[align=justify]بغداد - الحياة
في شارع الكرادة التجاري، وسط بغداد، علقت محلات كثيرة لافتات سوداء رخيصة الثمن تنعى أصحابها الذين قضوا بثلاث تفجيرات استهدفت السوق خلال الأيام العشرة الماضية.
مسلسل السيارات المفخخة سجل أعلى معدلاته في بغداد، مستهدفاً أسواقها، بعيد حادثة سامراء قبل نحو أسبوعين، ما أجبر العراقيين على البقاء في بيوتهم إلا للضرورة القصوى.
«الكثير من الدماء أريقت أمامي. أشعر أنني اركب قطار الموت، والمسألة تأتي بالدور لكن لا مفر من الموت». هذا ما قاله محمد سعد، صاحب محل لبيع المواد الغذائية في الكرادة، وهو يلملم ما تبقى من بضاعته. وتابع يقول: «ابيع البضائع للزبائن وعيني تنظر هنا وهناك يميناً ويساراً، خوفاً من سيارة يوقفها أحدهم أمام محلي قد تكون ملغومة». واضاف: «عادة تتوقف سيارة يظن الناس انها عائدة لأحد المتسوقين وما تلبث ان تنفجر، فالسيارات العائدة الى الباعة وأصحاب المحلات معروفة لدى الجميع». وأوضح أن سوق الكرادة التي تتفرع الى طرق عدة، فضلاً عن زحمة الناس وكثرة المحلات تساعد منفذ التفجيرات على الاختباء والهرب.
ويبدي محمد حسرته «على أيام زمان»، عندما كانت السوق عامرة بالزبائن حتى ساعات متأخرة من الليل، وكيف انها باتت اليوم مرتعاً للانفجارات وحوادث الخطف والسلب.
وشهدت بغداد الاثنين الماضي تفجير سبع سيارات، بينها أربعة استهدفت محلات تجارية في شارع النضال في الكرادة، وسوق الآثوريين في الدورة (جنوب) وحي المستنصرية (شرق) وشارع المغرب (شمال)، فضلاً عن انفجار سيارة في سوق التكية في بعقوبة، شمال شرقي بغداد، اعقبها انفجار عبوة زرعت داخل مجمع لبيع الأجهزة الكهربائية.
وكانت أسواق في بغداد الجديدة والشعلة ومدينة الصدر والأمين وباب الشرقي والشورجة، شهدت حوادث أمنية استهدفت محلات ومطاعم وعمالاً وحصدت مئات القتلى على مدى الأشهر الماضية. وفي أحسن الاحوال، وإذا سلم الباعة من القتل او الاصابة، فإن محلاتهم وسياراتهم تتعرض لاضرار بالغة.
وأكد ابو كرار، صاحب محل لبيع قطع الغيار للسيارات، ان بضائعه احرقت مرتين، وقال: «لم تقدم امانة بغداد يد العون في تنظيف السوق من انقاض الانفجار، وغالباً ما تظل الزجاجات المتطايرة وشظايا المواد المتفجرة والمحروقة في المكان أياماً الى ان نتفق (الباعة) ونتولى العملية». وزاد: «يعقب ذلك استئجار عمال لإعادة ترميم المحل من مالنا الخاص»، مستدركاً لو كان سيصرف أمواله لتصليح محله وشراء بضائع جديدة مع وجود ضمانات بعدم انفجار سيارة مفخخة اخرى لهانت المشكلة، لكن سوء الأمر يتجلى في تواصل العنف.
وفي منطقة العرصات في الكرادة عمد التجار الى وضع حواجز أمام محلاتهم لمنع السيارات من التوقف أمامها. وقال أحد وكلاء شركة «عراقنا» للهاتف النقال» «محلي مليء بالأجهزة الغالية الثمن، ولو كنت استطيع لوضعت حاجزاً كونكريتياً حوله». ولفت الى ان انفجار السيارة الملغومة في السوق عادة يحصد أرواح الباعة المتجولين والصبية الصغار الذين اجبرتهم ظروف الحياة على افتراش الأرض ببضائع بخسة، أو وضعوا طاولات صغيرة لبيع المشروبات والسندويشات يقال لها بالعامية «جنبر». وأكد ان استهداف السوق في بعض الاحيان يأتي لتوقف دورية للشرطة العراقية او للقوات الاميركية للتسوق او للتفتيش.
وتقفل المحلات أبوابها قبيل غروب الشمس، خوفاً من العصابات الاجرامية، وتكاد النساء لا يزرن الأسواق إلا في بداية المواسم والأعياد. ويقول مرتادو السوق إن الانفجار الذي يحدث فيه يقلل حركة الزبائن ليومين أو ثلاثة، لكن الحركة لا تنفك أن تعود «فالحياة مستمرة.[/align]