مهلا ... لن يتنحى الجعفري بعد

سليمان الفهد

كاتب وسياسي عراقي

Mudrek5@hotmail.com



عودة لمقالات سابقة كتبتها بخصوص السيد الجعفري رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته بأنه سوف لن يتخلى عن ترشيحه لولاية جديدة على ضوء المستجدات في الساحة العراقية ورغم أن المفاجأة بتلاوته رسالة للشعب العراقي والموجهة أصلا لخصومه داخل الائتلاف وخارجه بقدر ماهي رسالة واضحة للذين انتخبوه , كثر اللغط على تفسير تلك الرسالة من كل الاتجاهات. ولأعود لساعات قليلة للمؤتمر الصحفي للرئيس العراقي مام جلال وعندما سأله احد الصحفيين عن الدكتور الجعفري حيث أجاب ( عفى الله عما سلف ) ماذا نقرأ بتلك الإجابة , هل هي موافقة مبدئية لإعادة ترشيح أبو احمد الجعفري من جديد لرئاسة الوزراء أم اتفاق ضمني مع عبد العزيز الحكيم لإزاحته من الطريق . وكذلك إجابة أخرى للرئيس المنتهية ولايته بان يوم السبت سيكون حاسما , بعد أن تم الاتفاق على المناصب الثلاثة حسب قوله , الجمهورية , البرلمان ورئاسة الوزراء . يعطينا الإجابة واضحة حقا بأنه تم الاتفاق وفق المسارين رغم الغموض بالإجابة ولكني أرجح , أن الائتلاف وقع حقا بالمحضور السياسي لنظامه الداخلي فيما إذا اتفق باتجاه تغيير مرشح رئاسة الوزراء من الجعفري إلى شخصية أخرى حتى وان كانت من حزب الدعوة نفسه , واقرأ في الاتجاه الآخر بين السطور من رسالة الدكتور الجعفري . أولا لم يكن الدكتور موفقا أبدا كما معهود منه عند تلاوته الرسالة عبر الشاشة الفضية , بأن الرجل لم يقتنع أصلا بتلك الرسالة وقد كتبت له ولم تك من وحي أفكاره المعهودة واعتقد جازما أن الدعوة من حوله هم الذين خطوا تلك الكلمات وبلمسات منه , فالرجل تلكأ بداية الرسالة ثلاث مرات متتالية وبغصة قاتله غير معهودة من الرجل كما عرفناه , لبقا متحدثا بغير حدود , كما استمعنا للكلمات عن قرب . أرسل رسالته واضحة وجلية لمن انتخبوه عموما ولخصومه السياسيين الذين تلاقفوه بالحجارة في عقر داره كما وضح مبتسما بمرارة ولم يرم حجارته مطلقا بساحتهم حيث بقى هادئ كما عرفناه , وأفصح الكلمات كانت الموجهة إلى الائتلاف وبالذات لعبد العزيز الحكيم بالذات حينما أكد بأن الدعوة الإسلامية حاملة فكر الشهيد الصدر باقية على عهدها لمبادئه الخلاقة التي رسمها لها منذ سنين , يعني ذلك أيها المجلس الأعلى ومنذ تأسيسكم في الساحة العراقية كنا نتلقى الضربات منكم وكنا صابرين محتسبين لاخوفا وإنما هذا هو طريقنا في العمل الوحدوي بين الإخوة مهما قذفتهم سهامكم اتجاهنا , وتاريخ المجلس وخلافاته مع الدعوة ليس ببعيد عنا ( وكما وعدت القراء بتسليط الضوء حول كل صغيرة وكبيرة من تلك الخلافات منذ تأسيس المجلس ولحد ألان قريبا وبحلقات ).

عودة صغيرة قد تفيدها في هذا المجال هو إجابة الرفيق طارق الهاشمي حول الدكتور الجعفري إذا أصر على ترشيحه بمنصب رئاسة الوزراء , أجاب ):أن لكل حادث حديث ) إني اعتبر هذا تحديا صارخا للائتلاف العراقي الموحد وعملية دنيئة للأنقاض على الآلية التي بنيت من اجلها العملية السياسية , فمن هو الهاشمي ومدى ثقله السياسي ليتحدى بدون رادع أو رد سياسي مقنع لإيقافه عند حجمه الحقيقي !!!

الجعفري برسالته لن ولم يقل اطلاقا بأنه تنحى من حقه الشرعي كمرشح لرئاسة الوزراء قانونا , وإنما قذف بالكرة في ساحة عبد العزيز الحكيم وأعضاء الائتلاف الذين لاحول ولاقوه لهم بأي قرار لاسباب كثيرة .

أغرقت الرسالة بكلمات عائمة بخصوص التنحي من عدمه فالرجل لازال لم يفقد الأمل أولا . وثانيا لكشف الزيف والرائحة السياسية النتنة في الساحة العراقية الجديدة التي فرضها المحتل وفق خطط مدروسة جيدا ... فلا اعلم مدى صحة الاتصالات الأمريكية- الحكيمية والطلب بتنحي الجعفري رسميا من قبل رعاة البقر في البيت الأسود . ولا اعلم أيضا مدى صحة خبر مكتب السيستاني الذي يسير باتجاه تنحي الجعفري , يكفينا شرا ما حصل بالانتخابات من تزوير ( خلوها مستورة حتى ما تفوح الريحة ) .

هل كانت الرسالة لخلط الأوراق في الجهة المعادية لترشيح الجعفري ؟ أم هي حقا تنازل رسمي من الرجل لفسح المجال لأحد أعضاء القائمة ليحل محله . وعندما فتشت يمنة ويسرة بين أعضاء القائمة أل 128 نائبا لم أجد بديلا قد يرضي الطرف الآخر , إلا عادل عبد المهدي الذي حقا إذا وقع الاختيار عليه سنرجع لنقطة الصفر ( تيتي تيتي مثل مارحتي اجيتي ) واني لاستبعد ترشيح أبو بلال الأديب كما ذكرت في مقال سابق . وان وقع الاختيار على أبو سلام المالكي تكون جبهة المعارضة للجعفري وقعت في مطب كبير وشائك جدا فجواد المالكي من صقور الدعوة الذي لايثنيه اكبر القرارات وخاصة في قضية كركوك واجتثاث البعث .. رجل لايهادن إطلاقا وسيحصل إرباكا شديدا للحكومة الجديدة ان شكلت وسيترحم المعترضون على أيام الجعفري . عندها لن ينفعهم لطم الخدود ولا شق الترع.

استقرأ الرسالة شخصيا في اتجاه آخر واراها تكتيك سياسي وحنكه إن صدقت النبؤة طبعا . بان قرار الائتلاف سيطرح ترشيح الجعفري ثانية ولكن هذه المرة 100% وليس 64 إلى 65 أي بفارق صوت واحد ولعن الله تلك الساعة التي أعلنوا فيها قرارهم الشؤم ذاك . عندها ماذا يقول كاكا جلال والرفيق الهاشمي والد ليمي والمطلق وآخرين ... هل يستنجدوا بالعرب العاربة أم بعنزة البيت الأسود كوندا ليزا رايس , لقد انكشفت اللعبة بالالتفاف على الآلية الديمقراطية الأمريكية المزعومة تحت حجج الحكومة الوطنية والظرف في عراق اليوم الذي لم يوصله الجعفري لما وصل إليه , وإنما هم الذين أوصلوا الحال الذي نحن فيه . واني لأبرئ السيد الجعفري من فشل حكومته فالجميع شارك بها دون استثناء .

فحال قراءة الرسالة من قبل السيد الجعفري طبل الكثير من الكتاب والمثقفين السياسيين ومنهم من تشمت بعيدا عن منطق التحليل السياسي المنصف للوضع وانما كرها وبغضا بالرجل الذي نختلف معه هنا وهناك ولكن ليس لدرجة التسقيط والتجني على الرجل .. فاني لازلت أرى الرجل مرشح الائتلاف لرئاسة الوزراء شاؤا أم أبوا وان يوم السبت سيكون يوم المفاجأة للجميع على أن يعدنا المتصيدون بالماء العكر والذين أعمت قلوبهم أحادية التحليل أن يكرمونا بسكوتهم .

المادة (73) من الدستور تقول : (اولاً :ـ يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.)

وبما أن قائمة الائتلاف هي الاكثر عددا يجب ان ينصاع رئيس الجمهورية المنتخب لقبول ما ترشحه القائمة الأكثر عددا لمنصب رئيس الجمهورية إلا إذا فاجأنا الرفيق الهاشمي بكتلته الجديدة المزعومة وسيكون حينها للائتلاف العراقي الغير موحد كلمة جديدة يجب أن يقولها بكل صراحة بأننا لانوا فق على ترشيحكم .. ما العمل إذن رفيق الأفكار .. طبعا إذا امتلك الائتلاف الشجاعة بالطرح وهو يرينا كذلك حتى هذه اللحظة .....ويوم السبت موعدهم وانه لقريب.

إني لأتعجب من البعض , يطالبون الجعفري بالتنحي ولا يوجد عندهم أي سند قانوني أو دستوري أبدا .. فليعلم الجميع إذا مررت خطوة تنحي الجعفري تحت أي ذريعة . يجب أن يصار إلى تشكيل عراقي جديد يضم كل القوى المخلصة والخيرة من أبناء شعبنا بعيدا عن الطائفية والمذهبية وحتى القومية لمحاربة وإسقاط من نصبوا أنفسهم لقيادة العراق عبر الدبابة الأمريكية وقوة السلاح والميليشيات بعد أن اثبتوا فشلهم الذريع وبكل الاتجاهات .. فهل نحن فاعلون



سليمان الفهد

كاتب وسياسي عراقي

Mudrek5@hotmail.com