 |
-
بعثيقراط سابق يطالب بحكومة تكنوقراط (صالح المطلك)
طالب عضو البرلمان العراقي صالح المطلك بتشكيل حكومة عراقية من التكنوقراط لا تشارك فيها الاحزاب التي تمتلك مليشيات مسلحة، تتولى اعداد البلاد الى انتخابات برلمانية مبكرة، مشيرا الى ان الانتخابات الماضية لم تكن نزيهة وان اعضاء في اللجنة العليا للانتخابات اعترفوا بتزويرها. ودعا المطلك في حديث لـ«الشرق الأوسط» في ابوظبي التي يزورها منذ عدة ايام الدول العربية للقيام بمبادرة لإقناع الاميركيين بضرورة استصدار قرار من مجلس الأمن بشأن العراق لمعالجة الوضع في العراق معالجة سياسية، مشيرا الى ان المشروع الأميركي في العراق فشل بسبب هيمنة القوى المذهبية على المشهد العراقي.
وقال المطلك زعيم قائمة الحوار الوطني السنية التي تمتلك 11 نائبا في البرلمان، إن هناك حاجة الى اعادة النظر بالتركيبة الحالية للقوات المسلحة العراقية التي قال انها تضم عناصر تدربت وخدمت في ايران او تم تجنيدها على اسس طائفية ولاعتبارات سياسية. ودعا الى اعادة الجيش العراقي القديم. ووصف مشروع الفيدرالية بأنه غطاء لعملية انفصال في الشمال والجنوب على اسس طائفية ولصالح عائلات في هذه المناطق.
وفي ما يلي نص الحوار الذي جرى في أبو ظبي: > مضى على وجودك في الإمارات عدة أيام، كيف تواجه الانتقادات التي تقول ان بعض اعضاء البرلمان العراقي يوجدون في الخارج اكثر من وجودهم في الداخل؟ وهل تؤيد الدعوة الى إسقاط عضوية هؤلاء؟
ـ الفكرة ليست سيئة، فأنا اعرف نوابا لم يحضروا ألا جلسة واحدة.. وهذا امر غير صحيح فمن يمنح ثقة العراقيين يجب ان يمثلهم بشكل صحيح وجدي، وألا يتغيبوا عن جلسات البرلمان ما لم تكن هناك اسباب جدية لذلك. > ما هو تفسيرك للظاهرة؟
ـ الخوف من الوجود داخل العراق لعدم توفر الحماية لهم. ومخصصات الحماية لم تعط لهم الا في اليوميين الأخيرين وذلك «كرشوة للتصويت على مشروع الأقاليم».
> هل هذا ينطبق عليك؟ وهل وجودك خارج العراق هو لاعتبارت الأمن الشخصي؟
ـ وجودي في الإمارات وفي الخارج عموما ليس للاستمتاع الشخصي وليس للخوف على امني ولكن لان ظروف العمل تقتضي ذلك. فأنا اعتقد في ظل الدور الحالي للبرلمان العراقي ان صوتي في الخارج اكبر تأثيرا من صوتي داخل البرلمان الذي أعتقد ان تركيبته الحالية غير قادرة على انقاذ العراق أو التأثير في مسار الأحداث التي تعصف به. > هل تعتقد أن زيارتك للإمارات تسهم في ايصال رسالة سياسية؟ وهل هناك أي فرصة أو تأثير للموقف العربي على ما يجري في العراق؟
ـ أنا معك على ان الصوت العربي داخل العراق هو حاليا صوت ضعيف وغير مؤثر، وغياب الصوت العربي في العراق سببه أساسا العزلة بين المواطن العربي وأنظمة الحكم العربية وتراجع مستوى الحريات السياسية في العالم العربي، وبالتالي فإن الدول العربية التي تعاني نفسها من حالة غير صحيحة سياسيا قادرة بتقديم حلول سياسية للآخرين. الدول العربية في ما أرى تنقسم الى مجموعتين؛ مجموعة خائفة من الولايات المتحدة وتتردد في تقديم أي مبادرة أو نصيحة للإدارة الاميركية بشأن ما يجري في العراق، ومجموعة أخرى يائسة من الوضع العراقي وتعتقد ان فرصة الإصلاح هناك معدومة وان العراق ذاهب الى المجهول ولا مجال للتدخل في مثل هذه الظروف. وأنا من جانبي أقول ان هذه الحسابات قصيرة النظر لأن أي نظرة استراتيجية تشير الى ان عدم التدخل الآن يعني انتظار ان تصل شظايا الحالة العراقية الى دول الجوار وهو أمر لا يفيد لا الخائفين ولا المترددين.
> ما هي آليات التدخل التي تقترحها على الدول العربية في ضوء استفراد الولايات المتحدة بتوجيه دفة الأحداث في العراق؟
ـ الأميركيون وصلوا في العراق الى مرحلة لم يعودوا معها قادرين على السيطرة على مسار الأحداث، فهم غير قادرين على المحافظة على قواتهم ولا على مخرج يحفظ ماء الوجة، وبالتالي فهم يبحثون عن حل ربما تكون الدول العربية قادرة على صياغته والمشاركة فيه. وهنا اعتقد ان دولة الإمارات بالذات من الدول المؤهلة للقيام بمثل هذا الدور، اذ لا يوجد تحسس من أي فئة عراقية للتعامل معها، والأميركيون يعتبرونها من الدول المعتدلة وليس لها أي مشروع خاص في العراق، وبالتالي فهي مؤهلة للقيام بدور في صياغة مشروع حل سياسي.
> ما هي ملامح الحل الذي يمكن أن تقدمة الدول العربية؟
ـ الذهاب الى الأمم المتحدة بمشروع سياسي يتم الاتفاق عليه مع الولايات المتحدة. وهذا المشروع يهدف الى استصدار قرار من مجلس الأمن يعتبر ان الوضع في العراق وضع كارثي يقتضي تدخل المجتمع الدولي.
> ما هي صيغة القرار المقترح؟
ـ الدعوة الى تشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة تخرج منها الأحزاب والقوى السياسية التي امتلكت مليشيات أو تسعى لتقسيم العراق وتكون مهمتها بسط الأمن والاستقرار وتوفير الحد الأدنى من الخدمات.
> ولكن معنى ذلك التشكيك بنتائج الانتخابات الأخيرة ورفض النتائج السياسية المترتبة عليها؟
ـ علينا أن نعترف أن الانتخابات سارت بطريقة غير سليمة فهي استخدمت الدين كرافعة، ولم تكن هناك رقابة دولية تضمن نزاهتها، فضلا عن ان المفوضية العليا للانتخابات لم تكن نزيهة وثبت انها كانت مرتشية ويلاحق أعضاؤها من قبل القضاء، مما يعني ان الانتخابات لم تكن اصولية ونتائجها اثبتت انها ليست قادرة على تحقيق الاستقرار، بل انها ساهمت في تفاقم التدهور الأمني. نحن الآن بصدد وضع كارثي بكل ما في الكلمة من معنى، وهذا الوضع لا يحتمل الانتظار 4 سنوات لحين اجراء انتخابات نظيفة مع العلم ان من غير المنتظر في ظل المعطيات الحالية والمنظورة ان يتوفر مناخ صحي وأمني مناسب لاجراء مثل تلك الانتخابات. إزاء ذلك لا بد ان تشكل حكومة تكنوقراط قوية وقادرة على تأمين الوضع الأمني ومن ثم الذهاب الى انتخابات مبكرة بعيدا عن سيطرة او تأثير المليشيات المسلحة. > هل تعتقد ان بالامكان تسويق هذا المشروع اميركيا؟
ـ أنا اعتقد ان الأميركيين لم يكونوا راغبين في الوصول الى هكذا ديمقراطية، ولو أنهم عرفوا ان الانتخابات سيتم استغلالها لمصالح دينية ومذهبية وتجعل العملية السياسية برمتها رهينة بيد المرجعيات الدينية لما ساروا في هذه العملية التي لا يمكن تبرير نتائجها امام دافع الضرائب الأميركي. ولذلك فأن الدعوة الى استصدار قرار جديد لمجلس الأمن هو السبيل لايجاد آلية لمراجعة الوضع في العراق واختيار الأسلوب الذي يحظى بغطاء من الشرعية الدولية من جهة وتكون له فعالية التنفيذ على الأرض.
> هل صحيح أن الأميركيين يحاولون الآن تعديل تحالفاتهم والاقتراب من المرجعيات السنية كوسيلة للخروج من المأزق السياسي الحالي؟
ـ الإدارة الأميركية لا تملك الى الآن مشروعا سياسيا واضحا وهي في أحسن الأحوال تدير مشروعا بائسا تصيغه اجتهادات متباينة داخل الإدارة الأميركية، فالخارجية لها رأي والبنتاغون لديه رأي مغاير، و«السي آي إيه» لها رأي ثالث. وهذه الجهات تستقي معلومات متباينة في بعض الأحيان، الأمر الذي يوجد نوعا من الارتباك في القرار السياسي للإدارة. وانطباعي ان الادارة الأميركية تنفذ في العراق مشروعا صهيونيا وليس أميركيا، فهو ليس في صالح أميركا وليس في صالح العراق. أنا اعتقد أن الإدارة الأميركية تحتاج لمقاربة جديدة مع الوضع في العراق، وهذه المقاربة تتطلب إدخال العراق ضمن مقولة الشرق الأوسط المعتدل، أي التعامل مع القوى الليبرالية المعتدلة التي تضمن قوة وهيمنة الدولة بعيدا عن تأثير وهيمنة المرجعيات الدينية. من هنا فان الإدارة الأميركية ترتكب خطرا إذا استبدلت تحالفاتها مع المرجعيات الدينية الشيعية بتحالفات مع مرجعيات دينية سنية، اذ عليها ان تركز على القوى الليبرالية القادرة على التكيف مع متطلبات العملية الديمقراطية.
> لكن هل تستطيع الإدارة الأميركية بعد استفحال دور الميليشيات والسطوة التي تمتلكها في الشارع العراقي الاعتماد على القوى الديمقراطية والليبرالية التي ليس لها مخالب تواجه بها قوى التطرف؟
ـ دور المليشيات والأحزاب الدينية السنية والشيعية لا يزال بالمكان احتواؤه عندما تشن حرب على هذه المليشيات والأحزاب.
> ولكن من يشن هذه الحرب في ظل وجود اختراقات للجيش والشرطة العراقية؟
ـ الذي يشن الحرب هم الذين يحملون المشروع السياسي الجديد المعتمد على الجيش العراقي القديم وليس القوات الحالية المشكلة على أسس طائفية. القوات التي كان يدخل بها الجيش المواطن العراقي على أساس عمره وعلمه وليس على أساس انتمائه المذهبي. القوات الحالية تم تشكيلها بشكل خاطئ وعلى أسس ليست في مصلحة العراق ولا تملك القدرة على تأمين أمنه واستقراره . الأميركان يجب ان يكونوا شجعانا للاعتراف بخطأ حل الجيش القديم واستبداله بمليشات عمودها الفقري عصابات وميليشات إيرانية أو متحالفة مع إيران أو ادوات في يد مصالح فئوية . وبالمناسبة هذا جزء من الأخطاء التي اعترف بها الحاكم الأميركي السابق بول بريمر الذي قال ان من الاخطاء قانون اجتثاث البعث وقانون المحاصصة الطائفية. > لكن الجيش القديم يضم عناصر المقاومة المناهضة للوجود الأميركي؟
ـ ليكن فالمقاومة التي تريد تحرير البلاد من الاحتلال هي القوة التي يمكن ان تكون لها المصداقية. العراق لا يمكن ان يحكم من قبل قوى غير وطنية أو قوى تحاول أن تنفذ أجندة خارجية. إن القوى التي كانت لديها شعبية تأثرت قوتها بسبب تعاملها مع الاميركان واذا ارادت الولايات المتحدة مخرجا فإن عليها ان تتفاوض مع خصومها لا مع حلفائها. الخصوم هم الأقدر على تكوين المصداقية في الشارع العراقي، أما الذين يتحالفون مع الاحتلال فإنهم غير قادرين على قيادة عملية سياسية ناجحة لأنهم فاقدي التأثير.
> المقاومة تشترط جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأميركية قبل بدء أي حوار. هل يمكن لأميركا ان تقبل مثل هذا الشرط؟
ـ هذا الأمر يمكن ان يكون موضع نقاش، فالولايات المتحدة يهمها ألا يقع العراق بعد خروجها بيد قوى الإرهاب، وعندما يطمأنوا الى أن ذلك لن يحصل، فمن الممكن الاتفاق على كيفية خروج القوات الأميركية. أنا اعتقد ان الادارة الاميركية تريد الخروج من العراق لأن ما فقدته هناك يتجاوز الخسائر المادية والبشرية الى صورة اميركا.
> هل تعتقد أن البعثيين يمكن لهم المشاركة في العملية السياسية من جديد؟ ـ البعثيون عزلوا بشكل ظالم وسوف يطالبون بثمن لعودتهم للمشهد السياسي من جديد.
> هل عندهم القوة للمطالبة بذلك؟ ـ البعثيون كانوا نصف الشعب العراقي.
> لكن معظم البعثيين هم في الواقع موظفون؟
ـ هذا نوع من التبسيط. فالبعثيون هم قوة سياسية فاعلة وموجودة لكن عليها ان تعيد النظر ببعض الطروحات وصولا الى ايجاد نموذج اجتماعي وسياسي واقتصادي قادر على التكيف مع معطيات وظروف المرحلة. > هل لديك اتصالا بالبعثيين وهل تعتقد أنهم يقومون بالمراجعة التي اشرت لها؟
ـ نعم لدي اتصالات. أما بشان المراجعة فهي موجودة ولكن بشكل غير علني وذلك للمحافظة على وحدة الحزب.
> كيف ترى مشروع الفيدرالية؟ وما هي حظوظه في العراق؟ ـ الفيدرالية المطروحة مشروع انفصالي لضمان هيمنة عائلتين في الشمال وعائلة في الجنوب. وهذا المشروع لن يكتب له النجاح وسيلقى صفعة من الشعب العراقي. مشروع الفيدرالية مشروع تقسيمي لأنه يطرح في بلد محتقن وهو بذلك وصفة انفصال أكثر منها أي شيء آخر. وأكبر دليل على الطبيعة المشبوهة لهذا المشروع هو انه يطرح للمناقشة في البرلمان في الوقت الذي يموت فيه مئات العراقيين يوميا من دون أن يكون للبرلمان العراقي أي دور في معالجة هذا الانهيار الأمني. فهل بحث الفيدرالية أهم من البحث في قوافل الموت اليومية التي يخرج فيها المئات من أبناء الشعب العراقي من كافة الأطياف ومن جميع الفئات.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |