[align=justify]حينما تشرق الشمس.. يضيء وجه بلادي،
فتتهادى الاشعة الذهبية، لتلامس كل شيء فيه،
هواءه ومياهه واخضراره، جباله وصحاريه وسهوله،
تبدو صورته زاهية، تنبض بالسعادات التي لاحدود لها،
لانه.. وطن المحبة.
انه العراق.. عراق اهلينا، عراق اجدادنا وآبائنا، هذه جهاته الاربع مرصعة بالحنين ومساحاته المترامية الاطراف، الممتدة مثل ابتسامة مضيئة للشمس، وخارطته التي تشبه القلب تخفق بالخير العميم الذي وهبه الله لارضه. انه من طينة واحدة على الرغم من اختلاف التضاريس فيه حيث وشائج العلاقة يربطها الشريانان الخالدان دجلة والفرات، وهذه الارض لم تكن مجرد تربة وتراب، بل هي مجموعة متجانسة من اشعة الشمس وضوء القمر ومطر السماء وريح العطاء وخطى الاولياء الصالحين وقد انبتت هؤلاء الناس الذين عاشوا ويعيشون عليها منذ الاف السنين والذين اكلوا وشربوا من خيراتها فعطرت اجسادهم بأغلى روائحها وهي: الطيبة التي لا تشبهها رائحة في اي بقاع الكون وقد كانت عنوان وجودهم. هذا العنوان.. كان هو المحبة العراقية التي هي الحبل السري الذي يربط الناس بهذه الارض، وهي العلامة الفارقة في نفوسهم وهي اكسير حياتهم وهي القاسم المشترك لعلاقاتهم وامنياتهم واحلامهم وحكاياتهم وعواطفهم واغانيهم.
المحبة.. هي الشيء الوحيد الذي يمكن قراءته على وجوه العراقيين والسنتهم وعلى مفردات حياتهم اليومية، فهذه لهجاتهم التي تتنوع بين محافظة واخرى مترعة بالطيب حتى ان السامع لها يشم عطرها الذي يرد الروح ، فلا فرق بين عراقي وعراقي بالمحبة التي ان وزعوها على الناس في ارجاء الكون لكفتهم وزادت، حتى ان تحيتهم التي فيها سلام يهدون معها عيونهم (وعليكم السلام ورحمة الله.. عيوني) وان جملة (اشلونك عيني) التي يقولونها لها نكهة الحب من صميم القلب وانها ارق ما يمكن ان يقال حيث تلامس الوجدان، فالمحبة هي ديدن العراقيين والتي قال عنها السلف الصالح: (هي الركن الاعظم من اركان العبادة الثلاثة) والتي لها من الفضائل مالايعد ولا يحصى وقد اكد عليها رب العالمين العزيز الحكيم وسار على هديها الانبياء والرسل والاولياء الصالحون فكانت الكلمات الربانية مصابيح في كهوف النفوس وشوارعها اضاءت الظلمات وجعلت العلاقات الانسانية في ارقى مستوياتها، ومنها اخذ العراقيون فتحابوا فيما بينهم واحبوا غيرهم وكأن الشاعر كان يعنيهم بقوله : (فتراهمو اذ يلعبون.. تراهمو يستمتعون يستأنسون ببعضهم وبغيرهم يستأنسون لا يعتدون على الغريب لانهم لا يعتدون/ واذا تخاصم بعضهم.. فلربما يتعاركون / لكنهم بعراكهم لايمعنون / بل انهم سرعان ما يتصالحون / لانهم متجانسون/ ولانهم ابناء حضن واحد واب حنون). لكنما زماننا… رسم الينا صورة مغايرة لم نكن نعرفها من قبل ، صورة باهتة الالوان، تضج بالصراخ والعويل، كأنها تقول ان المحبة العراقية قد نضبت وها نحن نرى الدم يستباح والقسوة تتشدد والاحزان تتناثر وكل شيء يتحول الى حديد ساخن يضرب في حديد ساخن ولا نرى غير نار ودخان ودموع وتناحر بالكراهية ولا نسمع غير وجيب قلوب خائفة وصراخ يصعد الى عنان السماء ولا نسمع غير صدى سنوات اعمار اجدادنا وابائنا وهي تتكسر على قارعة البغضاء ولا نشعر الا بأرواحنا تتفكك وقياماتنا تقوم وانفاسنا تتقطع كل جميل فينا يتحول الى قبح ولا نشعر الا بأن اخوتنا العراقية قد اصطدمت بحاجز مشؤوم وان محبتنا قد هربت منا الى المجهول فأصبحنا نردد في كل صباح ومساء: (ياعيني ياوطني ياعيني يامحبتنا العراقية) فهل يمكن ان يعيش العراقيون بلا محبة، وهل يمكن للعراق ان يكون واحدا موحدا بلا محبة..؟!!
ايها الناس.. وعيد الاضحى على الابواب والسنة الجديدة على الابواب تأملوا قليلا وجوهكم ووجودكم وانبذوا الشياطين التي تعبر الحدود وتراودكم على بلادكم ، على العراقيين ان يعوا ذلك وليس هناك من رابح او فائز او منتصر وان قالت له الشياطين ذلك، من هنا لنجعل هذا الاسبوع رمزا للمحبة وساحة لها ونتطلع جميعا الى وجه الله بوحدانية ومحبة فسيرضى عنا ويجعل من عراقنا بلدا امنا عظيما.
المؤتمر[/align]