 |
-
خليط الميليشيات وخليط مولوتوف
خليط الميليشيات وخليط مولوتوف
كتابات - المحامى سليمان الحكيم
نجم عن احتلال العراق كوارث عدة من بينها انبثاق الميليشيات كالفطر السام وذلك عقب استرداد دول الجوار لأنفاسها بعد صدمة الاستيقاظ على حلول الامبراطورية الأميركية جارة على حدودها , وكذلك عدّ السيد المالكى أحدى عشرميليشيا قال أنه يرى ضمّها الى تشكيلات القوات المسلّحة من جيش وشرطة, ولعلّه حسب ميليشيا بدر وزمر السيد مقتدى والبيشمركة بجناحيها الطالبانى والبارزانى , وما تبقّى فهو محسوب على العسكريين من جيش العراق السابق والتيارات السلفية والتكفيرية وقطّاع الطرق فى محافظة الأنبار.
ومع أن جماعة السيد عبد العزيز يصرّون على أن بدرا تحولت الى منظمة مدنية الاّ أن الواقع المشهود يؤكد أنها مازالت فصيلا عسكريا غير نظامى يتكون من أفراد تم تسفيرهم من العراق بسبب أصلهم الايرانى ومن أسرى الجيش العراقى ابان الحرب الايرانية , ولم يكن لجناحها السياسى أى وجود على أرض العراق وذلك على عكس حزب الدعوة , وميليشيا بدر صنعها الحرس الثورى الايرانى على عينه وأرضعها حقدا مريرا على كل ما هو عربى وان كان لا علاقة له بالسياسة , وفى ثقافتها المتداولة تعتبر نفسها نقيضة الكيان المذهبى السنّى , ولعلّ عديدها الأصلى لا يتجاوز عديد لواء فى الجيش أى 3000 فرد وانما أضيف اليهم بعد الاحتلال حشود من المتسلقين ومن العاطلين عن العمل , ومن البديهى أن فصيلا كهذا لا يمكن أن ينتمى الى وطن متعدد المذاهب والانتماءات ولا يسعه الا اطار طائفى ضّيق خاصة وأنه لم ينل الشرعية فى النظام الذى اقامه الاحتلال هو والمجلس الأعلى الا بالتمحّك بالسيد السستانى الذى يمتلك تأثيرا حاسما على مجاميع عشائر الجنوب بحيث لو افتى لهم بانتخاب حجر لما ترددوا!
أما زمر السيد مقتدى الصدر فهى خليط من الدهماء وبقايا فدائيى صدّام وعناصر جهاز الأمن العام السابق ومن العاطلين عن العمل وأصحاب السوابق الجنائية ويجمع كل هؤلاء اطار طائفى ذو طقوس فاقعة والراتب الشهرى الذى يمنحه السيد مقتدى من مخصصاته الايرانية .
ولئن لم يخض فيلق بدر اختبار النار فى المشهد العراقى بعمليات مواجهة كبيرة فان زمر مقتدى قد خاضته وبان لكل منصف أنها فشلت فيه بصورة دعت للرثاء بل وخدشت معانى الكبرياء عند العامّة من العراقيين ولعّل وكستها كانت لتسوء أكثرفى موقعة النجف الأشرف لولا الرفد الذى وصلها من مقاتلى الفلوجة.
وفى ظنى أن أحوال البشمركة لا تحتاج الى واسع التفصيل , فهى واقع الأمر جيشان يتبع كل منهما زعامة متنافرة فى العمق مع الأخرى وقد جرت بينهما الدماء أنهارا فى صراع على الغنائم والمكوس ولعلنا لم ننس ما جرى فى عام 1996 ,بيد أن كره العرب وغياب مفهموم الولاء الوطنى للعراق يجمعهما, ولا أظن أن أحدا يمكن أن يراهن على استعداد كردى للقتال من أجل الحدود التاريخية لجنوب العراق مثلا , كذلك لا يمكن لأحد أن ينكر التأثير الأميركى الضاغط من أجل اقامة تعايش ضمن الحدود الدنيا بين الجناحين الكرديين .
ويصل الحديث الى ميليشيات التكفيريين والسلفيين وعصابات قطع الطرق فى الأنبار والى مجموعات العسكريين السابقين , وهى كما يتضح متنافرة المشارب متباينة الأهداف ولكن يجمعها العداء للاحتلال والموقف المتوجس من ايران وأدواتها العراقية , وبعض هذه الأطراف يصدر عن طائفية جاهلة وبعضها الآخر يصدر عن توجه قومى عربى , وجميعها مدّت جسورا مع دول اقليمية وبالذات مع السعودية وسوريا , جسوريرد منها الامداد المالى والتعبوى ويصدر عنها المعلومات ومقترحات العمليات السياسية والعسكرية .
بهذا الخليط المتفجر كله يريد السيد المالكى ومن خلفه الادارة الأميركية أن ينشئا جيشا وطنيا للعراق ! والتاريخ يقول أن الجيوش ليست مجرد حشد وتجميع لأفراد ولو بلغ عددهم عشرات الألوف , يحملون أسلحة ويرتدون زيا موحدا , بل هى قبل كل شىء تعبير باللون الخاكى عن شخصية وطن وفكر قيادة وعقيدة قتالية وفهم واع للتاريخ وللجغرافية السياسية وللمصالح ولضرورات الأمن الوطنى مع توفر الارادة لصيانة تلك المصالح ولحماية ذلك الأمن , بدون ذلك تتحول تلك المجاميع من الأفراد الى ما هو شبيه بعصابات الأحياء التى ينحصر واجبها فى حماية الحىّ وحماية المصالح غير المشروعة التى يديرها الزعيم.
ولا أظن أن هذه الأفكار قد فاتت السيد المالكى أو على الأقل مخططى السياسة الأميركية فى العراق, واذا كان عراق 1920 قد نشأ تعبيرا عن المصالح البريطانية آنذاك فان ملامح عراق معبّر عن المصالح الأميركية قد بدأت فى التبلور ولكن الفارق الجوهرى والخطير بينهما هو أن مصالح بريطانيا فى الهند وفى شرق السويس كانت تقتضى عراقا مستقرا فى حين أن مصالح الامبراطورية الأميركية فى الخليج العربى وفى غرب آسيا تقتضى عراقا مشتعلا بنيران لاهى واهنة فيمكن اخمادها ولا هى مضطرمة بحيث تأتى عليه وعلى جواره .
ولا شك أن هناك بدائل عملية وجيدة فى قضية اعادة بناء القوات المسلّحة , كفرض خدمة العلم الالزامية وقصرها على الطلبة الجامعيين مثلا وذلك لعدة اعتبارات ليس هنا مجال نقاشها ولكن قبل التفكير بتفاصيل اعادة بناء جيش وطنى يجب بداهة توافر قيادة وطنية, وقبل أن تكون وطنية من المفروض أن تكون قيادة راشدة وعندما تتصدى لموضوع خطير بحجم الذى نناقشه يتعين عليها دراسته مع لجنة موسعة من قيادات الأركان العسكرية وعلماء الاحتماع وأساتذة العلوم السياسية وخبراء بالميزانية العامة ولكننا فوجئنا بالسيد المالكى غداة ترشيحه لرئاسة الوزارة يحمل هذا الملف الخطير الى النجف ليناقشه ويبت فيه بالرأى مع معمم غارق بتهاويم وأساطير النظام السياسى للمهدى المنتظر, ومع آخر لا يزيد من حيث القيمة عن شيخ منسر بالتعبير المصرى عن طريدى العدالة وقطاع الطرق.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |