بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة السيد محمد باقر الحكيم..والهاجس من (الدعوة الاسلامية)
الدكتور م. الموسوي/ جامعة تورنتو – كندا
(يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا)
كثير هم الذين يراوغون ويخاتلون، وكثير هم الذين يناورون ويتجاهلون مايعرفون، وكثير هم الذين يتنكرون لمعرفة الحق رغم وضوحه عندهم ورغم تجليه لنفوسهم ورغم بيانه بصورة لالبس فيها لهم..من ابرز اسبابه هو العتو والخيلاء والتازم النفسي والوقوع في تيه الغرور والمصالح..وكثير من الذين نلتقي واياهم في جلسة حوار او مائدة نقاش او ندوة محاججة، او ملتقى تفاهم، لكن نراهم يكابرون على منطق الدليل الواضح، رغم القناعة الكامنة به. وقد استخدمت اساليب لئيمة وممارسات خاوية ومواقف تكشف عن الانهزام الفكري والرد اللاموضوعي للصد عن الايمان والاعراض عن الحق. فكم من حق يغمط، وكم من نور يطمس، وكم من هدى يعتم عليه، وكم من خير وعمل صالح يستر عليه ويخفى..كل ذلك يتم من خلال اساليب متعددة، من ابرزها الكتمان وعدم البوح بها، بل احيانا يعكس خلافه ويطرح ما هو ضده..
مما لاشك فيه ان الصراع الحضاري واختلاف الاراء والتعاطي معها بعلمية وموضوعية امر طبيعي وصحي، بالاضافة الى كونه التزام شرعي واخلاقي. اما الاحتراب الغوغائي وتزوير الحقائق او كتمانها فهو امر طبيعي ولكنه غير صحي. وقد تم تناول هذا الموضوع بكل وضوح في القران الكريم وكتاب سيد البلغاء امير المؤمنين عليه السلام نهج البلاغة، عندما مارس اهل الكتاب وخاصة اليهود منهم، وبنو أمية ( وعلى راسهم معاوية بن ابي سفيان) في عملية كتمان الحق، بل الباس الحق بالباطل وذلك ما كان موقفهم تجاه الاسلام ونبي الاسلام والعترة الطاهرة من اهل البيت (عليهم السلام).
قد اعطيكم الحق، احيانا، بعدم ذكر الحقائق واخفاءها كما تفعله فضائية المنار اللبنانية (اقسم بالله اشتريت الستالايت بسببها..والان كل شئ ياتيني منها اشكك فيه وتغير رايي الان عنها ما لم تصحح مواقفها..والذي استبعده). اما تزوير الحقائق فهذا قمة السلوك الملتوي والمرض في القلب..لقد نسي اولئك او تناسوا قوله تعالى : ( يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم)، وكذلك قوله تعالى (...والله يعلم ما تبدون وما تكتمون).
الدافع لهذا العتاب، المقابلة التي اجرتها الاذاعة الكندية (سي بي سي ) مع سماحة السيد محمد باقر الحكيم (سدده الله لما فيه خير الامة والطائفة) قبل ايام. وقد انتابني العجب من ان الظلم على هذا الكيان الاسلامي والصرح الشامخ الذي كان له الفضل على سماحته وبعض افراد دائرته الخاصة وكذلك الشهيد السيد عباس الموسوي والشهيد راغب حرب وغيرهم من قادة حزب الله اللبناني، قد وصل الى الدرجة التي فيها يزوّر سماحة السيد الحكيم الحقيقة التاريخية حيث ذكر في المقابلة : ان النظام الديكتاتوري في العراق اصدر قانون الاعدام وباثر رجعي لكل من (يدع الى الله، وكل من توقف عن الدعوة الى الله). وفق مقياسكم، اين تصنفون ايات الله العظام وحجج الاسلام الذين لم تطالهم يد الاجرام؟ فلماذا لم يشمل القانون السيد السيستاني (حفظه الله من كل سوء) والسيد الخوئي (قدس الله روحه الزكية)، وكذلك نجليه وأل الحكيم من اسرتكم الشريفة (تغمدهم الله برحمته الواسعة)؟!.
نعم ياسماحة السيد، ان قتل كل من يدع الى الله صحيح 100% لكنه ينطبق على اصحاب الاخدود، ولم اتصور ان انسان مثلكم وهو يحمل شهادة اية الله ولديه مقلدين، لم اتصور ان يخفي حقيقة الامر. اهكذا كان القانون الذي صدر يوم 31/03/ 1980 ام ان القانون محصور في فئة معينة، ويذكر بعبارة صريحة (اعدام كل من ينتمي الى حزب الدعوة وبأثر رجعي)...الخ القانون سئ الصيت. فهناك فرق بين من يدع الى الله أمثال السيد الخوئي (تغمده الله برحمته) وبين من ينتمي الى حزب الدعوة امثال الشهيد الصدر (تغمده الله برحمته).
انه مجرد عتاب ونصيحة ياسماحة السيد الحكيم..ارتكاب مثل هذه الاخطاء لا تغتفر، كما انكم لا تغفرون للراوي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) الذي يقول: اما الوصية الثالثة فقد نسيتها!! ان هذه الاعمال تسقط عدالتكم، وتتحملون وزر كل من يتعاطى – من الاجيال القادمة - الحقائق التاريخية بصورة مغلوطة.
أنني اتابع لقاءاتكم الصحفية منذ الثمانينات ولهذا اليوم، لماذا هذه العقدة النفسية والهاجس الذي يخيفكم من ذكر اسم (الدعوة الاسلامية)؟ ثق بالله انني ادع لكم ولوالديكم بالمغفرة عندما يوفقني الله سبحانه لاداء نافلة الليل، والسبب لاني لااريد ان يكون موقفي السلبي ازاءكم ناجم من حقد او كره شخصي، فهناك فرق بين كره الشخص وكره افعاله..هذا ما علمني الشهيد الصدر واتباعه المخلصين وقبلهم امام المتقين الذي اوصانا بان نحصد الشر من صدورنا قبل قلعه من الاخرين.
لقد تكرر هذا المشهد (اي تهميش دور حزب الدعوة) من جنابكم لعدة مرات على الاقل بالنسبة لي. اثناء لقاءكم مع فضائية المنار لحزب الله اللبناني في برمج (منتصف الطريق) حصل نفس الشئ..وكما نقل لي ايضا (ولا اعرف درجة صوابه وان كنت أحتمله) وهو اتهامكم بارهابية حزب الدعوة امام الاميركان اثناء اللقاء معهم في واشنطن مرة وقبل انعقاد مؤتمر لندن للمرة الثانية.
اننا ياسماحة السيد نعيش ظرفا حساسا ومنعطف خطير وبامس الحاجة الى التعاون والتكاتف – كاسلاميين-، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم. فاذا كنا نعتمد مبدأ التسامح فيما يمكن التسامح به من مخلفات النظام؛ ليصبح الباب مفتوحا امام كل المواطنين وفي مختلف الاتجاهات حتى يبدأوا من جديد، فمن الاولى ان تتحاشوا الدخول في الامور التي لا تنسجم مع المرحلة الانتقالية وتؤدي الى استهلاك المعارضة وتفقدها صدقيتها في الجدارة على إدارة كفة البلد.
اننا بانتظار ردكم الكريم وللملأ لان تصريحاتكم كانت على الهواء (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).