:Iraq:
الدرس المستخلص من تجربة الائتلاف مع الطالباني
الدكتور احمد علوان
observer@maktoob.com
يتابع العراقيين بشكل خاص والعالم بشكل عام ما يجري في الساحة العراقية من احتقان سياسي عقب الانتخابات التي جرت بشكل ديمقراطي وفازت فيه قائمة الائتلاف باغلبية المقاعد في البرلمان الا انه ومنذ ترشيح الدكتور الجعفري ولحد الان نرى ان اول من فتح النار وحشد الحشود هو جلال الطالباني يوم ظهر بوجهه الشاحب وبجانبه السفير الامريكي خليل زاد ليعلن أعتراضه على اختيار الائتلاف لمرشحه لرئاسة الوزراء. لقد تم وصف جلال الطالباني في مقال إفتتاحي بجريدة (السفير) اللبنانية والمنشور يوم 29/6/1991 بقلم رئيس التحرير طلال سلمان وتحت عنوان:-
الكردي التائـه!!
يمكن أن تدرس شخصية جلال الطالباني كنموذج للسياسي الوصولي والإنتهازي الذي لا يشق له غبار!.
إنه رجل كل الفصول وكل الأزمنة ،ولو بالكاريكاتور.
إنه الكردي-العربي-الإيراني-التركي-الأميركي-الإنكليزي-الألماني.
وهو بين الأكراد (برزاني) في لحظة ،وديموقراطي في لحظة أخرى ،و(فيلي) إذا أقتضت المصالح والفرصة السانحة ،وهو يساري بما يتجاوز عصابة الأربعة الصينية ،وهو يميني بما يجعله أستاذا لأمراء العائلة السعودية ومشايخ الخليج .هو العلماني بلا تحفظ ،وهو المتدين الى حد التسليم بنظرية الإمام الخميني في ولاية الفقيه ،متجاوزا مذهبه السني ..
فما كل ما يلمع ذهبا.
هو( قومي عربي) و(وحدوي) مع جمال عبد الناصر ،وهو أقرب الى (البعثي ) مع حافظ الأسد ،وهو (تكريتي) مع صدام حسين ،أما مع معمر القذافي فهو ثائر يعتمد العنف المسلح لتحقيق (النظرية العالمية الثالثة) وتطبيق (مقولات الكتاب الأخضر) في أربع رياح الأرض!!.
في مؤتمر المعارضات العراقية في بيروت كان ممثلا شخصيا للجنرال شوارزكوف،وفي دمشق لبس العباءة والعقال كأمير نجدي ،وحين وصل زاخو أرتدى ثياب (الملا) وأطلق صيحة التحرير التي قادته الى... ملجأ صدام حسين مفاوضا على نفط كركوك كمقدم لحقوق الأكراد في السليمانية وأربيل ودهوك وشقلاوة وكلاله وصولا الى سرسنك.
وفي بغداد باع ما لايملك واشترى ما لا يملك صدام حسين أن يعطيه،ثم قفز الى أنقرة ليبيع الأتراك ما أخذه من العراقيين،مستبقا النتائج التي يمكن أن يتوصل إليها مسعود البرزاني.
وفي مؤتمر الإشتراكية الدولية الذي انعقد في أسطنبول ،الأسبوع الثاني من حزيران،قدم الطالباني العرض الأخير،مستفيدا من وجود ممثل إسرائيلي بارز (شيمون بيريز) وسط حشد أوربي شامت بالعرب المهزومين ومستهزئ بحاضرهم ومستقبلهم بأكثر مما يريد المضيف التركي .قال الطالباني أمام إشتراكيي (الأممية الأولى) كما يسمون أنفسهم ما يفيد أن العرب هم أسوأ بني البشر وأعلاهم كعبا في العنصرية وإضطهاد القوميات الأخرى، وقال وقال وقال مستعينا باللغات الكثيرة التي يعرفها والتي تعينه على أن يلبس لكل حالة لبوسها..
ولقد فوجئ الطالباني بأن ثمة عربا بين الموجودين،ولكن بعد فوات الأوان..وحين رد عليه نائب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي دريد ياغي،غير لغته وجلاسه وجاءه معتذرا..وبالعربي ثم أخذ يجول في القاعات لعله يلتقي وليد جنبلاط قبل أن يدخل القاعة فتصير الفضيحة بجلاجل!!.
على أن كل ذلك لا ينفع في تحسين وضع جلال الطالباني في العراق،شمالا ووسطا وجنوبا، فالأكراد لا يثقون بمواقفه،ولا يطمئنون الى صدقه وإلتزامه بما يعلنه،ولطالما سمعوه يشهر بحليف قديم،وبشقيق مقيم،وبصديق غيبه ضيق ذات اليوم.
وسيبقى جلال الطالباني نموذجا للإنتهازي الذي يبيع مواقفه للأقوى فيخسر الصدقية والسمعة ولا يربح المنصب الفخم.
وعلى حد تعبير بعض أصدقائه فإن الطالباني يبيع المواقف وينسى أن يحتفظ لنفسه بواحد منها، ولذا فسيظل نموذجا للكردي التائه بين الأكراد أولا وقبل العرب!!.
كانت تلك مقالة السفير فهل يتعض السياسيين في قائمة الائتلاف من تحالفاتهم مع جلال الطالباني والأكراد لاسيما أنهم يجب إن يتذكروا إن أول من طعن بهم بعد تشكيل مجلس الحكم في زمن بريمر هو هوشيار زيباري يوم صرح ومن قلب القاهرة (ان الشيعة في مجلس الحكم لا يريدون التوقيع على مسودة قانون إدارة الدولة المؤقتة لأنهم يريدون اخذ موافقة ايران في ذلك) فكيف لا يصرح حسني مبارك بان الشيعة ولاءهم لايران وحلفائنا هم أول من يفتح النار علينا وهم اللذين حرضوا جبهة التوافق على استبدال الجعفري وهم يقولون علنا اننا نتحالف لمن يحقق مصالح الاكراد ولم يقولوا مصالح العراقيين. فهل سيكتفي الطالباني بإزالة الجعفري ام لديه المزيد خاصة انه الصديق الحميم للسفير الامريكي خليل زاد حسب تعبيره ويبدو ان الاجندة مليئة بالمفاجئات وانه في الخطوة اللاحقة سيطالب بزيادة! الصلاحيات خاصة انه من الآن يزاولها بدون غطاء دستوري اذ يمنح المكارم والاكراميات ويعلن بانه مستعد للكشف عن مصروفات رئاسة الجمهورية في نهاية السنه المالية (كلمة حق يراد بها باطل للتغطية) ويرسل مستشاره للشؤون الامنية الى مؤتمر القمة العربية ويلتقي قادة الجيش والشرطة ويعطي التوجيهات ويتكلم بلغة القائد الأوحد (وبس عايزة يبدأ بشد أنواط الشجاعة لمن يرغب بهم اقتداءا بالقائد الضرورة).