[align=justify]كاظم غيلان ـ علي الربيعي/الصباح
يتصل المكان كأثر بالقيم الجمالية الشعبية وهذا ماعرفناه وليس اكتشافاً، للمقهى في العراق خاصة امتيازات وخصائص يرويها التاريخ الشفاهي بل وحتى المدون في العديد من الاصدارات، فاذا شغلت مقهى (الرسيش )
بالقاهرة العديد من المساحات الاعلامية بحكم تردد نجيب محفوظ عليها فلنا في بغداد مقهى الزهاوي الضاربة بالقدم والتي حافظت على حيويتها حتى اليوم بالرغم من هجرة الادباء العراقيين لها بحكم الظروف التي نعيشها، هناك مقاه اخرى اكتسبت تسمياتها طبقاً لطبيعة روادها كأن نجد مقهى الصيادلة واخرى للتجار وثالثة للمحامين.
اليوم وجدنا لقراء ملحقنا متعة المقهى كمكان أثير اخترناه لهم عسى ان يقضوا وقتاً فيها معنا، وقد اخترنا مقاهي الناصرية في هذا العدد حيث كتب لنا الزميل ابراهيم الحسن عند ذاكرة مقاهي الناصرية قائلاً:
ان مفهوم المقهى مستوحى من فرنسا اساسا ، الا انه خضع لعملية تطوير مستمر على مدى العصور وبهذا تحول المقهى الى لقاء اجتماعي قد يكون تاثير واضح فيه للوسط الثقافي والادبي وقد تكون انعكاسا للواقع الاجتماعي والادبي والفكري وسط تطورات سياسية واجتماعية تؤرخ لهذا المقهى او ذاك اتختزن في الذاكرة كما اختزنت ذاكرة الناصرية مقهى (ابو احمد ومقهى عزران البدري) حيث كانتا ملتقى الادباء والمثقفين والسياسين حيث اسس المرحوم عزران مكتبة داخل مقهاه جمع فيها امهات الكتب وهو يردد حينما يشتري كتابا انهم يشترون المرض ( السكائر ) وانا اشتري الصحة الفكرية وقد انتشرت في مدينة الناصرية ومنذ بداية القرن الماضي العديد من المقاهي التي ارخت لتاريخها حوادث لاتمحوها الذاكرة نقف هنا اضافة الى مقهى ابو احمد ومقهى عزران على ذكريات البعض من تلك المقاهي المنتشرة آنذاك في الناصرية :
مقهى جمعه زيدان
اسست في ثلاثينيات القرن الماضي وكانت تقع في شارع الصفافير وموقعها اليوم محلات حسين نجف للنجارةوكان يرتاده اصحاب المحال المجاورة لها وبعض متسوقي شارع الصفافير .
مقهى احمد البغدادي
وهو رجل من بغداد استاجرها منه الحاج محمد رئيس عرفاء شرطة بعد تقاعده وكان يرتادها السفانة يوم كان النقل النهري سائدا يومذاك ومن هذا المقهى كان الحزب الشيوعي العراقي في الناصرية يرسل بريده الى البصرة وعن طريقه يتسلم بريده من البصرة وكان يخفى البريد مع بطاريات السيارات العاطلة والمشحونة الى البصره .
مقهى محمد عماره
كانت تقع مقابل سوق البزازين ( القيصرية) وكان يرتاده صيادو الاسماك او مايطلق عليهم بتعبير الناصرية الدارج ( الكرافه)اضافة الى جلابة الفواكة والخضر وكانت تذاع فيها اسطوانات لمطربين شعبين امثال خضير مفطورة ومحيبس وجعفوري محمد .
مقهى ابو العود
وتقع في باب الشطرة ويرتاده باعة الصوف وهي ايضا مختصة بالاسطوانات القديمة ولكون صاحبها يبيع ( الجامد ) المحاط بالعود ( ما نسميه اليوم الموطا) ومن هنا جاءت تسميته ابو العود حتى تحول صاحبها الى مختص بالاسطوانات وتسجيلها ولتقارب عود ( الجامد ) مع لفظة عود العزف ظل الرجل واولاده معروفين بلقب (ابو العود) حتى يومنا هذا .
مقهى كامل
وتقع في باب الشطرة ويرتادها القروين الوافدون الى المدينة لبيع منتجاتهم والتسوق من المدينة وقريبا منها يقع سوق الماشية وقد اشتهر هذا المقهى بحصوله على شريط ( كاسيت) نادر للمطرب الشعبي حسن حياوي المشور بطور الحياوي الجميل وقد غيب النظام المقبور صاحب المقى المرحوم كامللانه اباح وعلى اسماع الملا ان صدام هو قاتل عدنان خير الله في الحادث المعروف .
مقهى حامد الذيقاري
وتقع وسط شارع الحبوبي افتتحه صاحبه منتصف سبعينيات القرن الماضي وكان رواده من الشيوعيين ومن نشطاء اتحاد الطلبة العام وفي اكثر من مرة كنت شاهدا على مناقشات المرحوم ستار كناوي على طريقة الجدل السياسي الدائر يومذاك في اين نضع حزب البعث حتى وضعه البعض انذاك وهو محق اليوم في خانة القوى الرجعية ولكون صاحب المقهى معروفاً بهويته الشيوعية فقد تعرض للاعتقال عدة مرات قبل ان يهاجر الى بغداد تاركا المدينة والمقهى.
مقهى ابو حنان
كان يقع مجاور صيدلية سميرة وهو مشهورة بصغره وامتداده الطولي وهي مغلق للشيوعيين وقد شاهدت بنفسي كيف يرتادها الشيوعيون العسكريون ليقرؤا فيها جريدة طريق الشعب يوم منع النظام تنظيمات الحزب في الجيش .
مقهى ابو كتاب
وتقع في شارع النيل قرب مبنى المحافظة وقد اشتهر هذا المقهى بانه كان ملتقى الرياضيين والشباب ومقرا للوفود الرياضية التي تزور المدينة للتباري مع فرقها الرياضيةيجاوره مقهى كاظم بل هي امتداد له.
مقهى شنين
كان يقع مقابل مبنى المحافظة في شارع النيل وقد اختصت بالاسطوانات الخاصة بام كلثوم ومن جهاز المذياع الذي يتوسط المقهى يتجمهر الناس بداية كل شهر لسماع اغنية ام كلثوم الجديدةاضافة الى ان المقهى مختص بالناركيلة وطابقه الثاني الصيفي الذي يشرف على الشارع يوم لم تكن هناك بنايات ذات طوابق عدة في المدينة .
مقهى الحاج ذياب
وموقعه مقابل سينما البطحاء الشتوي حيث اشتهر صاحبه(حجي ذياب) بتقديم افضل استكان شاي يعمله بطريقته الخاصةادى الى ان يقصدها العديدمن الناس للتلذذ بطعم شايها الخاص .
مقهى ميزر
وقع وسط السوق الكبير (شارع الجمهورية) مقابل مكتبة الاهالي وكان يرتاده ارباب الحرف وقد اسسه صاحبه آواخر الاربعينيات ومن رواده الدائمين اسطوات وعمال البناء وهي كانت اشبه بالمسطر ومن الاسطوات المشهورين فيه (اسطه ناصر ـ اسطه حسين البغدادي واخوه محمد ـ حسين الطوبجي وعلي السماوي).
مقهى العمال
صاحبه المرحوم سعدون افتتحها منتصف الستينيات مقابل تمثال الحبوبي وكان صاحبها من عشاق الغناء والطرب ولديه الكثير من الاسطوانات النادره لمطربي الغناء الريفي امثال ( خضير حسن ناصريه ـ حضيري ابو عزيز ـ داخل حسن ـ ناصر حكيم ـ جبار ونيسه) واستمر المقهى حتى آواخر السبعينيات قبل ان يفتتح صاحبه محل تسجيلات التساهل في شارع النيل
مقهى اللواء
وتقع في السوق الكبير ( شارع الجمهورية) يرتاده المثقفون والادباء وهو قريبة من اجواء مقهى (ابو احمد يقابله مقهى العروبة الخاصة بارتياد البعثيين اليه وكانهم ينابزون خصومهم السياسيين وقد تحول مقهى اللواء الى محل لبيع الاحذيه مثلما تحول قبلها مقهى (ابو احمد) .
مقهى الناصرية الشعبي
كان يقع اول تاسيسه قرب جسر الناصرية في موقع جميل واشتهر بروح الشباب التي يملكه صاحبه المرحوم خضر محمد القيسي الذي استدعاه محافظ ذي قار اوائل الثمانينيات من القرن الماضي حينما وجد ان كورنيش الناصرية الجميل يخلو من مرفق سياحي فمنحه المكان واجازة بيع المشروبات الغازية وشجعه على افتتاح المقهى الذي اشتهرعماله بارتياد الزي الشعبي ( الصاية الطويلة والكوفية) وهو المقهى الوحيد في ذاكرتنا هذه مازالت الى يومنا هذا بادارة ولده صفاء القيسي .
مقهى ابو عادل
لافتتاح هذه المقهى قصة جميلة ارتاينا ان نختم فيها ذاكرتنا هذه
في خمسينيات القرن الماضي جاء من السماوة محسن مهدي ( ابو عادل) بعد ان كلفه الحزب الشيوعي العراقي الانتقال الى الناصرية وفتح مقهى هناك مع الاستمرار بعمله مراسلا حزبيا ولان الرجل يتصف بروحيه مرحه يفوز معها بمحبة من يلتقيهم وفي منطقة شعبية وسط الناصرية ( قرب الصفاة) افتتح ابو عادل مقهاه الجديد وبذات الروح المرحه تكونت له علاقات وطيدة وواسعة مع اهالي الناصرية وخصوصا الكادحين حتى بدا يسال عن هذا ويتفقد ذاك ليستولي بمرحه على قلوب واعتزاز الناس بمن فيهم (ابو دحام) رحمه الله المسؤول عن المنطقة التي يقع فيها مقهى (ابو عادل) واستطاع ان يكسبه حتى بات ابو دحام يبلغ ابو عادل عن موعد كل زركة جديدة والزركة هنا اصطلاح كان سائداً لدى رجال الامن ويعني مداهمة السياسيين، وفي مقدمتهم الشيوعيين وهو لايعلم ان صاحب المقهى في جعبته بريد الحزب وهكذا استمر ابوعادل في مقهاه ليصبح واحدا من اهالي الناصرية وآثرها على مدينته الاصلية ليشاركهم افراحهم واحزانهم ، اليوم ترك ابو عادل مقهاه للتاريخ وافتتح محله الجديد في شارع النيل قرب مبنى المحافظة ويسعدك وانت ترى واجهة محله اليوم صارت مكانا ثابتا لملصق شيوعي او تحية شيوعية لمناسبة وطنية او شعارات يتطلبها عمل الشيوعيين في الناصرية ومكانا لبيع جريدة طريق الشعب.[/align]