دول عربية تريد أن تتصدى سياسة بوش الجديدة لإيران
-
من أليستير ليون
بيروت 8 يناير کانون الثاني (رويترز) - تريد الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة من الرئيس الأمريکي جورج بوش أن يهديء مخاوفها من تنامي نفوذ الشيعة في العراق والنفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط عندما يکشف النقاب عن سياسته الجديدة بشأن العراق هذا الأسبوع.
ورغم أنها شککت في باديء الأمر في مدى حکمة غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 فإن مصر والسعودية ودولا عربية سنية أخرى تخشى الآن احتمال سحب القوات الأمريکية بشکل متعجل وترک العراق تحت سيطرة ميليشيات شيعية مدعومة من إيران.
فهذا قد يؤدي بدوره إلى تعزيز إمکانية نشوء محور تقوده طهران ويربط إيران والعراق وسوريا بجماعات إسلامية تؤيدها طهران مثل حزب الله اللبناني وحرکة المقاومة الإسلامية (حماس) وجميعها معادية بشدة للولايات المتحدة.
ويرى مصطفى علاني المحلل الأمني بمرکز أبحاث الخليج في دبي أن الحکومات العربية تخشى من أن الولايات المتحدة ربما تفقد سيطرتها على العراق لکنها لا تزال تأمل ألا تنسحب من هناک على عجل لتمنح بذلک نصرا لإيران.
وقال إن الباعث الأساسي لقلق هذه الحکومات هو النفوذ الإيراني على الحکومة العراقية وخارج الحکومة.
وأضاف أنه لن يکون هناک تعاون مع السياسة الأمريکية الجديدة في المنطقة ما لم يتطرق بوش لهذه القضية.
وذکرت صحيفة نيويورک تايمز أن سياسة بوش الجديدة ستشمل معايير سيتعين على الحکومة العراقية أن تفي بها إلى جانب إرسال جنود إضافيين يصل عددهم إلى 20 ألفا في مسعى لإرساء الاستقرار في البلاد.
ونقلت الصحيفة أمس الأحد عن مسؤولين کبار في الإدارة الأمريکية قولهم إن الأهداف تتضمن تحرکات لاجتذاب السنة المعزولين نحو المشارکة في العملية السياسية وتخفيف القيود المفروضة على أعضاء حزب البعث المنحل وتقاسم عائدات النفط بشکل منصف.
وقال جوست هلترمان المحلل بالمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إن الحکومات العربية يساورها قلق شديد بشأن قدرة واشنطن على السيطرة على الأحداث في العراق أو حتى منع انقسامه.
وتريد هذه الحکومات أن يعد بوش بمواصلة التزام الولايات المتحدة في المنطقة وبالسعي حثيثا لضم المسلحين القوميين السنة للعملية السياسية واتخاذ إجراءات أکثر صرامة ضد الميليشيات الشيعية.
وقال هلترمان خوفهم الأساسي هو احتمال أن ينقسم العراق. هذا سيتيح لإيران فرصة أکبر للتدخل.
وخلال الثمانينيات قدم حلفاء واشنطن العرب المساعدة للرئيس العراقي السابق صدام حسين في حرب العراق باهظة التکاليف التي استمرت ثماني سنوات مع إيران التي کانت تعتبر خصما استراتيجيا ومصدرا للتطرف الإسلامي.
ورغم أن هذه الدول انقلبت على صدام عندما غزا الکويت عام 1990 وکانت سعيدة بسقوط نظامه فإنها شعرت بالخوف لأن الغزو الأمريکي أدى إلى صعود الأکراد والفصائل الشيعية المدعومة من إيران إلى السلطة على حساب العرب السنة.
وقال الرئيس المصري حسني مبارک إن إعدام صدام وسط سخرية جلاديه الشيعة حوله إلى شهيد.
وأثارت أعمال العنف الطائفي في العراق التوتر بين السنة والشيعة في مناطق أخرى ولاسيما في السعودية حيث توجد أقلية شيعية کبيرة متمرکزة في المنطقة الشرقية المنتجة للنفط.
ويعمد أئمة في العديد من المساجد السعودية الآن إلى ختم خطبة الجمعة بالدعاء للعراقيين السنة.
وقال عادل الحربي المحرر السياسي بصحيفة الرياض السعودية إن الحکومة العراقية اتبعت للأسف برنامجا طائفيا وإن هناک مخاوف الآن من أن الأحياء السنية في بغداد ستتعرض لهجمات من قبل بعض الميليشيات.
أما علاني فقال إن الدول العربية تعتقد أن زيادة عدد الجنود الأمريکيين لن تجدي إلا إذا کان هدفها کبح جماح الميليشيات الشيعية وليس الاکتفاء بمحاربة المسلحين السنة.
وقال إن الدول العربية لا تريد إجراء شکليا بل إجراء حقيقيا لفرض السيطرة الأمريکية وتريد التعامل بدون تحيز مع الجهتين.
ويرى هلترمان أن ما تعارضه الحکومات العربية اکثر من أي شيء هو أن تجري واشنطن حوارا مباشرا مع طهران الأمر الذي من شأنه أن يکافئها على تدخلها في العراق.
وقال هلترمان الدول العربية تريد عزل إيران لا إشراکها مضيفا أنه من وجهة نظر هذه الدول فإنه يجب الحد من نفوذ إيران في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية.
وأضاف إنها (الدول العربية) في مأزق مزدوج. فهي تود أن تقدم الدعم للمسلحين السنة في العراق لکنها لا تود أن تظهر بمظهر من يقوم ذلک لأنها حليفة للأمريکيين وتعتمد على مساعدات الولايات المتحدة والدول الغربية.
کما أنها تخشى من أن تقديم مثل هذا الدعم قد يؤدي إلى تقوية شوکة مقاتلي القاعدة في العراق الذين تشمل أهدافهم الأوسع نطاقا الإطاحة بالحکومات المدعومة من الغرب.
وفي حين تدرس الحکومات العربية السنية کيف يمکنها التصدي للمطامع الإقليمية لإيران التي يحتمل أن تمتلک قوة نووية يوما ما فإن أحد الخيارات المطروحة أمام هذه الحکومات هو الانضمام لتحالف ترعاه واشنطن مع قوى تجمعها بها مصالح مشترکة مثل ترکيا وحتى إسرائيل.
وقال علاني إن هذا الخيار قد يبرز إذا أصبح فشل واشنطن في العراق أمرا واقعا.
لکن أي تحالف يضم إسرائيل قد يسبب مشکلات للدول العربية المتحالفة مع واشنطن التي تشعر شعوبها بالغضب بسبب محنة الفلسطينيين والدعم الامريکي لإسرائيل.
لکن قد تحدث انفراجة إذا انتهجت واشنطن سياسة محايدة لتحقيق تقدم في صنع السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.