 |
-
سلاح دمار شامل بيد البعثيين اسمه "التكفيريين الانتحاريين"..
سلاح دمار شامل بيد البعثيين اسمه "التكفيريين الانتحاريين"..
قبل أن يسقط نظام حزب البعث الملعون في العراق في التاسع من نيسان عام 2003 بعدة اشهر جرت تفاهمات بين نظام البعث المقبورعلى مستوى القيادة وعملاء تنظيم القاعدة على حشد مجاميع من "الأفغان العرب" الذين تدربوا على السلاح والتفجيرات وعمليات التخريب في معسكرات القاعدة في أفغانستان وإرسالهم إلى العراق كخطوة احترازية لمواجهة الآثار الناجمة عن انهيار مؤسسات النظام البعثي وما ينشأ من فراغ في السلطة وقيام نظام عراقي جديد في حال سقوط الصنم صدام..
وقد بدأت بالفعل آنذاك موجات من الشباب العرب من مختلف التيارات القومية والدينية، السلفية منها والإخوانية تتدفق على العراق عبر سوريا والأردن، حيث تم إسكانهم في معسكرات تدريب الجيش العراقي ذو القيادة الطائفية آنذاك.. كما تم إخضاعهم لسلطة الجيش العراقي وأتمروا بأوامر قادة الوحدات العسكرية البعثية.. وعندما وصلت الدبابات الأمريكية صباح التاسع من نيسان إلى بغداد لم تجابه من قبل القادة العسكريين لجيش الذليل صدام، بل تم تسليم بغداد "عاصمة الرشيد" كما يحلو للبعض تسميتها على طبق من ذهب للغزاة الأمريكان.. وبذلك سجل تاريخ العراق الحديث مرة أخرى كيف أن قيادات تُحسب على التيار السني وبالذات العسكريين منهم وجلهم من المحافظات البيضاء!! كالفلوجة وتكريت والموصل والأنبار غدرت بالشعب العراقي وسلّمت مفاتيح عاصمة الرشيد التي طالما تغنوا بها في مؤتمرات المربد الصدامية إلى الغزاة دون أن تطلق طلقة واحدة باتجاهها.. هؤلاء خونة الأمة الصداميين انسحبوا إلى بيوتهم وخلعوا زيهم الزيتوني بانتظار التعامل مع الواقع الجديد..
أما مجاميع "المقاتلين العرب" كما كانوا يسمون أنفسهم آنذاك تشتتوا في مدن العراق المختلفة وباتوا يتامى، هائمين على وجوههم يتسكعون في الشوارع.. فالنظام الذي أتى بهم ولىّ وانهار فلا معيل لهم!!.. من هؤلاء من اتهم الحرس الجمهوري بالغدر بهم والخيانة بالبلاد عاد أدراجه من حيث أتى، فاراً ببدنه، ناجيا بنفسه.. أما قسم آخر منهم فقد تقطعت بهم السبل ولم ير بُدا إلاّ أن يقاتل وحيدا يتيما ضد القوات التي يعتبرها "كافرة"، فقتل في المعارك ودفنهم العراقيون غير مأسوف عليهم.. أما الفئة الأخرى والتي تنتمي تنظيميا إلى تنظيم القاعدة و"الأفغان العرب" فقد اختاروا أن لا يقاتلوا الأمريكان في بادئ الأمر بانتظار وضوح الرؤية أو ربما وصول زعاماتهم من خارج العراق لتنظيم صفوفهم والتخطيط لهم للمرحلة المقبلة..
بعد مرور أشهر على سقوط نظام الطاغية أوصل قادة تنظيم القاعدة أنفسهم إلى العراق على عجل مستغلين الخلل الأمني الرهيب في ضبط الحدود.. وقاموا بعد وصولهم إلى مدن معينة فيما بات يُعرف بالمثلث السني بترتيب أوضاعهم وتنظيم صفوف عناصرهم التي لم تباشر القتال ضد القوات الأمريكية حينها.. استقرت عناصر تنظيم القاعدة بزعامة المقبور أبو مصعب الزرقاوي في مدن المثلث السني وتمركزت قيادتها في مدينة الفلوجة بالتحديد وذلك لوجود دعم سلفي عراقي قوي لها من قبل مشايخ التطرف السلفي التكفيري في "هيئة علماء السنة" وعلى رأسهم الإرهابي عبد الله الجنابي.. وفي الفلوجة عقدت التفاهمات والتحالفات بين فلول حزب البعث العلماني الكافر من جهة وبين جماعة الزرقاوي السلفية الوهابية من جهة أخرى!!.. وكان عرّاب هذه التفاهمات مشايخ "هيئة علماء السنة" والذين هم بالأساس كانوا موظفين سابقين في وزارة الأوقاف وأجهزة المخابرات الصدامية قبل سقوط النظام..
لقد كانت صيغة التفاهمات بين الطرفين هي أن يحتضن البعثيين الصداميين عناصر السلفيين العرب في منازلهم ومقارهم في الفلوجة وكذلك إيجاد حاضنات ومراكز اجتماعات وتدريب لهم في عموم المدن العراقية في مدن المثلث، وتسهيل حركة عناصرها وتزويدهم بالأسلحة والمتفجرات، ومساعدتها لتنفيذ مخططاتها التخريبية في العراق.. كما تم التنسيق بين الطرفين بأن يقوم الصداميون بإدارة العمليات من حيث التخطيط والتجهيز فيما يأخذ تنظيم الزرقاوي على عاتقه تنفيذ مهمات تخريبية كبرى على الأرض.. وقد أراد البعثيين من خلال هذه التفاهمات استغلال قدرة التكفيريين العرب بشكل كثيف في ارتكاب أعمال إجرامية جريئة فيما يتعلق باقتحام المواقع المستهدفة وارتكاب مهمات انتحارية صعبة الأمر الذي تحجم عنه جرذان البعث، وإن كانت قدرات البعثيين لا تقل عن قدرات التكفيريين في جوانب إجرامية أخرى.. وقد سجل في الأيام الأولى من بدء العمليات الانتحارية في العراق أكثر من 200 تكفيري من الأفغان العرب أسمائهم في "قائمة الانتحاريين"..
أما على صعيد تجنيد الانتحاريين العرب خارج العراق فقد انتهز البعثيين هذه الفرصة النادرة فقاموا بتأسيس مكاتب استقبال "المقاتلين العرب" في مدن سورية مختلفة وكذلك في الأردن والسودان وليبيا واليمن استطاعوا خلالها من تجنيد المئات من السلفيين الراغبين في القيام بأعمال انتحارية في العراق!!.. لقد ساهم بعض أقارب صدام الذين فروا إلى سوريا والأردن وقطر والإمارات وعلى رأسهم بنت الطاغية رغد إلى توفير كل التسهيلات والدعم المالي للشباب العرب الراغبين في المشاركة في عمليات انتحارية في العراق من حيث تجنيدهم وتدريبهم ونقلهم إلى العراق عبر الأراضي الأردنية والسورية..
ويبدو أن التفاهمات البعثية السلفية أسفرت عن توزيع الأدوار والمهمات بين الجانبين.. فبعد أن يحصل البعثيين الصداميين على المعلومات اللازمة عبر القيام بأعمال المراقبة والتجسس والرصد والاستخبار عن الأهداف المنتقاة يتم تقسيم أعمال التخريب والإرهاب.. يقوم البعثيين بارتكاب جملة من عمليات التخريب التكتيكية التي تتطلب دراية بخصوصية الوضع العام العراقي كالتصفيات الجسدية.. واغتيال الشخصيات السياسية والدينية المعروفة.. والقصف بمدافع الهاون والصواريخ.. وتفجير العبوات الناسفة عن بعد.. وتخريب شبكات نقل الطاقة الكهربية وشبكات المياه.. وارتكاب القتل العشوائي.. والإغارة على مراكز الشرطة والحرس الوطني.. وخطف الأجانب والشرطة وأفراد الجيش العراقي وقتلهم.. ومهاجمة قوافل التموين التجارية ونهبها والاستيلاء عليها.. وتخريب المنشآت العامة والبنى التحتية.. وتفجير أنابيب النفط ومنشآتها والتي عادة ما تمتد عبر البراري والطرق الخارجية الصحراوية والتي تتطلب نوعا ما خبرة بالبيئة .. أما عناصر تنظيم القاعدة التكفيريين ومعظمهم من المرتزقة العرب تقوم من جانبها بتحضير إنتحارييها نفسيا وتعدّهم بدنيا، ويتم تجهيزهم بالعبوات والمتفجرات اللازمة حسب حاجة الهدف المستهدف، ومن ثم يتم نقل هؤلاء الانتحاريين بسيارته المفخخة أو حزامه الناسف من قبل البعثيين إلى المواقع المراد مهاجمتها ومن ثم تنطلق العملية الانتحارية..
ومع أن التنسيق الحاصل بين حزب البعث ومجموعة الزرقاوي اشتمل على توزيع الأدوار في ارتكاب المجازر إلا أنه يلاحظ أن الطرفين لم يتفاهما حول التنسيق الإعلامي لهذه العمليات..فبينما تنظيم القاعدة الإرهابي يعلن بانتظام عن كل عملية تفجير انتحارية أو خطف رهائن أو قطع رؤوس المختطفين في وسائل إعلامه على شبكة الإنترنت لم يُلاحظ أن عمليات الاغتيالات والقصف المدفعي والتخريب في أنابيب النفط وتفجير العبوات الناسفة يتبناها الصداميون إلاّ النادر منها، كما حصل في حالة إصدار بيان لحزب البعث تبنى فيه محاولة اغتيال لشخصيات سياسية والتي راح ضحيتها بعظهم..
ويستثنى من هذه القاعدة إصرار الطرفين بتأكيد إعلانهما عن عمليات الخطف وقطع رؤوس المخطوفين.!. فالبيانات الصادرة بعد كل عملية خطف أو ذبح تشير إلى أن المجموعتين الإرهابيتين مشتركتان في ارتكاب هذه النوعية من العمليات الإرهابية حيث يعلنان عنها بانتظام.. بل ويتسابقان أحيانا في تبني هذه الإعمال وإن كان الطرف الآخر تبناها قبله..
وأيّا كان الأمر فالبعثيين الصداميين اكتشفوا خلال الأشهر الأولى من انطلاق العمليات التخريبية الكبرى في العراق أي منذ عملية تفجير مبنى الأمم المتحدة في بغداد ومقتل المبعوث العام للأمم المتحدة وعدد كبير من المدنيين العراقيين والأجانب إلى أنهم حصلوا على كنز لا ينضب من القنابل اسمه "التكفيريين الانتحاريين".. ومنذ ذلك الوقت والبعثيين سواء فلولهم في الخارج أو مجرميهم في الداخل منهمكون في استغلال هؤلاء الانتحاريين الساديين أبشع استغلال لتجنيدهم في عمليات انتحارية منتظمة ترتكب في كافة مدن العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.. وهكذا امتلك البعثيون الصداميون أسلحة فتاكة لا يقل فتكها عن أسلحة الدمار الشامل..
إن الصداميين عوّضوا ضعفهم في قدرتهم على التحرك والتخريب في المجتمع العراقي باستخدام المغفلين من السلفيين التكفيريين العرب.. فهؤلاء خير مطايا يُمتطون وبأرخص الأثمان وأقل التكلفة.. كل ما يلزمهم حزام ناسف أو سيارة مفخخة ليحوّلوا أحياء كاملة إلى أطلال ويقتلوا المئات من الأبرياء ويقطعونهم أشلاء.. فهذا هو المطلوب بعينه من قبل البعثيين امتلاكهم سلاحا فتاكا من أسلحة الدمار الشامل.. فما الفرق بين الآثار التدميرية الواسعة "لسلفي انتحاري ملغوم" وبين استخدام صاروخ أرض أرض من نوع "سكود" سوفيتي الصنع، أو قنبلة كيمياوية كالتي استخدمها علي حسن المجيد بأمر من المجرم صدام ضد مدينة حلبجة.. ألا يعادل "بهيمة سلفي مفخخ" صاروخين أرض أرض من نوع سكود.. أو صاروخ أرض أرض من نوع توماهوك!!.. وإذا كان كذلك فما أرخص ثمن دابة سلفية مفخخة فارغة الرأس يُستخدم كعبوة ناسفة مدمرة من قبل البعثيين الأنذال..
غفاري الربذة
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |