علي المهناء * - 5 / 2 / 2006م - 1:29 ص

تتوالى هذه الأيام عبر وسائل الإعلام دعوات الشجب والإستنكار لما نشر في جريدة يولاندس بوسطن الدنماركية من رسوم كاريكاتيرية ساخرة تظهر نبينا الأكرم محمد بصورة الإرهابي تارة ومسبب الإرهاب تارةً أُخرى، وبالتأكيد فإنَّ أيَّ مسلمٍ غيورٍ على دينه وعقيدته يملؤه الحزن والأسى والتذمر من هذا التصرف المشين تجاه الديانة الثانية في العالم من ناحية العدد وعلى ذات نبيها الكريم .

ولعلَّ ما يزيد المسلم غيظاً هي تصريحات رئيس تحرير الجريدة الذي يقول «لقد أُزيلت قطعة فنية من متحف عريق بسبب الخوف من المس بمشاعر المسلمين، وخاف بعض النقاد والكتاب من الإعلان عن أسمائهم عند نشر مقالاتهم لهم للسبب نفسه، كما أنَّ الرسامين الدنماركيين يمتنعون عن رسم أغلفة ساخرة تحسباً لردة فعل المسلمين، وأن أحد نجوم الفكاهة المشهورين قال بأنَّ الخوف من استفزاز مشاعر المسلمين يمنعه من السخرية بالقرآن على الهواء مباشرةً»، «منقول المقطع من مقال معنون بـ(الفلك يدور) للكاتب محمد صلاح الدين».

وقد ظهرت الكثير من ردود الأفعال من المسلمين تجاه ذلك كما ظهرت الكثير من الدعوات لمقاطعة تلك البلاد، وبالتأكيد فإنَّ المساس بأي شخصية ذات علاقة عقائدية بأُمتها أمرٌ يؤدي للكثير من ردات الفعل التي قد تصل أحياناً إلى الإنتقام والتصفية الجسدية، وحينما أكتب هذا المقال فإنني أضم صوتي لمن شجب وأنكر وأدعو جميع المعنيين بمحاسبة هؤلاء النفر الذين أقدموا على هكذا تصرف وعلى رأسهم رئيس التحرير الذي أجزم أنَّه لا يملك القدرة على التفوه بكلمة ضد اليهود وضد محرقتهم، وبعيداً عن كل ذلك أتسائل دائماً عن السبب الذي قد يؤدي بغير المسلمين إلى التهكم على ديننا ووصفه بالدين الإرهابي أو ما دون ذلك بقليل في أحسن الأحيان.

حينما يتأمل المتأمل بعينٍ بعيدة عن الإنتماء والتحيز فإنَّه يلاحظ أنَّ هناك الكثير من التصرفات الوهابية كانت ولا زالت سبباً في نعت هذا الدين بالإرهابي ولا أظن يخفى على أحد تلك الأعمال الإرهابية التي حدثت في الآونة الأخيرة في الكثير من أقطار العالم وتكفل بتبنيها الشيخ بن لادن وساعده الأيمن الدكتور أيمن الظواهري وأمير المؤمنين الملا عمر زعيم الدولة الإسلامية المستقبلية التي ستتراوح مساحتها من أندونيسيا شرقاً مروراً بمنزله المتنقل في أفغانستان وضواحيها نهايةً بأسبانيا في الغرب.

وطالت تلك الأعمال الإرهابية حتى الدول الإسلامية وحتى المسلمين أنفسهم وخير شاهدٍ على ذلك الأعمال التفجيرية التي حدثت في بعض مناطقنا في المملكة والتي قضى فيها الكثير من المسلمين، وبالتأكيد فإن تلك الأعمال من أهم أسباب وصف الدين الإسلامي بأنَّه دين الإرهاب، من هنا أعتقد أنَّ الوهابيين الإرهابيين الذين يتاجرون بالدين هم من كانوا السبب الأبرز في وصف نبينا المصطفى بالإرهابي ووصف ديننا بدين الإرهاب، وعليه أعتقد أنَّ نصيباً مهماً من الشجب والإنكار ينبغي كذلك أن يوجه للوهابيين الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء باجتهادات أجمع العلماء على فسادها، فتلك التصرفات هي التي ستصنع قناعات واعتقادات أنَّ المشكلة في ذات الدين الإسلامي وفي ذات الرسول الأكرم .

على الرغم من الألم الذي انتابني من تلك الرسوم الساخرة فإنَّ ما يؤلمني أكثر هي الصورة التي جسدها الوهابيون الإرهابيون لنبينا لدى المخالفين لنا في الدين، لذا أعتقد أنَّنا ينبغي أن نعترف أنَّ هنالك من داخل هذا الدين من يصر على تشويه صورته بقصدٍ كان أو بدون قصد ليصبح مادةً يتقاذفها المخالفين لوسم ديننا ومقداساتنا ونبينا بأسوء الصفات وأكثرها جرحاً للمشاعر.

وهكذا اعتراف ينبغي أن يكون من خلال جميع الصروح العلمية والثقافية المجمع على نزاهتها في جميع البلدان الإسلامية، كما ويجب إيقاف دعاة الإرهاب والتمزق ومعاقبتهم لأنَّهم كما أظن من أهم أسباب نشوء شباب ذووا فكرٍ وعقيدةٍ غير متسامحة مع المخالف، وعبثاً أُحاول أن أجد تبريراً لأفعال الوهبيين المتشددين فلا أرى سوى العقول التي يملؤها التحجر والتخلف من كل جانب.

الأحساء