ضرورة الوحدة الاسلامية الآن اكثر من اي وقت مضى
يبدو ان الوعود التي قدمها الأمريكان لبعض المتصدين للعمل السياسي في العراق ذهبت أدراج الرياح ، بعد ان كشف الأمريكان عن نواياهم حول مستقبل العراق و اخضاعه للاحتلال العسكري بدلا من اعطاء الحرية للشعب و اقامة الديموقراطية ، او تسليم السلطة لهذا او لذاك من المعممين او الشيعة الذين وعدوهم لدى زيارتهم في واشنطن ، مما يعني ان المستقبل العراقي في خطر شديد ومفتوح على كل الاحتمالات. وفي هذه الفترة فان التيار الاسلامي الشيعي و السني مدعو للاتحاد و التكاتف لمواجهة التيارات الليبرالية المعادية للدين ، وبما ان الشيعة هم اكثرية الشعب العراقي فان الوحدة الشيعية مطلوبة اكثر من اي وقت مضى ليس في مواجهة السنة ، و انما في مواجهة الأخطار المحدقة بالعراق . ولا بد من حل التوتر و الخلاف الناشب بين التيارين الكبيرين تيار السيد الحكيم و تيار الصدر ، بالاضافة الى الحوار و التعاون بين التيارات المختلفة الأخرى مثل حزب الدعوة بكل فصائله وكذلك تيار منظمة العمل وفروعها المختلفة. وقد تأسفنا كثيرا لموقف السيد الحكيم من اللقاء بالسيد مقتدى الصدر كما تأسفنا لموقف السيد الصدر السلبي من الاحتفاء الشعبي بالحكيم ، خلال مقابلاتهما الاخيرة ، وكنا نتمنى ولا نزال على العقلاء بين الصفين ان يتجاوزوا خلافات الماضي و يفكروا بمخاطر المستقبل التي تهدد بالقضاء عليهم جميعا او تحجيمهم تماما.
وما دام التيار الاسلامي عموما قد قبل في هذه الفترة فكرة فصل الدين عن السياسة ، او اقامة دولة ديموقراطية ، فلا مجال لأحد من المراجع او الاحزاب الاسلامية ان يطالب بالانفراد بالساحة فضلا عن الهيمنة عليها ، و لا مجال بالطبع لأفكار مثل الوصاية الدينية على الشارع الاسلامي ، مثل ما قال السيد مقتدى الصدر في لقائه الأخير . اذ ان نظرية ولاية الفقيه نظرية اجتهادية ولم يقبل بها كل علماء الشيعة ، و الذين قبلوا بها في ايران تخلوا عنها الآن في العراق . واذا كان السيد كاظم الحائري قد طرح هذه النظرية بقوة في ايران و طالب حزب الدعوة باستحصال اذن رسمي من الامام الخميني ، وانسحب من حزب الدعوة ومن منصبه كفقيه للحزب في اواسط الثمانينات ، فانه لا يمكن ان يطرح هذه النظرية الآن في العراق او يطالب حزب الدعوة او اي حزب آخر ، او يقوم اي طرف من قبله كالسيد مقتدى الصدر بالمطالبة بذلك ، لأنه لا ولاية لأحد على أحد في العراق . وان اي طرح من هذا القبيل سوف يعكر مزاج الساحة الاسلامية في العراق ، ولابد لكل التيارات و الأحزاب من التحلي بالتواضع و تقدير الموقف و المصلحة العامة و التفكير بالمستقبل الغامض ، و العمل من أجل توحيد الساحة بالتنازل للأخوة والعمل معهم من اجل انقاذ العراق من براثن الاستعمار الجديد.
وبما ان الحركات و التيارات الاسلامية المختلفة قد التزمت بالديموقراطية ، فان مقتضى ذلك الاعتراف بالقوى المختلفة الموجودة في الساحة و عدم حذف اية قوة او اقصاء اية مجموعة ، وهذا يقتضي التحلي بعقلية جديدة تقوم على الاعتماد على الشرعية والقوة النابعة من الشعب و ليس من النظريات الاجتهادية المختلف حولها.
ان الايمان بالفكر الديموقراطي الاسلامي يقتضي نبذ الفكر الثيوقراطي الذي كان مسئولا عن قدر كبير من الاحباطات والأخطاء في التجربة الاسلامية في العقود الماضية ، كما ان التمسك بالممارسة الديموقراطية المبنية على التواضع للآخرين كفيل بتمتين الجبهة الداخلية ، خاصة في مواجهة المخاطر المحدقة بنا اليوم
أليس كذلك
أحب في الله من يبغضني في الله