[align=center]بعد أن سدت الطرق في وجوههم.. ألاف المرضى يبحثون عن فرصة للعلاج خارج العراق[/align]
محمد جياد
تطالعنا الصحف يوميا بعشرات الشكاوى والاستغاثات التي يطالب اصحابها الجهات الرسمية والمنظمات الانسانية بتقديم العون والمساعدة لمعالجة ابنائهم من خلال توفير فرص لمعالجتهم خارج العراق وعلى نفقة هذه الجهات بعد ان عجزوا عن الحصول على هذه المساعدات او اتمام العلاج في داخل العراق نظرا للظروف الامنية غير المستقرة التي يمر بها البلد فضلا عن عدم توفر اساليب العلاج ومستلزماته الضرورية قياسا بما هو موجود في دول العالم المتقدمة لاسيما في بعض الامراض السرطانية والقلبية والتشوهات الخلقية وزراعة الاطراف وغيرها.
هموم.. ومعاناة.. واستغاثة
والمتابع لهذه الشكاوى والاستغاثات يرى بين ثناياها هموم ومعاناة اقتصادية واجتماعية اثقلت كثيرا كاهل المواطن العراقي المتعب لاسيما طبقات الشرائح الفقيرة والمتعبة التي اضافت الى همومها التغيرات الجديدة الحاصلة في المجتمع كما هائلا من المتطلبات المتمثلة بالاحتياجات الاساسية كالكهرباء والماء والمحروقات ووسائط النقل والاضطراب الامني والاجتماعي والتي فرضت اجندتها بقوة على جدول وميزانية المواطن المالية.. فتراه يتشبت بالحلول الوقتية ويعتمد الترقيعات الاستثنائية التي لم تعد قادرة على اضفاء الطابع المر لهذه المعاناة .. والتي تربعت على عرشها ثلاثية الفقر والجهل والمرض بين شرائح واسعة من المجتمع وما يهمنا في هذا الباب هو البحث عن حلول ومعالجات لقضية مهمة باتت تفرض نفسها بقوة على ارض الواقع والمشهد العراقي الحالي الا وهي مشكلة الطلبات المتواصلة من المواطنين الى الوزارات المعنية الرسمية وغير الرسمية لتقديم العلاج والمساعدة المجانية..المؤتمر اجرت جولة صحفية وميدانية والتقت باطراف هذه القضية والمشكلة الانسانية التي تبحث عن حل ومعالجة اجريت العملية في الداخل.. فمات ولدي!
يقول المواطن سامي الفتلاوي.. توجهت الى الكثير من الجهات الانسانية والمؤسسات الحكومية لطلب العون والمساعدة في معالجة ولدي - 11 عاما - الذي يعاني من فتحة ولادية في القلب وتهطل في الصمام الابهر وقد اجهدت نفسي كثيرا وعائلتي لكني لم اصل الى نتيجة مقنعة بل على العكس ازدادت معاناتي وضاقت بي الدنيا بعدما اجريت العملية لترقيع الفتحة الولادية لولدي في احد مستشفيات بغداد بعدما اخبروني بعدم امكانية اجراء عملية تبديل صمام للقلب في عمره.. وقد توكلت على الله في ذلك وتم اجراء العملية من قبل طبيب اخصائي لا اريد ذكر اسمه - سامحه الله - بعدما رفض بقية الاطباء اجراء العملية كون ولدي يعاني من من التهاب الكبد الفايروسي - ابو صفير - بحجة الخوف من العدوى.. وقد خرج ولدي من المستشفى بعد العملية لمدة ايام ثم انفتحت خيوط العملية مما ادى الى ظهور نزف حاد لدى الطفل لم يتمكن اطباء الطوارىء من انقاذه ليغادرنا الى الله شاكيا..!
عدم وجود جهة رسمية قادرة على ارسال المرضى للعلاج ويؤكد المواطن احمد (الحاج ابو كاظم) ان القضية ليست في نجاح العملية او فشلها ولكن في عدم اجراء الكثير منها داخل البلاد ولاسباب كثيرة منها عدم توفر الامكانيات والخبرات اللازمة لاجرائها فضلا عن عدم وجود جهة رسمية او غير رسمية قادرة على ارسال المرضى المحتاجين الى عمليات للمعالجة خارج العراق لعدم وجود تخصيصات مالية لتوفير العلاج ونفقات النقل والسكن والمتابعة.. داعيا الجهات الرسمية لاسيما الحكومة الجديدة الى ايلاء هذا الموضوع بعض الاهتمام واعتماد خطة لمعالجة المرضى ذوي الدخل المحدود والعمل على وضع حل لمعاناتهم المزمنة.
كثرة المراجعات .. سببت لي امراضا اضافية !
وتبدي السيدة ابتهال ثامر الشمري.. امتعاظا وتذمرا كبيرين لكثرة مراجعاتها للمؤسسات الخيرية والوزارات المعنية مؤكدة انها تعاني من امراض عدة تراكمت على جسدها المتعب - 60 عاما - وان المراجعات المستمرة اضافت الى همومها هما جديدا يتمثل بصعوبة النقل والصرفيات المالية المترتبة على ذلك منوهة الى انها تعاني ومنذ تسعينات القرن الماضي من امراض ذات الرئة والكلى فضلا عن مرض السكري الذي ظهر ليضيق عليها الخناق اخيرا.. داعية وزارة الصحة الى ضرورة الاضطلاع بدورها الانساني في هذا الباب والاخذ بيد المواطنين الذين هم بحاجة الى علاج ودواء او عمليات خارج العراق لغرض التخفيف من عظم مأساتهم
مسؤولية الدولة المهنية والاخلاقية
السيد محمد رحيم - موظف في الصحة - يتطرق الى الموضوع من زاوية اخرى مبينا ان المسؤولية الاخلاقية والمهنية تتطلب من مجلس الوزراء ووزارة الصحة حصرا الى الاخذ بملفات هذه القضية والبحث عن حلول من خلال المطالبة بتوفير دعم مالي وتحديد ميزانية خاصة لمعالجة المحتاجين داخل وخارج العراق.. مشيرا الى ان الامراض المنتشرة في البلاد ازدادت في الفترة الاخيرة بسبب ظاهرة التلوث الغذائي والبيئي وعدم توفر المياه الصحية الصالحة للشرب في اكثر مناطق العاصمة بغداد والمحافظات فضلا عن المؤثرات الاشعاعية والتراكمات النفسية الاخرى ونوه رحيم الى انه عانى الامرين بالرغم من كونه يعمل في وزارة الصحة من خلال مرافقته المستمرة لزوجته التي تعاني من اورام سرطانية يصعب علاجها في الداخل.. مناشدا الوزارات المعنية الى ضرورة عقد مؤتمر مشترك لمعالجة هذه الظاهرة المستفحلة بالنظر لكثرة ملفات المواطنين المعروضة امام الجهات الصحية المعنية والتي يطالب ذووها بالمعالجة بعد ان سدت الطرق في وجوههم وعجزوا عن ايجاد حلول مناسبة وحاسمة.
مرضى بحاجة الى معالجة.. والتخصيصات معدومة
من جانبه كشف الدكتور جاسب لطيف علي مدير عام دائرة الديوان في وزارة الصحة عن وجود اكثر من (8000) اضبارة لاطفال مرضى يعانون من مختلف الامراض المستعصية في قسم الصحة الدولية منوها الى ان البعض منهم يتعرضون للموت السريع في اي لحظة وانهم يحتاجون الى علاج سريع.. مؤكدا عدم وجود تخصيصات مالية لدى وزارة الصحة لارسالهم على حسابها الخاص بغية المعالجة خارج العراق.. منوها الى عدم وجود صلاحية للوزارة في هذا الاطار وانها عقدت اتفاقيات للتعاون مع المنظمات الانسانية الدولية لتقديم المعالجة للمحتاجين وعلى حساب هذه المنظمات للاسباب المذكورة انفا..
منظمات انسانية .. تهدف الى الدعاية والاعلام
ويشير مدير عام دائرة الديوان الى ان البعض من المنظمات الانسانية خذلت الوزارة ولم تقدم اية مساعدات لمعالجة المرضى خارج العراق وانها كانت تبحث عن معالجة المرضى الذين يحتاجون الى عمليات تجميلية بسيطة تحدث تغيرا ظاهرا.. وتعطي بعدا اعلاميا ودعائيا.. مؤكدا تعاون بعض المنظمات الانسانية الفرنسية والاسبانية من خلال تقديم العلاج واستقبال ما يزيد عن 66 طفلا يعانون من بعض التشوهات الخلقية فضلا عن تقديم مساعدات اخرى في هذا الاطار من قبل بعض المنظمات الدولية الانسانية الناشطة في مجالات الاغاثة والمساعدات الطبية والعلاجية واوضح لطيف ان توفير تخصيصات مالية محددة تساعد على توفير العلاج لحوالي اربعة الاف مريض يعانون من مختلف الامراض المستعصية، و 1200 طفل كذلك بحاجة الى علاج ضروري وعاجل.. مبينا عدم وجود تعاون من قبل بعض الوزارات المعنية لتوفير هذه التخصيصات واكد مدير عام دائرة الديوان وجود معاناة لدى وزارة الصحة في مجال التخصيصات المالية لدفع مخصصات الاطباء والبالغة (150) الف دينار والتي تم اقرارها قبل مدة غير قصيرة من قبل مجلس الوزراء الامر الذي دعا الوزارة الى اعتماد سياسة ترشيد للنفقات المالية في مجالات مختلفة لديها لتعويض النقص وسد النقص الحاصل والعمل على توفير مخصصات مالية لصرف هذه المخصصات وبعد هذه الجولة المكوكية لاطراف المشكلة التي مازالت تتواصل وتتزايد وتيرتها مع اطلالة كل يوم جديد على ابناء العراق الشرفاء.. حيث تتفاقم وتتسع مدياتها باستمرار المرضى وذويهم في رحلة البحث عن علاج لامراضهم المستعصية فتجدهم يناشدون ويستغيثون ويعبرون عن الامهم ومعاناتهم من خلال صرخات متواصلة ازدحمت بها وسائل الاعلام لاسيما المقروءة منها.. ولكن لا استجابة شافية في الافق لتظل الحلول المقدمة من قبل وزارة الصحة وبعض المنظمات الانسانية لاتفي بالغرض المطلوب امام هذا الكم الهائل والمتنوع لمرضى استعصت حالاتهم من العلاج في الداخل.. فشمروا عن سواعدهم وشحذوا السنتهم متوسلين الى الله اولا ومطالبين الخيرين والشرفاء ثانيا .. عسى ان يجدوا حلا ومخرجا لهمومهم التي تزاحمهم من خلال اجساد مرافقة تئن من وطأة المرض وحرارة الصيف.. ومذلة العوز والحاجة! انها ملفات انسانية .. مطروحة امام انظار المسؤولين.. عسى ان تجد اذانا صاغية وابصارا تنظر بعين الحق وتخاف الله لتعمل على تفعيل الاجراءات للاسهام في انقاذ هؤلاء من قبضة وحش المرض الكاسرة..!!