النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    3,861

    افتراضي كاتبا مصريا شريفا اخر : جنازة صدام الحارة في القاهرة!----- عبد المنعم سعيد

    جنازة صدام الحارة في القاهرة!

    حينما يكتب المؤرخون في الأزمنة القادمة تاريخ هذه المرحلة من أيام الأمة العربية، سوف يعجبون عجبا شديدا من الموقف الذي اتخذه المثقفون والمعنيون بالشأن العام من حدث تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس العراقي السابق صدام حسين. فخلال العقدين السابقين على الحدث على الأقل كان حديث النخبة العربية في العموم قد غلبت عليه موضوعات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، بل أن جماعة منهم تنادت من أجل إنشاء الجمعية العربية لحقوق الإنسان، فراحت تنشئ لها فروعا وجماعات في العديد من الدول والأوطان. وحينما جاء العصر بالفضائيات التلفزيونية وشبكات الإنترنت والصحافة المهاجرة، ذاع الكلام عن الأنظمة الديكتاتورية العربية وممارساتها القمعية، حتى وصل الحديث إلى الصحف المقيمة والنشرات السرية والعلنية. وكان كل ذلك كافيا لكي تنشأ حوله شبكة واسعة من الجمعيات والاتحادات والنقابات التي خصصت مهرجاناتها ومؤتمراتها وتجمعاتها لتمجيد الحرية والدفاع عن حقوق التعبير والمشاركة السياسية، والوقوف ضد الطغاة على تعدد ألوانهم وأشكالهم. وخلال الأعوام الأخيرة أصبحت القاهرة مركزا مهما لكل هذا الفكر الإنساني بحيث لا يمر يوم إلا ويصدر بيان أو إعلان يخص الدفاع عن مسجون بغير حق، أو رثاء لرجل قتل دفاعا عن قضية دون عدالة؛ وكانت نقابة الصحفيين المصريين، ونقابة المحامين المصرية في مقدمة المدافعين عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

    كل هذا التراث سقط فجأة مع إعدام الرئيس صدام حسين، فقد أصدرت نقابة الصحفيين المصريين بيانا ينعى الرجل ويمجده لم يُستشر فيه أحد من الصحفيين؛ أما نقابة المحامين فقد عقدت مؤتمرا كاملا لتأبين فقيد الأمة والإشادة بمناقبه. وكان مفهوما في كل الأحوال الاستنكار الخاص بتوقيت إعدام الرجل، بل والملابسات التي ألمت بعملية إعدامه وفقدانها المعايير الإنسانية، أما أن يتم غسل الرجل من أدرانه وتاريخه الملوث بدماء الضحايا والشعوب، بل والمسئولية عن كل ما ألمَّ بالعراق من نوائب، والمنطقة العربية كلها من كوارث؛ فذلك سيشكل أعجوبة كاملة للمؤرخين، حتى يوضع هؤلاء المثقفين جميعا موضع المساءلة، ويضع مصداقيتهم الديمقراطية موضع الامتحان.

    وللحق، فإن القاهرة لم تكن وحدها التي وقعت في هذا النفاق التاريخي، بل وقعت فيه عواصم عربية شتى. وكانت دهشتي بالغة عندما تابعت رسائل الإنترنت تعليقا على خبر الإعدام المنشور في مواقع قنوات «الجزيرة» و«العربية» وصحيفة «الشرق الأوسط» وغيرها من الصحف، فإذا بالأغلبية الساحقة منها تأتي من المملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية الخليجية الأخرى، وأكثرها لا يستنكر فقط توقيت الإعدام وملابساته، أو حتى طالب ولو بأثر رجعي بضرورة محاكمة صدام وصحبه أمام محكمة دولية عادلة، وإنما أضفت على الرجل من هالات البطولة والفداء والشهادة، ما يضعه بين الأبطال والشهداء والصديقين. أما الشعب الفلسطيني فقد خرجت مظاهراته كثيفة ـ رغم الاحتلال والاحتقان بين فتح وحماس ـ لا تندد فقط بمن قاموا بالإعدام فجر عيد التضحية بل تضيف لها صورا لبطولة الرجل وقيادته الخالدة للأمة العربية.

    لاحظ هنا أننا أمام الرئيس صدام حسين الذى بدد ثروات العراق في مغامرات خاسرة، والذي قام بغزو الكويت وأنهى دولتها واغتصب أموالها ونساءها. وطوال حكمه قام بما لم يقم به قائد في التاريخ العربي من الإذلال لشعب كريم. وكأن أحدا من المثقفين العرب لم يشهد الوثيقة الفيلمية التي سجل فيها صدام شخصيا عملية إعدام رفاقه من قيادات حزب البعث في العراق، ولم يعلم بقوانين «الترشيق» التي فرضت على الموظفين العراقيين أحجاما وأوزانا بعينها، أو بعمليات قطع الألسنة وجدع الأنوف وسلخ الآذان ودفن الأحياء، والقتل بالأسلحة الكيماوية، وتهجير العراقيين ودفنهم في الصحراء الواسعة. ولم يخل مؤتمر عربي واحد خلال العقود الأربعة الماضية من حكايات ونوادر الطغيان التي كان أبطالها صدام وابنيه عدي وقصي وبقية عائلته، وما جرى في لقاءات ـ أو نفاقات ـ في لقاءات صدام المهينة بالإذلال مع الشعراء والأدباء العرب. وكم من المرات ساد الضحك بين المثقفين العرب عند قراءة روايات صدام، ونصائحه الغالية إلى الأمة، وانتشر التندر بتماثيله وقصوره. وفي الحقيقة، فإن أحدا من المثقفين ـ بمن فيهم البعثيون والقوميون العرب ـ كان غافلا عن تراث الرجل وجرائمه، بل أن بعضهم وقد اشتدت به الصرعة الديمقراطية كان مستنكرا لحصول الرجل على نسبة 100% في آخر الانتخابات العامة التي أجراها في العراق.

    كل ذلك كان معلوما ومذاعا، ولم يكن معلومات مدسوسة دست من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بل أن بعضا من هذه المعلومات كان علنيا وتم بثه أحيانا عن عمد من المصادر العراقية ذاتها حتى تقوم أركان «جمهورية الخوف» وتثبت أركانها. ولكن أيا من ذلك لم يفت في نسبة غير قليلة من الجماعة السياسية العربية لكي تعلن حالة من الحداد ولطم الخدود لم يحصل عليها عربي واحد ممن قتلهم أو عذبهم صدام وزبانيتُهُ. وعلى الأرجح أن المسألة لم تكن أبدا الاحتلال الأمريكي والرغبة في لعنته أو الخلاص منه، أو حتى تأييدا للمقاومة العراقية، وإنما كان ذلك خيانة لمفهوم الحرية والديمقراطية وحق الشعوب العربية في العيش في حياة حرة وكريمة. وربما لو كان هناك اعتقاد أصيل في مثل هذه المبادئ لجرى تقييمٌ حق لتاريخ الرجل وأدائه وتم الانتصاف للشعب العراقي قبل النظام الصدامي، وللإنسان العراقي قبل شخص الرئيس الذي أعطى لنفسه أسماء مقدسة بلغت تسعة وتسعين اسما مضاهيا في ذلك نفسه بالله سبحانه وتعالى.

    ولكن السؤال يبقى لماذا جرى ما جرى؟ ولماذا كان ما كان؟ ولماذا سقط المنادون بالحرية والديمقراطية في الامتحان؟ ولماذا تنعى نقابة الصحفيين المصريين شخصا لم يصنع أبدا صحافة حرة بل أنه طارد الصحفيين العراقيين حتى نهاية الأرض، وعذبهم حتى آخر النفس؟ ولماذا تعقد نقابة المحامين المصريين مؤتمرا لتمجيد رجل لم يُقِمْ أبدا معيارا للعدالة أو مقياسا للحق، بل أن تاريخه كله كان احتقارا وامتهانا لمهنة المحاماة والقضاء؟. ولماذا ينبري مواطنون عرب يشكون صباح كل يوم من قلة الحرية وغياب الديمقراطية وامتهان حقوق الإنسان، للدفاع عن رجل لم يترك فرصة إلا وانتهزها لانتهاك ذلك كله، بل والتعبير بشكل كامل عن احتقاره لهذه القيم؟

    الحقيقة أنه لا يمكن حسبان ذلك كله استنكارا أو رفضا للاحتلال، أو حتى استنكارا ورفضا للطائفية، وإنما كان ذلك تمجيدا وتأليها للطغيان والاستبداد فس أنقى صورهما.

    وتفسير ذلك ربما لن يكون صعبا كثيرا، فالاستبداد والطغيان الطويل يولد أمة تعتقد أن كلاهما علامة من علامات النضال والكفاح والبطولة والقدرة ـ كما يقال ـ على قول «لا». ولما كان ذلك كله يقوم على آيديولوجية قومية تعطي الشخص القائد «رسالة خالدة»، فإنها تنتهي به حيا وميتا إلى حيث تجلس الآلهة، ويصبح الدفاع عنه بعد خذلانه للأمة نوعا من الدفاع عن الذات التي هتفت كثيرا ونافقت طويلا. وعندما وجد هؤلاء جميعا أن فكرهم صار دوما إلى هزيمة وأفول، أصبحت الديمقراطية والحرية صيحة للعصر ما لبثت أن سقطت عند الامتحان فيصير كل ديكتاتور أو مهرج في العالم زعيما، وكل من يقود الأمة بالمغامرة أو المقامرة إلى حتفها بطلا.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    714

    افتراضي

    حقا التاريخ سوف يلعن امة بكت على جرد المزابل والحفر !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    1,748

    افتراضي


    صورة الكاتب لابئس أن نتعرف على صور الشرفاء .
    شكرا لك ياأخي الأطرقجي لنقل هذا المقال الذي يعري أشباه المثقفين من العربان .
    [align=center]




    [/align]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    617

    افتراضي

    نعم سقطت نقابة الصحفيين ونقابة المحامين المصريتان التي طالما فلقت رؤوسنا بحرية الصحافة والتعبير وعدالة القانون والنظام عندما مجّدت المقبور صدام اول واكبر منتهك في التاريخ لهذين المجالين . تحية صادقة الى الكاتب عبد المنعم سعيد ولكل الشرفاء من مصر ذوي الاقلام الحرة والنزيهة .سيسجل التاريخ هذه الفترة وكل من دافع عن المظلومين في جميع الاوطان لاسيما بلد الظيم والحرمان العراق .
    اُحبك يا عراق الحسين اُحبك يا عراق امير المؤمنين

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    21

    افتراضي

    جهد محمود وجيد للاخ الاطرقجي ..ان هذه المقلات والكلام الموزون خير من اي كلام موتور ومتشنج
    وانا هنا اريد ان ادعوا اخواني واخوتي الذين يكتبون هنا ان يبتعدوا عن السب والشتم واللعن لاي احد كان لانك بذلك تنزل الى مستواه بل علينا انتقاد او حتى سبه من خلال رد اراجيزه وتخرصاته وتفنيده بالدليل والحجة البالغة كما فعل ائمتنا الاطهار مع اعدائهم حتى الزموهم الحجة والبيان ... لاننا اذا انحدرنا الى المستوى الذي هم منه يخاطبون ويتخرصون فاننا نعطي فكرة غير حقيقة عن مذهبنا الداعي الى التاخي والتسامح والعلمية والتطور والاجتهاد والانفتاح اخوتي المذهب الجعفري او الشيعي بشكل عام اعتمد منذ وضوح ملامحه في عهد الامام الفقيه جعفر الصادق عليه السلام على العلمية والحجة في المناقشة والمساجلات ولم يعتمد على الهرج والمرج والصياح والصراخ لان بذلك يضيع الحق ونعطي فكرة غير صحيحة وسلبية عن مذهبنا الذي يعتمد روح الاسلام ولبه ويتخذ من التسامح والاممية وعدم التمييز والعدالة والمساواة منهجا وسمة له
    ارجوا ان اكون ازعجتكم ولا اطلت عليكم ...
    اعتذر للاطالة اخوتي
    عباس المندلاوي
    صحفي واعلامي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    7

    افتراضي موقف الصحافة المصرية من اعدام صدام

    بارك الله في هذا الكاتب العظيم وعظمته تتجلى بكل كلمة سطرها في هذا المقال ..
    واود ان ابين لاخواني في شبكة العراق الثقافية ان هناك صحفيين مصريون كثر من يعيش ماساة العراقيين المظلومين ، وقد كنت فترة في نقابة الصحفيين المصريين وعاشرت عددا منهم كان يعرف صدام وجرائمه ويجاهر بها ، اما موقف الصحافة من اعدام صدام فانه لا يمثلهم كلهم ، بل هناك رؤوس عفنة ممن هم منقادون للاخوان المسلمون والقومجيين الذين يتبنون الموقف الطائفي ضد شعب العراق .. ولعل ان البيان الذي صدر عن النقابة كان كما قال كاتب المقال لم يستشر به احد ..

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني