النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    65

    افتراضي مفهوم العصمة والطهارة

    ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(الأحزاب: الآية33)

    لا ريب ان اهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم في هذه الآية الشريفة انما هم الخمسة ( اصحاب الكساء ) وكفاك هذا برهانا على انهم افضل من اقلته الارض يومئذ ومن أظلته السماء الا وهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وصنوه الجاري بنص الذكر مجرى نفسه , وبضعته التي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها , وريحانتاه من الدنيا سبطاه الشهيدان سيدا شباب اهل الجنة , فهؤلاء هم اصحاب هذه الآية البينة بحكم الادلة القاطعة والحجج الساطعة لم يشاركهم فيها احد من بني آدم , ولا زاحمهم تحت كسائهم واحد من هذا العالم .
    قال ابو سعيد الخدري وانس بن مالك وواثلة بن الاسقع وام المؤمنين عائشة وام المؤمنين ام سلمة ومن التابعين مجاهد وقتادة وغيرهم فيما ذكره البغوي وابن خازن وكثير من المفسرين كما في الشرف المؤبد لآل محمد لمؤلفه يوسف بن اسماعيل النبهاني ان الآية الكريمة المختصة بالرسول (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام, وذكر ابو حمزة الثمالي في تفسيره عن ام سلمة قالت: جاءت فاطمة عليها السلام الى النبي (ص) تحمل حريرة لها, فقال لها الرسول (ص) ادعي زوجك وابنيك فجاءت بهم فطعموا ثم القى عليهم الرسول كساءا خيبريا وقال ( اللهم هؤلاء اهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ) فقلت يا رسول الله وأنا معهم قال انت الى خير , وروى الثعلبي في تفسيره ايضا بالاسناد عن ام سلمة الحديث نفسه . وكذلك ورد هذا عن ام المؤمنين عائشة في صحيح مسلم . كما مر بالبحث في موضوع من هم اهل البيت ؟ وقد اورد الامام جلال الدين السيوطي في تفسير هذه الآية في كتابه ( الدر المنثور ) عشرين رواية من طرق مختلفة في ان المراد من اهل البيت هنا انما هم الخمسة لا غير , وذكر ابن جرير في تفسيره خمسة عشر رواية بأسانيد مختلفة في قصر الآية عليهم بالخصوص . وكان الرسول (ص) دائما يؤكد ويذكر بأن هذه الآية المباركة هي في هؤلاء الخمسة وقد اخرج الامام احمد بن حنبل في المسند عن الصحابي الجليل أنس بن مالك ان النبي (ص) كان يمر ببيت فاطمة ستة اشهر اذا خرج الى الفجر فيقول الصلاة يا اهل البيت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا . وكذلك اخرج الحاكم الحديث وصححه واخرجه الترمذي وحسنه وهذا ما اكده الامام ابي بكر بن شهاب الدين العلوي في كتابه ( رشفة الصادي) .
    وبهذا صرح الحق عن محضه وبدا الصبح لذي عينين ولكن القلة القليلة أمثال عكرمة ومقاتل ذهبا في صرف الآية المباركة عن اهلها . فقالوا انها خاصة بنساء النبي (ص) وتشبثوا في ذلك بسياق الآية لكونها تخاطب النساء , مخالفين لما ذهب اليه الرسول الكريم (ص) والكثير من الصحابة من ضمنهم زوجات الرسول عائشة وام سلمة . والله يقول في كتابه العزيز (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِين * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ *وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) (التكوير: 19ـ 20 ـ 21 ـ 22 ) ومن الجدير بالذكر ان عكرمة ومقاتل هم من خصوم الامام علي وكان دأبهم صرف الفضائل عنه متحاملين على اصحاب الكساء والسعي في تضليل الناس عن الامام باي طريق , فكل من ترجم لهما من اصحاب السير والتاريخ من امثال الذهبي في الميزان والعسقلاني في مقدمة فتح الباري وابن خلكان في وفياته وياقوت الحموي في معجم الادباء وغيرهم تجد الكل يشير الى ان هؤلاء عليهم من المؤشرات التي تدل على عدم الاخذ بما يذهبون اليه . وهذا الشهرستاني في كتابه الملل والنحل عندما ذكر الخوارج كان عكرمة اول رجل عده منهم .
    ولا عجب منهما وانما العجب ممن أعتمد عليهما وهو يعرف حقيقتهما .
    نعود لصلب الموضوع وما تشابه به من وقوع الآية المباركة في سياق الخطاب مع النساء فتضليل محض وتمويه مجرد . فأن البعض لم يألوا جهدا في تزوير الحقيقة ولم يدخروا وسعا في تقرير ذلك لكن مثلهم .
    (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ)(العنكبوت الآية41)
    ولعلماء الامامية الادلة الكافية على ان الآية لا تخص نساء النبي وكما يلي :

    1- انه اجتهاد من قبل عكرمة ومقاتل لا يصمد امام النصوص الصريحة والاحاديث المتواترة التي اشرنا اليها .
    2- انها لو كانت خاصة في النساء لكان الخطاب في الآية بما يصلح للاناث ولقال عز من قائل ( انما يريد الله ليذهب عنكن الرجس ) وانما قال سبحانه وتعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب:33) فالذي يلاحظ سير تغيير الخطاب في الآية الكريمة من وقرن _ بيوتكن ـ تبرجن _ وأقمن _ وآتين _ واطعن . الى ليذهب عنكم _ ويطهركم وهذا كاف في رد تضليلهم حيث تغيرت صيغة الخطاب من ضمائر التأنيث الى صيغة التذكير فما وجه هذا العدول اذا كان المراد نساء النبي ؟
    3- ان الكلام البليغ يدخله الاستطراد والاعتراض , وهو تخلل الجملة الاجنبية من الكلام المتناسق كقوله تعالى في حكاية خطاب العزيز لزوجته اذ يقول لها ( إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ *يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ) (يوسف:28 ـ 29)
    فقولــه تعالى يوسف اعرض عن هذا مستطرد بين خطابيه معها كما هو واضح . ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب وآية التطهير من القبيل جاءت مستطردة من آيات النساء فتبين بسبب استطرادها ان خطاب الله جل وعلا لهن بتلك الاوامر والنواهي والنصائح والآداب لم يكن الا لعناية الله تعالى باهل البيت ( الخمسة اهل الكساء ) لئلا ينالهم _ ولو من جهتهن _ لوم أو ينسب اليهم _ ولو بواسطة _ هنأة او يكون عليهم للمنافقين _ ولو بسببهن _ سبيل . وهذا الاستطراد هو من التي عظمت بها بلاغة القرآن الكريم وكمال أعجازه الباهر كما لا يخفى .
    وذهب قوم الى ان الآية شاملة للزوجات ولاصحاب الكساء جميعا . وهذا غير صحيح للاسباب التالية :
    1- ان امعان النظر في ضمائر الآية والروايات الواردة حولها يعطي بأن المراد من اهل البيت غير ازواجه صلى الله عليه وآله وسلم وكيف كانت صيغة الخطاب وبعدها كيف تغيرت .
    2- ان امهات المؤمنين عائشة وام سلمة لم يدخلن تحت الكساء الذي ضم الخمسة عليهم صلوات الله وسلامه .
    3- لو كان المراد غير هؤلاء الخمسة لقال الرسول الكريم (ص) حين جللهم بالكساء ( اللهم هؤلاء من اهل بيتي ) ولكنه قال ( اللهم هؤلاء اهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)
    وعجبا من اناس يعتمدون قول فلان وفلان وقول الرسول (ص) هو الفصل كما اشار الامام ابي بكر بن شهاب الدين في كتابه (رشفة الصادي)

    دعوا كل قول غير قول محمد فعند بزوغ الشمس ينطمس النجم

    وليس لاحد ان يعارض أويشكك في الحديث الصحيح والمتفق عليه من قبل الجميع ويقول بقول احد من الناس . كما قال ابن عباس (َرض) لرجل سأله مسألة فأجابه فيها بحديث شريف فقال الرجل قال : ابو بكر وعمر كذا وكذا فقال ابن عباس له يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء اقول لك قال رسول الله (ص) وتقول قال ابو بكر وعمر .
    ومن الادلة على ان الامام علي عليه السلام هو من اهل بيت العصمة والطهارة ونساء النبي لسن من اهل البيت فالدليل موجود في صحيح مسلم عن الصحابي الجليل زيد بن ارقم حيث قال : قال رسول الله (ص)
    ( فأنما انا بشر يوشك ان يأتي رسول ربي فأجيب وانا تارك فيكم الثقلين اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به , ثم قال وأهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي أذكركم الله في اهل بيتي أذكركم الله في اهل بيتي ) فقال حصين بن سبرة لزيد يا زيد ومن اهل بيته؟ أليس نساؤه من اهل بيته ؟ قال لا وأيم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى ابيها وقومها . اهل بيته أصله وعصبته الذين حرمت الصدقة عليهم .
    ومن خلال بحث مسألة العصمة لا بد من الاشارة الى جملة من الملاحظات ومنها :
    1- ان الآية الكريمة دلت على عصمة أصحاب الكساء الخمسة لان الرجس فيها عبارة عن الذنوب كما ذهب الكثير من المفسرين وقد تصدرت بأداة الحصر ( انما) فأفادت ان ارادة الله تعالى في امرهم مقصورة على اذهاب الذنوب عنهم وتطهيرهم منها . وذهب بعض المفسرين الى قوله تعالى ( انما ليذهب عنكم الرجس ) أي ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا اهل محمد ويطهركم من الدنس الذي يكون في معاصي الله تطهيرا . وقال ابن عطية والرجس اسم يقع على الاثم والعذاب وعلى النجاسات والنقائص فأذهب الله جميع ذلك عن اهل البيت . وقال النووي هو الشك في الله وقيل العذاب او الاثم وقال الزهري الرجس اسم لكل مستقذر من عمل وغيره , وفسر الشيخ محيي الدين بن العربي لفظ الرجس انه لكل ما يشين , وعن ابن عباس ان الرجس عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضى , والطهر خلاف الدنس والتطهير هو التنزيه عن الاثم وعن كل قبيح ذكر ذلك صاحب ( المجمل في اللغة ) احمد بن فارس اللغوي . وجاء في الميزان للسيد الطباطبائي عليه الرحمة ان الرجس صفة من الرجاسة وهي القذارة والقذارة هيئة في الشيء توجب التجنب والتنفر منها , وتكون بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير , قال تعالى: (أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ)(الأنعام: من الآية145) وبحسب باطنه _ وهو الرجاسة والقذارة المعنوية_ كالشرك والكفر والعمل السيء , قال تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) (التوبة:125)
    وقال تعالى (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(الأنعام: من الآية125) ويقول السيد الطباطبائي وأيا ما كان فهو ادراك نفساني وأثر شعوري من تعلق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيء واذهاب الرجس ازالة كل هيئة خبيثة في النفس تخطيء حق الاعتقاد والعمل فتنطبق على العصمة الالهية التي هي صورة علمية نفسية تحفظ الانسان من باطل الاعتقاد وسييء العمل , اما المراد بالتطهير هو ازالة أثر الرجس . وبمعنى ان الله سبحانه تستمر ارادته ان يخصكم بموهبة العصمة باذهاب الاعتقاد الباطل واثر العمل السيء عنكم اهل البيت وايراد ما يزيل أثر ذلك عليكم وهي العصمة . وعرف العلامة القزويني العصمة : هي الملكة الباعثة على ملازمة التقوى وترك المعصية والميل اليها كما جاء في كتابه الصوارم الماضية . والسيد المرتضى عليه الرحمة يرى العصمة كما جاء في الشافي في الامامة ان العصمة هي لطف يمتنع من يختص بها عن فعل المعصية مع قدرته عليها . وهذا الرأي جدير بالاحترام .
    2- يقول الله في كتابه الكريم (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (لأعراف:201) ان الذين يشككون في عصمة الامام علي عليه السلام ماذا يقولون في هذه الآية الكريمة التي تدل على ان الانسان المؤمن المتقي لديه عصمة من الوقوع بالخطأ عندما يوسوس له الشيطان ففي لحظة التذكر والتفكر بعاقبة الفعل السيء يستبصر ويسترشد ولا يفعل ما يريده الشيطان فما بالك في اهل البيت عليهم السلام والذين هم اتقى الاتقياء واصدق الصادقين واكثر الناس ايمانا وارفعهم درجة حملة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أيستطيع هذا الشيطان اللعين الرجيم ان يغوي احدا من هؤلاء الصفوة في فعل فيه رجس وعمل قد نهى الله عنه ؟ حاشا والف حاشا , ان هذا لبهتان عظيم .
    3- ان آية التطهير دلت بالالتزام على امامة امير المؤمنين ، لانه ادعى الخلافة لنفسه وادعاها له الحسنان وامهم الزهراء عليهم السلام ولا يكونون كاذبين لان الكذب من الرجس الذي اذهبه الله تعالى عنهم وطهرهم منه تطهيرا.

    الله اذهب كـل رجس عنهم بيتا وطهرهم من الادران
    ابياتهم منزل التنزيل والافلا ك والرحمات والرضوان
    4-ان مسألة العصمة كانت ولا تزال هي محل جدل وخلاف بين علماء الامة فمنهم من ذهب الى انها عبارة عن وجود خاصية في نفس الانسان تمنعه من الاقدام على المعصية وآخرون قالوا انها عدم القدرة على المعصية والرأي الثالث ان العصمة تكون مع التمكن من الطاعة والمعصية, ولا بد من وجود امور عند العبد على كلا الامرين ومنها الملكة المانعة من الفجور والداعية الى الطاعة وعلم العبد بمضار المعصية ومنافع الطاعة ووجود البيان من الله سبحانه وتعالى ووصوله الى العبد المكلف والمحاسبة على الخطأ ولو كان عن سهو أو نسيان, وبهذا تحصل العصمة والتي هي عبارة عن عدم المعصية خارجا وهذا ما تعتقده الامامية.
    قال العلامة الحلي: العصمة لطف يفعله الله سبحانه وتعالى بالمكلف بحيث لا يكون له داع الى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك, لانه لولا ذلك لم يحصل الوثوق بقوله فتنتفي فائدة البعثة . وليس العصمة ان الله يجبر العبد على ترك المعصية بل يفعل به الطافا يترك معها المعصية بأختياره مع القدرة عليها. واعتبار عدم القدرة على المعصية كما ذهب اليه البعض يستلزم كونه مجبورا على الطاعة , فلا يبقى محل للثواب ويتنافى مع التكليف ويلزم الاكراه في الدين وقد قال تعالى : (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)(البقرة: من الآية256).
    والامامية يعتقدون عصمة الانبياء قبل البعثة وبعدها عن جميع المعاصي صغيرها وكبيرها , ودليلهم على وجودها قبل البعثة هو انه لو وقع منه العصيان وفعل القبيح وعرف الناس منه انه يخطيء ويصيب ويفعل الامور القبيحة , لا يمكن ان يركنوا اليه بعد ذلك اذا جاءهم مدعيا الرسالة ولا تطمئن نفوسهم اليه .
    والعصمة عند الانبياء والاوصياء هي قوة في النفس تقودهم الى ما يعملون لاجله من سعادة الانسان وخيره ويتحملون في سبيل ذلك اشد انواع الاذى والالم , ولا يجوز ان ينقادوا لشهواتهم لامتلاكهم اعلى الملكات الرفيعة التي تقودهم الى الفضيلة.
    ولكن في القرآن جملة من النصوص قد تعرضت لبعض احوال الانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام وتدل بظاهرها على الشروع بما ينافي العصمة فلابد من رفع الشبهات وتأويل الآيات الكريمة بما يتفق مع بلاغة القرآن واعجازه اللغوي .
    قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في سورة يوسف وما جرى له مع امرأة العزيز (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف:24) ويدل ظاهر الآية على تبادل العزم على الفحشاء من كلاهما ولولا برهان ربه لقاده هواه الى هذه المعصية ولكن المتأمل في الآية الكريمة يرى فيها ما يدل وبوضوح على نزاهة يوسف عليه السلام وطهارة نفسه . وأجمع اهل التفسير على انها همت بالمعصية والفاحشة وأما يوسف عليه السلام فقد دلت الادلة العقلية التي لا يتطرق اليها الاحتمال والمجاز على انه لا يجوز ان يفعل القبيح ولا يعزم عليه فأما الشاهد من القرآن على انه ما هم بالفاحشة فقوله سبحانه ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ)(يوسف: من الآية24) وكذلك قوله سبحانه ( قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ)(يوسف: من الآية51) والعزم على الفاحشة من اكبر السوء . واما البرهان الذي رآه ففيه وجوه ومن اهمها ما هو مروي عن الامام الصادق عليه السلام والبرهان هو النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش والحكمة الصارفة عن القبائح , وان يوسف من عباد الله المخلصين الذين اصطفاهم للنبوة وانهم اخلصوا الطاعة له وهذا يدل على تنزيه يوسف وجلالة قدره عن ركوب القبيح والعزم عليه . فيوسف عليه السلام كان همه معلقا على عدم رؤيته لبرهان ربه وقد رآه فلا هم منه ولا ارادة ويكون همه بها جوابا للشرط , وقد تقدم عليه , كما في قول قائل : كنت قصدتك , لولا ان زيدا صدني عن ذلك . ويمكن ان يكون الميل والرغبة في ذلك هو الهم لان فيه ما في سائر البشر , الا ان الناحية الروحية فيه تسيطر دائما على شهواته وغرائزه الجنسية والهم بمعنى الرغبة والشهوة واقع في اللغة وجواب لولا محذوف من الكلام أي لولا ان رآى برهان ربه لعزم على تحقيق رغبته وميل نفسه , وليصرف الله عنه السوء والفحشاء لم يتحقق فيه الفعل , والعزم على الجريمة من جملة انواع التجري الكاشف عن لوم في النفس .
    ويرى ابو علي الجبائي : لا قبح في الشهوة لانها من فعل الله تعالى فيه وانما يتعلق القبح بتناول المشتهى . ومن اراد المزيد من الادلة على نزاهة يوسف عليه السلام فليراجع أمالي المرتضى المجلد الاول ص477طبعة بيروت . ومن الآيات التي تنافي بظاهرها العصمة قوله تعالى في سورة ألم نشرح , خطابا للنبي عليه الصلاة والسلام (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ) (الشرح:2) بحجة ان المراد بالوزر هو الذنب كما ورد في اطلاق الاوزار على الذنوب والخطايا في بعض الآيات الكريمة , قال السيد المرتضى انما سميت الذنوب اوزارا لانها تثقل كاسبها وحاملها , وكل شيء اثقل الانسان جاز ان يسمى وزرا , وعلى هذا لا يمتنع ان يراد بالوزر في هذه الآية هو الغم الذي اصاب النبي (ص) من شرك قومه وتعذيبهم له ولاصحابه المؤمنين , فلما اعلى كلمة الاسلام وشرح صدره وبسط يديه وجعل كلمة المشركين هي السفلى , ذكره الله بالطافه ونعمه عليه ليقابل ذلك هو واتباعه بالشكر لله سبحانه , وفي آخر السورة ما يدل على ذلك .
    وحاول البعض ان يمس عصمة الانبياء بما وقع للنبي (ص) من تزويجه بزينب ابنة عمته بعد ان طلقها زيد زوجها الاول تمسكا بما روي ان النبي دخل دارها يسأل عن زوجها زيد , فرآها على حين غفلة منها واعجبه جمالها, فبنى ان يتزوج منها ان تم طلاقها , وعندما رجع زوجها اخبرته بما كان من النبي فظن انها دخلت في نفسه , فعزم على طلاقها ، فقال له النبي : امسك عليك زوجك , كما حكى الله سبحانه في كتابه الكريم :
    (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ )(الأحزاب: من الآية37) أي تخفي في نفسك ورغبتك بها وتقول لزوجها امسكها واتق الله في معاشرتها , وهذا مخالف لما انطوت عليه نفسك .
    ان هذا اللون من التأويل لا يليق بالانبياء ويدل على خسة بالطبع ولؤم في النفس والنبي صلى الله عليه وآله وسلم اعظم نفسا واعلى شأنا من ذلك . وليس في الآية ما يدل على ان زواجه بها كان على هذه الحالة . والذي حصل هو ان زينب قريبة النبي وطلبها الاشراف من المسلمين فلم يوافق النبي على زواجها فلما اعتق زيدا مولاه وقد كان تبناه اراد ان يكرمه بهذا الزواج نظرا لايمانه واخلاصه للدعوة الاسلامية وفي نفس الوقت اراد ان يحارب ما في نفوس المسلمين من كبرياء وترفع على الموالي, بعد ان ساوى الاسلام بين الناس وحطم العنصرية باقدامه ولم يفرق بين جنس وجنس الا بالتقوى والعمل الصالح, واراد ان يقر هذا المبدأ فزوج زيدا من قريبته زينب , ولما سمعت بهذا الزواج انفت نفسها ونفس اخيها عبد الله وغضبت من ذلك , فكانت الآية الكريمة (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36) فتم الزواج , وتم الطلاق بعد ذلك نتيجة لنزاع بينهما وكما يدل على ذلك قوله سبحانه ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ)(الأحزاب: من الآية37) والطلاق مهما كان سببه لابد وان يدخل على المرأة في الغالب هما وغما وألما , ولما كان السبب في الزواج هو الرسول (ص) اراد ان يتدارك ذلك ويضمها الى بيته ونسائه ويرفع عنها ما لحقها من تزويج الموالي بالاحرار , فحدث نفسه بذلك ولكنه خشيّ قولهم ان محمدا تزوج زوجة ابنه وقد كانوا ينزلون الادعياء منزلة الاولاد , كما هي سنة الجاهلية , فعاتبه الله على ذلك بقوله ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ)(الأحزاب: من الآية37) فما تخفيه في نفسك الله يحققه لك , ولا حرج عليك فيما احله الله وان لم يكن مألوفا عند الناس ونسخت سنة الجاهلية بقوله تعالى : ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً)(الأحزاب: من الآية37) ثم نفى سبحانه وتعالى بنوة زيد للنبي (ص) بقوله تعالى :( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ )(الأحزاب: من الآية40) فليس في الآية الكريمة التي حكت قصة هذا الزواج أشعار بما تضمنته الرواية السابقة , ولا منافاة فيها لمقام النبوة بل هو عمل انساني ان دل على شيء فانما يدل على ارفع مراتب النبل والخلق الكريم .
    ومن الآيات التي شهدت جدلا في مسألة العصمة والتي في ظاهرها تنافي العصمة قوله تعالى (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً) (الفتح: 1ـ2 ) اختلف اهل التفسير في الفتح فمنهم من قال فتح مكة ومنهم من قال صلح الحديبية ومنهم من قال فتح خيبر ومنهم من قال هو الظفر على الاعداء . والذي يهمنا هو قوله سبحانه (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ )(الفتح: من الآية2) يدل في ظاهر الآية على وقوع الذنب منه قبل البعثة وبعدها أو قبل الفتح وبعده , اختلفت الآراء في ذلك , يرى السيد المرتضى عليه الرحمة ان الذنب مصدر اضيف الى المفعول والمراد ما تقدم من ذنبهم اليك في منعهم اياك عن مكة وصدهم لك عن المسجد الحرام , وتكون المغفرة في المقام بمعنى الازالة والنسخ لاحكام اعدائه المشركين , أي يزيل الله تعالى ذلك عنك ويستر عليك تلك الرحمة , بما يفتح لك من مكة ولذلك جعله جزاءا وغرضا في الفتح ووجها له ولو انه اراد مغفرة لم يكن لقوله (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً) (الفتح 1ـ2 ) معنى معقولا , لان مغفرة الذنوب لا تعلق لها بالفتح فلا تكون غرضا فيه ، وهذا الوجه ايضا كسابقه لا يساعد عليه ظاهر الآية الكريمة واما قوله ما تقدم وما تأخر فلا يمتنع ان يريد به ما تقدم زمانه من فعلهم القبيح بك وبقومك وقيل ايضا في ذلك وجوه أخر منها : ان معناه لو كان لك ذنب قديم او حديث لغفرناه لك . ومنها ان المراد بالذنب هناك ترك المندوب وحسن ذلك لان المعلوم انه ممن لا يخالف الاوامر الواجبة فجاز ان يسمى ذنبا منه ما لو وقع من غيره لم يسم ذنبا لعلو قدره ورفعة شأنه .
    وكذلك اشار السيد المرتضى في اماليه حول ما ورد في القرآن الكريم من آيات مما لها ظاهر ينافي العصمة ويقتضي وقوع الخطأ منهم , فلا بد من صرف الكلام عن ظاهره وحمله على ما يليق بأدلة العقل , لان الكلام يدخله الحقيقة والمجاز ، ويعدل المتكلم به عن ظاهره , وادلة العقل لا يصح فيها ذلك , الا ترى ان الاقران قد ورد بما لا يجوز على الله تعالى من الحركة والانتقال , كقوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) (الفجر:22) وقوله تعالى )هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ )(البقرة: من الآية210) ولا بد من وضوح الادلة على ان الله تعالى ليس بجسم , واستحالة الانتقال عليه , الذي لا يجوز الا على الاجسام من تأول هذه الظواهر والعدول عما يقتضيه صريح الفاظها , قرب التأويل او بعد , ويقول السيد المرتضى : لو جهلنا العلم بالتأويل جملة لم يضر ذلك مع التمسك بالادلة , وكان غاية ما فيه الا نعلم قصد المتكلم بما اطلقه من كلامه , ونعلم اذا كان حكيما ان له غرضا صحيحا , على ان ظواهر الآيات التي خوطب بها النبي (ص) مما ظاهره كالعتاب , منها المقصود به امته , والخطاب متوجه اليه , ولهذا روي عن ابن عباس انه قال ( نزل القرآن بأياك اعني واسمعي يا جارة ) ويشهد بذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء)(الطلاق: من الآية1)1 , فخاطب النبي (ص) والمراد بذلك جميع الامة , ومنها ما يظن انه عتاب وليس كذلك بل هو تعليم وتأديب , ولا محالة ان تأديب النبي كان صادرا عن الله تعالى .
    ويرى الامامية العصمة للامام كما هي للنبي (ص) لانهم يرون منصب الامام منصب الهي لا رأي للامة فيه ولا اختيار لهم في تعيينه كما مر بالبحث ولازم ذلك كون الامام ذا ملكة رفيعة , يستطيع بواسطتها التغلب على شهواته وأهوائه وبدون ذلك لا تحصل الغاية من نصب الامام ولا تتم الفائدة من نصبه , وكان كغيره من الناس يحتاج الى من يأخذ بيده ويرشده ويدله على الصواب . وعند ذلك تهتز منزلته عند الناس وكما قال العلامة الحلي عليه الرحمة ( لو وقع منه الخطأ لوجب الانكار عليه , وذلك مضاد للامر بأطاعته ) قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(النساء: من الآية59 . وكذلك يرى العلامة الحلي : ان الدليل العقلي على وجوب عصمة الامام ان الخطأ من البشر ممكن ولا يمكن رفع الممكن الا بالرجوع الى المجرد من الخطأ وهو المعصوم ولا يمكن افتراض عدم عصمته لادائه الى التسلسل او الدور , اما التسلسل فان الامام اذا لم يكن معصوما احتاج الى امام آخر , لان العلة الموجبة الى نصبه هي جواز الخطأ على الرعية , فلو جاز عليه الخطأ لاحتاج الى امام آخر فان كان معصوما والا لزم التسلسل , واما الدور فلحاجة الامام اذا لم يكن معصوما للرعية لترده الى الصواب مع حاجة الرعية الى الاقتداء به .
    اما الدليل النقلي فقوله تعالى لابراهيم عليه السلام :
    ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(البقرة:الآية124) فدلت الآية المباركة على امرين : ان نصب الامام من قبل الله تعالى والثاني : عصمة الامام لان المذنب ظالم ولو لنفسه.
    ومن خلال بحث مسألة العصمة والاطلاع على نهج العلماء في الاستدلال عليها نجد ان هناك تباينا واضحا في الآراء فمنهم من ذهب الى درجة غالى فيها كثيرا ومنهم من قلل من شأن العصمة ومنهم من سلك طريق الاعتدال , والاهم في ذلك ان النبي (ًص) والامام(ع) تلازمهم العصمة في مواقع التبليغ والاحكام وعدم السهو والنسيان . ونجد ان الله سبحانه افاض على هذا النبي او ذلك الامام بحيث يمتنع عن الانحراف وعدم صدور الباطل منه دون ان يكون هناك اجبارا على ذلك ولا بد من التذكر ان النبي او الامام قد اصطفاه الله لحكمة هو اعلم حيث يضع رسالته ولماذا هذا دون غيره فالله (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (الانبياء:23)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    بحث قيم،،، سلمت اخي الكريم
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    65

    افتراضي

    شكرا أختي الكريمة منازار على مروركم الكريم ونحن دائما في خدمة مذهب أهل البيت عليهم السلام ..

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني