ماذا تشكل الملكية بالنسبة لمشروع الديموقراطية في العراق؟ وهل لها حظوظ كبيرة في المستقبل القريب؟ ولماذا يدعمها البريطانيون؟ ومن يقف وراءها؟ وهل حقا سيتم الاحتكام لرأي الشعب العراقي حولها ؟ أم ستفرض عليه فرضا؟
يبدو للوهلة الأولى ان المخططين للحرب على العراق و احتلاله من الأمريكان كانوا يعتمدون على بعض رجال الدين الشيعة المتعاونين معهم ( من أمثال مجيد الخوئي) للامساك بناصية العراق ، ولكن بروز التيار الجماهيري الاسلامي (الصدري) المعارض للاحتلال و الرافض لهيمنة ذلك النوع من رجال الدين أحبط قسما من مخططاتهم ، ولذلك ارجأ الأمريكان التحول الديموقراطي و اجراء الانتخابات و تشكيل حكومة وطنية ، و ليس خافيا انهم يعملون الآن على تشكيل قواعد جديدة او دك اوتاد معينة في الأرض ، مثل خلق احزاب و منظمات قوية مرتبطة بهم ، او تشكيل قوة عسكرية بديلة و تابعة لهم ، وقد حالو الحاكم الامريكي ان يشكل مجلسا من العشائر العراقية كبديل عن الأحزاب السبعة ، ففشل لأن رؤاسء العشائر رفضوا الاحتلال و طالبوا بالاستقلال ، ومن المرجح ان المحتل الأمريكي البريطاني سياول في المستقبل تشكيل قوى بديلة يعتمد عليها كمرتكزات لادارة السياسة في عراق المستقبل.
ومن المرجح ان يعتمد فيما يعتمد قبل تشكل الجيش العراقي القادم الجديد ، و قبل تبلور الأحزاب التابعة واكتسابها لشعبية واسعة ، ان يعتمد على قطب مركزي هو الملك الذي يكون محور السلطات ، والمهيمن على الحركة السياسية ، الذي يعيد اي حزب يخرج عن طوق الولاء لواشنطن و لندن او يحاول التمرد او الاستقلال في القرار ، فيحل الوزارات ويرجح بين هذا الوزير و ذاك ، تماما كما كان يفعل الملك في العهد الملكي السابق ، و رغم ما يدعي هذا المرشح الجديد انه سيكون حكما و ملكا دستوريا فقط ولا يتدخل في السياسة ، فان من الواضح انه يعد للعب دور رئيسي في الامساك بالحركة السياسية و ربطها بعقال السياسة الامريكية البريطانية ، و يمكن التخلي عن الملك اذا ما قوي بناء الجيش القادم بحيث يصبح من الممكن الاعتماد عليه لكي يكون ركيزة أساسية في حماية السياسة كالجيش التركي ، او يبرز حزب معين لكي يهمين على الساحة مثل حزب حركة الوفاق الوطني بقيادة اياد علاوي .
ومن هنا لا بد لكل من عول على الحليف الأمريكي في بناء الديموقراطية او اعطاء الحكم للشيعة ان يغسل يديه من هذه الوعود ، ويستعد للبلاء ، واذا كان صادقا في حب الديموقراطية فان عليه ان يسعى بنفسه اليها فان الحرية والديموقراطية تؤخذ و لا تعطى ، و لا يمكن ان يقدمها المحتلون على طبق من ذهب للشعب العراقي .
ان تصديق بعض الشيعة للوعود الأمريكية بتسليم السلطة في المستقبل للشيعة ، هو مجرد وهم فارغ سرعان ما يكتشفوا خواءه ، وانهم بالتأكيد لن يحصلوا من المحتل على شيء ، ولكن كل ما سيحصلون عليه هو تخوف زملائهم الطائفيين من السنة الذين يستميتون للمحافظة على امتيازاتهم الطائفية و هيمنتهم على السلطة ، و لأنهم يتخوفون من افراز الديموقراطية حكما للشيعة او نظاما يهيمن عليه الشيعة ، فانهم يعملون بجد هذه الايام لكي يساندوا الملكية و النظام الملكي حتى يضمنوا سيطرة السنة بزعمهم على السلطة و يبعدوا الشيعة ، و لعل حماس الشيخ أحمد الكبيسي للنظام الملكي يأتي في هذا الباب.
ولن ينجو الشيعة من فخ النظام الملكي الا في نبذ الطائفية ، واصراراهم على الوحدة الاسلامية والديموقراطية الحقيقية بغض النظر عن هوية الرئيس الطائفية سواء كان من السنة او الشيعة اذا ما كان يلتزم بالديموقراطية و الاسلام التزاما حقيقيا. وفي هذه الحالة يهديء الشيعة من مخاوف الطائفيين السنة ويبعدونهم عن الركض و راء المشاريع الملكية الطائفية ، و يكسبونهم الى جانبهم في عملية بناء و تشكيل النظام السياسي القادم على أسس العدالة و المساواة والديموقراطية
اذن فلكي نفشل المشاريع المشبوهة الملكية و غيرها لا بد ان ندعو ونطرح مشاريع سياسية وحدوية حقيقية ونختار شخصيات اسلامية وحدوية او نشكل جبهات سياسية مشتركة ولا نستفز اية جهة بدون حساب ، ونحاول ان نخلق قاعدة من الثقة المشتركة بعيدا عن ارادة الأجنبي المحتل ومؤامراته المعادية للوطن و الديموقراطية و الاسلام.