في عقائد أهل السنة أن أعظم فتنة ستمر بها البشرية منذ خلق آدم وحتى قيام الساعة هي فتنة المسيح الدجال ، وأن كل الأنبياء حذروا الناس من هذه الفتنة العظيمة .
في أحاديث أهل السنة أن المسيح الدجال رجل ، له صفاة بشرية وقدرات إلهية في الوقت ذاته .
ولا أعلم كيف ينظر الأخوة الإمامية للمسيح الدجال ولكنني دهشت لما قرأت مقالاً مطولاً ، يقرأ فيه الكاتب فتنة المسيح الدجال بمفهوم مختلف ومدهش في الوقت ذاته .!
إليكم المقال ...
في نبوءة المسيح الدجال تشير الأحاديث إلى أنه سيظهر رجل أعور متنافر الملامح مكتوب بين عينيه كافر يدعي الألوهية ويخلط الناس بينه وبين الله . يخرج من غضبة يغضبها ، ويكون خروجه من خراسـان ، ويتبعه سبعون ألفـاً من يهود أصفهـان ، ويكون لـه خروج من خلة ( فتحة أو منفذ ) بين العراق والشام فيعيث يميناً وشمالاً . وقد أشارت الأحاديث إلى أن خروجه يكون بعد فتح القسطنطينية .
هذا الرجل سيثير أعظم فتنة منذ خلق آدم إلى قيام الساعة . يأتيه الرجل وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه لكثرة ما يثيره من الشبهات . فتنته شديدة على النساء ، حتى أن الرجل يعمد إلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقهن مخافة أن يخرجن إلى الدجـال . معه ماء ونار أو نهران أو واديـان يفتن بهما الناس ، أحدهما جنته والآخر نـاره ، وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنين بدخول النار وتجنب الجنة . يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت ، ويمر بالأراضي الخربة فيقـول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كمجموعات النحل . يحيي بعض الموتى . من فتنته أنه يركب حمـاراً بين أذنيه أو ذراعيه أربعين ذراعاً . سرعته كالغيث استدبرته الريح ، ويطوي الأرض كطي الفروة ، ويمكث في الأرض أربعين يومـاً ، وهذه الأيام كالسنة ثم كالشهر ثم كالجمعة ثم كاليـوم .
يطأ كل البقـاع عدا مكة وطرقات المدينة . معه أنهار ماء وجبال خبز ، ويمر بأهل الحي فيكذبونه فتسوء أحوالهم وأحوال أراضيهم وماشيتهم ويمر بأهل الحي فيصدقونه فتتحسن أحوالهم وأحوال أراضيهم وماشيتهم .
بنو تميم هم أشد الناس عليه . لا يعرفه الناس ولا يتم اكتشاف أمره ( أي اكتشاف أنه المسيح الدجال الذي حذر الرسول من فتنته ) إلا بعد حدوث الفتنة وبلوغها أقصى مداها ، وقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بأنهم سيغزونه ويفتحونه ([1]). فهل يمكن أن تكون هذه الصورة صورة حقيقية أم أنها صورة تمثيلية وتشبيهية ؟!.
الذين يقبلون الأحاديث ولا ينازعون في صحتها وموثوقيتها يرون أن الصورة حقيقية ، أما بحسب المنهج الذي نطرحه في فهم الغيب الدنيوي فنحن نعتقد أن النبوءة تعـد مثالاً للتصوير التقريبي والتشبيهي ، وذلك بحكم حديثها عن شكل حياة مستقبلي شديد الاختـلاف عن شكل الحياة في عصر الرسالة ، إضافة إلى إخبارها عن أعظم فتنة تشهدها الأرض . وكما ذكرنا فإنه كلما اشتد تغير شكل الحياة وكلما تعلق موضـوع النبوءات بالفتن فإن الأمر يستدعي تكثيف درجة الرمزية والتقريب والتشبيه ، وذلك لتمكين أهل عصر الرسالة ومن تلاهم من تخيل واستيعاب الأمور المستقبلية الجديدة ، وللحفاظ على الطابع الغيبي للأحداث والصور المستقبلية ، ولعدم إجهاض موضوع النبوءة ( الفتنة أو الاختبار والامتحان ) .
وفي ضوء ذلك فإننا لا نتردد في الزعم بأن المسيح الدجال هو " الغرب الحديث " أو " الحضارة الغربية " بحسب التسمية الشائعة لدى الناس .
ومثلما نبهنا إلى الأهداف والطبيعة الخاصة التي تم في إطـارها تناول نبوءة قرن الشيطان ، فإننا ننبه هنا أيضاً إلى أننا لا نسعى إلى الحديث عن الماضي ولا نسعى إلى إعادة تقييم التجربة النهضوية الغربية ، بل نسعى إلى إحداث قطيعة معرفية مع جوانبها الثقافية السلبية كما هي متجسدة في اللحظة الراهنة . نسعى إلى استبعاد هذه الجوانب ونشر رؤية جديدة مختلفة . وهذه هي الزاوية التي ينبغي النظر من خلالها إلى نبوءة المسيح الدجال .
إن ورود نبوءة موسعة تتحدث عن التجربة النهضوية الغربية لا يعني إطلاق حكم سلبي على عموم تلك التجربة في كل مراحلها ، فهي أعظم التجارب البشرية على الصعيد المادي وعلى صعيد تطوير أوضاع وقدرات الإنسان ، ولكن الأمر يعود إلى متطلبات الإصلاح والتغيير في اللحظة التي نعيشها . هذه اللحظة تشهد تعاظماً واتساعاً وتجدداً للجوانب السلبية في تلك التجربة ، أما جوانبها الإيجابية فقد سبق أن تحققت وترسخت واستنفذت قواها منذ أمد بعيد وأصبحت تعطي نتائجها بصورة شبه آلية . ومن هنا فإننا لن نعنى بعرض الجوانب الإيجابية في تلك التجربة ولن ننظر إلى أوضاعها قبل قرنين من الزمان أو قبل قرن أو قبل بضعة عقود ، بل سنهتم بأوضاعها خلال اللحظة الراهنة ، وسنسعى إلى إحداث قطيعة معرفية مع جوانبها السلبية بغية التبشير برؤية ثقافية مختلفة .
يتبع ...................................