بعد عشرات السنين القاسية من الألم الذي لم ينفع معه اي نوع من انواع المهدئات، تمت صياغة خطابنا السياسي وربما اسلوب تفكيرنا بشكل يقترب كثيراً من الذين يمشون على الحافة.
في بلد يعتبر موت الأنسان فيه منظراً عادياً كمنظر ورقة شجر تطيرها ريح اتصور اننا بحاجة الى لغة تعطي بعض التفاؤل. انني استطيع وبكل بساطة ان املأ هذه السطور بكل ما هو سلبي بل قد استطيع ان اتكلم عن ظلامية الوضع السياسي والأقتصادي والأجتماعي العراقي. ولكن اتصور ان الأمور لم تصل بعد الى هذا الحد.
كما قلت هذه العشرات من السنين جعلتنا نصاب بعقدة الخوف، الخوف من كل شيئ تقريباً. بل واصبحت لغتنا تنحو منحى لا يعطي فرصة ان نفكر بهدوء حتى نخرج بلدنا من مأزق دخل فيه.
اسمع كلمات مفادها ان هؤلاء الذين اجتمعوا-بغض النظر عن مدى اقتناعي الشخصي بهم وتقييمي لهم- ما هم الا عملاء، ودمى، وموظفون، وربما بعد قليل تخرج فتاوى تبيح دماءهم من يدري.
اقول وهل يوجد في عالمنا هذا من هو مستقل عن اميركا وبوشها؟؟
الفيتو الذي قد يمارسه بريمر على مجلس في بلد تحت الأحتلال المباشر لا يقل وبكل تأكيد عن فيتو بوش على دول مستقلة وتقهقه بالسيادة مثل سوريا بشار، وايران خاتمي، وحزب ا... نصرا...، وكوبا كاسترو، وسعودية فهد، ومصر مبارك. وتلفون واحد يستطيع ان يغير مسار اكبر راس في هذه المؤسسات السياسية "ذات السيادة".
تابعت بأهتمام برنامجاً وثائقياً عرضه تلفزيون BBC بالأمس وقد قابل احد الأشخاص في مدينة الصدر وهو يجيب بثقة عالية من وراء ركام اسمه مدينة عن كيفية التعامل مع المحتل الأميركي.
قال الشخص الملتحي وهو يضع صورة الصدرين على حائط محله البسيط " اننا لن نقبل بطغاة بعد اليوم، والأميركان لم يتعرضوا لنا لحد الآن، ولكن اذا جرت الأمور عكس ما نريد فسوف نحذرهم مرة ومرتين وثلاثة ثم نبدأ بمقاومتهم". وهو جواب يعكس تيقظ الأنسان العراقي وفهمه للأمور، يعكس استراتيجية لم يفهمها الكثيرون لحد الآن.
المجلس ومن شاركوا به على اختلاف مشاربهم سيكون من اولى اولوياتهم اعادة البلد الى مسار اتمنى ان يكون سليماً. وصراحة بالنسبة لي لا يهمني كثيراً اذا كان احدهم محبوساً في قفص او داخلاً في فخ -في هذه المرحلة- اذا كان اداؤه يؤدي الى اصلاح بعض ما تضرر في العراق.