توضح المؤشرات أن شعرة معاوية بين الدولة الأردنية من جهة وجماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، قد انقطعت، وأن صفحة صفاء الماضي قد طويت، وأن شهر العسل الذي استمر لأكثر من نصف قرن قد انتهى بتحويل نواب عزاء «أبو مصعب الزرقاوي» الأربعة؛ المتشدد محمد أبو فارس، وعلي أبو السكر، وإبراهيم المشوخي، وجعفر الحوراني، الى معتقل «الجفر» الصحراوي بالقرب من مدينة معان والذي يبعد عن العاصمة الأردنية في اتجاه الجنوب نحو 250 كيلومتراً.
ويسود انطباع يصل الى حدود التأكيد أن نقل هؤلاء النواب الأربعة الى هذا السجن الصحراوي الذي يعتبر «باستيل» الأردن يعني ان الحكومة الأردنية ماضية بالشوط الى نهايته، وأن أياماً قاسية تنتظر جماعة «الإخوان المسلمين» وحزب «جبهة العمل الإسلامي»، وان الأمور قد لا تتوقف عند مجرد اعتقال ومحاكمة هؤلاء المعتقلين وأنها ستؤدي الى مستجدات سياسية كثيرة. والملاحظ أنه بينما كانت السيارات التابعة لأجهزة الأمن تنقل هؤلاء الأربعة الى سجن «الجفر» الصحراوي على الحدود الأردنية ـ السعودية ترددت بعض الشائعات التي تتحدث عن أن مدعي عام محكمة أمن الدولة الذي أحيلت إليه هذه القضية يركز جهوده على ما إذا كانت هناك أي علاقة، تتعدى مجرد التعاطف والمساندة، بين النواب الأربعة المعتقلين وبخاصة أكثرهم تشدداً محمد أبو فارس وبين تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» الذي كان يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي. وتصاعدت أمس وتائر الأزمة بين الحكومة الأردنية والحركة الإسلامية على خلفية «نواب عزاء الزرقاوي»، مع توقيع نواب أردنيين يمثلون مختلف الكتل البرلمانية على مذكرة لطرد نواب «عزاء الزرقاوي» من البرلمان ورفع الحصانة عنهم تمهيداً لمحاكمتهم. وأعلنت الحكومة نقل نواب الحركة الإسلامية الأربعة وهم الدكتور محمد ابو فارس وجعفر الحوراني وإبراهيم المشوخي وعلي ابو سكر الى معتقل الجفر الصحراوي الذي أعيد تأهيله العام الحالي بعد ان هُجر منذ عام 1989 فيما وصفت قادة الحركة الإسلامية في مؤتمر صحافي عقدوه امس نقل النواب الى معتقل الجفر بأنه إجراء قاس لا مبرر له وان نواب الأمة لا ينبغي ان يعاملوا بهذه الطريقة. وفيما تتواصل اجتماعات الكتل البرلمانية منفردة مع رئيس المجلس عبد الهادي المجالي لتأمين الأغلبية الكافية (اغلبية الثلثين) لطرد النواب الأربعة من البرلمان، بدأ النواب الإسلاميون تحركاً لقطع الطريق على الكتل النيابية الأخرى لطرد النواب الأربعة من البرلمان. وقال رئيس كتلة نواب الحركة الإسلامية في البرلمان، عزام الهنيدي، ان النواب الإسلاميين بدأوا تحركاً على الساحة البرلمانية لإقناع بعض النواب بعدم التوقيع على هذه المذكرات او اقناع من وقع عليها بسحب توقيعه. في غضون ذلك اعلن مصدر قضائي أردني ان المدعي العام رفض الإفراج عن النواب الأربعة بكفالة، لأن التحقيقات معهم لم تستكمل، مؤكداً انه لن يتم الإفراج عنهم ولو بكفالة قبل نهاية الأسبوع الحالي بأي حال من الأحوال. الا أن الهنيدي قال ان الإخوان المسلمين لم يتقدموا بطلب للمدعي العام لإخلاء سبيلهم بالكفالة. من جانبه قال نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الناطق الإعلامي باسم الجماعة، جميل أبو بكر «ان هذا الاجراء يسيء لمجلس النواب الذي نطالبه بالتحرك للدفاع عن هيبته والإفراج عن النواب الاربعة». يذكر ان معتقل «الجفر» الذي أرسل إليه النواب الأربعة كان قد تم إنشاؤه في منطقة صحراوية ومعزولة قريبة من الحدود الاردنية ـ السعودية في خمسينات القرن الماضي في مرحلة النفوذ البريطاني في الأردن لاعتقال المعارضة الشيوعية والقومية واليسارية بعيداً عن مناطق المدن والتجمعات السكانية. وكانت أكبر وجبة من المعتقلين استقبلها المعتقل في عام 1957 على أثر محاولة انقلابية فاشلة قام بها ما كان يسمى تنظيم «الضباط الأردنيين الأحرار» بالتنسيق مع رئيس الوزراء الأردني في تلك الفترة سليمان النابلسي ومع حزب البعث في سورية ومع حسن التهامي مندوباً عن المخابرات المصرية في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر.