عن الجعفري بوضوح
نزار حاتم
nizarhatem@hotmail.com
في البدء أذكّر القارئ الكريم أن كاتب هذا المقال ليس له مع الدكتور ابراهيم الجعفري المرشح للدورة الحكومية الثانية أي مصلحة مادية أو معنوية على الرغم من علاقتي الطيبة معه منذ أكثر من عشرين عاما .
ومذ أصبح في السلطة لم أكن واحدا من العاملين معه ولم يدعني هو لذلك ، بل أجريت محاولات عدة كواحد من الاعلاميين العاملين لوسيلة اعلام اجنبية من اجل اللقاء به فلم أتمكن .
هذه المقدمة السريعة ضرورية بالنسبة لي أمام القارئ ليراني حين أكتب عن الظلامة التي يتعرض لها الرجل انما اعبر عن وجهة نظر شخصية مجردة كسائر وجهات النظر المتقاربة والمتباينة لدى المواطنين العراقيين .
وكسائر الناس يخطئ الجعفري ويصيب فليس من بين البشر المعاصرين ثمة معصوم ، وكنت شخصيا قد حملت على طاقمه الاعلامي الذي رافق رئاسته للحكومة المنتهية ولايتها ووصفت أداء هذا الطاقم بالرث في الكتيب الموسوم ( حكومة الجعفري تحديات في الواجهة ) ولا أحسب نفسي متجنيا على أحد بهذا التوصيف ما دمت مقتنعا في أن الدائرة الاعلامية المحيطة به كانت قد أسهمت اسهاما مباشرا -وان لم يكن مقصودا - في الاساءة له من خلال عدم تناولها بشكل مهني كثيرا من الانجازات التي حققها والعقبات التي تعرضت لها مسيرته الحكومية ، كما لم تستطع هذه الدائرة تجسير العلاقة المفتوحة بين الرجل والمحيطين الداخلي والخارجي ، فظل معتمدا بذلك على حركته الشخصية .
وللتاريخ أقول ان من بين الاسباب الجوهرية التي تدعوني وغيري ممن عرف الجعفري عن كثب الى الدفاع عنه هو تعرضه – هذه الأيام - بشكل فاضح الى ظلامة يصعب محوها من الذاكرة كما يصعب السكوت حيالها .
الأقربون والأبعدون من الساسة الذين عرفوا الجعفري منذ فترة المعارضة لا أعتقد أن أحدا بينهم يستطيع نكران نظافة يده ، ونظافة لسانه ، وتعاطيه المرن الى حد الخجل حتى مع خصومه السياسيين .
ازاء هذا النموذج الذي يحتاجه العراق بصرف النظر عمن يكون ، كيف يمكن لذوي الضمائر الحية والأقلام الواعية أن يقفوا متفرجين على ما يتعرض له من مؤامرة لا تحجب بالغربال تهدف الى تخليه عن أمانة تاريخية قد أودعها العراقيون في ضميره وعقله وقلبه ووعيه ؟
لست كثير الميل والقناعة للأخبار والاشاعات المتداولة عن رفض امريكا لتولي الجعفري رئاسة الوزراء ، واذا ماكان الأمر كذلك ، فليس ثمة شك في أن أطرافا تخشى عيونها ضوء الصراحة قد ولّدت لدى الجانب الأميركي – ومن خلف الكواليس - وازع هذا الرفض المفترض ، والذي اذا ما صح فانه سيحفر للجعفري في احساس العراقيين ووجدانهم رصيدا هائلا من المحبة والولاء وفي المستقبل القريب لا البعيد سيحسده عليه الراغبون في استبعاده ، وسيندمون " ولاتَ ساعةً مندم ِ" .
حتى لو تنازل عن حقه الدستوري والشعبي سيكون بمقدور الجعفري قيادة العراقيين من كوخ رابض في هور " الجبايش " يتخذه مقرا له مع الجائعين الذين صوتوا له ليدفع عنهم غائلة الفقر والحرمان .
ليس في مثل هذا الكلام ما يبعد المعنى عن الأرض العراقية .
ليس فيه ما يجعل السنن التاريخية بعيدة عن الاستيعاب .
انه من طينة العراق ، من شطيه والجرف والمنحنى ، ومن بين السلاسل التي تلوت على معاصمنا سنينا على يد النظام الساقط في الحفرة الباردة .
انتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــى