حزب الفضيلة.....رجال دين أم غرماء سياسيون

كتابات - عبدالحميد الجابري



سجل الشيخ اليعقبوبي سابقة لم يسبق لها مثيل في تأريخ المراجع الشيعة في العراق. فهو أول مرجع شيعي يؤسس ويتبنى حزب سياسي ينافس الشيعة أنفسهم على السلطة. ربما يقال أن الشيخ اليعقوبي هو ليس أول مرجع يتبنى حزب سياسي، فقد سبقه الشهيد محمد باقر الصدر في تبني حزب الدعوة. نعم، ولكن الشهيد الصدر لم ينشىء حزب الدعوة لمنافسة ومقارعة أخوانه الشيعة، بل أنشأه لمقارعة الطغاة والظالمين.

كيف يمكن أتباع مرجع والأخذ بفتاواه، وحزبه يقارع الأحزاب الشيعية الأخرى للأستيلاء على هذا المقعد أو ذاك؟،وبماذا سيفتي أذا لم تسير الأمور لصالح حزبه؟؟.

يخرج علينا نديم الجابري، الذي لم نسمع بأسمه ألاّ بعد سقوط الطاغية( ترى ماذا كان يفعل قبل سقوط الطاغية؟، هل كان له ولو القليل من العمل النضالي أو الجهادي؟ وكيف يصبح رجل لايبالي به أحد من قبل وغير معروف بأي نشاط استثنائي قبل سقوط الطاغية، يصبح في ليلة وضحاها رجل الدولة الذي ينافس على مقعد رئيس الوزراء؟! هل هو عراق اليوم الذي يمكن أن يصح فيه كل شيء؟)، ومن هو حزب الفضيلة هذا على أية حال؟ أين كان في زمن صدام؟ ماهو تأريخه النضالي أو الجهادي؟ هل سبق أن سجن أحد أعضائه في سجون صدام؟، هل أعدم أحد أعضائه بتهمة الأنتماء الى حزب الفضيلة؟ وأين كان هذا الحزب الذي يدعي اصحابه امتداده في القاعدة الشعبية، أين كان في أنتفاضة 91؟...

على كل حال، خرج علينا نديم الجابري ليعلن : أن رئاسة الوزراء لابد وأن تكون من نصيب رجل من الداخل، رجل بقي داخل العراق ولم يخرج الى الخارج في زمن صدام، لأنه وحسب تعبير نديم الجابري، أن العراقيين الذين كانوا خارج العراق لازالوا يعيشون بعقلية المعارضة ولايستطيعون التفكير بعقلية الدولة!

بعبارة أخرى، يقول الجابري: أن رئيس الوزراء يجب أن يكون أما راض وغير معارض لحكم الطاغية المخلوع بحيث لم يجرؤ على التفوه ببنت شفة ضد الطاغية، أدت الى اضطراره الى الخروج من العراق حفاظا على حياته وحياة أهله، أو يكون من أولئك الذين رضوا بالهوان والتزموا الصمت الطويل ومحاباة السلطة فلم تضطرهم مضايقات السلطة الى الخروج أو الهروب.

ألم يقرأ نديم الجابري قوله تعالى( أن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، قالوا فيم كنتم، قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا، الاّ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم، وكان الله عفوا غفورا). ليت شعري من أي هؤلاء الدكتور نديم الجابري، هل كان من المستضعفين من الرجال؟.

كيف قلب الدكتور نديم الجابري، مقارعة الطغاة والهجرة في سبيل الله التي أمر بها والعمل المعارض في الخارج لأزالة الطاغية، من أوسمة فخر وفضائل الى ثلمة أو عيب في مسيرة منافسيه؟ وهل الرضا والسكوت والبقاء في داخل العراق وتجرع مرارات النظام المخلوع بلامقاومة وبلا اعتراض، هو السلوك المناسب الذي لابد من وجوده في سيرة حياة رئيس الوزراء الجديد؟. ومن هم هؤلاء(العراقيون جدا) الذين أضطروا الى ترك وطنهم وأهليهم وقراهم والهجرة الى أرض الله الواسعة؟، أليس هم أولئك المناضلون من الأحزاب الأسلامية وغير الأسلامية الذين أنفقوا سنينا من عمرهم في غياهب السجون والتعذيب، وهربوا في أول فرصة سنحت لهم تخلصا من الأعدام، أو أولئك الذين أعدم صدام ذويهم، وهربوا بماتبقى من أسرهم، أو أولئك(وهم الغالبية العظمى) من أبطال الأنتفاضة الشعبانية العظيمة التي لم يشترك فيها لاحزب الفضيلة ولانديم الجابري، لأنه لو قد أشترك فيها لكان من الذين هاجروا...



لكن الوضع المرتبك العام وللأسف، والنقص في ادراك ووعي المبادىء الديمقراطية والأنسانية الجديدة، يجعل من الممكن في عراق العجائب اليوم، أن يتحول شخص غير معروف مطلقا، الى منافس على مقعد رئيس الوزراء في ليلة وضحاها، ويجعل النضال ضد الطغاة والهجرة في سبيل الله عيب ونقص يعاب عليهما.

قد يحصل الجابري على مساندة الأخوة الأعداء في قائمة التوافق الأرهابية، ولكنه بلا شك سيخسر أخوته الحقيقيون، ومن ورائه شيخه وحزبه.