 |
-
رسالة مفتوحة الى الزرقاوى
رسالة مفتوحة الى الزرقاوى
كتابات - المحامى سليمان الحكيم
من عراقى علوى الى الزرقاوى بن أبيه
السلام على من اتّبع الهدى
أمّا بعد فانى لم أقصد شتما فى نسبتك الى مجهول غير انى لم أعرف لك نسبا, فلقبك ينتهى الى قرية فى شرق عمّان, وعائلتك تنتمى الى مدينة الخليل الفلسطينية , واسم عشيرتك يرتبط بحسن, وحسن هذا كما نقول السير كان قاطع طريق عمل فى خدمة كونراد أمير الصليبيين على الكرك فكان عينه ومخبره الى أن قتلهما صلاح الدين صبرا جزاء وفاقا على مذابحهما وسلبهما لحجاج بيت الله , وعلى ذلك فانى لا أرى لك منبعا أنسبك اليه.
ورسالتى المفتوحة هذه تلقى عليك سؤالا واحدا ستصل اليه فى موضعه, وهى ردّ على خطابك المصوّر مساء 25-4-2006 والذى قلت فيه أنه بعد أن رفضت أميركا عرضا للهدنة والحوار مع وليّك بن لادن فانك سوف تستمر فى الجهاد تحت رايته ضدها وضد من أسميتهم بالروافض.
وابتداء فقد فاتك أن أولئك الروافض هم الفرقة الوحيدة التى قادت اخوانها من كل الملل اللبنانية الى انتصار فريد فى جنوب لبنان كسرت فيه هيبة أميركا وحطمت تحت ألويته اسطورة الجبروت الاسرائيلى, فان كنت ترى فى الروافض عدوا لك فقد أخزيت نفسك وزمرتك وأشهدت عليها أنك موضوعيا فى صف أميركا واسرائيل.
وسوف أسلّم جدلا أنك نلت من التوفيق مالا تستحق وأنك أجبرت الاحتلال على الخروج من العراق فان قواته سوف ترحل الى أرضها , وسوف أسلّم جدلا أن عدد العراقيين يبلغ عشرين مليونا وأن نصفهم يتبع المذهب الرافضى , فهل ستفنيهم عن آخرهم أو ترأف بهم فتهجّرهم من أرضهم , والى أين؟
ولقد وضح حتى لمن تميل نفوسهم اليك أنك نصف أمّى مثل وليّك بن لادن فأكاد أجزم أنك لا تعرف أصل كلمة الروافض ولا من أطلقها على من , وهى لعلم الجاهل تعبير أطلق فى سياق الصراع ضمن البيت الشيعى ولا علاقة له اطلاقا باختلاف الرؤى بين المذهبين الرئيسين فى الدين الاسلامى ذلك أن هذا الاختلاف قد بدأ فى لحظة الفرز بين ولاء علوى وآخر أموى وليس له علاقة بما قبله , فعلىّ وحزبه أقاماعلى الطاعة والولاء والنصيحة للشيخين وان اختلفت الاجتهادات وهذه سنّة الحياة , كما بايعاالخليفة الثالث وبذلا له الوعظ والتبصير حتى انتهى الأمر بما لخصه الامام علىّ بأروع ايجاز : استأثر هؤلاء فأساؤا الأثرة وجزع أولئك فأساؤا الجزع!
وهكذا ترى ان كنت على بصيرة أن الانشقاق فى الاسلام لم يبدأأبدا فى يوم السقيفة كما يروّج التشيّع الصفوى بل كانت لحظته يوم سعى بنو أمية الى اقامة ملك عضوض قيصرى طبقى خاض فى دماء المسلمين فتصدّى لهم بالتكليف الشرعى آل محمد الذين أمرنا الله بمودتهم كسبيل للشكر, من أجل ردّ نظام الحكم الى عفّة وزهد وعدل أبى بكر وعمر وعلىّ .
وما أظنّك تعلم أن أهل المذهبين يشهدون بوحدانية الله وبصدق رسوله محمد وبما أوحى اليه من الكتاب والحكمة ولهم فيه أسوة حسنة ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويلبّون نداء الرحمن حاجّين ومعتمرين وانما خلافهم كان فى سياسة قد مضت دونها قرون بأمم قد خلت لها ما كسبت ولنا ما كسبنا , وهذا فى ظنى هو موقف الغالبية الغالبة من العراقيين والعرب خلا القلّة الأقل ممن اشتراهم المال الوهابى أو الفارسى, أو تلك التى استعملها الأميركان والاسرائيليون لتنفخ فى رماد ذرته السنون وهى قلّة جمعت كذب أبى مسيلمة الى تفيقه الخوارج وزادت عليهما بدموية الحجّاج الثقفى وبباطنية البرامكة لتنتهى بشيخ السوء ابن تيمية وما فرّخه من افك امتد الى يومنا هذا.
لقد وقفت الأمة فى تاريخها القريب بكل أبنائها وعلى اختلاف أديانهم ضد هجمة الغرب الاستعمارى وقاومت بضراوة من أجل حريتها وكرامتها وما بطولة الضابط البحرى السورى المسيحى جول جمال عنا ببعيدة فقد فجّر هذا الانتحارى الشريف زورقه البحرى بمدمرة فرنسية ابان العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 وهوى بها وبكل طاقمها الى أعماق البحر فأين منه انتحارييك الذين تدفع بهم مخدّرين لقتل العزّل من العراقيين ؟ ولم لا تكون أنت أو ابنك البكر وقد بلغ سنّ الشباب قدوة لهم ؟
وما كانت دعواك الا دعوة لتفتيت هذه الأمّة لأكثر من فسطاطين مذهبيين وعدّة أديان تنشغل بالتذابح عن قضايا العصر من تقدّم ورقىّ وتغرق فى ثنايا خطب تنتمى الى عصور حجرية خلت , وفى ظنى أن للعراقيين من تاريخ وثقافة ومصالح ما سوف يخيّب رجاءكم ويكسر شوكتكم ويحيلكم الى رماد هباء كأشباهكم ممن حفل بهم تاريخنا.
أن بعض الناس يظنون أنك صاحب رسالة وان كانت منحرفة, وذو رأى وان كان خطلا , ولكن متابعى الشأن العام يعرفون ما هو أكثر , ففى صيف 2003 تناثرت الأنباء عن حضورك الى شمال العراق قادما من أفغانستان
عبر ايران , وتصادف انى كنت مدعوا على عشاء لدى صديق أردنى ومعنا شخصية أردنية رفيعة لا أملك ذكر اسمها فصاحبها يحتل الآن منصبا من بين أرفع خمسة مناصب فى الأردن, وكان يومئذ يعمل مستشارا أمنيا للملك
عبد الله , وبطبيعة الحال تطرّق الحديث الى أحوال العراق وخطر لى أن أسأله عن ذلك الطارىء الجديد القادم من وكر بن لادن لاسيّما أن اسمك يدل على جنسيتك الأردنية , فقال الرجل وهو الخبير الذى لا يرقى الشك الى كلامه
بأنك اختفيت عن حارتك فى عام 1995 وقد اشاعت أسرتك أنك موقوف لدى الشرطة بسبب مشاجرة, فى حين أنك كنت معتقلا لدى المخابرات الأردنية وأن من تولّى التحقيق معك كان من الشعبة الثالثة المختصة بتعقب النشاط الاسرائيلى , ولما أبديت استغرابى وسألته عما توصّل اليه التحقيق وعن سبب اطلاق سراحك صمت الرجل وخيّل لى أن ابتسامة باهتت لاحت على وجهه.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |