مشكلة الشيعة الكبرى دائما هي أنهم في قلب عالم وحوش تكفر كل من ليس على دينها. سمعت من أحد أصدقائي السنة أنه يعرف شابا وهابيا كفر العالم كله من ضمنهم والدته التي انجبته والتي هي على دينه ودين أجداده.أقول أن هذا الشاب كفر حتى والدته فما هو موقفه من الشيعة مثلا أو أية طائفة دينية أخرى.
الواجب علينا نحن أهل التشيع وأهل سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصادقة سواء مثقفين أو كتاب أو رجال علم شرعي هي أن نمتص ردة الفعل العاطفية وأن نتذكر دوما أن الله سبحانه وتعالى قد جعل هذا الإسلام امانة بأعناقنا نحن الشيعة كما جعله أمانة بأعناق أئمتنا عليهم السلام الذين واجهوا المصاعب والآلام لأجل بقاء هذا الدين. إذا دارت الحرب الطائفية لا سمح الله سوف ينهار هذا الدين وتعم الأفكار الإلحادية و اللادينية كما حدث في أروربا.
التشيع والعصبية الدينية لا يجتمعان أبدا لأن روح التشيع كما فهمتها وعرفتها دائما هي التسامح الديني والحوار التكاملي مع الآخر لا الإلغاء أو السحق كما فعلت الطائفة السنية. رواد المذهب الشيعي من العلماء والفلاسفة كانوا بطبيعتهم التكوينية أهل حوار وتعدد بالأراء مثل هشام بن الحكم رضي الله عنه أو الشيخ المفيد رحمه الله وغيرهم من كبار العلماء الأعلام. من يقرأ مثلا مناظرات الإمام الرضا عليه السلام في دار المأمون مع مختلف المذاهب الدينية الموجودة في زمنه لوجدنا كيف أن الإمام يعطي صورة متطورة للحوار الفكري العقائدي وغيرها من المناظرات العقائدية العلمية للأئمة عليهم السلام.
أقول ومن تجربة شخصية مع كل احترامي لبعض أخواني أهل السنة المعتدلين الذين تعرفت عليهم, أن المذهب السني يعاني من فقر معرفي وفكري يهدد وجوده الحضاري ما بين المذاهب والاديان الأخرى. فليس هناك أية حركة فكرية واسعة تطور وتجدد هذا المذهب أو على الأقل تبدأ بمرحلة النقد الذاتي المعاصر الذي يغربل التراث وأفكار السلف والتي كتب (بضم الكاف) أغلبها في زمن الإنحياز للسلطان. اخاف من زمن قادم يكون فيه الزرقاوي لدى المذهب السني شيخا معتدلا. ما علينا فعله نحن الشيعة هو أن نخلق حالة من الإعتدال المتبادل حتى يكون بوسعنا التأثير على المذهب السني إيجابيا وبث بعض روح التسامح المذهبي لدى هذا المذهب لإنقاذه من هذه الكبوة الحضارية العظيمة التي يمر بها لأنه وكما هي المقولة التاريخية " لولا علي لهلك عمر".
قال الإمام علي عليه السلام " أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاِْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ."