دانات يسحب "فجرا" دعوته للانسحاب من العراق

لندن- وكالات- إسلام أون لاين.نت





الجنرال ريتشارد دانات
سارع رئيس أركان الجيش البريطاني الجنرال ريتشارد دانات للتراجع عن تصريحات دعا خلالها لضرورة سحب قوات بلاده من العراق في أقرب وقت، مؤكدا أنه يسير على نفس نهج حكومة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير.

وفي مقابلة مع صحيفة "ديلي ميل" نشرت تفاصيلها على موقعها الخميس 12-10-2006 قال دانات وهو أرفع مسئول عسكري بريطاني: إن "على الحكومة البريطانية الخروج من العراق بأقرب وقت؛ لأن وجودنا يفاقم المشاكل الأمنية".

واستغل المعارضون لحرب العراق هذه الانتقادات العلنية للحرب التي وجهها دانات وهي نادرة لضابط يحمل مثل هذه الرتبة؛ وهو ما دفع الأخير لإجراء سلسلة من المقابلات التلفزيونية والإذاعية اليوم الجمعة في محاولة لتهدئة العاصفة التي أثارتها تصريحاته.

وبعد ساعات من حديثه مع الصحيفة البريطانية قال دانات خلال تصريحات لبرنامج "العالم اليوم" الذي أذاعه راديو هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فجر اليوم الجمعة إنه لم يذكر "شيئا جديدا أو يستحق الاهتمام".

وقال إنه لا يقترح انسحابا فوريا لقواته من العراق، مضيفا: "إنني جندي. ونحن لا نستسلم. نحن لا نرفع رايات الاستسلام البيضاء لكن لا يمكن أن نبقى هناك سنوات وسنوات".

وأوضح أن تصريحاته بأن القوات البريطانية تفاقم من أعمال العنف في بعض أجزاء العراق كانت مجرد إقرار بالحقيقة.

وأضاف أنه بالرغم من أن الجنود البريطانيين ما زالوا يقدمون فوائد في العراق، فإن "الآمال الكبيرة التي لدينا ثبت أنها أصعب بكثير نتيجة لمجموعة متنوعة من الأسباب؛ ولذلك فإننا نسعى للحصول على أفضل نتائج ممكنة"، وأكد أن قواته "سوف تكمل العملية (في العراق) لكن عدد القوات التي تم نشرها هناك سينخفض".

وقال دانات إن بريطانيا: "لن تتخلى عن العراق" ولا عن القوات الأمريكية قائلاً: "يجب أن نقف بجوار حلفائنا الأمريكيين".

لا شقاق مع الحكومة



قوات بريطانية بالبصرة
وعن تصريحاته لصحيفة "ديلي ميل" التي اعتبرها منتقدو الحرب على العراق بمثابة إعلان عن وجود خلاف بينه وبين حكومة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير نفى دانات وجود شقاق بينه وبين حكومة بلاده.

وقال: "لم يكن قصدي أبدا إحداث هذه الضجة التي استمتع بها الناس في الليلة الماضية وهم يحاولون التلميح بأن هناك شقة خلاف بيني وبين رئيس الوزراء".

من جانبه قال بلير في مؤتمر صحفي في أسكتلندا في وقت لاحق الجمعة إنه بعد قراءة المقابلة الصحفية ونصوص تصريحات دانات لمحطات الإذاعة والتلفزيون لا يرى اختلافا بينهما.

وأضاف: "ما يقوله بشأن الرغبة في سحب القوات البريطانية من العراق هو بالضبط ما نقوله جميعا.. إستراتيجيتنا هي الانسحاب من العراق بعد إنجاز المهمة".

وبدوره قال المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو بعد مراجعة نصوص مقابلات دانات إن "التصريح انتزع من سياقه، ووجهة نظره كما تعرفون هي أنك عندما تنجز المهمة تسلم السلطة إلى العراقيين".

وأضاف سنو "العراقيون قالوا إنهم يريدون استمرار التواجد، وأوضحوا أيضا أن لديهم الرغبة والعزم على تولي السيطرة الكاملة على مناطق مختلفة عندما يعتقدون أن بإمكانهم أن يفعلوا ذلك".

ويصر كل من بلير والرئيس الأمريكي جورج بوش على ضرورة بقاء القوات الأجنبية في العراق إلى حين استقرار الأمن بالبلاد وتمكن سلطات الأمن العراقية من الضلوع بمهامها، على حد زعمهما.

تصريحات دانات السابقة

وأقر دانات خلال تصريحاته السابقة لصحيفة "ديلي ميل" الخميس بأن القوات البريطانية مرفوضة من قبل العراقيين قائلا: "نحن في بلد مسلم (العراق)، ورأي المسلمين في وجود الأجانب في بلادهم واضح تماما. فالأجنبي يمكن أن يكون محل ترحيب عند دعوته إلى بلد ما لكننا لم نُدع بالتأكيد من جانب من هم في العراق".

وأوضح: "الحملة العسكرية التي خضناها في عام 2003 دخلت البلاد عنوة في واقع الأمر. وأيا كان ما حظينا به من موافقة في بادئ الأمر يُحتمل أن يكون قد تحول إلى تقبل ثم تحول إلى حد بعيد إلى عدم تقبل. وهذه حقيقة".

ويتواجد حاليا أكثر من 7 آلاف جندي بريطاني في العراق يتمركز معظمهم في البصرة جنوبي البلاد مشكلين ثاني أكبر قوة عسكرية بعد قوات الولايات المتحدة.

كما أعرب دانات الذي تسلّم مهامه في أغسطس الماضي في تلك التصريحات عن تشاؤمه من إحلال نظام ديمقراطي في العراق يكون قدوة لدول المنطقة قائلا: "إن خطة التحالف بقيادة الولايات المتحدة، من أجل قيام ديمقراطية في العراق يمكن أن تكون مثالا للمنطقة، من المستبعد تحقيقها".

وعن الكيفية التي جرى التخطيط لإدارة الأمور فيما بعد غزو العراقي قال الجنرال دانات لديلي ميل: "أظن أن التاريخ سيحكم بأن التخطيط لما حدث في أعقاب الحرب المبدئية الناجحة كان سيئا، ويستند بشكل أكبر على الأرجح على التفاؤل بدلا من التخطيط السليم".

وقتل نحو 118 جنديا بريطانيا في العراق منذ بداية الغزو في مارس عام 2003 وحتى أمس الخميس 12-10-2006 بحسب صفحة شبكة "سي إن إن" على الإنترنت والمخصصة لخسائر قوات التحالف في العراق.

كما كشفت دراسة مشتركة أجراها باحثون أمريكيون وعراقيون ونشرت هذا الأسبوع عن أن نحو 655 ألف حالة وفاة في العراق كانت نتيجة للغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وأعمال العنف اللاحقة، وهو ما فاق بكثير تقديرات سابقة. وتعني تلك الأرقام أن 2.5% من السكان العراقيين لقوا حتفهم نتيجة للغزو والقتال المترتب عليه.