالحها القومية المشتركة مع المحتل، ومرة مع مصالحها الشخصية المشتركة مع المحتل، وأخرى تفلسفها كما عرفها الغرب لكن بمعايير وطنية عراقية ووفق مصلحة الوطن كله والشعب كله.

ولنأخذ من هذه الفئات نماذجا نستشرف من خلالها مستقبل العراق، وأول نموذج هو السيد الرئيس الطالباني حفظه الله ورعاه، والرئيس شخصية علمانية يؤمن بنظرية الغاية تبرر الوسيلة، فهو ميكافيلي وان كان بدرجة اقل من الطاغية هدام، وأقرب الى قوى الأحتلال، وهذا ما لمسناه من خلال نضاله المرير ضد الطغم الحاكمة التي توالت على حكم العراق، باستثناء حكم الزعيم قاسم رحمه الله، حيث أن هذا الرجل لايزايد عليه وطنيا بل تجلت الوطنية بحكمه بأروع أشكالها، فالسيد الرئيس الطالباني، صالح صدام أكثر من مرة، بل وتعمد الزنيم إهانته عندما زاره السيد الطالباني والسيد رئيس اقليم كوردستان الحالي، فرفع صدام قامته الى الأعلى ولم يطأطأ رأسه لتقبيلهم، ما أجبر الرئيس الطالباني وزميله من رفع القدمين والوقوف على رؤوس الأصابع لكي يصلا الى وجه الزنيم لتقبيله.

شخصية الرئيس حفظه الله ورعاه ديكتاتورية بكل ما للمعنى من كلمة، رغم أن الآخرين يضفون عليه صفة السياسي المخضرم، والمحنك ، والخبير إلا أن طول الفترة العمرية لأي سياسي قد لاتعطيه شيئا من الخبرة العملية، حيث أن صدام حكم العراق حكما غير مباشر، وحكما فعليا أكثر من ثلاثة عقود وهو ينتقل من خيبة الى أخرى، ونتيجته اليوم معروفة للجميع.
وقد لايستطيع السيد الرئيس، من تغيير نفسيته التي بنيت على أساس ترسخ لديه، اذاعرفنا بأن خلفيته ماركسية وممارسته مع مكتبه السياسي دكتاتورية، بل هي اقرب لتعامل صدام مع رفاقه، حيث لم يستطع شخصا من المكتب السياسي أن يرد على السيد الرئيس الطالباني أو يحاوره ، بل العادة جرت أن يستمع الجميع لما يقول الزعيم، عندها سيثبت لنا ديكتاتورية نظريته في الحكم المتمثلة بدكتاتورية البلوريتاريا، وشاهدنا البلوريتاريا كيف تجلت بدكتاتورية رعناء مشى عليها الكثيرون من قيادات البلوريتاريا، مثلا في فترة حكم استالين، وبريجنيف، وشاوسسكو ، وتيتو، وكاسترو ، وجميع هؤلاء (الربع)

فالسيد الرئيس حفظه الله ورعاه ، أسلوبه في الحوار وفي لقاءاته الصحفية مزدوج، وهو مزج الجد بالهزل، لكي يتبرأ مما قاله بالأمس هزلا ليصححه اليوم جدا، وأحيانا يحاول التلاعب بالألفاظ لتبرير باطل يحوله حق، فمثلا يقول لجريدة الصباح (( واضاف في حوار اجرته معه”الصباح “ ان احترام الاستحقاق الانتخابي واجب لانه يعبر عن ارادة الشعب،مشيرا الى ان الجهود متواصلة مع جميع الاطراف للتوصل الى تشكيل الحكومة الوطنية المنشودة)) وهذا ما يتطابق به رأي الأئتلاف الذي ليس فيه حق لأحد، هو الأنفراد بالقرار وهذا شئ طبيعي لكل تكتل من مجموعة أحزاب غير متجانسة باسلوب العمل ، وتتباين في الرؤى والتجرية ، لكننا نرى الرئيس يخالف القاعدة اليوم وبصحيفة الصباح ليقول ردا على سؤال الصحيفة ((من الواضح ان الكتلة الاكبر هي التي تشكل مجلس الوزراء لكن للاكراد دورا في طريقة التعامل مع رئيس الوزراء المقبل وبالتاكيد هنالك مواصفات يجب ان تتوفر في هذا المرشح،ما تصورك عن هذه المواصفات؟)) ولو أن السؤال جاء استفزازيا من قبل الصحيفة، كون رئيس تحريرها متحسسا من السيد الجعفري لأسباب لسنا بصددها الآن، لكن الرد من السيد الرئيس حفظه الله ورعاه جاء مخالفا لما قاله بالأمس فقال(( -من يشكل مجلس الوزراء هو الائتلاف الذي يمثل الكتلة الاكبر،لكن من يكلفه هو رئيس الجمهورية )) إلا أن الأمر للأسف، لم يكن هكذا حيث لايستطيع رئيس الجمهورية تكليف رئيس الوزراء وفق حق أكتسبه من الدستور، بل حق جاء تحصيل حاصل لتحالف تم بموجبه تحديد رئيس الجمهورية الذي سيكلف اتوماتيكيا رئيسا للوزراء الذي سيكلفه الأئتلاف، ولايحق لرئيس الجمهورية مخالفة ذلك أبدا، والرئيس حفظه الله أراد التلاعب بالألفاظ ليظهر لنفسه حقا لم يمنحه له الدستور ولا وفق التحالف المشكل أصلا بين الكتل. ولكن نرى الرئيس حفظه الله ورعاه (( يعتقد بان المرشح من قبل الائتلاف في حال عدم قبوله من التحالف الكردستاني سيفرض الائتلاف هذا المرشح بل لا بد من مراعاة رأي وموقف التحالف ان هذه المرحلة مهمة وبعبارة اخرى انها مرحلة بناء العراق)) ألم تقرأ يا سيادة الرئيس أن(( نص الدستور العراقي في المادة 73على تكليف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء)) (( وهذا الكلام هو الآخر الذي يفقد الرئيس مصداقيته في كل مرحلة يتكلم فيها وأحيانا كلام الليل يمحيه كلام النهار التالي، وواضح أن السيد الرئيس يؤكد هنا على الحق القومي غير المبرر حاليا والذي أسماه المرحلة مهمة وبعبارة اخرى انها مرحلة بناء العراق وهي بالحقيقة حل مشكلة كركوك وبالطريقة التي يراها الأكراد مناسبة لهم. لقد تجاوز السيد الرئيس اللياقة عندما اعتقد بان المرشح من قبل الائتلاف في حال عدم قبوله من التحالف الكردستاني سيفرض الائتلاف هذا المرشح بل لا بد من مراعاة رأي وموقف التحالف) وهنا خالف السيد الرئيس الأستحقاق الأنتخابي الذي أكده بالأمس ، حيث الأستحقاق الأنتخابي لايعطي حق التحالف الكوردستاني برفض من سيرشحه الأئتلاف لأن هذا الحق للأئتلاف وحده، وهو الكتلة الأكبر فضلا من أن هناك كتل أخرى يستطيع الأئتلاف التحالف معها لتحقيق الثلثين، إلا اذا كان هناك تواطئ من قبل بعض قوى الأئتلاف مع السيد الرئيس نفسه على طريقة مساومة رئاسة الوزراء مقابل اطلاق يد الأكراد في كركوك، وهذا ما لم يستطع أحد في الأئتلاف القيام به إلا وسقط جماهيريا في وسطه، الذي وضع اسس لمثل هذه الحالات تتدخل فيها عدة أطراف في الأئتلاف.

ويعود السيد الرئيس ليناقض نفسه مرة أخرى ليقول ((-نحن نحترم المرشحين الثلاثة كما نحترم رأي قائمة الائتلاف ولذلك سوف لن نرفض اي مرشح من هؤلاء،اما فيما يخص العلاقات الصميمية فالدكتور عادل عبد المهدي هو الاقرب لهذا المنصب.)) هنا ينكشف السر الذي حاول إخفائه بميلهم الى الدكتور عادل عبد المهدي ليس لمصلحة الوطن، بل لما للأخير علاقة غير طبيعية مع الأخوة الكورد يستهجنها الكثير من قوى الأئتلاف مما لايسمح له بالترشح الى المنصب اذا تأكد لدينا القوى المؤيدة للسيد الجعفري داخل كتلة الأئتلاف ، وهذا يمكن اعتباره تشويشا، أو محاولة عرقلة ترشيح السيد الجعفري، تلك الشخصية التي دخلت قلوب كل العراقيين ما زاد في اصوات قائمة الأئتلاف.

لنعود الى مسألة كركوك التي خلق السيد الرئيس بسببها مشكلة له مع الدكتور الجعفري فراح يصرخ اعلاميا مطالبا الجعفري بالأستقالة، بحجة تفرده بالحكم والرجل كان يعمل باستحقاقه ووفق قانون ادارة الدولة، بل حيكت مؤامرة لأسقاطه للأسف، رغم أن السيد الرئيس يعرف تماما قوة شخصية الجعفري ونزاهته التي يتحصن بها ضد اي باطل، لكنه يؤكد اليوم لنا السيد الرئيس ما أكده له السيد الجعفري بالأمس عندما أحترم كبر سنه ومصلحة الوطن، ورفض المهاترة معه اعلاميا فيقول السيد الرئيس حفظه الله ورعاه اليوم ما قاله له بالأمس السيد الجعفري وهو (( تحتاج مشكلة كركوك الآن الى دقة وترو وحل بصورة صحيحة وديمقراطية من خلال تطبيع الاوضاع اولاً وارجاع العوائل الكوردية والتركمانية التي تم تهجيرها وكذلك بالنسبة للعرب الذين توافدوا الى هذه المدينة يجب أن يعودوا من حيث جاؤوا ومن ثم وضع الحلول الكفيلة بارضاء جميع الاطراف وتكون المدينة للجميع والحكم فيها للجميع وثرواتها توزع بين الجميع، ولايمكن قبول التغيير الديموغرافي فيها او اجبار الناس على تغيير قوميتهم. يجب ان تسود روح التآخي تدريجياً)) إذن أين الحق وأين الحقيقة يا سيادة الرئيس، بل أين مصلحة الوطن التي ينادي بها الجميع و كلّ يزيح النار الى قرصه.
أما الأستحقاق الأنتخابي بادارة الدولة فيخلط السيد الرئيس المفاهيم ليخرج بحق لايستحقه دستوريا فيقول ((-انا اشترطت شرطين لقبولي بهذا الترشيح الاول هو ترشيح التحالف الكردستاني الذي تحقق فعلا،اما الشرط الاخر فهو ان يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحيات اكثر باعتباره جزءاً من السلطة التنفيذية وهذا لا يتطلب اجراء تعديل في الدستور تعديل الدستور يا سيادة الرئيس أكثر شرعية من عقد اتفاق مخالف له انما يتطلب قبول مبدأ مشاركة الاطراف الفاعلة في الحكم بحيث يشمل الوزراء ورئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية على حد سواء، وقبول مبدأ المشاركة يا سيادة الرئيس لاتعني زيادة صلاحيات الأطراف المشاركة انما المشاركة يجب أن تتم وفق الأستحقاق الأنتخابي، وما اقره الدستور لكل طرف ويجب مشاركة رئيس الجمهورية باتخاذ القرار اسوة بالاطراف المشاركة في الحكومة والذي يتطلب اتفاقا على ميثاق مشترك كما حدث في من خلال التوقيع على وثيقة بين الاتحاد الكردستاني والائتلاف الماضي سوف لن تستطيعون عقد مثل هذا الميثاق كما قلنا فهناك أكثر من طرف يمكن للأئتلاف التحالف معها لتشكيل الثلثين ولا يتطلب تعديلا في الدستور خاصة في المرحلة الراهنة.)) فماعلاقة شرط التحالف بشرط أن يتنازل لكم الأئتلاف بالصلاحيات، وهو حق حصل عليه انتخابيا ، فالأستحقاق الأنتخابي الذي تلهج به ليل نهار يا سيادة الرئيس لايمكن في الأعراف الديمقراطية فضلا عن أن دستورنا الذي لايذكر لنا وجود رئيسا للجمهورية، أن يتم اتفاق حول ادارة الدولة بعيدا عن مواد الدستور، انما هناك مجلس رئاسي من ثلاث أعضاء يتمتع كل عضو بصلاحية واحدة وهو حق الفيتو على قرارات البرلمان ومجلس الوزراء، مع تمثيل فخري لرئيس المجلس فكيف يصح أن يتنازل لكم رئيس الوزراء عن حق منحه اياه الدستور.
الأستحقاق الأنتخابي يا سيادة الرئيس هو التمتع بالصلاحيات التي يمنحها الدستور لكل عضو من أعضاء الحكومة التي عددت أنت محاورها، وبذلك يكون رأس السلطة يدير ويباشر عمل كل طرف من أركانها، ووفق ما نص عليه الدستور فهل تتزوج المرأة برجلين، فأثم السلطة برأسين، كزوجة تزوجت رجلين عندها ستضيع الأمور بتعدد الأوامر، وتتضارب بتعدد المصالح ويكون المتج غير شرعي، وبدل أن تكون هناك مصلحة واحدة هي مصلحة الوطن والشعب كل الشعب، فضلا من زيادة استحقاق الأكراد بحيث سيحصل المواطن الكوردي أكثر من استحقاق المواطنة فالى جانب حقه باستقلالية الأقليم سيكون له وزراء في الحكومة المركزية وادارة شؤون العراق، ألا ترى يا سيادة الرئيس انها لقسمة ضيزى، أو ضغوطا لأبعاد السيد الجعفري الذي لاتأخذه بالحق لومة لائم، لينتهي الأمر بالمساومات الحزبية الضيقة وبالتالي مضيعة لحق المواطن العراقي على اختلاف عقائدهم وقومياتهم وأديانهم اذا عرفنا أن للتركمان نصيب متقارب مع الأكراد فيما لو جرت الأنتخابات نزيهة في مناطقكم .
أما الأطراف الآخرى فلها فلسفتها المضحكة فمثلا يقول الأستاذ مفيد الجزائري في الصباح نفسها (( ويرى مفيد الجزائري مرشح القائمة العراقية ان هناك وجهتين للنظرفي تشكيل الحكومة المقبلة الاولى حكومة الاستحقاق الانتخابي التي ستطبق نص الدستور اي ان الكتلة التي لها الاغلبية ستضطلع بهذه المهمة فيما تنعت المقاعد الباقية في البرلمان بالمعارضة. والثانية دراسة الظروف الحالية التي ألمت بالعراق والمصاعب التي تواجهه وحاجته الملحة للبناء والاعمار عن طريق جمع الطاقات من مختلف القوى والتركيبات السياسية والاجتماعية المشاركة في البرلمان، وهذا يطلق عليه حكومة وحدة وطنية)) بينما الأرجح أن تسمى بالوطنية من انتخبها الشعب وهي تمتلك ما لم يمتلكها الآخرون مجتمعين، من الكفائة والنزاهة والتكنوقراط ، ورغم هذا فهي لها رؤيتها الوطنية الصادقة .
وراي آخر أسمته الصباح بالغامض يقول (( وتنظر فائزة بابا خان العضو البارز في التحالف الكردستاني الى الكتلة النيابية الأكثر عددا بانها يجب ان تحظى بتأييد القوائم الاخرى لتشكيل الحكومة... وقالت رغم ان الاستحقاق الانتخابي يعطي الحق دستوريا للكتلة بتسمية رئيس الحكومة الا ان ذلك يستلزم حوارات ونقاشات مع جميع القوائم الفائزة في البرلمان وقد يتطلب ذلك تشكيل كتلة عريضة واحدة) والسيدة بابان تحمل فكر قومي متطرف، كما تابعنا تداخلاتها من خلال الجمعية المنقضية مدتها، فهي حتى قرائتها، وفق النظرة القومية التي تتمع بها وأقرب الى تصريحات السيد الرئيس . لكن السيدة بابان تؤكد لنا قرائتها التي جاءت وفق معيار مصلحة اقليم كوردستان فتقول الصباح (( واكدت بابا خان ان اهداف القوائم السياسية واضحة للجميع فضلا عن وجود تجارب عملية تعطي الحق لهذه القائمة او تلك بتقديم تنازلات او حصولها على ضمانات للدخول في كتلة معينة قبل اعلان النتائج النهائية،)) ولا أدري أي تنازلات والسيد الرئيس يسعى الى تنازلات من رئيس الوزراء لكي تتم المشاركة وفق الأستحقاق الأنتخابي كما يذكر لكن المؤلم تخرج لنا السيدة بابان بنتيجة ديمقراطية لم نسمع عنها من قبل فتقول ((وجود حوارات معمقة بين قائمة التحالف الكردستاني وقائمة الائتلاف العراقي الموحد قبل الانتخابات وقبل اعلان النتائج الاولية واستمرت حتى الان ولغاية اعلان النتائج النهائية والتي تمخضت على رسم الملامح الأولية لشكل الحكومة المقبلة. )) مرة أخرى تؤكد لنا السيدة بابان وجود المساومة عندما تقول جرت حوارات معمقة مع الأئتلاف ، وهم لم يجرون أي معقمة، إلا تلك التي جرت مع السيد الحكيم وطبلت لها الفرات بانها تمثل الأئتلاف، وكل من في الأئتلاف عدى الفضيلة نفى أن يكون قد أجرى حوارات سوى تلك التي كشف فيه السيد الجعفري مشكلة كركوك وأضطرهم الى الأعتراف على لسان السيد الرئيس بأن الخلافات ( ذهبت مع الريح ) ولا ندري كيف عادت والريح بعد لن تهب.
ومفهوم آخر للديمقراطية أسمته الصباح بالجديد يقول: ((وترى الطبيبة زينب الخبلاني ان تشمل الكتلة النيابية الأكثر عددا، مجموعة القوائم التي ستشكل الحكومة فيما تبقى الكتلة الاخرى بجانب المراقبة وتدقيق عمل الحكومة وطرح حاجات وتطلعات الشعب مع التنبيه للاخطاء التي قد تمارسها الحكومة. واوضحت ان مفهوم كتلة المعارضة البرلمانية، جديد على العراق)) وهذا ما سمعناه من أعضاء (مرام ) سيئة الصيت والسمعة، وبالخصوص قائمة العراقية. انها فعلا ديمقراطية المفلسين فلو قدر لهم أن فازوا بما فاز به الأئتلاف لأعادوا لنا كل الرفاق لحكم العراق مرة ثالثة ليقضي على ما تبقى منه حيا.
كل هذه الأمور التي تجري في العراق نستطيع أن نلخصها بما يلي:
أن هناك كتل خرجت من تحت ركام الأضطهاد والمنافي وعادت مع عودة الوطن لأهله، وهناك كتل منها ما كان مماهيها للنظام أو مغازلا له، خسرت قواعدها التي كانت تحتكرها بالقوة والأضطهاد، وعادت لتتحالف مع من أسقطها واتخذ منها ورقة ضغط على الكتل الوطنية، وهذا ما يطابق رأي حسن العلوي فالرجل أدرى بحقيقة البعث والبعثيين.
حسن العلوي سمعته وهو يقول من على المستقلة ردا على سؤال وجهه له محمد الهاشمي حول اجتثاث البعث قائلا:
ان اجتثاث البعث ان لم يقبلوا به السنة اليوم فسيستعملوه غدا ، لماذا ؟ يقول : لأن مجموعة من البعثيين من هم كانوا مع النظام داخل الوطن ، أو في السلك الدبلوماسي هؤلاء خانوا حزبهم ورئيسهم المخلوع، وسلموا لقوى الأحتلال كل ما أرادوه قبل الهجوم، واليوم يعملون مع الحكومة ومع المحتل ، قوات الأحتلال تريد فرضهم في الحكومة وان تمكنوا من ذلك سيرفدون كل الذين يهرجون اليوم باسمهم وسيكونون مشاركين حقيقيين مع من يحصل على الأغلبية ويعزل السنة بكل أطيافهم ، ويقول العلوي: لكن باعتقادي سوف لن ينجح الأحتلال بذلك وعلى السنة أن ينزلوا بقوة في العملية السياسية ويطهروا الدولة من عملاء الأحتلال، وهذه هي حقيقة ما يجري في العراق ومنطلقات مرام والآخرين الخاسرين، فهل يرعوي السنة ويسمعوا كلام العلوي؟ وهل يزداد شعبنا الأبي وعيا لقراءة ما يدور اليوم؟ وماهو سيحصل في المستقبل القريب، وبالتالي سيضاف الى انجازات الشعب ؟.

زهير الزبيدي