 |
-
العراق: خبر عاجل..!
العراق: خبر عاجل..!
GMT 20 00 2006 الأحد 11 يونيو
الاتحاد الاماراتية
--------------------------------------------------------------------------------
الإثنين: 2006.06.12
عائشة المري
مات الزرقاوي.. خبر عاجل قادم من العراق، موت حملته الطائرات الأميركية فهل ينهي هذا الموت عبثية الموت المتصاعد في أرض العراق؟ سؤال لا يبحث عن إجابة لكن يحيلنا لأخبار كانت عاجلة لكن لتكرارها أصبحت خبزاً يومياً للقنوات الإخبارية، عثرت الشرطة العراقية على أربع جثث مجهولة الهوية في.. انتشلت دوريات الشرطة اليوم أربع جثث مجهولة الهوية آثار التعذيب كانت واضحة على هذه الجثث وقد أطلقت عليها النار في منطقة الرأس.. العثور على جثث 14 قتلوا رمياً بالرصاص... وبعد.. ما الخبر العاجل؟ موت قد يفضي إلى حياة أم موت لا يحمل هوية، فهل الجثث المجهولة الهوية المتناثرة على أرض العراق خبر عاجل تتناقله وسائل الإعلام؟ هل الانفجارات العبثية والسيارات المفخخة خبر عاجل؟!
عبث وموت مجاني، جثث لا تحمل هوية تتكدس في مشارح العراق كارثة إنسانية تمر أخبارها علينا مجرد خبر كغيره، ما العاجل القادم من العراق؟ وكيف لا تصبح أخبار الموت خبراً عاجلاً، ومنذ متى فقد الموت قدسيته في أرض العراق، لمَ تكرار أخبار الموت تحيل الخبر في وعي المتلقي العربي من الصدمة إلى التجاهل؟ من استباح الجسد العراقي ليتحول أبناؤه إلى جثث مجهولة الهوية؟ هل العراق اليوم أبعد من عراق صدام حسين؟ أم هو امتداد لعراق صدام حسين؟ لقد حكم حزب "البعث" ثلث قرن، حكم فيها صدام ما يقارب الربع قرن تمكنت خلالها سياسات "البعث" وصدام من تفكيك بنية المجتمع العراقي طائفياً وإثنياً. تم تفريغ المجتمع من الأحزاب والنقابات والمؤسسات التي ألحقت بـ"البعث" إلحاقاً، والأهم من كل هذا التشويه الاجتماعي الذي خلفته ممارسات عقود من التسلط، مقابر جماعية وتصفيات إثنية ومذهبية، فقر وتخلف وأحقاد متراكمة انفجرت مع سقوط النظام. ومن السجن الكبير المسمى عراقاً تحول الشعب العراقي إلى مساجين ألفوا زنزاناتهم فما عادوا يقدرون على تبعات الحرية إن أتت، فانكفأوا على مذاهبهم وعشائرهم. لقد صادر صدام مستقبل العراق كما صادر ماضيه، والعجز عن إطاحة صدام داخلياً فتح المجال لمن يرغب في إطاحته خارجياً، فكانت الحرب الأميركية البريطانية بكل ذرائعها النووية أو الديمقراطية. حياة العراقيين ما بعد صدام استحالت موتاً متنامياً من جنوب العراق إلى شماله.
إن العراق اليوم أقرب لعراق صدام حسين، لعراق المقابر الجماعية، لكن يومها كان الجلاد واحداً بينما اليوم تعدد يتقاسم دماء العراقيين، الأميركيين، بقايا الزرقاويين، البعثيين، أشباح لا تحمل ملامح معينة، كمائن تنصب على يدي مقاتلين يرتدون ملابس وزارة الداخلية، اغتيالات وقتل عشوائي. الأرقام القادمة من العراق منذ الاحتلال الأميركي والبريطاني مخيفة ولمن يرغب في الاطلاع على أعداد الضحايا العراقيين المدنيين فليطلع على موقع "Iraq body count" حيث يتم إحصاء الضحايا بشكل دوري فيما يعرف بمشروع تعداد الضحايا العراقيين (آي بي سي) وهو مشروع يهدف إلى تكوين بنك معلومات مستقل ومتكامل (معتمدة على تقارير وكالات الأنباء والصحف) ليسجل عدد المدنيين القتلى في العراق من جراء العمليات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة والقوات المتحالفة منذ عام 2003 حيث يتم توفير الرقم الأقل والرقم الأقصى. يهدف هذا المشروع كما ذكر في الموقع إلى أن يسجل بوضوح وافتراضياً مؤشراً أساسياً غير متغير لنتائج الحرب: عدّ الضحايا الأبرياء، ولكن العدد الفعلي غالباً ما يبقى مجهولاً لمدة طويلة، حتى بعد نهاية النزاع، إذا افترض أن ذلك العدّ يكون موضوع تقدير. ويمضي القائمون على المشروع بالقول "مهما كان عدد المدنيين الدين سيُقتلون خلال العدوان ضد العراق، من المستحسن أن عددهم لا يبقى مجهولاً لمن يدفع الضرائب لذبحهم. نكرس هذا المشروع لهؤلاء الضحايا بالذات، المهملين بسهولة ونعزم على أنه سيتم بناء نصب تذكاري خاص بهم".
يشير مشروع تعداد الضحايا العراقيين إلى أن نسبة الضحايا المدنيين العراقيين تتراوح بين (34711 إلى 38861) حسب آخر اطلاع لنا على هذا الموقع، مشروع إنساني يستحق الإشادة، فالشعب العراقي يذبح والعالم يراقب الجثث المتراكمة والأشلاء المتناثرة لمدنيين من أطفال ورجال ونساء لا يفرق الموت بين كهل ورضيع. مأساة أن تتكرر وتتكرر قصة "جمهورية الخوف" فما يقارب الـ30 ألف أو يزيد من المدنيين العراقيين الأبرياء رقم لابد أن نتوقف عنده باسم العروبة أو باسم الإنسانية، رغم كل ما روجت له الولايات المتحدة من نشر الديمقراطية والحريات في أرض العراق. ما كان ينتظر أن يصبح النموذج العربي للديمقراطية ها هو العراق بعد مرور الذكرى الثالثة لإعلان الرئيس جورج بوش في أول مايو 2003 أن المهمة في العراق قد أنجزت، أنجزت المهمة، وأرقام الضحايا في تصاعد وأخبار الجثث المتطايرة في الانفجارات المتوالية تطرِّز الأخبار القادمة من بلاد الرافدين، فكيف أنجزت المهمة ومازلنا بعد ثلاث سنوات نستعيد صور المقابر الجماعية الصدامية والجثث المتفحمة، لقد اختلف الجلاد بينما ظلت الضحية العراق.
مات الزرقاوي، فهل يحمل المستقبل بصيص أمل رغم أخبار الموت اليومية والجثث مجهولة الهوية، هل يمكن أن ينعم العراق بالأمان في يوم من الأيام. استقرار وازدهار بلد يتمتع بمواصفات فريدة لا على المستوى العربي فقط بل على المستوى العالمي من موارد طبيعية وموقع استراتيجي وخيرات وشعب فريد من الناجين دائماً. بلد عربي جمع أفضل ما في العالم العربي وأسوأ ما فيه، فمتى ستنتهي هذه الحقب الدموية من تاريخ العراق التي انسحبت على مستقبله؟ فهل يظل المستقبل مجرد سلسلة مكملة للحقب المظلمة التي مرت على العراقيين؟
مات الزرقاوي، فليعش العراق. إن التطلع للمستقبل هو أولوية في عراق اليوم ولن يحمي العراق ويحافظ على وحدته إلا أهل العراق. دعم الحكومة الجديدة هو خطوة في طريق الاستقرار الطويل، وتحجيم التدخلات والتداخلات على أرض الرافدين أمر لا يمكن قبوله. استقرار العراق هو استقرار للمنطقة وتفشي الموت المجاني في العراق سيتفشى في المنطقة ليعبر حدوداً موصدة إلا على الموت. إن الأرقام المتصاعدة من الضحايا أمر يتنافى مع أبسط مبادئ الإنسانية، فكيف لا تعرف الضحية جلادها وقاتلها، العدالة في السماء قول سديد لكن لابد للضحايا من شكل من أشكال العدالة الإنسانية، فمن يتحمل كل هذا الموت، الحكومة العراقية؟ أم القوات الأميركية، أم الزرقاويون أم البعثييون أم غيرهم، من سينصف أهل الضحايا ومن يعيد الأمن لأهل العراق؟ فقد فاض الموت في أرض العراق وعمَّ.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |