 |
-
رؤية بعثية حول العراق:العراق... إلى أين؟ (1)
العراق... إلى أين؟ (1)
الدين حسيب خير
لا أريد أن أدخل في تفاصيل الحرب وكيف حصلت وتطوراتها وهو ما أصبح معروفا، ولكن ما يهمني هو التأكيد على المرحلة الحالية وعلى المستقبل. ومع ذلك فلا بدّ من بعض الملاحظات التي سوف تساعدنا في فهم الحاضر والتطلع الى المستقبل.
فإذا استخدمنا طريقة التحديد بالاستبعاد Process of Elimination ، في الإجابة عن التساؤل حول ما هي الأهداف التي يمكن ان تكون اميركا قد سعت اليها من وراء غزو العراق واحتلاله، واستبعدنا الأمور التي هناك اتفاق على عدم صحتها (مثل أسلحة الدمار الشامل وعلاقة النظام السابق بالقاعدة والديموقراطية..) (1) فستبقى عندنا ثلاثة أهداف محتملة غير معلنة (2): هدف استراتيجي بسبب موقع العراق، وهدف النفط والسيطرة عليه (3)، والهدف الثالث هو حماية أمن اسرائيل (4). تلك هي الاهداف غير المعلنة المتبقية والمحتملة لغزو اميركا للعراق واحتلاله.
ثانياً: موقف الدول العربية من احتلال العراق
أما بالنسبة للدول العربية وموقفها من احتلال العراق، فهناك اتفاقية بين الدول العربية تعرف ب<اتفاقية الدفاع العربي المشترك> ووُقعت هذه الاتفاقية في عام 1950 وانضمت اليها جميع الدول العربية التي استقلت بعد ذلك التاريخ ووقعت عليها والتزمت بها. وحسب اتفاقية الدفاع العربي المشترك فإنه في حالة تهديد أي دولة عربية عسكرياً من قبل دولة غير عربية، فإن على جميع الدول العربية أن تهبّ لمساعدتها، بما في ذلك عسكرياً وتعتبر هذه حرباً على جميع الدول العربية. وحتى في حالة التهديد بالعدوان فإن جميع الدول العربية مُلزمة بأن تأتي لمساعدة الدولة العربية المعنية. وأكثر من هذا، تنص الاتفاقية على أنه لا يجوز لأي دولة عربية أن تعقد اتفاقية عسكرية وأمنية مع دولة أخرى غير عربية، إذا كان ذلك يهدّد الأمن القومي العربي. هذا على الورق، وما حصل في الواقع كان مختلفاً.
فقبل الحرب كان هناك تحريض من بعض الأنظمة العربية على الحرب على العراق، الى حد الزعم من بعضهم بأن لديه معلومات استخباراتية موثوقة من داخل العراق تقول إن العراق لديه مختبرات متنقلة لصنع الأسلحة البيولوجية. وتمّ نقل هذه المعلومات الى الرئيس بوش، وتجدون التفاصيل الخاصة بهذه المعلومات في كتاب بوب وودوورد <خطة الهجوم>. (Plan Attack) (5) اضافة الى هذا فإن اثنين من رؤساء الدول العربية أبلغوا تومي فرانكس الذي كان قائداً للقيادة المركزية الأميركية أثناء احتلال العراق ان العراق يملك أسلحة دمار شامل، وقد اشار تومي فرانكس في كتابه الذي نشره عن الحرب بعنوان American Soldier (6)، حيث يذكر هذا بوضوح. هذا كله فضلا عن اتاحة القواعد البرية والمياه الاقليمية والأجواء الوطنية لعدد من الدول العربية للقوات الأميركية، لاستخدامها في عملية الهجوم والغزو ضد العراق، وعموماً يمكن تصنيف موقف الأنظمة العربية من احتلال العراق ما بين <ساكت> او <خائف> أو <متواطئ علناً> او <متواطئ سراً> (7).
لهذا فإنه عندما نتحدث عن الحلول الممكنة وما يُطرح من ارسال جيوش عربية للمساعدة في المحافظة على الأمن في المدن العراقية الرئيسة، يجب أن نكون واضحين من ان هذه الدول العربية التي هي إما حرّضت على/ او ساهمت في الحرب بتقديم التسهيلات العسكرية واللوجستية للقوات المحتلة، لا يمكن ان يُتوقع منها ان تساهم في حل المشكلة الحالية إلا في حدود ما تطلبه السياسة الأميركية منها.
ثالثاً: الأخطاء الأميركية في احتلال العراق
إنكم تعرفون الآن ما حصل منذ الغزو والاحتلال وغيره. فما هي الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في احتلالها للعراق؟
اعترفت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية قبل بضعة أيام (من تاريخ المحاضرة) بأن الولايات المتحدة ارتكبت آلاف الأخطاء التكتيكية بقولها <أعرف أننا ارتكبنا أخطاء تكتيكية. الألوف منها. إنني واثقة> (8). ومن المفيد أن نرى إذا ما كانت هذه الأخطاء هي فعلاً أخطاء تكتيكية أم أخطاء استراتيجية (9):
1 فحسب معاهدات جنيف ولاهاي فإن الجيوش المحتلة، وأميركا اعترفت للأمم المتحدة أنها كانت هي محتلة للعراق، وذلك في الرسالة الأميركية الموجهة الى مجلس الأمن، والتي صدر على أساسها القرار 1453 الذي حدّد أنها هي دولة محتلة، حسب هذه الاتفاقيات هي تكون مسؤولة عن الأمن في البلد التي تحتله. والذي حصل في العراق انه في الأيام الأولى في بغداد نُهبت متاحف العراق، ونُهبت السجلات الحكومية والمكتبات وكل ما يتعلق بمؤسسات الدولة من سجلات وغيرها، بحيث تم القضاء على ذاكرة العراق وتُرك الأمر على هذا الشكل ما بين حرق ونهب وسرقة، وما الى ذلك من اعمال. والسؤال هو: هل كان هذا متعمداً أم نتيجة لعدم التخطيط، او أمور أخرى؟ وهناك مجال للاجتهاد. ولكن روبرت فيسك (10) الصحفي البريطاني المعروف ومراسل صحيفة <اندبندنت> في الشرق الأوسط، والذي كان موجوداً في العراق عند الاحتلال، ذكر في كتابه الذي صدر مؤخراً، وأكد ان هذه الأعمال تمت تحت بصر قوات الاحتلال الموجودة هناك، والتي لم تحرك ساكنا لمنعها او وقفها.
2 وعندما دخل الجيش الأميركي الى العراق لم يعد أحد في الإدارة الأميركية او في القيادة العسكرية يتكلم عن شيء اسمه الشعب العراقي، هم بدأوا يتكلمون عن شيعة وسنة، وعرب وأكراد تركمان الخ، وقاموا بتشجيع العملية الطائفية في العراق، وقاموا بتشكيل مجلس الحكم المؤقت على أساس تقسيم طائفي واثني (عنصري)، واستمرّت العملية السياسية كلها على هذا الأساس، وكما سنجد بعد قليل أنهم يحصدون الآن نتائج ما زرعوه في تلك الفترة. فإلى أي حد يعكس هذا واقع الشعب العراقي؟
بداية، تجب الاشارة الى ان حوالى ثمانين بالمئة من الشعب العراقي هم عرب، وأن نسبة 95 بالمئة من السكان هم مسلمون. ومنذ استقلال العراق في عام 1920 وحتى احتلال العراق عام 2003 لم يشهد العراق اي صراع طائفي، خلافاً للبنان او أي بلد آخر حيث توجد فيه مصاعب طائفية. ومن بين رؤساء الحكومات الذين تولوا السلطة بين عام 1920 وعام 2003 (قبل الاحتلال) كان تسعة منهم من العرب الشيعة واثنان من الأكراد. ومن بين 18 من رؤساء الأركان في الجيش العراقي كان ثمانية من الاكراد أي حوالى 44 بالمئة، وهي أكبر من نسبتهم في السكان (16.4 بالمئة). وفيما يتعلق بحزب البعث نفسه، فإن غالبية أعضائه كانت من الشيعة، كما كانت أغلبية قيادة حزب البعث، بغض النظر عما كان للقيادة من سلطة حقيقية، من الشيعة. ومن بين الخمسة والخمسين شخصاً الذين نشرت صورهم سلطات الاحتلال، وكانوا مطلوبين منها، فقد كان 35 بالمئة منهم من العرب الشيعة (11). ومن ثم فإن ما تمارسه سلطة الاحتلال في العراق شيء جديد، وقد بدأت بدعم العرب الشيعة ضد السنة ثم أظهرت تحولاً نحو دعم العرب السنة ضد الشيعة. والآن فإنها تزرع ما حصدت (12).
كذلك من المهم ان نعرف كم كانت نسبة الأكراد في العراق حسب تعداد عام 1957 وهو التعداد الوحيد الذي تضمن سؤالاً عن اللغة الأم حيث نستطيع أن نستدلّ من ذلك عدد الأقليات المختلفة. وقد نظر الأكراد الى هذا التعداد كأساس لنسبتهم بين السكان وكان ذلك قبل ثورة .1958 وحسب هذا التعداد فإن نسبة الأكراد كانت 16.4 بالمئة. ومدينة كركوك نفسها 146 التي يحاول الأكراد الآن المطالبة بها كانت الأغلبية فيها حسب ذلك التعداد من التركمان والعرب. وينطبق هذا على محافظة كركوك، فالأغلبية هي من التركمان والعرب (13).
إلا ان قوات الاحتلال وسلطاته تتجاهل هذه الحقائق ويجري تحريف الأمور فيما يبث إعلامياً، ولم يظهر تفسير مضادّ او تفسير في الإعلام يشرح الأمر للشعب.
3 على الرغم من مضيّ أكثر من ثلاث سنوات على احتلال الجيش الأميركي للعراق، فإننا نلاحظ ان الأمن في تدهور مستمر، وكذلك الخدمات من كهرباء وصحة ومياه شرب وغيرها، وهذا باعتراف السلطات والتقارير الأميركية نفسها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، ورغم صرف مليارات الدولارات على مشاريع الكهرباء في العراق، فإن الطاقة الإنتاجية للكهرباء الآن هي أقل مما كانت عليه قبل الاحتلال، رغم ان العراق كان يعاني حينئذ من حصار استمر ثلاث عشرة سنة.
4 كما جاء قرار حلّ الجيش العراقي وتسريح مئات الألوف من الضباط والجنود العراقيين بمثابة حلّ للجهاز الرئيسي لحفظ القانون والنظام في البلد وترك الجنود بلا عمل، الأمر الذي أجبر كثيرين منهم على البحث عن حلول عنيفة (14).
5 ثم كان قرار اجتثاث البعث. وقد طبّق هذا على كل موظفي الحكومة في جميع المستويات وأياً كانت الدائرة التي يتبعونها، بما في ذلك موظفو المدارس الحكومية... الخ. الأمر الذي أدّى الى فراغ كبير وكذلك إلى حقد كبير وأدّى الى خفض مستوى الخدمات التي تقدّم للعراقيين، وهو كان متدهوراً أصلاً بسبب العقوبات التي كانت مفروضة على العراق لسنوات طويلة قبل الغزو.
6 أخطاء في التقدير، فلم يحسنوا تقدير العدد المطلوب من الجنود لضبط الوضع في العراق بعد الاحتلال، كما لم يقدّروا حجم المقاومة للاحتلال وعدم الترحيب بهم كما توقّعوا، وكذلك عدم تقديرهم الجيد لدور ايران في العراق، وإعلان العراق <نموذجاً للديموقراطية> في الشرق الأوسط ونموذجاً للتغيير الديموقراطي في المنطقة، وإذا بالعراق يتحوّل الى نموذج يخشى الجميع في المنطقة وخارجها، والأميركيون في الطليعة، أن يتكرر في أي مكان آخر (15).
7 فإذا لم تكن هذه أخطاء استرايتجية، فماذا تكون الأخطاء الاستراتيجية إذاً؟
رابعاً: السياسة الأميركية الحالية في العراق
إنني أحاول أن أضع أمامكم الخطوط العريضة للسياسة، والاستراتيجية الأميركيتين الحاليتين في العراق، وأن أشارككم في فهم إلى أي حدّ يمكن لهذه الاستراتيجية أن تنجح؟ وإذا كان لا يبدو أنها ستنجح، فما هو البديل او البدائل لإخراج أميركا من مأزقها الحالي؟ في تقديري، وفي حدود معلوماتي، فإن الاستراتيجية الحالية للولايات المتحدة في الوقت الحاضر تقوم أساساً حول ما يُسمّى <العملية السلمية> وتتضمن ما يلي (16):
1 بعد أن تمّ <الاستفتاء> على الدستور، و<الانتخابات> التي تمّت في 15 كانون الأول السابق (2005) ونجحت فيها الولايات المتحدة في إشراك بعض من يسمّون <العرب السنة> بما في ذلك <الحزب الإسلامي العراقي> وما يسمّى <الحوار الوطني التوافقي> و<جبهة الحوار الوطني>، فإنها ومن خلال تضخيم أهمية هذه المشاركة وكذلك تضخيم الثقل الحقيقي للأطراف السنية المشاركة، فإنها قد نجحت جزئياً في اعطاء الانطباع بأن جميع التكوينات السياسية والاجتماعية في العراق قد ساهمت في العملية الانتخابية، رغم كل التزوير الذي تمّ فيها. وقد ساعد الإدارة الأميركية في ترويج هذه الانطباع، أن <المقاومة الوطنية العراقية> قد سمحت بهدنة خلال فترة الانتخاب أعطت انطباعاً بموافقتها غير المباشرة على العملية السياسية، رغم ما تقوله المقاومة الوطنية بأن موقفها هذا كان استجابة لرغبة شعبية واسعة للاشتراك في انتخابات 15 كانون الأول/ ديسمبر الأخيرة لأسباب مختلفة.
2 محاولة التفاوض وإجراء الاتصالات مع أطراف المقاومة المختلفة، عدا جماعة الزرقاوي، وكل على حدة، لإيقاف المقاومة والمشاركة في العملية السياسية. وقد فشلت حتى الآن في ذلك.
وقد اضطُرت الولايات المتحدة بعد فشلها في إقناع المقاومة بالمشاركة في العملية السلمية، الى اللجوء الى وسيلة أخرى لعلها تبين مدى الوضع الحرج الذي تجد نفسها فيه، حيث اضطرت الى الاستعانة بالرئيس العراقي صدام حسين في سجنه لإقناع المقاومة بالالتحاق بالعملية السياسية. وفي هذا الإطار من المفيد أن أذكر لكم معلومة مهمة لم يتطرّق إليها الإعلام حتى الآن. ذلك أنه بغض النظر عن الخطاب الأميركي عن النظام السابق، وعن صدام حسين، فإن الإدارة الأميركية في محاولتها للمفاوضة مع المقاومة وإيجاد تسوية سياسية، اتصلت بالرئيس صدام حسين في سجنه وكانت هناك مجموعة من الشخصيات العالمية مثل أحمد بن بللا ونيلسون مانديلا وغيرهم قد رأوا الرئيس بوش بشأن موضوع صدام حسين والوضع في العراق، والرئيس بوش أرسل دونالد رامسفيلد إلى بغداد في مهمة خاصة، وقابل صدام حسين وعرض عليه أن يخرج هو وعائلته وجميع أقاربه ويختار أي بلد أوروبي يريده وتضمن له الولايات المتحدة المعاملة على مستوى رئاسي، وكل الضمانات والحماية وغيره مقابل أن يطلب من المقاومين من حزب البعث ان يوقفوا المقاومة ويلتحقوا بالعملية السياسية. والرئيس صدام حسين رفض هذا رفضاً باتاً. ثم جُدّدت المحاولة مرة ثانية، فمحامي الرئيس صدام حسين أعطى الانطباع بأنه ربما يكون الآن مستعداً، وهذه المرة ذهبت كوندوليزا رايس وقابلت صدام حسين قبل مدة، وعرضت عليه العرض نفسه، ورفض صدام هذا العرض مرة أخرى رفضاً باتاً. وأعلن انه لو أراد ان يترك العراق لكان تركه سابقاً، لكنه موجود في العراق ويريد ان يموت في العراق وتفاصيل أخرى.
3 استكمال العملية السياسية بتشكيل حكومة جديدة موالية للولايات المتحدة، وتوقيع اتفاق أمني ودفاعي معها يتضمن انسحابها من المدن العراقية الرئيسية الى القواعد التي قامت بإنشائها في العراق، وبعد ان يتمّ استكمال بناء ما يسمى <الجيش العراقي الجديد> وقوات الشرطة وغيرها من القوات الأمنية، وأن يقتصر دورها بعد ذلك على تأمين التغطية الجوية لتلك القوات العراقية، وإذا ما تطلّب الأمر الطلب من جامعة الدول العربية من خلال الحكومة العراقية الجديدة الموالية لها، إرسال قوات عسكرية عربية و/أو إسلامية لتتولى حماية المدن الرئيسية العراقية والى أن تتمكّن القوات الحكومية الجديدة من تولي تلك المسؤولية.
4 أن يقتصر وجود القوات الأميركية، بعد تنفيذ ما ورد في الفقرة (3) أعلاه على أربع قواعد عسكرية رئيسية في العراق.
خامساً: ما مدى إمكانية نجاح هذه الاسترايتجية الأميركية في العراق؟
يمكن القول إن مدى نجاح هذه الاستراتيجية في العراق تعترضه الصعوبات التالية:
1 تعثر العملية السياسية في العراق، حيث رغم كل الضغوط الأميركية فإن الأطراف العراقية المختلفة لم تتمكّن حتى الآن (وقت كتابة هذه المحاضرة)، وبعد مضي أكثر من أربعة أشهر على الانتخابات، من الاتفاق على رئيس للوزراء (17).
2 وحتماً بعد أن يتمّ الاتفاق على رئيس للوزراء والمواقع الرئيسية الأخرى وعلى المحاصصة الطائفية في اختيار الوزراء، فلا يتوقع ان تكون هذه الوزارة فاعلة وان تتمكن من ضبط الأمن وتحقيق الاستقرار وتحسين الخدمات للشعب العراقي من كهرباء وماء وصحة وغيرها، والتي هي جميعها آخذة بالتدهور منذ الاحتلال وحتى الآن، وخاصة أن الأطراف المختلفة المشاركة في الحكومة الجديدة، وبفرض نجاحها، تنطلق من اعتبارات طائفية ومذهبية وعنصرية ولا تمتلك أفقاً وطنياً يجمعها فيما بينها، مما سيعكس نفسه في صراعات داخلية بينها وفي أدائها. وبالتالي من المتوقع ان تفشل هذه الوزارة، حتى لو تمّ تشكيلها، في المهمات الرئيسية المتوقعة منها.
3 ستحتاج الحكومة الجديدة، حتى إذا تمّ تشكيلها، وكذلك البرلمان الجديد، إلى إصدار (55) قانوناً لتطبيق بعض مواد الدستور التي تحتاج إلى هذه القوانين، وبعض هذه القوانين تمثل قضايا شديدة الخلاف والحساسية بين التكوينات السياسية المختلفة حالياً في العراق.
4 كما يتطلّب الأمر من هذه الوزارة الجديدة والبرلمان، ان يقوما بتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور الذي تم الاتفاق عليه في استفتاء تشرين الأول الماضي (2005)، والذي ينصّ على تشكيل لجنة خلال مدة لا تزيد عن (120) يوماً، لإعادة النظر في الدستور حول المواد المختلف عليها فيه.
5 وحتى إذا نجحت الحكومة الجديدة في تشكيل هذه اللجنة، فإن المطلوب موافقة هذه اللجنة على التعديلات المقترحة، وهو أمر غير مؤكد، ثمّ موافقة الحكومة ومجلس النواب على هذه التعديلات المقترحة وهو أمر في غاية الصعوبة.
6 وحتى لو وافقت الحكومة والبرلمان على التعديلات المقترحة من قبل اللجنة، فإنها يجب أن تعرض خلال (60) يوماً على الاستفتاء الشعبي. وحتى إذا افترضنا جدلاً أن التعديلات (او الدستور المعدّل) سيمر بكل هذه المراحل بنجاح بما فيها عملية الاستفتاء، فإن بإمكان أية ثلاث محافظات ان تسقط هذا الدستور المعدل (التعديلات) إذا صوّت ثلثا الناخبين فيها برفض التعديلات، وهو أمر محتمل جدا إذا كانت التعديلات لا تلائم الأكراد حيث بإمكانهم افشالها من خلال رفض ثلثي الأكراد في محافظات أربيل والسلمانية ودهوك، او إذا كانت التعديلات لا تلائم قائمة الائتلاف فيمكن ان يحصلوا على رفض ثلثي الناخبين في ثلاث محافظات على الأقل في الجنوب و/او وسط العراق لرفض هذه التعديلات.
7 وجميع ما ذُكر أعلاه هو نتيجة لغياب الممارسة والثقافة والديموقراطية في العراق. فمنذ ثورة 14 تموز/يوليو 1958 لم يمارس العراقيون أبداً تصويتاً حقيقياً في انتخابات، فإذا ما أخذت الفترة من 1958 الى 2003 نجد أننا نتحدث عن 45 عاماً، وإذا زعمنا ان الشخص يكون قد وصل الى النضج السياسي في عمر الخامسة عشرة او الثامنة عشرة نستطيع أن نقول إنه حينما وقع الاحتلال كان جميع العراقيين من عمر الستين فأقل من لم يمارسوا الديموقراطية في العراق. فماذا عن القوى السياسية في العراق؟ الأحزاب السياسية التي جاء معظم قادتها مع قوات الاحتلال لم يمارس أي منها أية ديموقراطية. قادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية معينون ولم ينتخبوا أبداً، وينطبق هذا على ابراهيم الجعفري وأحمد الجلبي، وحتى على الأكراد، إذ يقال أحياناً إن كردستان نموذج للديموقراطية. حسناً ان المرة الوحيدة التي جرت فيها انتخابات برلمانية لانتخاب برلمان كردي كانت في عام ,1994 وقد عاش هذا البرلمان عاماً واحداً وشكلت حكومة موحدة انقسمت بعد ذلك الى حكومتين، واحدة في السليمانية وواحدة في آربيل، وجرى قتال الى حد ان مسعود برزاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردي طلب العون من صدام حسين لإخراج أتباع جلال الطالباني منها. ومسعود برزاني لم يجر أبداً انتخابات في حزبه وهم يتزعم هذا الحزب، وينطبق الأمر نفسه على جلال طالباني حتى الآن. وقد أعلنا انهما سيوحدان حكومتيهما مرة أخرى في غضون عامين، ولكن أكثر من ثلاث سنوات مضت ولم يفعلا شيئاً من هذا القبيل. وإذن فهذه تنظيمات ميليشيا وهؤلاء قادة ميليشيات، وينبغي ان نضع هذا في اعتبارنا حينما نتحدّث عن مستقبل الديموقراطية في العراق.
لم أكن أقصد مما ذكرت أننا ينبغي أن لا نبدأ العملية الديموقراطية، إنما يتعين علينا أن نعي حدود هذه العملية. والصعوبة الأخرى الواضحة الآن بعد الانتخابات بشأن تشكيل مجلس وزراء تكمن في أنه لا يوجد قادة يملكون القوة او الصدقية او حتى الرغبة في تجميع أحد حولهم إلا مَن ينتمون الى ديانتهم او جماعتهم العرقية. فكيف يمكن تشكيل حكومة موحدة من هذه الجماعات؟
هذه هي المحنة التي تواجهها إدارة بوش الآن في العراق. ويمكن للمرء ان يقول بأمان ان الاستفتاء على الدستور وانتخاب مجلس جديد للنواب في كانون الأول/ديسمبر 2005 لم يأتيا بأمن او استقرار، إنما هما عوضاً عن ذلك كشفا عمق الانقسامات الطائفية والعرقية في العراق.
8 ويُضاف الى كل ذلك استمرار المقاومة الوطنية العراقية بعد فشل القوات المحتلة في العراق في اجراء حوار معها للتخلي عن المقاومة والانخراط في العملية السياسية، حيث فشلت الإدارة الأميركية في إقناع اطراف المقاومة الوطنية بذلك، والتي تطالب قبل الدخول في أية مفاوضات بإعلان الإدارة الأميركية عن استعدادها للانسحاب من العراق خلال مدة وجيزة بدون ترك أية قواعد عسكرية وراءها في العراق، وان المفاوضات يمكن أن تتم بعد إقرار الإدارة الأميركية بذلك وبتنفيذه. وهنا لا بدّ من بعض التوضيح حول المقاومة العراقية.
المقاومة العراقية:
في حدود ما يسمح به الوقت سأعطي خلاصة سريعة عن المقاومة في العراق. فأولاً يجب التفريق بين المقاومة والعمليات الإرهابية. هناك عمليات إرهابية من قتل وخطف واستهداف مدنيين، وهذه أمور مُدانة بكل المعايير وبكل القوة، ولكن القضاء على هذه العمليات الإرهابية ليست مسؤولية المقاومة، لأن الأمن هو مسؤولية قوات الاحتلال وما تسمّى الحكومة العراقية المؤقتة. أما المقاومة فهي أمر آخر.
في أدبيات التقارير الأميركية يطلقون عليها اسم التمرد (Insurgency) ولا يستعملون كلمة المقاومة (Resistance) فيما عدا المجموعة الدولية للأزمات (International Crisis Group) فهي تسمّيها أحياناً مقاومة وأحياناً أخرى تمرّداً. (Insurgency) وقيل كلام كثير حول المقاومة وحول ما إذا أعدّ لها قبل الغزو او بعد الغزو. ومن الملاحظ من تجارب المقاومة في دول مختلفة، انه كانت هناك فترات تحضيرية تستغرق ما بين ستة أشهر الى سنة بين الاحتلال وبدء المقاومة. أما في حالة العراق فقد سقطت بغداد في 9 نيسان/أبريل 2003 والمقاومة بدأت في الشهر نفسه. وهذا أثار الكثير من الجدل حول ما إذا كانت المقاومة معداً لها مسبقا ومهيأ لها، وهناك تقارير مختلفة وآراء مختلفة حول هذا الموضوع. لكن أياً كان، سواء أُعدّ قسم منها قبل الغزو او بعد الغزو مباشرة، فالمقاومة موجودة ومستمرة وتتزايد.
بالنسبة لمن يريد أن يأخذ معلومات أكثر حول المقاومة، هناك تقريران صدرا مؤخراً. أحدهما أعتقد أنه من أهم التقارير التي صدرت حول المقاومة، وهو التقرير الذي صدر يوم 23 آذار/مارس الفائت بعنوان (Iraq"s Evolving Insurgency and the Risk of Civil War CSIS) (18) ، لأنتوني كوردسمان الأستاذ بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، ويقع التقرير في أكثر من 200 صفحة لكن الخلاصة التنفيذية والاستنتاجات لا تدع مجالاً للشك في أن هناك مقاومة متزايدة ومنتشرة وعلى درجة عالية من التخطيط والتقدم التكنولوجي، وهي في سباق مع البنتاغون في بعض العمليات. على سبيل المثال أذكر حالة منها، هناك شيء يسمّونه Road Side Bomb أي المتفجرات التي تزرع على جوانب الطرق والمصطلح التقني لها هو IED وهذا اختصار لعبارة Improvised Explosive Devices أي أجهزة تفجير مرتجلة؛ وأكثر من 50 بالمئة من الإصابات القاتلة في القوات الأميركية و70 بالمئة من الجرحى هي بسبب هذا النوع من المتفجرات. وفشلت كل المحاولات من البنتاغون للقضاء على هذا النوع، ومؤخراً اضطر البنتاغون ان يعيد جنرالاً متقاعداً للعمل مع فريق وخصّصوا لهم 3.2 مليارات دولار لمحاولة مكافحة ال Road Side Bomb في العراق، وهذا مثال فقط.
والتقرير يشمل معلومات مفصلة حول القيادة وغيرها. والتقرير الثاني المهم والمكمل في الحقيقة لهذا التقرير هو التقرير الذي نشرته International Crisis Group وعنوانه: المقاومة تتحدّث عن نفسها: قراءة المقاومة العراقية (19).
وأعود الى حديثي عن المقاومة. وكما ذكرت هناك مجموعة من الأعمال هي أعمال إرهابية لا علاقة بها بالمقاومة، ومن ضمن الأعمال الإرهابية تدخل مجموعة ما يسمى بالزرقاوي الخ، ولكن هل الزرقاوي موجود أم لا؟ في الحقيقة الزرقاوي موجود ولكن هناك أكثر من زرقاوي، فهناك زرقاوي أميركي وهناك زرقاوي موساد وهناك زرقاوي ايراني وهناك زرقاوي حقيقي. بعض القوات الخاصة الأميركية تقوم بعمليات باسم جماعة الزرقاوي والقاعدة الخ، والذين لديهم لسبب او لآخر مآخذ على القوات الأميركية، فيأخذون امدادات من مال وسلاح من الزرقاوي ويخترقون من قبل بعض القوات الخاصة، سواء كانت أميركية او ايرانية او موساد ويقومون بعمليات وتحسب كلها ضمن الزرقاوي.
الهوامش
(?) النص المقدّم هنا يشكل ادماجا لثلاث محاضرات ألقاها الدكتور خير الدين حسيب خلال الأسبوع الأول من شهر نيسان الماضي أثناء زيارته لواشنطن بدعوة من <مركز الدراسات العربية المعاصرة> التابع لجامعة <جورج تاون> بالعاصمة الأميركية. وقد ألقيت المحاضرة الأولى (بالانكليزية) في الجامعة، والثانية (بالعربية) في الجامعة أيضاً، وألقى الدكتور حسيب الثالثة (بالانكليزية) أمام <مركز تحليل السياسة الفلسطينية> (الذي كان قد أسسه المفكر العربي الراحل هشام شرابي). وتنشر <السفير> النص بالتعاون مع مجلة <المستقبل العربي>.
(1) حول تفصيل أكثر عن أهداف أميركا المعلنة لتبرير غزو واحتلال العراق، انظر: خير الدين حسيب. مستقبل العراق: الاحتلال المقاومة التحرير والديموقراطية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2004)، ص 116 119 و212 .220 او مجلة: المستقبل العربي، السنة ,27 العدد 303 (أيار/مايو 2004)، ص 6 ,30 والسنة ,27 العدد 307 (أيلول/سبتمبر 2004)، ص 6 .30
(2) حول الأهداف غير المعلنة لاحتلال العراق، أنظر: حسيب، المصدر نفسه، ص 217 ,220 او المستقبل العربي، السنة ,27 العدد 307 (أيلول/سبتمبر 2004) ص 6 .30
(3) حول تفاصيل <النفط كهدف أساسي لاحتلال العراق>، انظر: حسيب، المصدر نفسه، ص 217 ,219 او المستقبل العربي، المصدر نفسه. كذلك نُقل عن لاري لندسي، المستشار الاقتصادي للرئيس بوش، قوله في تصريح نُشر في جريدة Wall Street Journal, 15 September .2002 <إن أفضل طريقة لضبط أسعار النفط هو شن حرب قصيرة ناجحة على العراق>، نقلا عن Linda Bilmes and Joseph E. Stiglitz, The Economic Costs of the Iraq War: An Appraisal Three Years after the Beginning of the Conflict, paper prepared for presentation at the: ASSA Meeting, Boston, January 2006.
انظر ايضا: سمير أمين، <تعليق على مقال عبد الخالق عبد الله عن مدينة دبي>، سينشر في: المستقبل العربي، السنة 28 العدد 328 (حزيران/يونيو 2006)، حيث يقول إنه <ثم دخل النظام العالمي في مرحلة جديدة انطلاقاً من التسعينات فظهرت استراتيجيات جديدة فيما يخص إدارة موارد الطاقة، والنفط خاصة. تجلّى هذا التحوّل في قرار واشنطن بالتدخل العسكري المباشر في المنطقة، ومن خلاله ضمان التحكم المطلق في أسواق النفط لصالحها؛ بمعنى آخر الاستيلاء المباشر على المورد وتحديد أوجه التصدير والأسعار، وأخذت المؤسسة الأميركية في تنفيذ المشروع انطلاق (انطلاقاً) من حرب الخليج عام 1990>. ثم يمضي بالتساؤل عن <ما هي الأسباب التي أدت الى العمل بهذا المنهج الجديد؟> ويجيب <يقال إنه ناتج إدراك واشنطن أن النفط سيصبح مورداً نادراً في المستقبل <القريب> فلن تتوفر الكميات المطلوبة لمواجهة الطلب المتزايد عليه وبالتالي ان استمرار استفادة الولايات المتحدة بمركزها المميز يتطلب السيطرة المباشرة على مناطق الإنتاج. بالإضافة الى ان هذه السيطرة من شأنها ان توفر لواشنطن أداة ضغط فعالة على الدول الأخرى ولا سيما أوروبا والصين. أعتقد ان هذا التحليل صحيح الى حد كبير 146؛ على أن تنفيذ البرنامج قد افترض انقلاباً في موازين القوى العسكرية، وهو ما تحققه بالفعل مع القوة السوفييتية>.
(4) حول هدف <ضمان أمن إسرائيل> وموقف العراق من إسرائيل، انظر: حسيب، المصدر نفسه، ص 146؛ 219 ,220 او المستقبل العربي، المصدر نفسه.
(5) Bob Woodward, Plan of Attack (New York; London: Simon and Schuster, 2004), p. 146; 312; 315.
(6) Tommy Franks with Malcolm McConnell, American Soldier (New York: HarperCollins Books, 2004), p. 204.
(7) تفاصيل موقف الدول العربية من احتلال العراق، انظر: <الموقف العربي بين الواجب والواقع>، في: حسيب، مستقبل العراق: الاحتلال المقاومة التحرير والديموقراطية، ص 74 ,85 او مجلة المستقبل العربي، السنة ,25 العدد 290 (نيسان/ابريل 2003) ص 6 .23
(8) انظر: سحر بعاصيري، أخطاء تكتيكية؟>، النهار (بيروت)، 1/4/,2006 ص ,1 حيث أشارت الى نص تصريحها مترجما الى العربية.
(9) المصدر نفسه، ص 1 و.12
(10) انظر الشرح المفصل لما حدث في الأيام الأولى من احتلال بغداد في Robert Fisk, The Great War For Civilization: The Conquest of the Middle East (London: Fourth Estate, 2005), p. 1204 - 1233., ويقول فيسك، انه تجاه كل ما حدث فقد أغمض <الأميركيون عيونهم، والحقيقة فقد أظهروا تحديداً بأنهم لا ينوون منع <تحرير> هذه الملكية، وإلا ان ما يجلب الانتباه انه في حين ان الولايات المتحدة سمحت للغوغاء بتحطيم ثم حرق ونهب وزارات التخطيط، والتربية، والري، والتجارة، والصناعة والخارجية، والثقافة والاعلام، وكذلك البنك المركزي، والمتاحف في بغداد والموصل ونهبها، وكذلك المكتبات إلا أنهم قاموا بحماية وزارتي الداخلية والنفط فقط (ص 1220).
(11) حول الطائفية في العراق، أنظر: حسيب، مستقبل العراق: الاحتلال المقاومة التحرير والديموقراطية، ص ,130 وحسن صبرا، <ناموا يا عرب لتستفيقوا على عراق ثانٍ في لبنان>، الشراع (لبنان)، 17 نيسان/ابريل ,2006 ص 4 .6
(12) بعاصيري، <أخطاء تكتيكية>، ص .12
(13) انظر: حسيب، المصدر نفسه، ص 132 ,133 او مجلة المستقبل العربي، السنة ,27 العدد 303 (أيار/مايو 2004)، ص 6 .30
(14) انظر: بعاصيري، المصدر نفسه.
(15) المصدر نفسه.
(16) انظر على سبيل المثال Rich Lowry (NR Editor), The Khalilzad Report: Our Man in Iraq on Progress and Strategy, Early Bird, 9 November .2005
(17) تم يوم 23 نيسان/ابريل وبعد مخاض عسير الاتفاق على اختيار رئيس للوزراء، ورئيس للجمهورية، ونائبين له، وكذلك رئيس لمجلس النواب ونائبين له، ولكنه لم يتم حتى الآن الاتفاق على تشكيل الوزارة مما دفع وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ووزيرة الخارجية كونداليسا رايس لزيارة بغداد والاجتماع مع المعنيين بالموضوع للإسراع في تشكيل حكومة <وحدة وطنية> و<حل الميليشيات> وتوجيهات أخرى.
(18) صدرت بعد المحاضرة نسخة منقحة من التقرير بتاريخ 26/4/2006 ويقع في 358 ص. انظر: Anthony H. Cordesman with the assistance of Eric M. Brewer and Sara Bjerg Moller, Iraq"s Evolving Insurgency and the Risk of Civil War, Working Draft, revised: April .26 2006 (Washington, DC: Center for Strategic and International Studies, 2006).
(19) In Their Own Words: Reading the Iraqi Inssurgency, Middle East Report; no. 146; 50 - 15 February 2006 (Washingtion, DC; New York: International Crisis Group, 2006).
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |