[align=justify]طاهر حسن
من الاجحاف والغبن فهرسة مشروع المصالحة الذي عوّل عليه رئيس الوزراء نوري المالكي لاحتواء اشكالية الانقسامات التي واكبت عمليات التحول السياسي العراقي ضمن خانة المشاريع المهمشة والافتراضية ذلك لأنها لاتمثل مساحة رحبة للملمة تشظيات المراحل السابقة واعادة ضم ماتفكك من لحمة العراقيين الفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية والديموغرافية تحت خيمة العراق الاتحادي الديمقراطي فحسب وانما مثلت جسراً ستراتيجيا يعطي رخصة عبوره لكل من اختلفت آيديولوجيته الفكرية ازاء ماآلت اليه احداث المشهد العراقي منذ وقت الاطاحة برأس النظام الديكتاتوري مرورا بمجريات التطور السياسي والاقتصادي بالاضافة الى التطورات المواكبة الاخرى على الصعد الاجتماعية والثقافية والعلاقات الخارجية الى غير ذلك مع آيديولوجية الساسة العراقيين الذين تبنوا موضع التصدي لمواجهة تحديات المراحل المتعاقبة حتى الوصول الى مرحلتنا الراهنة.
فهذا الجسر يقرب الى حد بعيد بين الفريقين ويضع امامهما فرصة لغلق كل الابواب المسببة لهذا الشرخ بين الطرفين ليمد الجميع اياديهم للمصافحة من اجل وحدة العراق وحماية ابنائه من الانجراف الى مهاوي الفتن المحاكة من قبل الاعداء الحقيقيين وهم من يعمل وبشكل محموم للوصول الى هذا المبتغى والمتجسد باسقاط ابناء هذا البلد في وادي الحرب الطائفية لتأكل لحومهم وتشرب من دمائهم وتحرق اخضرهم ويابسهم.
كذلك أن مشروع المصالحة الوطنية لم يختزل مساحته داخل اطار ضم الفرقاء المندمجين في باحة العملية السياسية والمختلفين معهم في المساحة ذاتها بل ان له دورا ستراتيجيا وعظيما آخر يتمثل في إماطة اللثام عن الزمر التي أطرت رفضها داخل سيناريوهات التخريب والتدمير والقتل والخطف والتفخيخ ،وهنا يمكننا فهرسة هذا الصنف الارهابي الصدامي في خانة منعزلة خاصة به ومكشوفة للملأ بعد أن كان معمماً ضبابيته على أفق الاخرين ممن لم يتورطوا في متاهات الجرائم ضد ابناء العراق ولحمته.
وهذا المشروع أفرز مفعوله الملامس للواقع العراقي ،من خلال الردود العدوانية البشعة التي تبنتها هذه الجماعات الارهابية لهذا المشروع التصالحي،الامر الذي يعطي للشعب البرهان القاطع لنجاعتها -اي المصالحة الوطنية -وتأثيرها الحيوي لاسيما في هذه المرحلة ، وعليه سيتجرد القول القائل (مع من سنتصالح؟)عن استفهاميته ،لأن المصالحة نتيجة حتمية لواقع يمور بتجاذبات سياسية وتحديات كبرى داخليا وخارجيا يقع وزرها على كاهل الحكومة العراقية المنتخبة وأيضا على الجماهير التي انتخبتها .
نخلص الى القول ان مشروع المصالحة يمثل حالة إعادة ترتيب الاوراق السياسية ما بين الحكومة العراقية المنتخبة بكل تشكلاتها وأجزائها وجماهيرها وكذلك أوراق التوجهات الاخرى التي كانت لها آيديولوجيتها غير المنسجمة مع خطوط القوى السياسية المتصدية للتحديات الراهنة لبلورة رؤى مشتركة تكمل بعضها بعضا من شأنها أن تعبئ طاقاتها التي تفرز من بوتقة هذا المشروع التصالحي لمواجهة الجهة المتبنية لصفة المواجهة الميدانية والتي اتخذت من هذه الارض مرتعا لاجندتها التكفيرية والعدوانية لشلّ سير عملية التحول الديمقراطي الوليدة وارجاع دفة قيادتها الى حكومة الفرد ،وبهذا المشروع يمكن تجسيد قبضة تشترك بتسديدها كل الفرقاء الذين آثروا المصلحة العامة على الخاصة وآمنوا بأن التحديات التي يواجهها العراق اليوم تحتم عليهم التواجد والحضور تحت ظل خيمة هذا المشروع من أجل انتشال الواقع العراقي الراهن من مأزق مازال الارهاب يتمادى في توسيع مساحته داخل بلدنا المنكــوب. [/align]