روكسانا سابيري
بي بي سي- طهران


السؤال الذي يشغل المراقبين بعد إعلان إيران عن نجاحها في تصنيع وقود نووي وعقب الزيارة غير الحاسمة التي قام بها مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لطهران هو، ما الخطوة القادمة التي ستقوم بها إيران؟


تصر طهران على أن برنامجها النووي سلمي
بشكل عام يعتقد المحللون أن إيران ستختار مسارا من اثنين: إما أن تتشدّد في موقفها بشأن برنامجها النووي، وإما أن تصبح أكثر استعدادا للتسوية.

إلا أن المواقف التي يُعلنها النواب والمسؤولون الايرانيون تبدو وكأنها تدعم الخيار الأول.

وكان كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي قد وصف دعوة مجلس الأمن في الأمم المتحدة لايران بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم بأنها "غير مهمة".

وفي الإطار نفسه أكد حميد رضى بابئي، عضو لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في البرلمان الايراني أن إيران لن تعود إلى وقف نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم.

وقال: "وقف التخصيب يعني في رأينا التراجع".

"نقطة تحوّل"
وتقول إيران إنها تريد تخصيب اليورانيوم بنسبة خفيفة لتشغيل المفاعلات النووية وإنها لا تسعى للتخصيب بنسب عالية وهو ما يتطلبه تطوير أسلحة نووية.

وكانت إيران قد أعلنت أنها خصّبت اليورانيوم بنسبة 3.5% كجزء من مشروع تجريبي للتخصيب.

أما محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقال بعد محادثات مع مسؤولين إيرانيين يوم الخميس السابق إن الوكالة تحلّل عيّنات للتأكد من صحة الإعلان الايراني.

إلا أنه بينما بدا عدة زعماء إيرانيون في موقع التحدي، يعتقد بعض المحللين أن إيران قد تكون مستعدة أكثر من قبل لوقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم بعد أن كشفت عن قدرتها على تصنيع وقود نووي.

وقال المحلل السياسي في طهران رحمن غهريمنبور: "من جهة يمكن لايران أن تقنع الرأي العام الداخلي بأنها حصلت على التكنولوجيا النووية، ومن جهة أخرى يعلم العالم أن قدرات إيران ليست خطيرة جدا".

ويضيف: "لذلك نعتقد أننا قد نشهد نقطة تحوّل في حلّ المشكلة الايرانية. فقد توافق طهران على وقف وقتي لبرنامج تخصيب اليورانيوم على المستوى الصناعي وتقبل بمشروع تجريبي محدود للتخصيب".

"عرض سخي"
إلا أن بابئي رفض هذه النظرية حيث قال: "الجمهورية الإسلامية لا تحاول التبجّح أمام العالم ولا تحاول أيضا التعامل بشكل سياسي مع شعبها مثل أن تقول له : "وصلنا إلى هذه النقطة والآن سنوقف تخصيب اليورانيوم".

وأضاف: "إيران تسلك المسار الثالث الذي يريده شعبنا وحكومتنا. نريد أن ندافع عن مصلحتنا الوطنية من دون خلق أي توتر أو تهديد. ومصلحتنا الوطنية هي أن يكون لدينا في بلادنا دورة وقود نووي لتصنيع الوقود من أجل مفاعلاتنا".


البرادعي ينتظر نتائح تحاليل العينات للتاكد من التصريحات الايرانية
وكان علي أصغر سلطانية المندوب الايراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا قد قال إن بلاده عرضت في شهر مارس/ أيار أن توقف وقتيا التخصيب على المستوى الواسع إلا أن العرض رُفض.

وأضاف في مقابلة عبر الهاتف: "كنا قادرين على تقديم تسوية بحيث نوقف التخصيب على المستوى الواسع ونناقش سبل ووسائل التأكد من عدم بقاء أي غموض في الموضوع وأن يكون ذلك من اجل غايات سلمية".

وأضاف: "قدمنا عرضا سخيا كان يحمل تسويات كثيرة شريطة ألا يُحال الملف إلى مجلس الأمن، إلا أن زملائنا الأوروبيين لم يأبهوا بتلك الفرصة التاريخية".

ولدى سؤاله عن إمكانية أن تفكر إيران مجددا في العرض نفسه، أجاب: "إلى حدّ علمي لن يكون ذلك ممكنا".

حوار
إلا أن بعض المراقبين والديبلوماسيين الغربيين يقولون إنه حتى في حال وافقت إيران على وقف مؤقت لمشاريعها لتخصيب اليورانيوم على مستوى صناعي، فإنها لن توافق أبدا على وقف كافة أنشطتها".

وبحسب المحلل غهريمنبور فإن الزعماء الايرانيين ربما خلصوا إلى أن أية تسوية ستمر عبر حوار مع الولايات المتحدة.

ويضيف: "اقتنع الزعماء الايرانيون أن أية مواجهة بين إيران والولايات المتحدة لن تكون في مصلحة طهران. هم على الأرجح يعتقدون أن المستقبل سيُحدّد عبر مفاوضات ايرانية-أمريكية ويأملون أن يتمكنوا من حل المشاكل من خلال تلك المفاوضات".

إلا أن أية تسوية بشأن البرنامج النووي الايراني ستتوقف أيضا عند رد واشنطن.

ويرى بعض المراقبين أنه بينما يريد عدد من اللاعبين الأساسيين في حكومة الرئيس بوش التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، يرحّب آخرون بمواقف إيران المتصلبة والتي يرون فيها تبريرا لاستمرار الجهود الأمريكية من أجل تغيير النظام في إيران.