موقف شيعة العراق من الازمة السياسية الحالية
بعد سنوات طويلة من التهميش والقمع والإستبداد الموجه ضد أهل الجنوب الشيعة في العراق، بزغ فجر الديمقراطية، وامتلأت جماهير الجنوب الموجوع بالأمل متوجهة نحو مستقبل مشرق بغد يتساوى فيه العراقيون بالفرص، وتتشكل فيه دولة القانون بعيداً عن الإقصاء والتهميش
لقد شاركت الجماهير العراقية الشيعية بالإنتخابات الأخيرة، ومارست العملية الإنتخابية بكل فخر وإعتزاز في حركة اصابت العدو والصديق بالدهشة والإعجاب متحدية قوى الباطل والظلام والإرهاب. ومع هذه المشاركة التي أعطت ما يفوق الخمسة ملايين صوت للإئتلاف العراقي الموحد، ورقة ورقة مُخِّضت أكثرها بالدماء والعرق والدموع
إن الجماهير العراقية التي أعطت أصواتها للإئتلاف العراقي الموحد كانت تنتظر بأن هذه المشاركة، والنتائج التي نتجت عنها ستعطي دفعة قوية للعملية السياسية في العراق على أسس ديقراطية سليمة، تجعل الإنسان العراقي هو صاحب القرار في تشكيل الحكومة وهو الذي يساهم في صناعة القرار السياسي عن طريق ممثليه وبالشكل الذي يكفله الدستور الذي صوت عليه متحدياً كافة الصعاب
إن الذي يحدث اليوم من شد وجذب وإلتفاف على نتائج الإنتخابات من قوى لم تقف يوماً في صف الشعب ولم تكن يوماً من المحترمين لإرادته، من القوى البعثية والطائفية التي سامت جماهيرنا الخسف ومنعتهم النصف لا يبشر بخير. وأن تشارك قوى الظلام بضرب إرادة وحرية الجماهير منذرة بعصر جديد من الدكتاتورية أمر لا يثير الإستغراب، لكن المستغرب حقاً هو التحالف الذي أعلنه ويشكله جلال الطالباني مع هذه القوى البعثية والطائفيةالتي لم تعلن توبتها ولم تتوقف يوماً عن التآمر ضد إرادة الجماهير العراقية. لقد كان الشيعة وخاصة أهل الجنوب العراقي الشركاء مع الأكراد في محنتهم ومصائبهم في مواجهة النظام البعثي، وكان الأنين الكردي يتكامل مع الأنين الشيعي تحت سياط التعذيب ومشانق الظلم البعثية. إن تحالف الطالباني مع قوى البعث والجريمة الطائفية ضد إرادة الجماهير التي صوتت للإئتلاف العراقي الموحد إنما تعتبره جماهيرنا حركة غدر تسئ حقاً إلى سمعة الإخوة الأكراد الطيبة والعلاقات التي بنيت معهم على أساس الثقة والتفاهم
إن شيعة العراق الذين شاركوا في الإنتخابات وصوتوا للإئتلاف العراقي الموحد يطالبون السياسيين والقوى الفاعلة كافة :في هذه الظروف التي نرى فيها تحركاً والتفافاً على إرادة الجماهير وحرية اختيارها بما يلي
إحترام إرادة الأكثرية الجماهيرية التي شاركت في الإنتخابات. الإرادة التي اختارت الإئتلاف وبالذات الإئتلاف لأنه يحمل برنامجاً ضد البعث والبعثيين
اي إلتفاف ومصادرة لإرادة الجماهير واختيارها من قبل الذين رفضتهم الجماهير ولم يحصلوا على أصوات تؤهلهم من البعثيين والطائفيين المؤيدين للإرهاب هو خيانة لهذه الإرادة، وخيانة للعملية الديمقراطية بكاملها وخيانة لدماء الشهداء
الحكومة يجب أن تشكل على أساس الإستحقاقات الإنتخابية كما هو متعارف في كافة التجارب الديمقراطية في العالم.
رفض أية تشكيلات ذات طابع سياسي تتجاوز على إرادة الشعب واختياره خارج نطاق الدستور تعتبر تشكيلاًً ديكتاتورياً جديداً يصادر إرادة الأمة وحريتها في الإختيار ومشاركتها الفعالة في العملية السياسية
التكتلات جميعها يجب أن تحترم رأي وإرادة جماهير شيعة العراق ويجب أن تفهم أن الشيعة لن يقبلوا التهميش من الآن وصاعداً سواء أتى هذا التهميش من جهات بعثية أو دولية أو طائفية أو عنصرية
نذكر أن الجنوب يحوي أهم مناطق العراق من الناحية الإستراتيجية واي تجاوز على إرادة الجنوب يعني حدوث عواقب لا تحمد عقباها
أي تشكيل جديد لحكومة تعطي الفرصة للبعثيين والإرهابيين كي يتحكموا في العراق وتشكيل سياسات دكتاتورية جديدة، سيعني أنعكاسات سلبية خطيرة على الوضع في العراق بشكل عام
ندعو الإئتلاف العراقي الموحد الذي أعطيناه أصواتنا أن يكون على قدر المسؤولية، وأن يكون واضحاً في إرسال الرسالة إلى كافة الفرقاء السياسيين ومن يدعمهم من الأمريكيين . أن العملية السياسية قد تتوقف تماماً إذا لم يتم تطبيق الديمقراطية بشكل واضح وشفاف، مما يضمن احترام رأي الجماهير وحريتها في الإختيار ومالم يحدث ذلك فإن الثقل السكاني والإقتصادي للعراق المتمركز في الجنوب سيكون له موقف غير مضمون النتائج للعملية السياسية برمتها، خاصة اذا شعر أنها موجهة ضد مصالحه ومستقبله
إذا تم تجاوز إرادة الجماهير فسيكون العراق على أعتاب إنتفاضة ضد هذه العملية السياسية برمتها بكل ما يعني ذلك من تبعات خاصة مع تحقق الإشارات التي نراها اليوم بشأن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بما يعني ذلك من إعادة التهميش والإقصاء ضد الجماهير الشيعية
نحن بانتظار ما ستؤول إليه النتائج، نتائج المحادثات بما يحفظ حرمة اصواتنا، واستحقاقها، إضافة إلى ضمان عدم عودة البعثيين وأذنابهم من جديد، إضافة إلى إيقاف السياسات التي تتعامل بإزدواجية وانعدام عدالة ضد إرادة وحرية الجماهير، وفي حالة عدم حصول ذلك، سيكون لشيعة العراق شأن آخر يقلب المعادلة السياسية على الجميع
نطلب من مرجعيتنا الرشيدة التدخل بحزم وبقوة وباسرع وقت للحفاظ على ثوابت المذهب ومصالح الشيعة في مواجهة هذه الهجمة المتعددة الاتجاهات والابعاد . لكي لا تعود عصور الظلم والاضطهاد هي الغالبة كما كانت في السابق
شيعة العراق
بغداد
21محرم 1427
20/2/2006
نسخة منه :ـ
ـ مرجعية النجف الاشرف
ـ رئاسة الوزراء
ـ رئاسة الجمهورية
ـ الاحزاب والتجمعات السياسية
ـ وسائل الاعلام
ـ شخصيات مهتمة بالشأن العراقي