هل هو تقرير لتحسين صورة الوحوش الطائفية السنية المسعورة أم هي حقيقة؟
شباب انفصلوا عن دعم «المجموعات المسلحة» ينتظرون عفواً حكومياً أو «معجزة» ... «أم زمن» تخشى على ابنها من الانتقام أو اغتيالات «فرق الموت»!
بغداد الحياة - 02/02/06//
شباب انفصلوا عن دعم «المجموعات المسلحة» ينتظرون عفواً حكومياً أو «معجزة» ... «أم زمن» تخشى على ابنها من الانتقام أو اغتيالات «فرق الموت»!
بغداد الحياة - 02/02/06//
«عفو حكومي او معجزة إلهية تمحو تاريخهم». هذا ما باتت تتمناه مجموعة كبيرة الشباب العراقي ممن اندفعوا، خلف شعارات باسم الدين تارة والوطن والهوية تارة أخرى، للانخراط في دعم مجموعات مسلحة متشددة من دون التورط بالمشاركة في عمليات تلك المجوعات.
تقول ام زمن، التي تورط ابنها بالعمل مع احدى الجماعات المسلحة، لـ «الحياة» ان «حياة ابني تتأرجح بين خيارين لا ثالث لهما... رصاصة غادرة من «فرق الموت» تنهي حياته او وشاية صديق قديم تلقي به في غياهب السجون». وتواصل الام روايتها «عمره لا يتجاوز 17 عاماً، ولديه عائلة لا يملك مورداً لإعالتها كيف يتوقعون منه ان يصمد بوجه الإغراءات التي كانت الجماعات المسلحة تلوح بها لمن يساعدها في عملياتها؟».
وتوضح «ان زمن ومجموعة من أصدقائه عملوا مع احدى الجماعات المسلحة قبل سنتين في مناطق جنوب بغداد وشمال بابل (ما يعرف بمثلث الموت) وان عملهم لم يكن يتعدى جمع المعلومات وتأمين انتشار عناصر المجموعة وانسحابها في الوقت المناسب. الا ان هذا لا يغفر لهم خصوصاً ان غالبية الشبكات المسلحة في تلك المناطق تم تفكيكها فيما فر عناصرها الى خارج العراق او وقعوا بيد الأجهزة الأمنية واما قتلوا على أيدي الجماعة نفسها». وتتابع ام زمن بحسرة «لا اعرف ماذا افعل، او الى اين اذهب، لعل احدهم يمد يد العون لولدي وينتشله».
ولا تعد حالة الشاب زمن، الذي فقد الفرصة في العودة الى الحياة الطبيعية، فردية كما يؤكد الملازم فائز حسن الناطق باسم القيادة العسكرية لمنطقة «مثلث الموت» الذي يقول «هناك اكثر من 3600 شاب في المنطقة تطلبهم الأجهزة الأمنية لتورطهم بالتعاون مع الجماعات المسلحة او الضلوع في عمليات إرهابية». ويلفت الى ان «معظم هؤلاء وجد نفسه من دون غطاء قانوني او شرعي يحميه بعدما خفت بريق الشعارات الدينية والوطنية التي كانت هذه الجماعات تعمي عيونه بها».
ويشير الى ان «مصير هؤلاء الشباب عادة ما يكون الموت على ايدي عناصر من الجماعات المسلحة التي عملوا لصالحها». ويوضح ان «هذه الجماعات، خصوصاً التكفيرية، تعد من ينسحب منها او ينأى بنفسه عن عملياتها مرتداً وتقيم عليه الحد».
ويؤكد النقيب حسن المعموري من قيادة شرطة بابل لـ «الحياة» ان «اقامة الحد عند هذه الجماعات يعني حكماً بالموت لا عودة عنه»، ويلفت الى ان «غالبية الشباب الذين سبق وتعاملوا مع هذه الجماعات لأسباب مادية او مذهبية او قبلية وتركوا العمل معها او انفصلوا عنها يعلمون يقيناً أن اصدقاء الامس لن يتركوهم بسلام، فإما ان يرسلوا من يحاول تسهيل عملية خروجهم من العراق او يعملوا على تصفيتهم جسدياً خشية وصول الأجهزة الأمنية اليهم وكشفها للمزيد من المعلومات عن تنظيمهم».
ويشير المعموري الى ان العمل بموجب القاعدة القانونية «الشاهد الملك» (الذي يتبرع بمعلومات مقابل تسوية قانونية تخرجه من القضية) يفتح الباب واسعاً أمام «من لم يتورط بعمليات قتل بشكل مباشر للعودة الى جادة الصواب».
وتؤكد هدى، زوجة احد المتورطين، ان «مجموعة مسلحة أوفت بوعدها» الذي قطعته لزوجها بالخروج من العراق، «الا ان حظه العاثر أعاده للعراق».
وتوضح ان «أحد اصدقاء زوجها (مصري) يقيم في الأردن ارسل في طلبه كما ارسل له تأشيرة الدخول وتذكرة السفر الا انه (زوجها) ولسوء الحظ لم يكد يصل الى الفندق المتفق عليه في عمان حتى اطبقت عليه الاستخبارات الأردنية واعتقلته واقتادته ورفاقه الى جهة مجهولة».
وتلفت هدى الى ان الاستخبارات الأردنية أفرجت عن زوجها بعد 15 يوماً من اعتقاله وأوصلته الى الحدود العراقية - الأردنية بعدما ختمت جواز سفره بعبارة «يُمنع دخوله الأردن لخمس سنوات».
يؤكد مصدر في وزارة الداخلية لـ «الحياة» ان ختم جواز هذا الشاب بالعبارة أعلاه تعني انه «شخص غير مرغوب فيه امنياً لوجود معلومات عنه تثير حفيظة الاجهزة الأمنية هناك». ويلفت الى ان «اعتقال هذا الشاب بهذه السرعة يعني ان المكان الذي لجأ اليه او الاشخاص الذين سعى للاتصال بهم موضع شبهة». ويؤكد المصدر ان ما فعلته الاستخبارات الأردنية يندرج ضمن الأعراف الدولية المتفق عليها عالمياً ولا علاقة له بوجود اتفاقات امنية بين هذا البلد او ذاك.
وزارة الداخلية العراقية من جانبها تلفت الى عدم وجود إحصاءات دقيقة تبين عدد المتعاونين مع الجماعات المسلحة، الا ان اللواء طارق البلداوي الوكيل الفني للوزارة يقول لـ «الحياة» ان «حجمهم بحجم الإرهاب الذي يعاني منه البلد» مشيراً الى ان «نجاح الأجهزة الأمنية العراقية باستقطاب هؤلاء يعني تعزيز الأمن والاستقرار في عموم المدن العراقية». ويؤكد ان «الحكومة العراقية بكل طاقاتها تسعى إلى انتشال المتورطين بأعمال عنف من براثن الجماعات المسلحة». ويلفت الى ان المادة الخامسة من قانون مكافحة الإرهاب الذي أقرته الجمعية الوطنية السابقة «بمثابة قرار عفو عن المتورطين والمغرر بهم ممن يدلون بمعلومات للأجهزة الأمنية تفيد بملاحقة الجماعات الإرهابية وتكشف أوكارها ومناطق انطلاقها».
ويوضح ان بامكان هذه الشريحة الاستفادة من هذه المادة خصوصاً ان الأجهزة الأمنية ستتعامل معهم بالكتمان والسرية العالية وتعفيهم من المسؤولية القانونية. اما عن ملاحقة الجماعات المسلحة للعناصر المتعاونة مع الأجهزة الأمنية فيؤكد البلداوي ان «أمن المتعاونين معنا تكفله الدوائر الأمنية بشكل كامل».
ومع تصاعد وتيرة العنف في العراق تظل حالة «زمن» وعشرات من الشباب الذين يحاولون التخلص من عبء المرحلة الماضية مرهونة بضمانات رسمية وسياسية تتيح لهم الاندماج من جديد في المجتمع.
http://www.daralhayat.com/arab_news/...ecd/story.html