الرياضة تنجح بما فشل فيه السياسيون في العراق
GMT 8:30:00 2006 الخميس 14 ديسمبر
محمد قاسم
--------------------------------------------------------------------------------
محمد قاسم من بغداد: شكلت النجاحات المتتالية التي حققها الفريق العراقي الاولمبي لكرة القدممهرجانات فرح لدى جميع العراقيين. وكانت الجموع تخرج للشوراع هاتفة عقب كل مباراة يفوز فيها واحيانان يتحدون حظر التجوال. اضافة الى تكرار عادة عراقية اصبحت ملازمة من عقود وهي اطلاق النار في الهواء تعبيرا عن الفرح. لكن هذه المرة بعد ان لم يستمع احد لنداءات الحكومة بالكف عن اطلاق النار خاصة عقب مباراة المنتخب العراقي مع الكوري الجنوبي في الثلاثاء الماضي تدخل ائمة المساجد ليطلبوا من مطلقي النار الكف عن ذلك تجنبا لقتل اي من الابرياء. ويفضل العراقيون ان يشاهدوا مباريات الفريق بشكل جماعي لكن بسبب الوضع الامني القلق يضطر الكثيرون الى التجمع في بيت احدهم ومشاهدة المباراة بعد ان كانوا يشاهدونها في احد
عدسة ايلاف . تصوير مرتضى العبيدي
امقاهي. وان اصر البعض منهم على المشاهدة في مقهى ما يضطر عدد منهم لحراستهم من اي انتحاري قد يتسلل بينهم ويفجر نفسه ليعكر عليهم فرحهم.
ايلاف تجولت في عدد من احياء بغداد بعد فوز الفريق العراقي على كوريا وقبل خوض المباراة النهائية مع الفريق القطري.
وسالت عدد من العراقيين عن مشاعرهم التي اختلط فيها الفرح مع القلق.
احمد رضا قال لايلاف انهم قلق بمقدار فرحه بوصول الفريق العراقي للنهائي فالقلق بسبب التجربة العراقية مع المنتخب القطري الذي سيضطر الى اللعب الخشن لكي يستفز لاعبينا ويتدخل الحكم ويشهر الكارت الاحمر بوجه احد لاعبينا او اكثر لكي يكسبوا المباراة. وخشي من ان يضطر الحكم الى مجاملة الفريق القطري الذي سيلعب على ارضه او ان يكون احد الحكام الاسيويين الذي يقبلون قبض رشوة. لكنه استدرك (مهما حصل فقد وصل فريقنا للنهائي برغم كل ماحصل من اعادة القرعة وتغيير مكان اللعب اكثر من مرة لكي لايلاقي القطريين فريقنا).
فاضل وهو شاب يقف قرب محل لبيع التلفزيونات واحد الاجهزة يعرض عادة لاحدى مباريات المنتخب الاولمبي قال: لم تكن فرحة صافية 100% بسبب مايمر به العراق من تدهور في اغلب مفاصل الحياة وخصوصا الوضع الامني واغلب الناس تتابع المباراة من اجل راحة البال من التفكير بالوضع المعاشي والامني وما يكتنف هذين الامرين المهمين من تداعيات.
احد الرجال في سن الخمسين واسمه ابو جميل قال بلهجة عراقية (الله يطيح حظ السياسيين.. خلي يجوا ويشوفوا الشباب الصغار اللي وحدونا وفرحونا بلا فدرالية وطائفية.. خلي يتعلمون منهم الروح الرياضية)
بانزين الذي يشغل المولدات الصغيرة في البيوت كان مانعاً للكثير من العراقيين من متابعة المباريات الامر الذي جعل البعض منهم يذهب الى المقاهي الشعبية لمتابعة المباريات حيث تتوفر هناك مولدة كهربائية مع حراسة للمقهى.
و في بعض المناطق الشعبية التي يوجد فيها مولدات كهربائية (اهلية) كبيرة تزود البيوت بعدد من الامبيرات بثمن معين كان للمتابعين للمباريات طريقة اخرى للتواصل مع المباريات التي يخوضها المنتخب وهي انهم ارسلوا عن كل بيت شخص وتجمعوا وذهبوا الى صاحب المولدة واتفقوا معه على ان يزودهم بالكهرباء في اوقات عرض المباريات وله ان يطفئها بعد ذلك وبهذا تمكنوا من متابعة جميع المباريات لحد الان.
تجمعات العراقين التي كانت تشغلها الاخبار السياسية والامنية تحولت النقاشات الى خطط مقترحة لتشكيلة الفريق العراقي فالحديث في كل تجمع للشباب هو حول المباراة وكل يناقش ويحلل ويشجع. احد هؤلاء اخبرنا:انه عندما يتابع المباراة ينقطع عن الجميع ويتفرغ لشاشة التلفزيون وان المنتخب قد فاجأ الجميع بما يقدمه فلم نكن نتوقع ان اللاعبين بهذه المهارة..
بينما قال الاخر وهو رياضي: ان اللاعبين يلعبون بروح قتالية وليست رياضية فقط.
وكان اغلب المتابعين لقضايا الرياضة المعروفين في هذا الصعيد قد رجحوا ان المنتخب سوف لن يُحقق المستوى
تصوير مرتضى العبيدي
امطلوب بسبب الظرف الذي يمر به البلد وتردي الوضع الامني في المناطق التي يسكن فيها اغلب اللاعبين بما يؤثر على نفسيتهم كما ان اغتيال واختطاف اكثر من مسؤول في اللجنة الاومبية الرياضية العراقية لم يكن يدعو الى التفاؤل بمستقبل المنتخب الاولمبي العراقي. حتى ان امين سر العاب القوى"عباس يوسف" لم يكن متافئلا قبل بدء اسياد الدوحة واعلن: لن نحقق شيئا في الاسياد نحتاج لاربع سنوات كي نبني جيلا يستطيع المنافسة على الأوسمة مختلفة المعادن.
الفضائيات العراقية لم تكف عن الاتصال باللاعبين في الدوحة ونقل مشاعر العراقيين لهم. بل واخذت هذه القنوات التي كانت منهمكة باخبار القتل والخطف وتصريحات السايسيين النارية تستضيف محللين رياضيين ولاعبين سابقين يتصلون مباشرة عبرها مع مدرب الفريق واللاعبين مقدمين نصائح ووصايا اجمعت كلها بعدم الانجرار للاستفزاز الذي ربما سيلجأ اليه الفريق القطري. لكن مدرب الفريق يحيى علوان ومساعده سعدي توما يقولان بان الشد والاستفزاز سيكون من نصيب الفريق القطري الذي سيلعب على ارضه وبين جمهوره امام فريق تغلب على الاقوياء وسيحرجه بلعبه القتالي.
من خلال تجوالنا في شوارع بغداد وجدنا ان احاديث العراقيين اليوم تتمنى ان تطول بطولة اسياد الدوحة لايام كثيرة كي يبقى العراقيون متوحدين بتشجيعهم جميعا للفريق الاولمبي الذي يضم كل فئات الشعب العراقي فلم يسال احد ان كان فلان شيعي او سني او كردي او مسيحي فكل هذه التسميات يضمها الفريق اليوم.