الاكراد ونظرتهم للارهاب في العراق

جمال الخرسان

mosawi_gamal@hotmail.com



منذ فترة ليست قصيرة انعكس في الاعلام محاولات للاتصال بين الطرف الامريكي وبين بعض الجماعات المسلحة... وبغظ النظر عن هوية هذه الجماعات المسلحة او حتى اهداف الطرف الامريكي من تلك المفاوضات.. فأن قطاعات كبيرة من الشعب العراقي تنظر لهذا الامر بعين الشك والارتياب.. ذلك الشك والقلق بدأ يتسرب الى الكثيرين حينما تأكد ان بعض الاطراف الدبلوماسية في الحكومة العراقية قد اتخذت نفس الاتجاه واعلنت صراحة عن استعدادها للحوار مع الجماعات المسلحة... وذيلت ذلك بعدم تورطها بدماء الشعب العراقي..!!



الغريب ان جميع ( تلك الجماعات ) متورطة صباح مساء في دماء الابرياء وبالاعتداء على البنية الخدمية للشعب العراقي... ويعرف الجميع انهم يقاتلون من اجل احلام الماضي لا لشئ آخر.



وما يثير الاستغراب ان الطرف الكردي يبدو انه يحاول لعب دور الوسيط بين الجماعات المسلحة التي تنتمي لمكوّن عراقي وبين المكون الاخر.. انه يلعب ذلك الدور دون ان يشعر بأيّ غبن او حساسية حينما يقدم جرعة من الشرعية لتلك الجماعات مع ان الطرف الكردي المعروف بحساسيته المفرطة في الدفاع عن المصالح الكردية بالتحديد، يعرف ( كما يعرف الجميع ) ان العمليات المسلحة التي تقوم بها تلك الجماعات تسمى ايّ شئ آخر الا تسمية المقاومة حيث ان تلك المفردة لا تمت بصلة لتوصيف واقع الحال.



كما ان الاكراد يعرفون ايضا ان تلك الاطراف هي المسؤولة قبل غيرها عن مآسي الاكراد وعن زرع حالة العدائية بينهم وبين العرب فلماذا اذن تدين العرب بسبب ما ارتكبه هؤلاء وتقوم بالوساطة بينهم وبين الاخرين؟؟؟ !!!



ان ذلك الموقف نابع قبل كل شئ من ان الطرف الكردي ليس معنيا ( من وجهة نظره ) بذلك الصراع وينظر له على انه صراع عربي عربي، تذوب في تلك الرؤية جميع التوصيفات التي يقف عليها كل طرف من الاطراف بعيدا عن انصاف الضحية وادانة الجلاد... هذا بالضبط ما يجعل جلال الطالباني لا يجد نفسه محرجا حينما يعلن عن استعداده لاستقبال بعض الجماعات المسلحة ومحاورتهم ويؤكد انهم من جماعة النظام السابق، كما انه يوضح الى حد كبير سبب الاطفاف الاخير بين الاكراد وبين المكونات الاخرى.



اذا كان كذلك يا سيدي الطالباني ويا اخوتي الكرد فلماذا تكسرون الجرة على رؤوس العرب بسبب ما فعله صدام وكأنها خدعة ترفعونها كشعار ليس لانكم ظلمتم من قبل العرب بل لانكم تريدون ذلك الحال سواء اظلمكم صدام ام لم يفعل ذلك، تريدونها من اجل مكاسب اخرى يعرفها الجميع؟ !!



ان الحزب الديمقراطي الكردستاني يعلم الجميع انه كان يقدم دروعا كهدايا لصدام قبل السقوط باشهر معدودة... وكان الساعد الايمن لصدام في الشمال العراقي.. ومع ذلك يدفع العرب فاتورة اضطهاد الاكراد على يد صدام الذين تريد يا سيدي ان تحاور جماعاته اليوم وبدون اي حرج وتطالب بالانفصال عن الجسد العراقي بسبب صدام؟!



ان الاكراد يطالبون الكثرين بانصاف الكرد والقضية الكردية وما قدمته من تضحيات وفي نفس الوقت لا ينصفون ضحايا صدام الذين تجاوز بهم العدد السبعة ملايين شهيد.



كل يبكي على ليلاه... والمغفل من يدفع الثمن



جمال الخرسان


كاتب عراقي


mosawi_gamal@hotmail.com