رسائل لاتنقصها الصراحة الى السيد المالكي - 1



كتابات - محمد الكاظم



بدون مقدمات وبدون السقوط في فخ البلاغة وفخ التعمية اللفظية التي صارت جزءا من العمل السياسي في العراق ،في الوقت الذي تدعو الحاجة لان يكون العراق ابعد مايكون عن أغراءات اللفظ ومعمياته

سأضع امام صانع القرار في العراق عددا من الملاحظات التي ارى ان هناك ظرورة لايلائها جانبا من الاهتمام ،او لأيلاء النفس فرصة لتأملها وايجاد معالجات حقيقية لمنع تدهور الامور الى ماهو اسوء

اعتقد ان من العقلانية وعدم خداع النفس الاعتراف ان الاوضاع سيئة في العراق ،وان الامور اخذة بالتدهور شيئا فشيئا للاسف الشديد.وليس الامر متعلقا بالاشخاص الذين يديرون دفة الامور في البلاد بل بالبيئة الغير طبيعية التي وجدنا انفسنا فيها وكانت عاملا مهما في استشراء حالات خلل بعضها قديم والبعض الاخر كان وليد مرحلة مابعد الصنم .

وان المبالغة في التفاؤل انما تكون عاملا في تجاهل الخراب فنكون مسؤولين عن بطريقة او بأخرى عن اشاعة اجواء هذا الخراب .

فحينما نتحدث عن انجازات لايحس بها المواطن انما نخدعه .فالمواطن يعرف تماما الفرق بين ماينجز على الورق وفي وسائل الاعلام وفي محاظر جلسات مجلس الوزراء وبين مايراه على الارض .

لاأحد يطلب من المالكي او غيره ان يأتي بالمستحيلات فالكل في العراق الان اصبح يعي سلسلة المشاكل الخانقة التي يعيشها العراق ،لذا نرى ان قادة العراق مطالبون بالصراحة مع مواطنيهم والتنازل قليلا عن لغة الشعارات التي نعتقد انها اصبحت جزءا من مرحلة منقرضة على صعيد العراق والمنطقة بعد ان ذهبت سطوة الشعارات والبلاغة والاذاعات الموجهه.

كما انهم مطالبون بالواقعية فيما يتعلق بالخطاب الموجه الى الشارع ،وعدم اللجوء الى الصمت امام ملفات مهمة ،فلايوجد الان شيء يمكن اخفاؤه مع وجود الاعلام المحلي والعربي والغربي ،وتسريبات السياسيين ،واحاديث المناوئين ،ومنادمات الزملاء ،واشاعات الفرقاء ،وصحف تقصي الفضائح

وسلوك ذهني عراقي اصيل بالأنتقاد والبحث عن مثالب المسؤولين .

وأجد ان من الواقعية الحديث في عدد من الملفات التي أقّدران طرحها صار ظروريا .ومن المناسب البدء بالملف النفطي .



ملاحظات لاتحتمل التأجيل في ملف النفط



العراقيون معروفون بحبهم للمبالغة وهذا من حق من عاش عقودا من الحرمان . والكثير منا رسم مستقبلا ورديا للعراق بمجرد اسقاط الصنم ،والساسة عزفوا على هذا الوتر وجعلوا العراقيين يعيشون حالة من الحلم الاخضر اعتمادا على مالدى العراق من ثروة نفطية .

وهذا مايجعل جميع العيون مفتوحة على مصدر معيشة العراقيين الوحيد الناضب الذي تدور حولة الدوائر

وبين الواقع والخيال تتزايد حالة احباط العراقيين مع مرور الزمن ومع ظهور الكثير من الكلام غير السار عن صفقات سرية وتواطئات مالية وتهريب للثروة التي يعتمد عليهاالعراق بنسبة 98% حسب تصريح لوزير المالية .

اي اننا نعيش الان على مانبيعه من النفط فقط .وفي الملف النفطي نرى ان السيد المالكي وطاقمة الحكومي مطالبون الان بأيجاد اجابات صريحة ومقنعة تصل اذهان الجميع في مايتعلق بملفات مهمة



اولا: ملف الفساد النفطي الذي تتحدث وسائل الاعلام عن ارقام خرافية لم يكن العراقي يحلم بها، يجري اختلاسها او الاستيلاء عليها من مبيعات النفط القانونية والغير قانونية

والعراقيون جميعا يتابعون كل يوم انباء واخبارا وتقارير واشاعات عن سرقة مصدر العيش الوحيد لخمسة وعشرين مليون عراقي .

وبغض النظر عن مصداقية مثل هذاالكلام او عدمه اعتقد ان على المالكي فتح هذا الملف على مصراعيه والتحلي بالشجاعة التي تحلى بها وهو يتجاوز عقده التاريخ ويفتح ملف المصالحة الوطنية رغم عدم مشاركتي اياه في الحماس لمشروع المصالحة .

ففتح ملف الفساد النفطي الذي ينطوي على اقاويل وتقارير صحفية واشاعات وتصريحات رسمية لبعض المسؤولين يجعلنا نلفت عناية رئيس الوزراء الى ظرورة العمل عى هذا الملف غير هياب ولا وجل لدحض هذه الاقاويل ان كانت كاذبة ولمعاقبة المتورطين ان كانت صادقة وعدم التخوف مما يمكن ان يؤدي اليه فتح ملف الفساد النفطي ،فلاسوء اكثر سوءا مما يعانيه العراق الان .ثم ان الكشف عن الاشخاص والاحزاب والمؤسسات والدول المتورطة في سرقة الثروة الوطنية يدعم مصداقية المالكي وحكومته ويحافظ على ثروة البلاد

فحين نقرأ تصريحا لمسؤول نفطي يقول ان مايهرب من النفط العراقي يبلغ 60% من النفط المصدر رسميا ،نشعر بالهلع ونحن نتوصل الى معادلة تقول ان مايزيد على مليون برميل نفط يجري تهريبها يوميا

وحين نسمع كلاما يتحدث عن سيطرة هذا الحزب او ذاك على منافذ نفطية خاصة يتم بموجبها بيع نفط الى جهات تقوم بتزويد هذه الاحزاب بالاسلحة يصبح الامر مرعبا .

وحين نسمع ان ادارة أقليم كردستان تتعاقد تعاقدات نفطية بأرقام فلكية لايملك المركزحتى حق ابداءالرأي فيها ينتابنا الاحباط من مستقبل العراق .

قد لايكون كل هذا الكلام دقيقا ،لكن ذلك لاينفي وجود عمليات تهريب واستحواذ وسرقة.من هنا تأتي اهمية المواقف الجسورة لأيجاد معالجات لهذا الملف او في الاقل التحدث عنها بصراحة ووضوح امام الشارع الذي يتداول هذا الكلام على انه مسلمات ،مايتطلب تخصيص المالكي بأعتباره الشخصية المسؤولة عن قوت الشعب الذي وضع امانته في عنقه جزءا من خطابه ووقته لأيضاح ملابسات هذا الملف .



ثانيا :هناك جهل ببعض التفاصيل الفنية يقود بالظرورة الى سوء نية ،ونحن العراقيون سيئو نية بالوراثه وليس لدينا تجاه اي مسؤول سوى تهم جاهزة تتعلق في العادة بالمال العام

والتعمية على الكثير من الامور تجعلنا نشرق ونغرب ونتهم المسؤولين بالفساد دون ادنى ثريث .

هذا في اصل تكويننا كعراقيين .

فكيف اذا كان لشكوكنا مايدعمها ؟؟

وكيف اذا كانت لجنة النزاهه تطلع علينا كل يوم بتفاصيل مثيرة عن الاختلاسات والسرقات والتواطئات وتمريرالصفقات ؟؟



ومسألة استيراد مشتقات نفطية من الكويت وتركيا بعقود تبلغ مليارات الدولارات غير مقنعة لغالبية العراقيين في الوقت الذي يستطيع العراق انشاء مصاف بمبالغ اقل من مبالغ العقود الكويتية والتركية رغم مرور اكثر من ثلاث سنوات على سقوط الصنم

فقرة اعتراضية للتوضيح .

احدى التصريحات لوزيرالنفط السابق تقول ان العراق يدفع للكويت ثلاثة مليارات دولار سنويا ثمن للمشتقات النفطية ،مايعني اننا خلال ثلاث سنوات قد نكون دفعنا مايزيد على عشرة مليارات دولار للكويت وتركيا ثمنا للمحروقات ..

وللعلم فان المصفاة الكويتية التي تزودنا بالمشتقات النفطية انشأت بعد سقوط الصنم لسد الحاجات العراقية المتنامية الى المحروقات .

فلماذا تستطيع الشقيقة الكويت بناء مصفاة لسد احتياجاتنا النفطية ولانستطيع نحن ؟؟



زيادة في التوضيح

افتتحت السويد مؤخرا ماقال عنها المدير العام للمصفاة انها اكبر مصفاة نفط في اوربا (والعهدة على قناة الحرة التي بثت التقريرقبل فترة) .هذه المصفاة انشأتها شركة سعودية بكلفة 500 مليون دولار اي نصف ملياردولار وانجزت خلال سنتين من العمل .



وبالعربي فأن مادفعناه للكويت وحدها فقط وفق الحساب الافتراضي السابق يستطيع ان يبني في العراق 20 مصفاة نفط (من نوع اكبر مصفاة في اوربا).

ستقولون لي الزمن لايسمح اقول ان سنتين كافيتين لبناء مصفاة حسب ماقال مدير الشركة السعودية التي انشأت مصفاة السويد

ستقولون لي الوضع الامني لايسمح سأقول لكم: ان معدل قتل العراقيين في السليمانية واربيل ودهوك أقل من الذين يقتلهم الادمان على الكحول في المانيا ،واعداد القتلى العراقيين في البصرة والناصرية والعمارة والمثنى اقل من القتلى في حادث تصادم قطارات في الهند ، واعداد القتلى العراقيين في الديوانية والكوت اقل من نسبة من يموت بمرض السكر او بحوادث السيارات في الكويت نفسها ،والقتلى في الحلة والنجف وكربلاء اقل من ضحايا زلزال في الفلبين .فأذا استثنينا بعض المناطق الساخنة يمكن انشاء مشاريع استراتيجية في اغلب مدن العراق

لذلك ارى ان على السيد المالكي والسيد وزير النفط الاجابة عن اسئلة ملف المشتقات المستوردة ولماذا لايتم العمل على انشاء مصاف جديدة ؟؟

ولماذا لايتم العمل في المصافي التي اعلن عنها ؟؟

وهل هناك امور خفية تفرض على العراق شراء النفط الكويتي ؟؟

فاذا ما أتضحت مثل هذه الامور لعموم الشعب العراقي سنشعر بالاطمئنان على مقدراتنا ،وسنتحمل الوقوف في طوابير طويلة للتزود بالوقود .كما نتحمل دفع اثمان باهظة لقنية غاز



ثالثا :ملف العلاقات العراقية الاردنية ملف شائك ومحير ،ففي وقت كان فيه السيد المالكي شخصيا ينتقد سياسات النظام السابق في العراق ويحمل على صدام حسين حملات شعواء (في الاقل استمعت شخصيا اليه مرتين ينتقد هذه السياسة في وسائل الاعلام) منتقدا اياه على تبديد ثروات الشعب العراقي .نراه يوقع اتفاقا في منح الاردن اسعارا تفضيلية بعد لقاءة برئيس الوزراء الاردني .

واذا كان مانعرفه عن المالكي وعن طبيعة الحكم الحالي في العراق يجعلنا مطمئنين الى ان دوافع المالكي لأعطاء الاردن هذه الاسعار التفضيلية هي غير دوافع صدام ،لكني ارى ان من الظروري ايضاح ملامح هذه الصفقة مع الاردن ،ولماذا يجري التحفظ عليها ،ومالذي نستفيده منها



هل نحتاج الان الى مظاهرات تأييد كالمضاهرات التي كانت تشهدها عمان تأييدا لصدام حسين ؟؟

اعتقد ان منطق الصراحة مع المواطنين يفرض الاجابة على هذا السؤال : لماذا نعطي الاردن النفط بأسعار تفضيلية في الوقت الذي نعلن فيه زيادة مستورداتنا من المحروقات .

نعلم ان هذه الصفقة ربما تنطوي على اتفاق خاص ليس الغرض منه شراء الهتاف، او دفع ثمن قرارات الاشقاء في الاردن بمنع كل انصار النظام السابق من العمل على اراضيهم. لكننا نرى ان الصراحة في معرفة ابعاد هذه الصفقة مسألة مهمة، لأن النظام السابق جعل العلاقة مع الاشقاء في الاردن علاقة تثير حساسية العراقين ،وصمت مثل الصمت الذي رافق اتفاق (المالكي – بخيت)يجعل ملف الاسعار التفضيلية يثير الكثير من الجدل



رابعا:هناك قضية اعتقد انها اهم قضايا الملف النفطي التي تستوجب الاجابات العاجلة والسريعة .

وسائل الاعلام تبث كل يوم ضمن نشراتها الاقتصادية فقرة عن اسعار النفط العالمية .واخر ماوصل اليه سعر النفط وقت كتابة هذا المقال هو 78.5 دولار .

وبحساب بسيط فأن المليوني برميل المعلن عنها والتي يصدرها العراق يوميا تحقق عائدات مقدارها 56.520.000.000 ستة وخمسون ملياروخمسمائة وعشرون مليون دولار سنويا

ولأنني مثل جميع العراقيين لأمتلك الحساسية الكافية تجاه الارقام فسأطرح بكرم حاتمي (الخردوات) التي تزيد عن الخمسين مليار دولار ثمنا لنفطنا (الرديء النوعية) ولأنه ليس (برنت) وثمنا للأسعار التفضيلية والكومشنات ومصاريف الانتاج وخلافه .

(الخردوات هي سته ملياروخمسمائة وعشرون مليون دولار)

يتبقى خمسون مليار وهذا الرقم يعني الكثير

- هذاالرقم يعني ان هناك مايزيد على 30مليار دولار من مبيعات النفط لايعرف احد (المواطنين العراقين) مصيرها اعتمادا على ان الرقم المعلن للموازنة العامة لايزيد عن 20 مليار دولار

- هذا الرقم يعني ان بأمكاننا التخلص خلال سنتين ماتبقى من الديون التي تسبب بها صدام حسين في سلسلة حروبه ،مايعني ايضا عدم رضوخنا لرغبات صندوق النقد الدولي واشتراطاته ،وعدم اللجوء الى حل مشكلة الديون بأيجاد مشكلة زيادة اسعارالمحروقات وتقليص البطاقة التموينية ورفع الدعم الحكومي واعادة النظر في رواتب المتقاعدين.

-هذا الرقم يعني ان بامكاننا اعادة بناءالعراق دون الاعتماد على منح الدول المانحة واشتراطاتها .

-هذا الرقم يعني ان بأمكاننا توفير مخصصات اعمار لاتخصصها ثلاثة ارباع دول العالم للاعمار

-هذا الرقم يعني ان بأمكاننا القضاء نهائياعلى البطالة والمرض والتخلف

- هذا الرقم يعني اننا نستطيع ان نستضيف كأس العالم كل اربعة اشهر (يقال ان المانيا انفقت عشرة مليارات دولار استعدادا لكأس العالم)

- هذا الرقم يعني ان هناك فوائض نقدية هائلة في الميزانية العراقية التي تم اعدادها عندما كان سعرالنفط 23 دولا ر فأين هي تلك الزيادات وماذا اعددنا للاستفادة منها.



خامسا:من المعروف والذي لايقبل الجدال الان ان اغلب دول المنطقة مدينة للزيادة السعرية التي طرأت على اسعار النفط اثناء الحرب العربية الاسرائيلية عام 1973 .وحسن الاستفادة من هذه الزيادة السعرية قوّى الزعامات النفطية ورسخ اقدامها ومنها نظام البعث في العراق .

فالسؤال الذي نطرحة على قادة العراق الان هو:

هل اعددنا خططا للاستفادة من هذه الزيادة السعرية الهائلة في قيمة النفط .

في تقديري اننا امام فرصة تاريخية قد لاتتكرر ثانية .فنحن دولة صغيرة لانستطيع التحكم في مسارات الاحداث وفرض سياساتنا المساعدة في تحقيق الاستثمار الامثل لمقدراتنا فليس امامنا سوى الاستفادة من هذه الفرص .فنحن لانعرف ماذا يخبأ لنا المستقبل فقد نواجه ازمة في صناعة النفط شبيهه بالازمة التي خفظت سعر النفط الى 8 دولار في التسعينات فماذا نحن فاعلون عندها ؟؟

السؤال الجوهري هنا هو هل اعددنا استراتيجيات للاستفادة من زيادة اسعار النفط ؟؟

ولماذا لانحاول قدر الامكان تطوير امكاناتنا التصديرية الى مستويات قياسية وضخ اكبر كمية نستطيع تصديرها للأستفادة من الاسعارالعالية نسبيا للنفط في الاسواق العالمية ولو ادى ذلك الى تجاوز الحصة المقررة في منظمة الاوبك .وايجاد منافذ تسويقية اضافية (الاردن وسوريا وغيرها )

ولماذا يلف الغموض كل مايتعلق بالنفط والميزانية العراقية كأننا مازلنا في زمن الديكتاتورية التي تعد كل حديث في الميزانية سرا من اسرارالامن القومي ؟

سادسا:ملف النفط في اقليم كردستان يثير الكثير من الحساسية لدى العراقيين خارج الاقليم ،وربما داخله ايضا،وربما فتح هذاالملف وايضاح تفاصيله المهمة قد يزيل الغموض الذي يجعل الحديث يدور دائما حول استئثارفي الاخوة الحكومة الاقليمية المكونة من الحزبيين العتيدين بالقرار المتعلق بثروات جزء مهم من البلاد ،فتمتع الاخوة في الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بصناعة القرار (النفطي) في جزء مهم من البلاد يثير بالظرورة تساؤلات على درجة من المعقولية في مناطق نفطية اخرى فلماذا يحق للبعض مالايحق للكل ؟؟

ونعتقد ان على الاخوة القادة في اقليم كردستان توخي الشفافية فيما يتعلق بالملف النفطي حفاظا على صورة الشراكة في الوطن ،ولسنا ضد تمتع الاخوة في الاقليم الشمالي بخيرات ارضهم شريطة الوضوح في التعاطي مع هذا الملف والتوازن في التعامل الوطني بين منطقة واخرى .

فأذا كان مواطنونا في اقليم كردستان يرون ان ادارة هذا الملف تتمتع بالحدود المعقولة من حسن الادارة والنزاهه والتوازن ليطرحوا تفاصيلهذا الملف على العلن لأزالة الغموض الذي يتسبب بالظرورة في ايجاد مناخات غير ودية بين الشركاء في الوطن .

ونعتقد ان على السيد المالكي بكل عناوينه الحكومية والسياسية والأجتماعية بأعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية ،وعضوا في قائمة انتخابية حققت اغلبية برلمانية لايمكن تجاوزها ،وبأعتباره شخصية سياسية مرموقة ،وبأعتباره ممثلا لشريحة مهمة من شرائح الشعب العراقي ،وباعتبره متصديا لأدراة البلاد فيس رحلة تاريخية مهمة ،لكل هذه الاعتبارات فأن السيد المالكي مطالب بأن يفكك هذاالملف امام الجمهور حتى لايكون مسؤولا امام مواطنيه وامام التاريخ امام اي ملابسات يمكن ان يجر لها الغموض الذي ينطوي عليه هذا الملف .

ونعتقد ان هذه النقطة من النقاط المهمة التي تصب في مشروع الصلح الوطني الذي لابد له ان يقوم علىالمصارحة والمكاشفة لتنزيه ساحة الاخوة الاكراد عن مايقال عن استئثارهم بمقدرات المنطقو وعن التعاقدات غير القانيونية التي يجري الحديث عنها ان كانت تلك المعاملات الكردية صحيحة ،

وللوقوف عند نقطة شروع جديدة في بناء علاقة متوازنة من الشركاء ان كان مايقال عن موضوع النفط في مناطق اقليم كردستان صحيحا .



سابعا:العراق يعيش على بحيرة من النفط ،تعبير نستهلكه يوميا اكثر من شاي البطاقة التموينية دون ان نلاحظ اثرا لهذه البحيرة فالحقول النفطية على حالها تحتاج الى تطوير ،والحقول المؤشرة والمكتشفة لاتزال في باطن الارض ولم يجري العمل على استثمار حقول جديده .

وبقاء خارطة الحقول النفطية في العراق على حالها يفقدنا فرصا كثيرة في تطويرمواردنا واستثمارها،كمايزيد من شده الضغط السياسي على مناطق بعينها باعتبارها سلة العراق النفطية ،ويساهم في رفع الحساسيات الناجمة عن توفر النفط في مناطق دون غيرها مما يعيق بعض المشاريع ذات البعد التنموي ويعمق من سيطرة المركز .

وبوضوح نستطيع القول ان عدم تطوير الخارطة النفطية بأستثمار حقول جديدة سيدفع بأتجاه نمو مشاعرانفصالية لدى سكان الجنوب .

فقلة الخدمات والشعور بالتهميش السياسي والبطالة والفقر مشاكل تعيشها محافظات الجنوب (محافظات النفط) رغم وجود هذه الثروة الهائلة تحت اقدام سكانها ستجعل من الطبيعي نمو مشاعر انفصالية خصوصا اذا ترافق ذاك مع مايجري الحديث عنه في الشارع من كوارث اقتصادية تتمثل في التهريب والاستحواذ على النفط واختلاس الاموال المتأتيه منه .وطبعا ابناء الجنوب لايحظون بشيء من هذه الاموال، فالتركيبة السياسية الحالية والتراكم التاريخي لعقود من التهميش والتجهيل لم تسمح حتى بظهور قيادات قادرة على استلام مناصب حساسة .

كما ان تجربة اقليم كردستان التي لايمكن وصفها بأقل من ناجحة تثير الرغبة لدى ابناءالجنوب بتجربة مشابهه ،وبما ان المناخ الذي نشات فيه التجربة الكردية يختلف عن المناخ الذي يمكن ان تنشأ فيه تجربه جنوبية نتيجة لعامل الزمن وعوامل القيادة سيجعل من الطرح الانفصالي اقرب الى التحقق من مشروع الفيدرالية الشبيهه بفيدرالية الاقليم الكردي .

لذلك تبدو الحاجة ماسة الى تطوير حقول النفط الجنوبية واستثمار المكتشف منها لحل عقدة البطالة واستغلال جزء كبير من عوائد هذه الحقول لدعم التنمية في الجنوب وتدعيم بقاءها ضمن منظومة العراق الموحد.

من جانب اخر فأن عدم تطور الخارطة النفطية أدى الى تعاظم المخاوف لدى المحافظات الاخرى (غير النفطية) مادفع الى نوع من الشحن الذي تمظهر بشكله الطائفي ،وتشكل في قناعة مضادة حتى لمشاريع ذات ابعاد تنموية كمشروع الفيدرالية .(انظر مقالنا الطائفية النفطية)

فهناك مخاوف لدى ابناء المحافظات غير النفطية من انفصال الجنوب النفطي ،او في اقل الاحتمالات تمتعه بفيدرالية تتيح له التحكم بالمقدرات النفطية .هذه الحالة اوجدت نوعا من الرفض لكل المشاريع المتعلقة بالجنوب .ونرى ان هذه المخاوف دفعت اغلب الساسة المنحدرين من مناطق الفراغ النفطي الى اتخاذ سياسات حادة ساخنة تجاه العملية السياسية التي من الممكن ان تجعلهم يحرمون بدرجة او بأخرى من امتيازالنفط الجنوبي اذا ماتسيدت الأغلبية وتسلمت كل مقاليد الامور وفق مبادى الديمقراطية .لذا نرى ان طمئنة سكان المحافظات ذات الاغلبية السنية بأقامة مشاريع نفطية من نوع ما قد تزيل هواجس فقدان النفط الجنوبي وتقلل من الشحن الطائفي في شكله السياسي (نحن نعتقد بوجود طائفية عقائدية يمثلها المتطرفون دينيا من الفريقين ،ومانسميه بالطائفية النفطية التي يغذيها السياسيون والمثقفون ) .

ملف النفط ملف معقد وفتحه صارملحا بعد ان كثرالحديث عنه لذا نعتقد ان الاجابة على مثل هذه التساؤلات بطرق مقنعة يمكن ان يجعل المواطن العراقي جزءا من الحل اذا ماتفهم مبررات الحكومة وخططها ،لكن تغييبه تماما عن الامور التي يعتقد البعض انها حساسة ستساهم في ايجاد شرخ عميق بين الشارع وقياداته .و نرى ظرورة كشف الحقائق وايجاد سبل لترويجها امام المواطن الذي يهمه ان يعرف موضع قدميه في بلد يفترض انه يمتلك ثاني احتياطي في العالم ..

ولنا عوده



كاتب واعلامي عراقي

malkadm@yahoo.com


http://www.kitabat.com/i19410.htm