عندما تعشعش الدكتاتورية في عقليات البعثيين هل من المسموح أخلاقياً السماح لهم أن يتدخلوا في صناعة القرار السياسي الذي يقرر مصير العراقيين؟
الإنتخابات الديمقراطية..ولمن تقرع الأجراس..؟؟
علاء الراوي
ليس بالخافي على أحدٍ أن الشعب العراقي خاض تجربتين ديمقراطيتين خلال عامٍ واحد... مجتمع أردنا أن نحولهُ بكل قوة من عبادة الفرد والهيمنة الى مجتمعٍ حديث وديمقراطي حتى ولو بولادة قيصرية... وخلال هذه المدة القصيرة ظهرت منحنيات عديدة ومتناقضة في مسيرة المجتمع العراقي الذي خرج في 9/ 4/ 2003 بعد إحتلال العراق وسقوط النظام البائد من العزلة الدولية، ونتيجة للأحداث الفوضوية والهمجية التي تطورت الى طائفية وعنصرية وتيارات فكرية وآيديولوجيات متطرفة.
هذه الأوضاع سببت ايضاً تفتيت الوحدة الوطنية وقسم كبير من المجتمع إتجه الى منحنيات خطيرة جداً نتيجة لتأثره بثقافات متعددة بعيدة كل البعد عن حقيقة وطبيعة المجتمع العراقي. هذا المجتمع الذي كان متمسكاً بالوحدة الوطنية رغم الإضطهاد الفكري والعقائدي الذي تعرض له من قبل الأنظمة السابقة التي حكمت العراق منذ بداية العهد الجمهوري للدولة العراقية حتى سقوط نظام الحكم الصدامي.... خضع العراق تحت هذا الإضطهاد وبشكل مبرمج وكبير الى أن هيمنت عليه سياسة الحزب الواحد. ومن ثم إنتقلت في الحقبة الأخيرة بعد أن مارس نظام الحكم السابق ولمدة 35 عاماً التعتيم الإعلامي فعاش العراقيون بوهمٍ سياسي وكذبة كبيرة ولم يكتفِ بسياسة الحزب الواحد والتعتيم الفكري بل إنتقل الى مرحلة جديدة هي العمل تحت توجيه وتفكير الرجل الواحد وانتقل الإضطهاد الى داخل صفوف الحزب الحاكم.
هذه الحقائق بشكلٍ موجز عاشها العراقيون.. وبالنتيجة أصبح المجتمع مسلوب الإرادة ومضطهد فكرياً وترسخت عند السواد الأعظم منه حالة الإنقياد الأعمى للشخوص السياسية والرموز الإجتماعية ودخل مرحلة من التخلف والجهل حيث تحول ذلك المجتمع المتعلم والمثقف الى مجتمعٍ أمي نتيجة للسياسة الداخلية المتحجرة...: وتحول فيه كل شيء حتى العلاقات الإجتماعية أصبحت مبنية على أسس مادية. فأصبح أسيراً للمادة وتنازل عن حقه كأنسان مستسلماً الى عبادة الفرد والتخلي حتى عن الرفض والقبول للظواهر الإجتماعية السلبية وبهذا تنازل عن دوره في البناء الإجتماعي لأن الخوف والمادة سيطرتا على كيانه كما تجرد عن حقيقة القيادة الجماعية ومفاهيمها. هذه الحقائق، فكيف له أن يخوض التجربة الديمقراطية بعد أن استفحلت كل هذه الأمراض... ربع قرن تُمارس ضد العراقيين عملية التهديم الإجتماعي والفكري .
اذن، هل يستطيع النجاح بتحديد الإتجاهات الديمقراطية؟ وكيف يستوعب هذه المفاهيم..؟
حقوق وواجبات:
إن المجتمع العراقي غير مؤهل حالياً لهذا التحول الديمقراطي رغم ممارسته لعملية الإنتخابات والتصويت على الدستور... ولكن الديمقراطية لا تقف عند هذا الحد والشعب معظمه لا يعرف ماهي الحقوق والواجبات التي تترتب عليه من خلال العمل الديمقراطي... الموضوع يطول بهذا الإتجاه ولا يسع المقال للحديث فيه لو أجرينا عملية دراسة من قبل مجموعة من الخبراء في علم الاجتماع وعلم النفس حول أهلية المجتمع لخوض الإنتخابات، بأسلوب علمي بعيداً عن كل التأثيرات والإنحياز والتطرف وبعيداً عن تأثير السلطة أو بعض القمعية أو الإرهابية. وبعيدة عن التطرف العنصري... فما هي النتيجة في إعتقادكم، ورغم أن الموضوع جاء متأخراً ولكن لنعتبر الموضوع دعوة للعاملين بهذا المجال.
إن المجتمع العراقي بحاجة الى بناء إجتماعي وثقافي ثم الإنتقال الى مرحلة الديمقراطية. بل نحن بحاجة الى قيادة وحكومة تحافظ على الوحدة الوطنية كي لا يتحول العراق الى دويلات مجهرية تأخذ على عاتقها عملية البناء الاجتماعي والثقافي والعلمي متجردة من كل أنواع التطرف وبعيدة عن الإنسياق خلف العفوية الجماهيرية المظلمة البعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية.. مترسخة فيها روح الطائفية والعنصرية محملة بأفكار وشعارات جوفاء تشعل نار لا تبقي ولا تذر ونحن على يقين بأن السواد الأعظم لا يعرفون للديمقراطية غير المفاهيم السطحية.
إن الأحداث التي يعيشها الشعب العراقي مشابهة لتجارب سبقته في ثورات وصراعات، مثل الثورة الفرنسية والصراع الثقافي والإجتماعي الايراني بعد الثورة على الشاه... والثورة الشيوعية في روسيا.
http://www.baghdad-newspaper.com/opi.html