الى اللقاء حزب الله
وسام سعادة
ما الذي تنتظره قوى 14 آذار؟
فالوطن بخطر، ولا وقت للمزاح أو المراوغة. لا بأس بمكاشفة سريعة. ليس يمكن الاتكال على المحكمة الدولية وحدها. يجب حماية المحكمة نفسها، بتأكيد الحق في معرفة ومعاقبة مرتكبي جرائم 2005 أكثر من أي وقت مضى. ليس يمكن الاتكال على المجتمع الدولي والإدارة الأميركية. فقد تفضل هذه الادارة التدخل متأخرة بعد أن تحلّ الواقعة، وقد تقنع نفسها بانتفاء المصلحة في التدخل والانزلاق الى المستنقع اللبناني.
مع هذا، فلا مناص من استقراء كل اشارة توجهها الادارة الأميركية، لأن الوضع لا يسمح حقيقة، بلغو رتيب يستعمل المُلاك من ألفاظ لذم الامبريالية. الامبريالية تستحق أكثر من ذم، والمعركة معها طويلة. لكن المسدس الذي يوجه الآن الى دماغ البلد وصدره ليس من طرف الامبريالية. وانما، بكل بساطة، من طرف <الممانعة> بجميع تلاوينها، من أشدها ظلامية الى أكثرها ادعاء للتقدمية، ومن أكثرها بعداً عن الحلقة التي نفذت جرائم عام 2005 الى أكثرها ضلوعاً في هذه الجرائم وكل ما سبقها، فمن كمال جنبلاط الى رفيق الحريري، ومن مهدي عامل الى جورج حاوي: المتهم واحد واسمه <ممانعة>.
مع ذلك، فالمصلحة تقضي بأكل العنب لا بذبح الناطور. لكن الناطور لا يرتدع، ويهم الآن بإحراق الكرم. عندها لا بد من الدفاع عن الكرم اذا ما أردنا أكل العنب! وهذا هو الحال في بيروت اليوم. فليتحرك أبناء هذه المدينة الأبية، التي لا تستقي عروبتها من دروس الشعوبيين ولا من تهديدات المتسلطين على شعوبهم.
ترسو المعركة المفروضة على اللبنانيين الحالمين بالاستقلال والديموقراطية والاستقرار حالياً على معادلة عجز قوى الممانعة عن الانقلاب، والعودة الى ظروف ما قبل 14 آذار ,2005 وعجز القوى التي تمثل بطريقة أو بأخرى هذا الحدث الاستقلالي التاريخي وروحيته، من أن تحكم البلد، وتوصله الى برّ الأمان، وتقيه في الوقت نفسه مغامرات غير محسوبة من هنا، وعواصف هوجاء من هناك.
الا أن هذه المعادلة ليست مقفلة. فقوى الممانعة قادرة على الانتقال من دائرة <التعطيل> الى دائرة <التخريب>، بإذكاء نار الفتنة، حد اطلاق رصاصة الرحمة على السلم الأهلي.
أما قوى 14 آذار، فمع أنها عاجزة عن الحكم، فإنها تملك كل أسباب القدرة لتكرار حدث 14 آذار الجماهيري الاستثنائي، بحشود مزيدة. لكنها ما زالت تحجم عن ذلك، أو تبقيه عند حد <المناورة>، أو <الافتراض> السجالي. قد يكون للتردّد أكثر من سبب وجيه. منها الوعي النبيه بأن الوضع يختلف جذرياً عما كانت عليه الأمور في آذار .2005
في آذار، كان حزب الله يحمي حتمية الجلاء السوري جماهيرياً ومعنوياً. لكن استمرار بقاء الجيش السوري في لبنان كان يحمي انتفاضة الاستقلال، ويقوي حجتها، ويزيد من زخم حدث 14 آذار الذي ما كان ليتحقق الا أن مليوناً ونصف مليون لبناني سمعوا كلاماً استفزازياً في 8 آذار، فردوا عليه بالتي هي أحسن، وخذلتهم في ذلك الألعاب الكلامية من نوع <الى اللقاء سوريا>، وما شاكل.
بشكل ما، يعد استمرار بقاء الجيش السوري في لبنان طيلة آذار نيسان ,2005 حماية موضوعية للفيف الاستقلالي من <الاصطدام> مع حزب الله.
أما الآن، فسوريا غائبة عن لبنان الا خطابياً، أو بواسطة لاعبين من الدرجة الثانية. وحزب الله الموالي لايران لكن على أساس أجندة خاصة به، انما يواجه وضعية حصارية. الا ان هذه الوضعية معطوفة على الغياب السوري، تجعل الاصطدام في الشارع امكاناً حقيقياً لا يدخل في مصلحة أحد.
الا أن العقل يحسبها بالموازنة بين عاقبة وشرّ منها. فاذا لم يتراجع الطرف الزاجر عن انذاره الموجه الى اللبنانيين، من هنا لبضعة أيام، فعلى قوى 14 آذار النزول فوراً، وبكثافة، الى الشارع... ولا بأس هذه المرة برفع شعار <الى اللقاء حزب الله!>.