بسم الله الرحمن الرحيم

صدام حسين ارتاب من طبول الحرب وخشي على كرسي الرئاسة فأصدر العفو العام الناقص والمبتور

يوسف البحارنة
yousifalbaharenah555@yahoo.com

من كان يظن أن ديكتاتور العراق صدام حسين سيقوم بالاعلان عن العفو العام عن السجناء السياسيين وغير السياسيين . انه لحلم كان يراود كل العراقيين الذين يعرفون رأس السلطة في بغداد وتعطشه للدماء , حيث أن هناك أنهارا من الدم بينه وبين الشعب العراقي المظلوم .

النظام البعثي في العراق الذي لم يعترف في الماضي بوجود معتقلين سياسيين في سجونه وزنزاناته , ولم يعترف بوجود معارضة سياسية , حيث كانت تصريحات أركانه في الماضي تنفي وباصرار وجود أي معارضة سياسية داخل العراق , أخيرا اضطرت الى الاعتراف بوجود هؤلاء المعتقلين وان اعترافها بهذا يعني وجود معارضة سياسية.

الاستاذ خليل الخفاجي مسئول العلاقات الدولية في الجبهة الوطنية العراقية صرح بعد اعلان نظام بغداد للعفو العام لوسائل الاعلام العالمية بتاريخ 20/10/2002م :" ان الصور الاوليةالتي نقلتها عدسات مراسلي وكالات الانباء العالمية والمحطات الفضائية عن طوابير السجناء وهي تغادر بعض السجون , اكدت بما لايقبل الشك وجود الاف المعتقلين في هذه السجون , وان قيام النظام بالسماح لوسائل الاعلام بتغطية هذا الحدث لبعض السجون دون اخرى , يؤكد وجود اعداد كبيرة من السجناء ببقية السجون وخاصة سلسلة سجون المخابرات العامة والاستخبارات العسكرية وسلسلة سجون "الراشدية" و"الرضوانية" و"نقرة السلمان" ومعتقلات جهاز الامن الخاص وغيرها من سجون ومعتقلات الاجهزة الامنية المختلفة .

وان بين هؤلاء الالاف من المعتقلين في هذه السجون, المئات من علماء الدين ورجالاته , وخاصة اية الله العظمى السيد محمد صادق القزويني الذي يعتبر اشهر سجين سياسي في العالم ,اذ مضى على اعتقاله اكثر من 26 عاما, وكذلك اية الله السيد محمد الطباطبائي , الذي مضى على اعتقاله, هو الاخر,اكثر من 18 عاما, وغيرهم من علماء العراق وابطاله , اننا لم نرصد حتى الان ,اطلاق سراح اي من علماء الدين هؤلاء , ونتمنى ان يكون قرار العفو هذا هو الاول من نوعه الذي ينتقل من جمله الانشائية الى حيز التطبيق وليتجاوز حدود الفاظه وكلماته , فيكون واقعا حقيقيا يلمسه كل ابناء شعبنا العراقي المظلوم .

كما اننا نتساءل وباستغراب اين الالاف من نساء العراق وفتياته المعتقلات بسبب توجهاتهن السياسية ..؟!!

كما أعلن الناطق باسم الجبهة الوطنية في معرض تصريحه لوكالات الأنباء العالمية ووسائل الاعلام أن :" عوائل السجناء يحاولون الوصول الى ابنائهم المعتقلين , فحسب مصادر مستقلة تأكد وجود اكثر من عشرة الاف معتقلة سياسية في سجون النساء في بغداد لوحدها, فاين هذه المعتقلات ..؟ ولماذا لم يتم رصد اية مجموعات منهن, بتغطية وسائل الاعلام, اذا تم اطلاق سراحهن بالفعل ..؟ !!.

وأضاف الخفاجي : اننا نؤكد ان قرار مايسمى بالعفو الذي اصدره ديكتاتور العراق انما جاء بسبب حالة الضعف المتناهية التي تعصف بالنظام, والتي لمسها المراقبون السياسيون بكل جلاء خلال الفترة الاخيرة , وخشيته من احتمالات انفجار الموقف شعبيا ضده , وشعوره بجدية تنسيق المعارضة وتواصلها من اجل مشروع متكامل للتغيير في العراق ,وادراكه بفشل محاولاته المتكررة باعادة لحمة العلاقة بينه وبين الولايات المتحدة وبريطانيا الى عهدها السابق كما في السبعينيات والثمانينيات, وشعوره ان بداية اية ضربة توجه اليه من هاتين الدولتين , فانما ستكون الشرارة الاولى ليقوم الشعب العراقي بعدها بالانقضاض والاجهاز عليه".

الشعب العراقي كان ولا يزال يتوق للخلاص من السجن الكبير الذي خلقه له النظام الحاكم في بغداد والانطلاق والتحرر من نظام القمع والارهاب الى رحاب الحرية والكرامة . نعم ان النظام العراقي هو الذي أجرم بحق الشعب باعتقالهم زورا وعدوانا , وان الافراج عن المعتقلين السياسين دليل على خشية النظام العراقي أولا من احتمالات الانفجار الشعبي , وثانيا لارتياعه وخوفه من طبول الحرب التي قرعت لاسقاط حكمه .

وان صدام حسين يعرف في هذه المرحلة من تاريخ حكمه بأنه يمر بوضع عصيب جدا لاحتمالات الحرب والتغيير للنظام الحاكم الذي جاء على جماجم الشعب العراقي بانقلاب عسكري في عام 1968م , لذلك أقدم على هذه المبادرة عله يستطيع استيعاب الأزمةالداخلية التي باتت تهدده بالانفجار الشعبي , والتذمر الجماهيري الذي بات حتميا للخلاص من هذا الطاغية.

ان رأس السلطة في بغداد الذي أعلن عن تنصيب نفسه رئيسا للجمهورية لمدة سبع سنوات قادمة , عبر استفتاءا شعبيا صوريا قال عنه النظام الحاكم أنه جاء 100% , اذا كان هذا الديكتاتور صادقا , فان عليه السماح باجراء انتخابات حرة تحت اشراف الأمم المتحدة , وأن يتنحى عن السلطة فورا , ليجنب الشعب العراقي ويلات حرب كونية ستحدث كارثة انسانية للشعب العراقي وشعوب المنطقة المجاورة .

ان على صدام حسين أن يتنحى عن السلطة لكي يختار الشعب العراقي نظامه السياسي الذي يرتئيه , لتعيش المنظقة في وئام وسلام , بعيدة عن المؤامرات والتدخلات والأطماع الأجنبية , والوقوف أمام غزو استعماري جديد جاء باسم احلال السلام وبثوب مقاومة الارهاب والقضاء على أسلحة الدمار الشامل , ولكن هدفه الرئيسي هو الهيمنة السياسية والاقتصادية على العراق , التي تعتبر من أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط , ذات الثروات النفطية والموقعية الاستراتيجية والحيوية في منطقة الخليج .

ان الامبريالية الدولية وورائها الصهيونية العالمية تطمع لأن تكون بلاد الرافدين المنطلق للتسلط على بلاد المسلمين , خصوصا الاطماع الاسرائيلية التي تتطلع الى دولة صهيونية من النيل الى الفرات , وان الولايات المتحدة الأميركية باصرارها على الدخول في حرب مدمرة مع نظام بغداد لا يهمها الا مصالحها الاقتصادية والسياسية والعسكرية , وتأمين سلامة الكيان الصهيوني وعدم تعرضه للخطر , خصوصا بعد تعثر قضية السلام العربي الاسرائيلي .

ان مستقبل العراق واستقراره مرهون بتنحي رأس النظام العراقي وحزب البعث الحاكم في العراق عن السلطة بصورة سلمية , واجراء انتخابات حرة لنظام حر ديمقراطي تعددي تحترم في كل الطوائف والقوميات , وبعيدا عن العنصرية والطائفية السياسية , تحت اشراف الأمم المتحدة , والا فان طبول الحرب المقروحة تأذن بحرب كونية مدمرة لا يحمد عقباها , ستؤدي في نهاية المطاف الى تدمير العراق وبنيته التحتية واقتصاده وجيشه , ليعود مرة أخرى الى الوراء لأكثر من مائة عام كما عاد قبل ذلك في حرب عاصفة الصحراء التي تم خلالها طرد الجيش والنظام العراقي عن الكويت وتدمير العراق وجيشه.


يوسف البحارنة

22/10/2002


=)